أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول مفهوم حكومة التكنوقراط















المزيد.....

حول مفهوم حكومة التكنوقراط


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن ممارسة الديمقراطية عملية جديدة على العراقيين، وكل جديد مصحوب بالمصاعب والمشاكل، لذلك فبعد كل جولة انتخابية تبدأ صراعات بين قادة الكتل السياسية حول تشكيل الحكومة. وانفجر الصراع على أشده بعد الانتخابات الأخيرة وفوز كتلة السيد نوري المالكي (دولة القانون التي هي ضمن التحالف الوطني)، كأكبر كتلة انتخابية، وبرلمانية. و وفق الدستور، فالمالكي هو أول من يجب أن يُكلَّف من قبل رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة. وبما إن رؤساء عدد من الكتل السياسية في خصام شديد مع السيد المالكي، و هددوا بالحرب الأهلية وتقسيم العراق إذا ما فاز المالكي في الانتخابات ودُعي لتشكيل الحكومة للمرة الثالثة، وبلغ بهم الأمر إلى أن دعوا داعش الإرهابية، وتواطئوا معها لاحتلال محافظة نينوى وصلاح الدين، وإعلان دولة الخلافة الإسلامية فيها، وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة فيها، وما نتج عن ذلك من مجازر ضد الأقليات الدينية في المنطقة.

وفي خضم هذه الأزمة طلعت علينا جماعات طالبت بتشكيل حكومة التكنوقراط كـ"حل وسط" من أصحاب الكفاءات والنزاهة الوطنية و فوق الطائفية، للحفاظ على الوحدة الوطنية...الخ، بدلاً من الاستحقاق الانتخابي. وبما أن الكتل السياسية هي منقسمة على نفسها، ومتخندقة وفق الانقسام الديني والقومي، لذا فالمطالبة بتشكيل حكومة التكنوقراط، من أصحاب الكفاءات والنزاهة الوطنية و فوق الطائفية والقومية، يعني تشكيل الحكومة من خارج هذه الكتل السياسية التي خاضت الانتخابات الأخيرة، وهذا يعني إلغاء الاستحقاق الانتخابي والدستور.

وبعد نشر مقالي الأخير الموسوم: (لا بديل عن صناديق الاقتراع)(1)، استلمت رسائل من عدد من الأصدقاء، وهي أحد مصادر الإيحاء لي بكتابة المقالات، عرفت من خلالها أن هناك اختلاف حول مفهوم حكومة التكنوقراط . لذلك رأيت من المفيد طرح هذه المسألة للنقاش كمساهمة في توضيح هذا الأمر، و إزاحة سوء الفهم.

أورد هنا مثالاً واحداً من هذه الرسائل، وهي رسالة صديق من صلب العملية السياسية وحريص عليها، كتب لي قائلاً: "أعتقد أن هنالك إلتباس في فهم حكومة التكنوقراط. حكومة التكنوقراط لا تعني إلغاء الديمقراطية كما تفضلتَ، بل هي فلتر لتصفية المرشحين للوزارات من المجاميع السياسية المشاركة في الحكومة. يعني بدلا من ان يكون وزير السياحة طبيب أسنان، ووزير الصحة محامي، أو وزير الثقافة ضابط سابق أو شرطي سابق، ووزير النقل نائب ضابط سابق، يطلب من أي حزب مشارك أو تحالف أو مجموعة سياسية في الحكومة أن ترشح ثلاثة مرشحين (من حملة الشهادات العليا وذوي الإختصاص والتجربة والمشهود لهم بالنزاهة والعفة)، ورئيس الوزراء وفريقه يختارون أحدهم ليكون الوزير للوزارة التي أصبحت من حق ذلك الحزب أو المجموعة السياسية التي بإستحقاقها الإنتخابي أصبحت تلك الوزارة من نصيبها". انتهى

لا شك أن هذا الحل هو أفضل الحلول، وأنا أتفق مع الصديق كلياً، بل ونشرتُ مقالاً قبل سنوات حول هذا الموضوع اقترحتُ فيه نفس الشروط في اختيار الوزراء، بأن يرشح كل كيان سياسي مشارك في تشكيل الحكومة أفضل ما عنده من أصحاب النزاهة الوطنية والاختصاصات والكفاءات والأكاديميين من حملة الشهادات الجامعية العالية، كأن يتم اسناد كل منصب وزاري إلى شخص مختص في شؤون تلك الوزارة، مثلاً، يتم تعيين طبيب وزيراً للصحة، ومهندس كهربائي وزيراً لوزارة الكهرباء، وخبير نفطي وزيراً للنفط... وضابط عسكري ذي رتبة عالية متقاعد وزيراً للدفاع... وهكذا بقية الوزارات. وبذلك يتم الجمع في تشكيل الحكومة بين الاستحقاق الانتخابي والسياسيين من التكنوقراط، أصحاب الكفاءة.

