أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - ليطلع داعش ومن لف لفهم على وثيقة الرسول محمد (ص) للنصارى، وعن دور مسيحيي الشرق في نهضة العرب















المزيد.....



ليطلع داعش ومن لف لفهم على وثيقة الرسول محمد (ص) للنصارى، وعن دور مسيحيي الشرق في نهضة العرب


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 5 - 07:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتعرض اليوم مسيحيو العراق إلى هجمة شرسة على يد قوى الإرهاب من تنظيم داعش الإرهابي وبما يسمى ( دولة الإسلام في العراق والشام)، ليتم قسرا تهجير أبناء محافظة نينوى من المسيحيين الأشوريين وتحت تهديد السلاح بالطرد ومصادرة ممتلكاتهم من اجل أخلاء المدينة من جودهم وهدم كنائسهم وأديرتهم و كمخطط يجري تعميمه في عموم دولتهم المزعومة في الشرق الأوسط ليتم تدمر النسيج الاجتماعي ليس في العراق فحسب بل في عموم المنقطة وليتم بناء دولتهم بالهوية الإسلامية وبالعقيدة السلفية الجهادية المبنية على المذهبية الدامسة في ظلام و التخلف والجهل والإقصاء والتطرف وفق افكار ترفض الحضارة والعلم ، وهذا ما التمسناه من خلال تصرفاتهم الوحشية ضد حضارة وادي لرافدين وبما قاموا من فعل شنيع بتدمير الآثار الأشورية العراقية التي يعود تاريخها الى ما قبل الميلاد بالاف السنيين ، فكل شيء بدا أمامهم مستباح، فكما فعلوا بمسيحيو سوريا، اليوم يفعلون بمسيحي الموصل بدا بالاعتداء عليهم بطردهم قسرا من المدينة انتهاءا بمصادرة ممتلكاتهم وإحراق وتدمير كنائسهم وأديرتهم .
أنهم يحرقون ويدمرون كل شي مسيحي وفي كل المناطق التي تطأ عليها أقدامهم القذرة على ارض الشرق، فنمو وتوسيع نفوذ هذه الجماعات التكفيرية لم يأتي من فراغ وبين ليلة وضحاها ما لم يكن هناك من مول ورسم لهولاء الجرذان هذا النهج الخطير في زراعة الفتنة الطائفية لإدخال المنطقة في أتون الحروب الطائفية، فكل المؤشرات توكد بان هذا المخطط تم بتمويل ضخم من مشايخ ،لم تعد تخفى هوايتهم على احد، وعبر تسليح ضعفاف النفوس من المجرمين والقتلة والمشعوذين.
وبدا الضخ البشري من المجندين وبما يسمونه (الجهاديين) من مزابل أفغانستان والشيشان وباكستان واليمن والسعودية ومن مافيا وعصبات معترفة ومن شتى هويات، وتم تجنيدهم وتدريبهم ومنحهم رواتب مغرية من قبل ممولين الذين كونوا هذه التشكيلات القتالية والتي أشبه ما تكون بشركة (بلاك ووتر) الأمريكية ،سيئة الصيت، التي عملت في العراق إعقاب الغزو الأمريكي في 2003 ، ليتم إرسالها الى مواقع وحسب رغبة الممولين والذين جندو لهذا الفعل ،أئمة ومشايخ جوامع ، للفتوى الجهادية باسم الإسلام لزج الشباب مقابل فتوى أخرى لأغراء الشباب لتطوع الجهادي باستباحة ممارسة الجنس لهؤلاء مع مجندات مجاهدات وبما أطلق علية تسمية (نكاح الجهاد ) ، وبدا المخطط لاشعال الفتنة الطائفية و الصراع المذهبي في المنطقة وقد بدا التنفيذ في العراق منذ 2003 ومع ما حدث في العراق من حرب أشبه ما تكون بالحرب الأهلية بين الطوائف العراقية ،الا ان من راح ضحيتها هم مسيحيو العراق، حيث تم تصفية أكثر من نصف المسيحيين في البصرة وبغداد وكركوك والموصل انذاك ، ثم انتقل المخطط، الى ضخ الإرهابيين الى سوريا وعلى طول الحدود بين البلدين باعتبار أن هناك حواضن من الجماعات السنية المهمشة ونتيجة الضغط المالي الهائل والسلاح بدأت العمليات الإجرامية تنفذ ضد قطاعات الحكومة في سوريا واستطاعوا اخذ موطئ قدم هناك ليتم فيما بعد بتوسيع دائرة الهجوم بحجم السلاح الثقيل الذي اخذ يتقاطر عليهم عبر المهربين، وكان الضحية أيضا في سوريا هم المسيحيين واخذ هؤلاء الإرهابيين بفرض الجزية عليهم في المناطق التي يسطرون عليها في سوريا فأغلقت الكنائس وانزل الصليب منها وبدات عمليات النزوح الواسعة للمسيحيين في حلب وفي حمص وقامشلي وحسكة ورقه ودير الزور وحماة ودرعا وبعض القصبات القريبة من دمشق في صيدنايا ومعلوله ومناطق اخرى، فاستفحل قوة (داعش) بعد ان وجدوا لهم دعم من تركيا وبعض من السنة في المنطقة وبدا العمل بتصفية الوجود المسيحي العربي من المنطقة وتهجير وقتل الاثنيات الأخرى بغية تمزيق المنطقة وخلق حالة الا استقرار لتسود لعشرات السنين واستطاع بعد نجاح تنظيم داعش في عدة مناطق في سوريا ان ينقل بتعاون جهات ارتضت لنفسها الخذلان مع هذا التنظيم الإرهابي دخول مدينة الموصل العراقية فاستبيحت المدينة وبدا تصفية المسيحيين بدا بمسيحي المشرق العربي وخلال اقل من شهر تم تهجير وبالمطلق كل ألمسيحيين الأشوريين من المدينة والتي تجاوز اعدادهم - بعد عديد من موجات الهجرة التي شهدتها موصل ابتدءا منذو عام 2003 - إلى أكثر من 25 ألف عائلة مسيحية أشورية ولأول مرة يخلى الوجود المسيحي من مدينة الموصل التي هم من أسسوها وبنوها قبل مجيء الإسلام الى العراق، وضمن هذا الاجرام بدا تنظيم داعش الارهابي بتدمير كل الكنائس والأديرة ومواقع الآثار وتجريف المقابر المسيحية، وهؤلاء الاوغاد ما كانوا ان يتمكنوا من احتلال موصل بحجم القوة العسكرية المسلحة الموجودة في الموصل لولا وجود حواضن عملت وساعدت (داعش) للسيطرة على مدينة الموصل، فتم دعم هولاء الوهابين المتطرفين وللذين لا يمتون بأية صلة بالإسلام ولا بنبيهم الرسول محمد (ص) .
فيا ترى هل اطلع الارهابي ابو بكر البغدادي زعيم داعش و أزلامه الدواعشي ومن لف لفهم على وثيقة جبل سيناء التي بعث بها رسولهم الى المسيحيين .....!
فرسول الله محمد (ص) أعطى عهد أمان للنصارى يؤمنهم فيه على أرواحهم وأموالهم وبيعهم وهو ما يعرف بالعهدة النبوية والمحفوظ صورة منه بمكتبة دير القديسة كاترين ، بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517م وحملها إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية
وهذا نص الوثيقة :
".... بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله فى خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها قريبها وبعيدها فصيحها وعجميها معروفها ومجهولها كتاباً جعله لهم عهداً فمن نكث العهد الذى فيه وخالفه إلى غيره وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللّعنة مستوجباً سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين- لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سايح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شئ من بناء كنايسهم فى بناء مسجد ولا فى منازل المسلمين فمن فعل شئ من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزيةً ولا غرامة وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر فى المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم فى ذمتى وميثاقى وأمانى من كل مكروه - ولا يجادلوا إلاّ بالتى هى أحسن ويحفظ (ويخفض) لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا - ويعاونوا على مرمّة بيعهم وصوامعهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم وفعالهم بالعهد".

