أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - فارس محمود - جريمة -آداب-... ام مجتمع -لا آداب له-!














المزيد.....

جريمة -آداب-... ام مجتمع -لا آداب له-!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4536 - 2014 / 8 / 7 - 18:32
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    


بعملية وحشية وبدم بارد، هجمت مليشيات دموية على نساء في أحد بيوت مدينة زيونة في بغداد لتقتل ما يقارب من 28 امرأة بطريقة جبانة ووحشية. برمشة عين تُسلب حياة عشرات النساء دون أي ضمير وواعز انساني. ومن اين يأتي الضمير والوازع الإنساني لأفراد مليشيات مهنتها القتل والجريمة المنظمة؟!
أقول جبانة لان من ارتكب هذه الجريمة يعرف جيداً ان النساء هم من بين "أضعف" الاقسام قدرة على الدفاع عن النفس، أكثر اقسام المجتمع التي يمكن الاستهتار بحياتهن. بالأخص حين يتعلق الامر بقرارهن وحقهن انهن يعشن بدون حماية الأطر والعلاقات التقليدية. ليس ثمة دولة، ولا قانون ولا مجتمع يوفر أدني درجات الحماية والضمان لهن.
ليس هذا وحسب، بل ان رد فعل الدولة ومؤسساتها هو استكمال الجريمة. كيف؟ بدل من ان يتحدث الناطق باسم وزارة الداخلية عن ماذا تعمل وزارته لحماية المجتمع، وماذا عملت للحيلولة دون ارتكاب هذه الجريمة، وماذا فعلت لمعرفة ومطاردة مرتكبي الجريمة وتقديمهم للمحاكم ومساءلتهم على جريمتهم هذه وإلحاق الجزاء العادل بهم، ورداً على الأحاديث التي تتكلم عن ان هؤلاء النسوة كن متجمعات في حفل عيد ميلاد، راح يتحدث عن الجريمة قد ارتكبت لأسباب "تتعلق بالآداب العامة"! أهذا هو كل ما قدرت عليه؟! أهذه حكمتك؟! اهذه حكمة وجود وزارتك ومئات الملايين من الدولارات التي تنفق عليها سنوياً؟! أي قباحة هذه؟!
ان من أمثال الناطق هذه ووزارته هم طرف في هذا الجرم، انهما يقدمان مبرراً ان عملية القتل قد جرت لأسباب "تتعلق بالآداب العامة"، انه يستكمل ملف الجريمة بتوفير المبرر لهذا العمل، ولهذا فانه امرا "عاديا"، او قد ارتكب لأسباب "مقبولة"! انه درجة من المشاركة بالجرم عبر الدفاع عنه. انهما يكملان بعض. ان المليشيات اليوم هي جزء من اركان السلطة لإرعاب الناس، لتخويفهم، لفرض السلطة عليهم والتسليم لواقع الحال. انها امر مكمل للسلطة القائمة.
ولكن ارجع وأقول حتى او افترضنا انهن لم يكن فد تجمعن في عيد ميلاد، فان ما ارتكب هو جريمة بشعة ونكراء وفي منتهى السفالة والانحطاط. ان حياة الانسان كريمة وعزيزة ولا يمكن التطاول عليها لأي سبب كان ومن قبل أي طرف كان.
ولكن لو افترضنا انهن بائعات جنس. لو يقف مجتمع صحي وسليم امام المرأة لحظة وينظر لحال ووضع النساء في هذه المهنة، سيبصق على نفسه ألف مرة دون شك. لو ينظر أي أمرؤ يحترم انسانيته قليلا لحال النساء في هذه المهنة، سيلعن اليوم الذي ولد فيه مثل هذا المجتمع وقوانينه واسسه ومرتكزاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
المرأة، وسط جوها الاجتماعي والعائلي المعروف، وسط "حماية" الاهل والاقارب والعائلة، هي عديمة الحقوق ودونية الدرجة، ووضعها مزري وغير انساني وغير مقبول، فكيف الحال بمن قررت ان تستغني عن هذه "الحماية"؟! وان قررت الاستغناء عنها، فهذا يعني أي وضع تعس تمر به دفعها الى اتخاذ هذا القرار؟!