ولكن، ما يقصده دعاة حكومة التكنوقراط هو ليس هذا النوع من الحكومة التي فهمها الصديق، وإنما يطالبون بحكومة من أصحاب الكفاءات والاختصاص من غير الحزبيين، بل وحتى من لا اهتمام له بالسياسة. وللتأكيد على هذا المفهوم لحكومة التكنوقراط ، راجعتُ موسوعة الويكيبيديا التي جاء فيها التعريف التالي:
"التقنوقراط هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا في مجال المهام المنوطه بهم، وهم غالباً غير منتمين للأحزاب. والتقنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين: التقانة (التكنولوجيا): وتعني المعرفة أو العلم ، وقراطية (كراتس) وهي كلمة اغريقية معناها الحكم، وبذلك يكون معنى تقنوقراط حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة. والحكومة التقنوقراطية هي الحكومة المتخصصة في الاقتصاد والصناعة والتجارة، غالبا تكون غير حزبية فهي لا تهتم كثيرا بالفكر الحزبي والحوار السياسي."(2)

والجدير بالذكر، أن الوزارات هي مناصب سياسية، لا تتطلب الخبرة التكنوقراطية في وزارة ما، وإن وجدت فهي نقاط إضافية لصالحه وصال المجتمع، بل مطلوب منه أن يتمتع بالنزاهة الوطنية، وتاريخ مشرف، وبخبرة إدارية والقدرة على العمل ضمن فريق، وهذا يتطلب الانتماء الحزبي، لأن الحزب يقدم برنامج انتخابي متكامل لإدارة الدولة وخدمة الشعب. لذلك فالناس عادة يصوتون للمرشح الحزبي بدلاً من المستقل ومهما كان الأخير صاحب معرفة وخبرة وشهادات جامعية عالية، إلا نادراً وفي خالات استثنائية. فالحزب هو مظهر حضاري بديل عن القبيلة والعشيرة في المجتمعات المتخلفة، يجتذب إليه نشطاء سياسيين وقياديين، لهم اهتمام كبير بالشأن العام وخدمة الشعب والمصلحة العامة. ويتطلب من القياديين السياسيي النزاهة والحماسة لخدمة المجتمع، والاستعداد للتضحية بالمصلحة الخاصة، والقدرة على التفاهم والتواصل والاقناع، والتمتع بقدر كبير من المعرفة والثقافة والصبر والدبلوماسية وفن الخطابة والإدارة. لذلك، فليس من الضروري أن يكون وزير الصحة طبيباً، و وزير الدفاع عسكرياً أو خبيراً بالأمور العسكرية والحروب. ففي الدول الديمقراطية العريقة نادراً ما يكون الوزير مختص بشؤون وزارته، فمثلاً قبل عامين كان وزير الدفاع في بريطانيا طبيب، ولكن الوزير مدعوم بعدد غير قليل من المستشارين التكنوقراط، يساعدونه على تمشية شؤون وزارته.

وبناءً على كل ما تقدم، نؤكد على ضرورة التمسك بالاستحقاق الانتخابي والدستور، وإلا لماذا تم صرف كل هذه الأموال على الانتخابات، وحث الملايين من الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، وتعريضهم لمخاطر تفجيرات الإرهابيين، ومن ثم نضرب نتائج الانتخابات عرض الحائط، ونطلب من أناس غير منتخبين تشكيل حكومة غير منتخبة؟ هذا ضحك على الذقون وتجاوز على حقوق الناخبين ومخالفة للدستور.

ومع ذلك، فإني أتفق كلياً مع مقترح الصديق، القاضي بأن " يطلب من أي كتلة سياسية مشاركة في الحكومة أن ترشح ثلاثة مرشحين (من حملة الشهادات العليا وذوي الاختصاص والتجربة، والمشهود لهم بالنزاهة والعفة)، ورئيس الوزراء وفريقه يختارون أحدهم ليكون الوزير للوزارة التي أصبحت من حق ذلك الحزب أو المجموعة السياسية التي بإستحقاقها الإنتخابي أصبحت تلك الوزارة من نصيبها". وأضيف، أن على رئيس الكتلة تقديم خلاصة خدمة (سيرة حياة) عن كل مرشح من مرشحيه للمناصب الوزارية، ومن حق المكلَّف بتشكيل الوزارة اختيار الأفضل.
وبذلك يمكن الجمع بين الاستحقاق الانتخابي وحكومة التكنوقراط.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1- عبدالخالق حسين: لا بديل عن صناديق الاقتراع
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=671

2- موسوعة ويكيبيديا: حكومة التكنوقراط http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بديل عن صناديق الاقتراع
- البعث يدَّعي إعلان الحرب على داعش!!
- إذا كنت لا تستحي فقل ما تشاء
- مؤتمر عمّان نتاج تساهل الحكومة العراقية مع داعمي الإرهاب
- لماذا رشح الجلبي لمنصب النائب أول لرئيس البرلمان؟
- ماذا لو تحقق ما يريده أنصار داعش؟
- بارزاني على منزلق خطير
- العلاقات العراقية-الأمريكية.. إلى أين؟
- تقسيم العراق لصالح إسرائيل
- لا للوحدة الوطنية القسرية
- هل حقاً المالكي هو السبب؟
- أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين
- مرحى لفتوى الإمام السيستاني في مواجهة الإرهاب البعثي الداعشي
- كلهم داعشيون ومن بعث واحد
- أبعاد مؤامرة تفتيت العراق
- تسليم الموصل لداعش بالتواطؤ
- مع تعليقات القراء على مقال: هل حقاً المالكي أسوأ من صدام؟
- هل حقاً المالكي أسوأ من صدام؟
- حول الشراكة الحقيقية من منظور السيد بارزاني
- دلالات نتائج الانتخابات الأخيرة


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول مفهوم حكومة التكنوقراط