حديث -أعمار أمتي- كأداة قتل

كايد عواملة

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 09:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ملاحظة: " قد ينقذ هذا المقال حياة شخص عزيز عليك".

يعتبر الإيحاء من الأمور التي يمكن توظيفها طبياً وعسكرياً واجتماعية وأدبيا، ومما لا شك فيه أن للإيحاء أثر نفسي وجسدي على الإنسان يتفاوت من إنسان لآخر. فهل ثمة آثار سيئة لما تتضمنه النصوص الدينية من إيحاءات تتعلق بالصحة والعمر؟

يمكن لإنسان ما أن يعاني من أمراض سيكوسوماتية (نفسجسمية) وهي أمراض لها علاقة بكل من الجسم والنفس وهذا ناتج عن توتر أو خوف أو قلق أو رعب، تدفع الجسم أن يفرغ الطاقة الناجمة عن هذه المشاعر السلبية فيقوم جهاز الهيبوثلاموس أسفل المخيخ بتحويل اتجاه هذه المشاعر السلبية نحو أحد أعضاء الجسم، فتسبب له أحد الأمراض مثل قرحة فى المعدة أو تعرق دائم أو اختلال فى وظائف الكلى أو الكبد أو حتى القلب والبنكرياس أو صداع وغيرها، وشفاء مثل هذه الأمراض يعتمد على إشعار المريض بالطمأنينة والسلام وإعطائه سببًا لعدم القلق، وعدم الخوف فيزول السبب الرئيسي، وبذلك تزول أعراض المرض وكأنها لم تكن وللإيحاء تطبيقات ودراسات طبية ومنها أذكر مثالين هما البلاسيبو والنوسيبو.

البلاسيبو (Placebo) هو كبسولة لا تحتوي على أي مادة طبية ولا مواد فعالة تعطى للمريض وقد تحتوي على سكر أو نشا مع إخباره بأنها دواء يقوم بشفاء مرض أو اضطراب ما، والغريب أن كثير من المرضى يستجيبون للبلاسيبو ويبدون تحسناً وشفاءً كما لو كان دواءً فعلياً. وهناك دراسات تثبت أن أثر البلاسيبو لا يقتصر على الإنسان وإنما يشمل الحيوانات أيضاً، ففي دراسة لجامعة فلوريدا على الفئران دلت على أن استجابة الفئران للبلاسيبو تماماً كاستجابة الإنسان. (1،2)

أثر البلاسيبو لا يقتصر على الأدوية ولكن يمتد ليشمل القناعات التي يشكلها المريض حول شفائه أو العبارات التي يتحدث بها الطبيب أو شخص يمتلك القدرة على اقناع المريض بأمر معين كعراف أو رجل دين أو طبيب مشهور.

وعلى العكس من اثر البلاسيبو هناك ما يسمى بأثر النوسيبو ( Nocebo effect) وهي كلمة لاتينية تعني (سوف أمرض أو سوف أؤذي). وهو يشبه البلاسيبو من ناحية آلية العمل ولكن الأثر يكون سلبي وقد يصل إلى الوفاة.

ففي دراسة قارنت بين أشخاص خضعوا لعمليات جراحية وكان لديهم توقع بأنهم سيبقون أحياء مع آخرين حملوا قناعات بأنهم سوف يموتون. أبدى أصحاب التوقع الإيجابي تحسناً ملحوظاً بينما معظم الذي توقعوا موتهم ماتوا بالفعل.

أصيب طبيب بمرض هو نفسه متخصص فيه، وتم اخباره بأنه يعاني من سرطان في الرئة وبقي له خمس سنوات ليعيشها، وكونه كان متخصصاً بهذا المجال فقد كان على قناعة بانه سيموت، وبعد خمس سنوات بالضبط وأثناء قيامه بالغوص وجد فاقداً للوعي على الشاطيء وتم إنقاذه ولكن انقطاع الأوكسجين عن الدماغ لأكثر من أربع دقائق أدى لدخوله بغيبوبة حتى قررت عائلته إيقاف حياته على الأجهزة، هذا الطبيب كان على قناعة بانه سيموت بعد خمس سنوات على الأكثر وتصرف جسده بناءً على هذه القناعة مات لأسباب لا تتعلق بمرضه.(3)
بشكل مشابه قد يموت الشخص الذي تعرض للدغة أفعى غير سامة إن كان مقتنعاً بان هذه اللدغة تسبب الوفاة.

