أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد يوسف عطو - لنصنع ليبراليتنا














المزيد.....

لنصنع ليبراليتنا


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4536 - 2014 / 8 / 7 - 12:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


التحرر من سلطة الافكار

يؤكد المفكر علي حرب في كتابه (اسئلة الحقيقة ورهانات الفكر : مقاربات نقدية وسجالية )- ط 2-2012 – دار مدارك للنشر – دبي – الامارات العربية المتحدة ..

ان الليبرالية ليست مشروطة ببنية اجتماعية معينة او بعصر خاص او بفضاء ثقافي مخصوص .
فقد تمارس الليبرالية على اساس العقل او باستلام الوحي , او باستخدام الفلسفة , وكمثال على ذلك يعتبر الكاهن الاب كيلار دو شاردان اكثر ليبرالية من المثقف العلماني جورج مارشيه الذي يقدس الشعارات في حين ان الاب دو شاردان يقر بدونية افعاله ونسبية معرفته بالله .

بهذا المعنى لاتعود الليبرالية مجرد تحرر من القيود والممنوعات الخار جية ,بل وتصبح ايضا تحررا من الممتنع المتمثل بعادات الذهن واليات الفكر وسلطة النص وذلك بنقد ( امبريالية المعنى وديكتاتورية الحقيقة والسعي الدائم الى تغيير شروط المعرفة ).

حدود الليبرالية

لاينبغي التعامل مع الليبرالية تعاملا لاهوتيا بكونها هدفا يعلو على كل شيء .ان الليبرالية عندما تحولت الى عقيدة مقدسة لدى اصحابها تحول خطابها الى اداة للحجب والتضليل . وامسى نظامها مولدا للقهر والاستبداد او للتهميش . وهذا شان الليبرالية الاقتصادية , اي ليبرالية السوق الاقتصادية القائمة على حرية التداول والاستهلاك من دون قيود .

ان التراكم المادي الذي ولدته الراسمالية الليبرالية كان يرافقه تراكم خفي هو ( تراكم البشر ) في المؤسسات الحديثة , وهو تشكل نظام لتطويع الاجساد وتطبيع الافراد وقولبة العقول . حتى المعارف الحديثة لم تكن مجرد ممارسة تنويرية صرفة , بل كان لها وجهها الاخر غير التنويري ,اذ هي ارتبطت بنشوء نمط سلطوي يرمي الى اخضاع البشر والسيطرة عليهم بغية التعامل معهم بصفتهم كائنات حية تحيا فقط تنتج وتستهلك .

ان الليبرالية الغربية ولدت نقيضها, اي كل تلك الانظمة والاجهزة والاليات والشبكات التي عملت على محاصرة الفرد وقولبته , او على تهميشه واقصائه , فضلا عن تهميش كل العوالم الثقافية القائمة خارج المساحة الحضارية الغربية.
مايتهدد الفرد اليوم ليس الحاكم المستبد وحده , بل كل التقنيات السلطوية اللامرئية التي تجرد الفرد من بعده الابداعي وتضيق عليه بعده التواصلي مع الاخرين , وتحيله الى مجرد موضوع للرؤية او للسلطة او للاشارة او للاستقبال والتلقي .يتهددها نظام يعمل على استبعاد المختلف وتهميش من لايقبل القولبة والاندماج .
من هنا تغير مفهوم الحرية . ان الحرية ماعادت تقتصر على ثقافة ( حقوق الانسان ) وانما اصبحت تعني ممارسة (حق الاختلاف ) .انها حق المراة والطفل والمجنون والمنشق , كما هي حق البدائي والفقير والمستهلك .

الليبرالية ليست فردوسا

الخطر القادم يكمن في طغيان النشاط الليبرالي من مركز واحد او اتجاه واحد . فعملية التبادل,اي عملية الانتاج والتصدير , او البث والنشر والتاثير , تبدو وحيدة الاتجاه , من المركز الى الاطراف . من الغني الى الفقير , ومن المنتج الى المستهلك ,سواء اكان الانتاج ماديا ام فكريا .
العنصر الطاغي هو تداول الافلام التي تنتجها اليوم الولايات المتحدة الامريكية . فالصور والافلام تغزو العالم اليوم وتطغى على الافكار . لذا تراجعت الكتب امام سلطة الشاشة ان طغيان جانب واحد يحول الفردوس الى جحيم .
هذه المركزية الطاغية في بث الصور والمعلومات يمكن ان تتم على حساب خصوصيات ثقافية ولغوية . ويبدو ان الفرنسيين بالذات باتوا غير قادرين على تحمل الليبرالية الامريكية التي تغزوهم في عقر دارهم بالافلام واسلوب الحياة .
لقد شعروا ان قوة النموذج الامريكي الذي يزداد انتشارا في اوربا يجعل الفرنسيين يهمشون ويكادون يصبحون على تخوم العالم المتقدم .