ان النساء العاملات ببيع الجسد يعشن أسوأ الظروف والأوضاع، عرضة للأمراض، للذل، لاستهتار الاخرين بكرامتهن، بالشعور كل لحظة بنظرة المجتمع الدونية لهن، للقتل، للمخدرات والجريمة واستغلال العصابات والشبكات الاجرامية لهن وغياب أي من اشكال الحماية. ان من يمتهن هذه المهنة فهو ذاك الذي دفعت بشاعة ظروف الحياة لها. ان عماد العاملات في هذه المهنة هن من أولئك الذين يعانين فقر مدقع، عوز وجوع لا يرحم، في مجتمع عديم الضمانات، في مجتمع تعادل ميزانيته السنوية ميزانيات أربعة او خمس دول سوية يذهب في جيوب حفنة طفيلة عديمة الاخلاق والضمير تتحدث كثيرا بالأخلاق والضمير زوراً وصلفاً وانعدام احترام للمجتمع.
من تذهب لمهنة مثل هذه لا في إيطاليا او المانيا او السويد، بل في بلد مثل العراق، في بلد لا كرامة ولا قيمة للإنسان فيه من الاساس، فكيف ببائعة جنس؟! انها ظروف الحياة، انها احبار وقسر الحياة. في 95 % من العاملات ببيع الجنس، لم تترك لهن الحياة منفذ اخر لإمرار معيشتهن ومعيشة عوائلهن. لم يقدم أحد ما يد العون لهن للخلاص من مهنة تكون أحد نتائجها ما جرى في زيونة. فأي مهنة هذه؟!
انه مجتمع مريض يحتاج لشراء الجنس، ويقتل بائعاته!! ان أحد اركان مجتمعات مريضة مثل العراق هو بيع الجنس. في مجتمع حر وسليم وصحي، لا يحتاج أحد لذلك، لا يجبر أحد على ذلك. ان بائعات الجنس هن مواطنات في هذا المجتمع. ينبغي ان يتمتعن بالاحترام والكرامة التامين بنفس الدرجة التي ينبغي ان يتحلى بها سائر افراد المجتمع.
ان ما جرى هو جريمة بشعة بكل المقاييس والمعايير. انه اجرام لا يقل بشاعة عن اجرام داعش. انه مجتمع عليل ذاك الذي يرى في ممارسات داعش اجراماً ولا يأبه لما جري في زيونة وفي اغلب مدن العراق.
ان سلطة لا تعتقل الجناة ولا تقدمهم للمحاكمة ونيل جزائهم العادل هي ليست سلطة، لا تمثل المجتمع وليست اهل لان تحكم ليوم واحد، وحكمت باجلى الاشكال على نفسها بالزوال؟



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الجهاد ضد داعش- والانسياق وراء الوهم!
- هرطقة، قرع طبول الحرب!
- -المرجعية- وانفضاح كذبه!
- امنيات واوهام!
- عاشت ام عبد الله!
- -سن التكليف الشرعي- اسم رمزي لانتهاك حقوق الاطفال!
- -الريس ضحية والشعب غلطانين- .... وهم يبرر للديكتاتورية!
- -ينبغي ان لانخلي الميدان- ....و وهم ابتلاع الطعم!
- ليس للانحطاط قاع!
- ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!
- حين يغدوا مبرر الشرطة اقبح وابشع من فعل الجناة!
- ايام الحرب هي ايام الكذب ايضاً!
- بدونك، الحياة كانت ستكون اشد كلحة!
- وزير الاعدامات وسمومه الطائفية!
- في ذكرى ثورة اكتوبر
- تقدم الثورة في مصر مرهون بتصفية الحساب مع اوهامها بالدرجة ال ...
- على شيوعيّي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- حول ثورة مصر
- كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي / حسقيل قوجمان
- ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية / صالح الطائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - فارس محمود - جريمة -آداب-... ام مجتمع -لا آداب له-!