وكتب علي بن ابى طالب - رضي الله عنه- " هذا العهد بخطه فى مسجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وشهد بهذا العهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهمابو بكر بن ابى قحافه ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، على بن أبى طالب ، عبد الله بن مسعود ، العباس بن عبد المطلب ، الزبير بن العوام ، رضي الله عنهم جميعا ، جاء العهد حين أرسل النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) كتبه فى السنة السابعة للهجرة 628 – 629م إلى الملوك والأمراء مثل كسرى وقيصر والمقوقس نائب الرومان فى مصر يدعوهم للإسلام ، ومعلوم أن الملك المقوقس أكرم رسول النبى وزوده بالهدايا إلى النبى وليس لرسول النبى طريق مختصر إلى مصر سوى طريق سيناء المار يالدير فمن المعقول جداً أن يكون الرسول الذى أرسله النبى قد مرّ بدير سيناء ذهاباً وإياباً وأن رهبان سيناء قد احتاطوا لأنفسهم وأرسلوا معه وفداً يطلع النبى على حال ديرهم ويطلب منه العهد تأميناً للطريق وصيانة لديرهم ومصالحهم هذا من جهة الرهبان وأما النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) فمن المؤكد أن يكون قد أعطاهم العهد وأمّنهم وأوصى بهم خيراً للأسباب الآتية:

"أن دير طور سيناء (دير سانت كاترين فيما بعد) هو فى طريق مصر من بلاد العرب ومن مصلحة العرب كما هو من مصلحة الرهبان تأمين الطريق إلى مصر. وثانيا ان التاريخ يدلّنا أن النبى قد حبب إليه النسك والزهد وكان كثيراً ما يذهب إلى غار حراء قرب مكة ليتعبد ويذكر الله فيه حتى بعث للناس بشيراً ونذيراً لذلك كان يميل إلى الرهبان والنسّاك ويوصى بهم خيراً، فقد قال
((لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدّن أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون )) سورة المائدة آية 82 وقد ورّث النبى هذا الميل لخلفائه من بعده. وثالثا ، لقد جرت عادة النبى وخلفائه من بعده إعطاء العهود للنصارى ومعاملتهم بروح التسامح من ذلك عهد النبى لأهل أيلة، عهد النبى لأهل أذرح ومقنا، عهد خالد بن الوليد لأهل القدس، عهد أبى عبيدة لأهل بعلبك، عهد عبد الله بن سعد لعظيم النوبة. ورابعا ، أن رهبان طور سيناء قد سكنوا أرضاً يقدسها اليهود والنصارى والمسلمون والوثنيون على السواء ، كما أن النبى زار طور سيناء بنفسه فى رحلة الإسراء وترك فيه أثراً لقدمه وقد ذكر طور سيناء فى القرآن الكريم لذلك من المستبعد أن يخيّب رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) طلب سكانه ولا سيما الرهبان والنسّاك الذين كان من طبعه الميل إليهم مع انه أعطى العهد لجيرانهم أهل أيلة. كما أن سلاطين المسلمين أقرّوا هذه الامتيازات المبينة فى العهدة النبوية وذكروها فى فرماناتهم ومنشوراتهم لمطارنة الدير بل ذكروا إنما أعطوهم هذه الامتيازات بناءاً على العهد الذى أخذوه عن النبى وأيده الخلفاء الراشدون."
" .. ويؤكد الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، أن العهدة النبوية محفوظة بمكتبة دير سانت كاترين وهى أكبر دليل علي سماحة الإسلام، خاصة أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) أعطي من خلالها عهد أمان للمسيحيين على أرواحهم وأموالهم وكنائسهم وأشار إلى أن النسخة الأصلية من هذه العهدة موجودة في تركيا حيث أخذها السلطان سليم الأول عند فتحه لمصر 1517م إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة مُعتمدة منها مع ترجمتها للتركية. ويقول أن هذه العهدة صحيحة لأنها تتفق مع تعاليم الإسلام السمحة والذى شهد بها أيضا كثير من مؤرخى الشرق والغرب الغير مسلمين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المؤرخ أماندوس ومن أقواله (لم يكن فى الإمكان إنقاذ دير سيناء بغير حماية النبى محمد (صلّى الله عليه وسلم) وخلفاؤه ويذكر سومرز كلارك أن العربى لم يدخل مكتسحاً كل شئ سابق عليه لذلك بدأ فن بناء الكنائس فى الانتعاش ويذكر جريفز أنه منذ الفتح الإسلامى كان يرد للدير رحّالة بأعداد متزايدة و لم يصب الدير بأى أذى ويذكر جالى لقد أبدى المسلمون تسامحاً تجاه الدير أكثر من المسيحيين ويذكر توماداكس أن المسلمون احترموا الدير والرهبان وحموا الرهبان من أى خطر وأعفوهم من الضرائب واعتبر الخلفاء المسلمون عهد الأمان بالدير نبراساً لهم لإعطاء عهود مماثلة واعتبر الأتراك أن هذه سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام واجب اتباعها واستمرت الحياة الروحية داخل الدير فى العهد الإسلامى و بعد فتح مصر أعطى عمرو بن العاص المسيحيين أماناً جاء فيه:
و(هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم لا يدخل عليه شئ ولا ينتقص ) وكان دائما يوصى فى خطبه المسلمين بمراعاة الأقباط والمحافظة على حسن جوارهم قائلاً لهم (استوصوا بمن جاورتموه من القبط خيراً )" .