ان ليبرالية البث تزدهر اليوم بخرق تقاليد عريقة واداب مرعية , كما هو شان الافلام الاباحية التي يمكن ان تبثها الاقمار الصناعية وتلتقطها الشاشات الصغيرة في البيوت .من هنا ثمة حاجة لتوسيع مفهوم ( الحق ) ليشمل هذا الجانب , اي ( حق الجسد) . وحق الجسد ينبغي ان لايتحول الى سلعة تعرض عبر الشاشات .
اخيرا لاينبغي ان نغفل ذيول المركزية التي يمارسها الانسان تجاه الطبيعة والكائنات . فهو اعطى نفسه حق التصرف المطلق في الارض وما عليها وما حولها دون اي رادع او ضابط .
من هنا نشا مفهوم ( حق الطبيعة ) الذي اخذ يستاثر باهتمام العلماء والمفكرين .

الليبرالية ليست نموذجا

ان ( النموذج) في ذاته فعل مضاد للحرية . ان الليبرالية تحرر من النماذج وخروج على القوالب . فالنموذج يحتاج الى التقليد والمحاكاة او الى التعميم او الاستنساخ . في حين ان فعل الحرية يقتضي التفرد والاصالة والابداع.
ان الليبرالية هي الاشتغال على الذات لصنعها واعادة بنائها على اساس يجعل علاقة المرء بذاته وبالغير وبالعالم اكثر صدقا ومعرفة وقوة. ان الليبرالية لاتاتي من الخارج , بل تبتدع وتصنع بصنع شيء يقدم للعالم ويصلح للمبادلة في سلعة او معلومة او صورة او اداة .

خاتمة المقال

يؤكد المفكر علي حرب ان( النظام الديمقراطي لايشتغل دون آليات للاخضاع والاذعان والانتهاك . والحرية هي علاقة بين افراد او مجموعات لاتخلو من استعمال القوة والعنف .
واخيرا ليس المجتمع مجرد جمعية تعاونية ,انما مجال لانتاج التفاوت واللاتماثل والتهميش. من هنا تنبع دوما اشكال جديدة للمقاومة وتتسع مجالا ت الحق , اذ كل استبعاد او تفاوت او انتهاك يقابله حق يطالب به ... ان الليبرالية مفتوحة على آفاق كثيرة .. على الغزو والهيمنة .. لكنها مفتوحة ايضا على الافق التواصلي الذي يخلع المبادلة طابعا عقلانيا او خلقيا وربما جماليا , للحد من قوانين السوق ومنطق الربح واليات الاسعار . والتواصل لايمكن ان يحققه طرف واحد .

انه مسؤولية الكل . ولهذا ينبغي ان لانتصرف على اساس ان غيرنا يتحمل وحده مسؤولية مايجري في هذا العالم و حتى لانحكم على انفسنا بالقصور .
اذن لنجترح معجزتنا ولنبتكر ليبر اليتنا.



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوهام الايديولوجيا
- المثقف هو وسيط وليس بقائد
- هجرة محمد الى المدينة
- الاسلام بين الجامع والمسجد
- الاغتراب في الثقافة
- فتح الستارة عن حجاب المراة
- نحو مجتمع اسلامي علماني
- نهاية دولة لينين
- دبلوم في الخطيئة
- الجنس والكبت الجنسي
- نحو وطن عالمي كوني - انساني
- الانقلاب والثورة ينفيان الديمقراطية
- زعماء العالم النموذجيون
- الانساق الثقافية المعمارية - الجنسية
- تاثير الجنس في الحركات الاسلاموية التكفيرية
- الجنس بين الاثارة وشحة الامكنة
- جدلية الدين والنص والتاريخ
- الانظمة الشمولية واصابعها الخفية
- اشكالات استعادة الفعل السياسي في العراق
- الشمولية البعثية وصناعة شخصية صدام


المزيد.....




- أندر إوز بالعالم وُجد بفناء منزل في كاليفورنيا.. كم عددها وك ...
- بعدما وضعتها تايلور سويفت في كوتشيلا.. شاهد الإقبال الكبير ع ...
- طائرتان كادتا تصطدمان في حادث وشيك أثناء الإقلاع.. شاهد رد ف ...
- بعد استخدامها -الفيتو-.. محمود عباس: سنعيد النظر في العلاقات ...
- لبنان.. القبض على رجل قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ود ...
- هل ستجر إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة في الشرق الأو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطنيين في مخيم نور شمس شمالي ...
- الصين.. عودة كاسحتي الجليد إلى شنغهاي بعد انتهاء بعثة استكشا ...
- احباط عملية تهريب مخدرات بقيمة 8.5 مليون دولار متوجهة من إير ...
- -كتائب القسام- تعرض مشاهد من استهدافها جرافة عسكرية إسرائيلي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد يوسف عطو - لنصنع ليبراليتنا