أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - حكاية بطة














المزيد.....

حكاية بطة


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4537 - 2014 / 8 / 8 - 19:21
المحور: حقوق الانسان
    


الجو حار و مكيّف الهواء يعمل جاهدا لتبريد الجو في سيارتي. كنت متعبا و أنا في طريق عودتي الى البيت عندما توقف السير فجأة أمامي. "عجقة سير" قلت لنفسي " مش رح يخلصونا من اعمال الصيانة السنة؟"

أعمال الصيانة في كندا تكثر على الطرقات في الربيع و الصيف بهدف اصلاح ما خربّه الشتاء. مضت بعض دقائق دون ان يتحرك السير. نظرت الى الامام لأدرك ان الصيانة لم تكن مسؤولة عن توقف السير فجأة، إنما المسؤول الوحيد كان سرب البط ! نعم، سرب من البط كان يجتاز الطريق من الغابة عن يميني الى البحيرة عن يساري. توقف السير عن جانبي الطريق ذهابا و إيابا بانتظار مرور أصحاب الجلالة و الفخامة "البط". ابتدأت البطة الاولى بالعبور و تلتها الأخريات. كن يسرن على مهل غير آبهات بازدحام السير الذي تسببن به أو بإضاعة وقت الناس الذين ينتظرون مرورهن بفارغ الصبر. لم يبد عليهن إحساس بالحرج، بل ها هي الاولى تمر، تليها الثانية و الثالثة حتى العاشرة. " نشكر ا لله" قلت لنفسي و انا ارى الحادية عشرة و الاخيرة تقطع الطريق " هانت انشالله". انتهى سرب البط من العبور و لم يتحرك السير. " شو دمهم بارد هالعالم، ما يمشوا بقى". هممت بإطلاق زمور سيارتي لكي أحث الذين امامي على الإقلاع، لأفهم السبب في عدم تحرك السائقين الى الامام. كان هناك ما يزال على جهة اليمين بطة عنيدة رفضت اللحاق بصاحباتها. استمرت واقفة حتى بعد ان اجتاز السرب الى البحيرة. " يا بنت ال...، ما تمشي بقى، لو إنك بلبنان لكنا فصلنا لحمك عن عضمك." أخشى ان تكون البطة سمعتني، إذ ما كدت انهي كلامي، حتى ابتدأت بالسير لاحقة برفيقاتها. كانت تمشي على مهل غير عابئة بما تسببت به من ازدحام للمرور. مضت دقائق قليلة قبل ان تنهي جلالة البطة سيرها و ان يعود السير الى حالته الطبيعية على كلا الجانبين من الطريق.

و صلت الى البيت و ادرت جهاز التلفاز. لم تكن الاخبار جديدة. الجيش اللبناني يقاتل النصرة و داعش في عرسال. الازيديون محاصرون في جبل سنجار بعد ان سبي من سبي من نسائهم و بعد ان قتل من قتل من رجالهم. المسيحيون العراقيون في القرى المجاورة من الموصل ابتدأو بهجرة منازلهم قبل ان يصلهم المد الداعشي المقدس. وقف اطلاق نار هش في غزة. أطفال، نساء، رجال و شيوخ في الملاجئ التي ضاقت بهم على امتداد بلدان العالم العربي. عادت الى ذهني صورة سرب البط و انا اتأمل مشاهد الموت على شاشة التلفاز و سألت نفسي " لماذا؟ لماذا يتوقف السير على جانبي الطريق في كندا احتراما لبطة فيما يُداس الانسان ويُهان و يُقتل كل يوم في بلادي؟ و المأساة المأساة الكبرى أن أولئك الذين يطبقون شرع الله في بلادي يريدون تعميم "حضارتهم" على شعوب الارض كافة.

هل تدري ايها البط ما قد يحدث لك لو انك حاولت السياحة في مناطق نفوذ داعش و اخواتها؟ أولا يمسكون بك لانك كافر، ثم يخيرونك بين الاسلام و دفع الجزية او الرحيل. و لو انت لم تدفع الجزية لنتفوا ريشك ريشة ريشة. و لو انت دفعت الجزية لفرضوا على إناثك الختان. و لو انتِ ايتها البطة ظهرت سافرة لحكم عليك بالجلد، و فيما لو خطر لك ان تنظري نظرة غير بريئة لذكر البط لحكم عليك بالزنى و الرجم. أما لو كنت بطة صالحة، لوجب عليك جهاد النكاح، و ما أدراك ايتها البطة ما هو جهاد النكاح؟ أو لوجب عليك ايتها البطة الزواج من ذكر بط مجاهد. ماذا ايتها البطة، تقولين انك لا تستطيعين الزواج من مجاهد ما لم تحبيه؟ عودي الى رشدك ايتها البطة، الحب بدعة ليس إلا!

لا أيها البط، لا تهاجر الى الشرق، بل البث مكانك في بلادك. اقطع الطريق حيثما تشاء و كيفما تشاء. تمهل في سيرك و امش دلالا و غنجا، فأنت محترم حيث أنت أكثر كثيرا مما يحترم رجال بلادي و نساؤها، شيوخها و أطفالها. بل كم كان الكثير من رجال بلادي و نساؤها يتمنون أن يحظوا بالاحترام الذي تحظى به انت في بلادك ايها البط.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و بعد النون يأتي دور الألِف
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الخامس
- زمن الجنون
- عتبي عليك يا حرف النون
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع
- صلب انطوان حنا
- أثداء البقر فتنة
- داعشية تبني مجتمعا
- سيدي الخليفة
- أضرب يا عباس
- اضرب يا عباس
- إسمحي لي بقتلك لأنني بلا خطيئة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث
- امرأة بنصف عقل و رجل بعقل كامل
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني
- بين كندا و لبنان
- سيدي فخامة الرئيس ساركوزي
- أهلا سادتي الدواعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
- ديانا الترك ضحية جريمة الشرف


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - حكاية بطة