يتداول الكثير من المسلمين في مجتمعاتنا حديث: "أعمار أمتي بين الستين والسبعين وأقلهم من يُجاوز ذلك".
وقد جاء في المستدرك على الصحيحين:
" حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ السَّامِرِيُّ بِبَغْدَادَ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ‏"‏‏.‏
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ‏.‏

ذكرت في البداية كيف يمكن للإيحاء أن يتسبب بتأثير على الإنسان يوازي تأثير الدواء الحقيقي أو يوازي تأثير السم ويتسبب بالقتل. وهذا الحديث يتضمن هذا المعنى من الإيحاء بشكل كامل، فعندما يصل المسلم إلى سن الستين عاماً سيبدأ هذا الحديث بالدخول إلى جسده تماماً كما لو كان حبة بلاسيبو/نوسيبو فهو الذي يؤمن بأن النبي محمد لا ينطق عن الهوى وأن أعمار الأمة ستكون بين الستين والسبعين وأن عداد العمر بدأ ينضب.
بالتالي سيكون ثمة أضرار جسدية ونفسية هائلة تنعكس على المسلم بعد بلوغه الستين عاماً، وتبدأ الأمراض كالسكري والضغط والقلب وحتى الوفيات بعد هذا السن.
لا أقول أن هذا الحديث هو السبب الرئيسي في الوفيات ولكن تأثير الإيحاء على الإنسان يوازي تأثير الدواء الفعلي أو السم الفعلي وهذا أمر ثابت علمياً وإن كان الأطباء يعتبرونه لغزاً.

وسأورد قصة أخرى مرتبطة بالموضوع ففى أثناء الحرب العالمية الثانية، وعندما خالف ثلاثة ضباط أمر القائد النازى أدولف هتلر، قرر حبس كل منهم فى سجن انفرادى وقيد كل واحد منهم ووضع أمامه ماسورة مياه تسرب نقاط المياه ببطء شديد فى حركة دورية مملة وقال لهم إن السجن به تسرب لغاز سام سيقتلهم خلال 6 ساعات، وبالفعل وبعد مرور 4 ساعات، ذهب هتلر ليتفقدهم فوجد إثنين منهم ماتا والثالث يلفظ أنفاسه الأخيرة.

الحقيقة أن هتلر ابتدع فكرة الغاز السام، فلم يكن هناك أى تسرب غازى، إلا أنه استخدم طريقة الحرب النفسية أو “القتل بالإيحاء” معهم، فجعل عقولهم هى التى تقتلهم، وذلك بسبب اقتناعهم التام باستنشاقهم غاز سام مما جعل أجسامهم تفرز هرمون معين أثر سلبا على القلب وأدى إلى توقف أجهزة الجسم والموت.

الحديث (أعمار أمتي) هو الماسورة التي تسرب هذا الغاز الذي سيعلن عن وفاة الشخص خلال عشر سنوات من بلوغه الستين. في قصة هتلر لم يستنفذ الضباط مدة الست ساعات كاملة وإنما مات اثنين منهم خلال أربع ساعات، دون أي نوع من أنواع الامراض ودون اي نوع من أنواع السموم ولكن بالإيحاء فقط. وكذلك ليس بالضرورة أن يستنفذ الشخص المؤمن بالحديث سنواته المتبقية كاملة.

من الضروري ليكون الإيحاء فعالاً على أن يكون مقتنعاً بهذا البلاسيبو أو النوسيبو ويتعامل معه وكانه أمر فعلي، وليس هناك أمر أشد مقدرة على الإقناع لدى المسلم من آية "لا ينطق عن الهوى" والتي ترافق كل الأحاديث.
وجاءت الآية 70 سورة النحل متسقة مع هذا المعنى الإيحائي المتعلق بالعمر:
"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ-;- وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ-;- أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ".
وهنا يرتبط معنى الآية بأمر آخر وهو الخرف والضعف والوهن، لذلك من النادر جدا أن تجد رجلاً كبيراً في السن في مجتمعاتنا العربية بصحة جيدة.
الأثر السلبي لهذه النصوص الإسلامية على الناحية النفسية والجسدية هو أمر يستحق الدراسة. ولو تأملنا الأشخاص الذين تجاوزوا الستين في مجتمعاتنا سنرى أثر ما تطرقت إليه في هذا المقال جلياً.

في الختام أترك القارئ مع هذا الفيديو لامرأة تبلغ من العمر 80 عام.
http://www.youtube.com/watch?v=hjHnWz3EyHs

__________________
المراجع:
(1) كوانتم الشفاء.
(2) http://news.ufl.edu/archive/2012/11/the-placebo-effect-goes-beyond-humans-uf-researchers-find.html
(3) http://www.psychologytoday.com/blog/owning-pink/201308/the-nocebo-effect-negative-thoughts-can-harm-your-health

#كايد_عواملة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات