أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - عودة زنوبا( أوجاع قريتي 13)















المزيد.....

عودة زنوبا( أوجاع قريتي 13)


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4538 - 2014 / 8 / 9 - 20:36
المحور: الادب والفن
    


الفصل 13 (اوجاع قريتي )

(قررت زنوبا الرحيل والعودة الى القرية بالرغم من جهود المواساة التي بدلتها الاسرة لعلاجها في المدينة,,
فعادت تجر معها الكأبة والحزن مع كثير من الامل في الحياة ).....

بين الحين والاخر ترمق زنوبا البتول ارمله البهلول تلك السيدة المكلومة لغرق زوجها في البحر تتامل وجهها الجميل وقدها الفاتن وتحزن لحالها تريد لو تتمكن من سبر اغوار نفسها كي تتطلع على طبيعة العلاقة الانسانية بينها وبين المعلم المهدي وتريد ان تكشف دوافعه للعطف عليها من دون نساء القرية لقد كفاها المهدي المعلم معاناة التسكع والتيه في طرقات القرية والاغتصاب اليومي جنب اسوار السوق من طرف الشباب المنحرف ,,كانت البتول تكسر صمتها بالهمس والتحدث لنفسها بكلام مبهم تمزجه بحركات طائشة تنتهي بالزغاريد كانت بذلك تعلن للجميع فرحتها وسعادتها بعودة زنوبة الى المنزل القديم ..لاحظ الجميع ان حالتها النفسية اخدة في التحسن ذاكرتها تنتعش وتذوب ركامات احداث النحس والفواجع التي مرت بها بعد غرق موسى البهلول ,,لعل انوار الحياة بدات تنقش بدواخلها من جديد ...(هذا فال حسن !) تقول ام عيشة القابلة نعمة من نعم السماء تصل بوصول زنوبا الى القرية من جديد في القريب من يعرف ستعيد البتول عقلها وعنفوانها وتنسى الماضي الحزين من يعرف كانت تتكلم عنالبتول وهي تحملق في عيون زنوبا الذابلتين من قسوة المرض وعذابات متابعة محاربته بالادوية الكيماوية ,,ترغب الدفع بها شيئا فشيئا الى سواحل الرجاء والامل في الشفاء من المرض الخبيث ,,,كل شباب ونساء القرية يعتبرون ام عيشة جدتهم الثانية لان هؤلاء خرجوا الى العالم الموحش بيديها وتلقفوا صوتها قبل كل الناس وفي صباهم حين يمرضون تتكلف بصنع ادوية لهم من الاعشاب والبهارات ,,فهي قابلة وفراجة فينفس الوقت سبيطار متنقل بين دور ومنازل القرية ,,ولزنوبا عندها مكانهة عالية تفوق مكانة ابنتها التي لم تكن السماء معها كريمة لتتزوج وتنجب اولادها ,,
التحقت ام عيشة بالبيت القديم مباشرة بعد سماع وصول زنوبا اليه على متن تلك السيارة الفارهة السوداء ,,ورغم مرور الزمن وتغير ملامح الاشخاص وهيئاتهم استطاعت ان تتعرف على الحاج عمر وزنوبا ,,,تغير الحاج عمر كثيرا لم يعد ذلك العروبية تكسو وجهه سحنة سوداء من جراء حرارة الشمس يمشي كقوس مفتوح الى الامام لعناء حمل السلع والبضائع في القوس ,,لقد اصبح عمر مملوءا باللحم والشحم يكاد يطيش الدم من وجهه من شدة الاحمرار ,,,يقف رافعا راسه الى السماء ويتكلم قليلا ,,,,
( تغيرت كثيرا السي عمر ) تقول له ام عيشة بصوت منحدر,,( الفلوس تغير الحديد تحوله الى البن وتدير الطريق في البحر ) وهو لا يرد ..لم تكن اقامته طويلة في البيت سرعان ما جمع بعض الجيران حوله تهامس معهم بكلام لم تتطلع عليه زنوبا لعله زودهم باوامره وكثير من المال للعناية بزنوبا وابنها الهادي لعله سالهم عن القايد باشو المتسلط ,,.ثم طاف بالمنزل ووقف خاشعا بعض الوقت بجانب البئر حيث كانت يرقد البغل ,,, وسرعان ماعاد الى جوار زنوبة يخبرها بالعودة الى المدينة فالاشغال الكثيرة تنتظره ,, قبلها في جبينها على عادته ,,,يرافقه الهادي الى السيارة يتحدثان طويلا بداخلها ,,, كان الحاج عمر يحرك اياديه كانه يخاطب عماله يلقنهم الاوامر والهادي يطاطا راسه يحركه ويستمع اليه
ثم تحركت السيارة مسرعة تشق نفس الطريق عائدة الى المدينة ,,,يعرف الهادي ان عودة زنوبة الى القرية كان ضد ارادة والده الذي يرغب في مكوتها بالمدينة قصد العلاج من المرض العضال وان اقتضى الامر السفر بها الى الخارج لكن ارادتها كانت اقوى من ارادته فقد وصل بها الياس الى حدوده القصوى وترغب في قضاء ما تبقى من عمرها برفقة المرض ببيتها القديم ,,,,في المدينة كانت زنوبة تقضي اوقاتها في الاعمال الخيرية تقدم الدعم بجهدها ومالها للايتام والارامل داخل الاحياء الفقيرة وتنخرط احيانا في حملات من هذا القبيل وعن تجربة واحتكاك مع نساء المدينة اقتنعت انهن غشاشات كذابات وحتى مصلحيات وانتهازيات لا يبحثن الا عن مصالحهن المادية عبر نهب صنادق الجمعيات الخيرية والاستحواد على ميزانياتها فمظاهر الفقر قوية وعديدة في المدينة وتزيد يوما عن يوما بتزايد عدد تلك الجمعيات وتزايد حدة الفوارق الاجتماعية ,,فالفقر لايزول من جراء عمل خيرى بل يستفحل ويتغول ,,,
من بعيد يسمع المعلم المهدي هديرا قويا لسيارة سوداء من نوع اجنبي تتقدم نحو قاعة درسه حين كان منهمكا في تلقين صبيانه حصصهم المعتادة تسمر على الباب يتطلع الى صاحب السيارة يشك في القايد ايشو لكنه يعرف ان القايد لا يزورة عادة الا في مناسبات معينة في الاعياد الوطنية او في اسواق الانتخابات ,,,نزل الهادي من سيارته متجها الى المهدي مبتسما يتفحص المكان بنظراتها التي تشبه نظرات والده يمينا ويسارا ,,,,
- صباح الخير استاذ
- صباح النور اهلا بك ابني الهادي
- كيف حالك استاذ؟
- الحمد لله ,,, وكيف حال الوالد والوالدة والمهدي اخوك ؟
- الكل بخير يبلغونك سلامهم ؟
- سمعت من اهل القرية ان البيت القديم حل به اهله .
- لا ليس كلهم ,,,بقي الوالد والمهدي بالمدينة ,,,وعدت مع الوالدة فقط ؟
- لماذا ؟
- الوالدة انهكها المرض ,,وتريد ان تستريح
- اعرف
- ماذا تعرف استاذ ؟
- اعرف ان البادية اصفى وانقى ,,فيها الانسان يستطيع العودة الى ذاته و يسترجع نقاوته الاولى ,,ويتخلص من ضوضاء المدينة وارتباك العيش بها . لا تنسى اني ابن المدينة ...( ضحك امهدي ),,
- لماذا لم تخبرني بزيارتك بالهاتف
- لم اكن اريد ازعاجك استاذ؟
- هل ارسلك الوالد الي ؟
- لا لا تعرف ان الوالد يقضي اعماله بنفسه ,,ولا يامر احدا بها
- اذن
- جئتك بصدد البتول لقد تشاورت مع الوالدة حول مكوتها عندنا في المنزل العتيق اعرف انك لا تهتم بكلام الناس ,,,لكن الدعايات في القرية قوية حول عنايتك بها
- لا باس بالفكرة البتول كانت عبئا ثقيلا علي ,,,لم اكن افكر سوى في ابعادها عن وحوش القرية ودئابها ,,,لكن الكلاب دائما تنبح ,,,وانا اسير في الطريق القويم للوصول الى اهدافي .. والحمد لله اني وجدت من يتقاسمني هذه الاهداف ,,
- اريد مشاورتك كذلك في بعض المشاريع الخاصة بي في القرية
- مثل ماذا ؟
- ارغب في تحويل البيت العتيق الى ضيعة عصرية وضم الاراضي المجاورة لها بعد شرائها من اصحابها ,,,و القيام بمشروع فلاحي كبير في قريتي .
- الحمد لله ان ابن عمر مول البغل طلع افضل من ابيه ؟
- كبرت في السن ولم يعد لي القدرة على متابعة الاحداث بالقرية ولا بالمدينة لكن ساعمل كل ما في جهدي لمساعدة ولد الحاج عمر
- بارك الله فيك استاذي
- وكيف حال الحاج عمر ,,,وصل البارحة ولم يزر صديقه القديم ,, تغير عمر كثيرا ,,,,,,
- هذا صحيح ,,,كل شيء تغير الا انت استاذ ؟
- وهل يتغير الاستاذ (يضحك المهدي المعلم )
- يشاركه الهادي الضحك
- عليك ترتيب الاولويات وتفكر في الاهم اليوم بالنسبة لك راحة الوالدة وشفائها من المرض العضال واسترجاع املها في الحياة ,,,
والباقي سياتي فيما بعد
كانا يتحدثا في باب القسم وقوفا والاطفال يقومون بواجباتهم في هدوء تام يسرقون نظرات خاطفة الى السيارة كل حين بينما يمدد الهادي نظراته الواسعة الى جنبات القسم والاشجار المحيطة به كانه يبحث عن شيء ما ضاع منه ,,كتب قديمة مثناترة على مكتب المعلم تشهد على الركود والجمود ,,مكتب عمره يفوق عمر الهادي جدارن طلاؤها يعود الى الزمن الغابر ونوافذ مكانها المتحف او البازار ليطلع عليها السواح مفتوحة على الخلاء ورغم ذلك هي تزهو بالاصفرار والطبيعة الجرداء التي تحفها كل فضاءات القرية تشير الى ان الوقت صيف طويل ,,يفارق الهادي المعلم بعد الاطمئنان عليه ونزع موافقته على بقاء البتول في البيت القديم يتجه الى سيارته يمتطيها والمعلم المهدي يراقبه منتصبا في نفس المكان باب القسم تتحرك ذاكرته الى الوراء تلوح فيها بقوة صورة العربة المهترئة والبغل القوي وصراخ عمر مول البغل ( اش سييير ) لا شيء تغير في الطريق سوى الشكل واللون ,,نفس الغبار والصمت والريح المضطرب بدون اتجاه ونفس القسم ,,,البارحة كانت ترابط بقربه العربة واليوم بدات السيارة السوداء مسيرتها في المرابطة ,,,كان الاطفال يتطلعون باعناقهم الصغيرة للاستمتاع برؤية المطية الحديدية الفارهة ,,,في الدوار يحومون عليها يلمسونها يهيمون بالنظر اليها كما كانوا في الزمن الغابر يفرحون بالبغل وعربته العوجاء القوية الصرير ,,,
يسير الزمن وتتحرك الاشياء الى الامام ويبقى الغبار والسراب والوهم جاثما في نفس في نفس الطريق نفس المكان ,,تتغير الناس وتتبدل ويبقى الزمن نفسه ,,لا يتبدل ,,,
ما الفائدة في بقاء الباتول عند زنوبة فهذه الاخيرة منهوكة القوى وليس لها استعداد لرعاية نفسها الاحرى العناية بالبتول المجنونة لكن لام عيشة رؤية اخرى مفارقة فالباتول ستتحسن وتتعافى من جنونها وقد يشجع ذلك زنوبا على استرجاع املها في الشفاء من المرض ,, ومادام الله الله قادر على ارجاع العقل للناس فهو قادر على القضاء على الامراض المزمنة ,ويمد الناس بالنعم ,كصفاء الجو ونقاوة الطبيعة ورطوبة ماء البئر و لا بد من توفرالنيات الطيبة فهي كفيلة باحداث المعجزات ,,,كارجاع السحابة سحابة الخير والبركة الى سكان القرية ,,,
كل صباح تتوالد الاشاعات والاقاويل في القرية تتناسل لتصل الى القايد باشو ,,ليزيد فيها وينقص و يصنع لهم اشاعات قوية مضادة للسكان هي ولا شك حرب قروية سلاحها الخرافات والاشاعات لا احد يفكر في صدقيتها ولا يريدون وضعها على محك العقل والمنطق
,,,زعموا ان عمر عاد للانتقام لنفسه من القايد باشو ,, ,الذي لفق له تهمة واهية بقتل الغراب الاسود ,,وانه اصبح من كبار تجار المخدرات في المدينة ,,, و المعلم المهدي يستعد للزواج من الباتول ,,,وان مياه البئر يشافي الامراض المزمنة كالطاعون والسرطان والجنون حتى الجنون ,,و انها تقضي على العقم عند البشر والحيوان ,,وكذلك الجفاف في القرية البئيسة,,,,,,
====

عبد الغني سهاد



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوجاع قريتي --12
- تملق سلفي على أعتاب المخزن....
- التشرميل...إ ستثناء مغربي .
- خلف النوافذ (3)
- يوم الارض ...ذكرى طواها النسيان
- خلف النوافذ (2)
- قطاع الرؤوس...
- أوجاع قريتي...11( اهل الحال ..متى يصفى الحال ..)
- همسات ....قلم
- عزوف المواطن عن السياسة / اولاد عبد الواحد كاع واحد...
- أوجاع قريتي ...10(.. لمن تحكي زابورك يادتوود ...)
- في الحاجة الى الديموقراطية
- أوجاع قريتي - 8 - ساعات الليل الطويلة ...
- عاد يوم 8 مارس ..ولا شيء تحقق للمرأة العربية
- كأنه السحاب العابر ...
- اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)
- اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )
- خلف النوافذ
- حكاية كرسي
- في مسالة الاخلاق


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - عودة زنوبا( أوجاع قريتي 13)