وهناك وثيقة أخرى ترسم بوضوح مكانة أصحاب الكتاب وبالأخص المسيحيين في دولة الإسلام، " ... فهي تشريع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد رسم الرسول الكريم فيها ما يتوجب على كل مسلم الالتزام به وبعكسه يخرج عن دين الإسلام، فهو لم يوصي (برعاية) المسيحيين فحسب بل (أوجب) ذلك، وجعلهم من ذات الأمة وبينت بشكل واضح لا يقبل اللبس ولا التأويل أن حقوق المواطنة واحدة لجميع الناس في البلد، وأن حرية المعتقد والتعددية فيه مضمونة من قبل السلطة، وتؤكد بشكل واضح ما جاء في القرآن الكريم( لاإكراه في الدين) ، فمن أين إبتدع المبتدعون التشريع الجديد في الدين بقتل النصارى بكتبةحرف (ن) على بيوتهم ....؟
وان خلفائه الراشدين وصحبه الذين عملوا بسنته وتشريعه، يكرروا ما فعله محمد رسول الله (ص) ، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب مقتبسا منه في وثيقة الصلح عند تحرير فلسطين وبيت المقدس، وذاك عمر بن العاص يكتب مقتبسا منه عند تحرير مصر."
...ويعتبر هذا النص الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم دعائم مبادئ الإخاء بين المسلمين والنصارى " وهذه وثيقة عهد كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى (الكنيسة الاشورية النسطورية) عندما زاره وفد نصارى نجران فى مسجده بالمدينة وأتى وقت صلاتهم فدعاهم الرسول ليصلوا طبقاً لشرائعهم داخل مسجده ذاته، مسجد النبوّة، فصلوا فيه صلاتهم لعيد الفصح، وأعطاهم عهده لنصارى نجران وعموم المتدينين بالنصرانية ". النص ورد في
))مكاتيب الرسول ، الشيخ علي الأحمدي الميانجي جلد 3 صفحه 176)).
ثم وجدت مثل هذا الكلام في((محمد حميد الله ، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، ص: 180)).
وفي كتاب (( تاريخ النسطوريين (في مجموعة تأليفات الآباء الشرقيين ج 13 ص 600- 618) ((
وجاء في العهد :

" بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب: كتبه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، رسول الله إلى الناس كافةّ، بشيراّ ونذيراّ، مؤتمناّ على وديعة الله في خلقه، ولئلا يكون للناس حجة بعد الرّسُل والبيان، وكان عزيزا حكيما.
للسيد إبن الحارث بن كعب، ولأهل ملته، ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجميها، معروفها ومجهولها، كتاباّ لهم عهداّ مرعياّ، وسجلاّ منشوراّ، سُنّةّّ منه وعدلاّ، وذمّةّ محفوظةّ، من رعاها كان بالإسلام متمسكاّ، ولما فيه الخير مستأهلاّ، ومن ضيعها ونكث العهد فيها، وخالفه إلى غيره، وتعدّى فيه ما أمرتُ، كان لعهد الله ناكثاّ، ولميثاقه ناقضاّ، وبذمته مستهيناّ، وللعنته مستوجباّ، سلطاناّ كان أو غيره، بإعطاء العهد على نفسي، بما أعطيهم عهد الله وميثاقه، وذمة أنبيائه وأصفيائه، وأوليائه من المؤمنين والمسلمين في الأولين والآخرين: ذمتي وميثاقي وأشدّ ما أخذ الله على بني إسرائيل من حق الطاعة وإيثار الفريضة، والوفاء بعهد الله، أن أحفظ أقاصيهم في حق ثغوري وبخيلي ورجلي، وسلاحي وقوتي، وأتباعي من المسلمين، في كل ناحية من نواحي العدو، بعيداّ أو قريباّ، سلماّ كان أو حرباّ، وأن أحمي جانبهم، وأذب عنهم، وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم، ومواضع الرهبان، ومواطن السياح، حيث كانوا من جبل أو واد أو مغار أو عمران، أو سهل أو رمل، وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا، كم بر أو بحر، شرقاّ وغرباّ، بما أحفظ به نفسي وخاصتي، وأهل الإسلام من ملتي، وأن أدخلهم في ذمتي وميثاقي وأماني، من كل أذّى ومكروه، أو مؤونة أو تبعة، وأن أكون من ورائهم، ذاباّ عنهم كلّ عدو، يريديني وإياهم بسوء، بنفسي، وأعواني، وأتباعي، وأهل ملتي، وأنا ذو السلطنة عليهم، ولذلك يجب عليّ رعايتهم وحفظهم من كل مكروه، ولا يصل ذلك إليهم، حتى يصل إليّ وأصحابي الذابين عن بيضة الإسلام معي، وأن أعزل عنهم الأذى من المؤن التي يحملها أهل الجهاد من الغارة والخراج، إلا ما طابت به أنفسهم، وليس عليهم إجبار ولا إكراه على شيء من ذلك، ولا تغيير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا سائح عن سياحته، ولا هدم بيت من بيوت بيعهم، ولا إدخال شيء من بنائهم في شيء من أبنية المساجد، ولا منازل المسلمين، فمن فعل ذلك فقد نكث عهد الله، وخالف رسوله، وحال عن ذمة الله، وأن لا يحمل الرهبان والأساقفة، ولا من تعبد منهم، أو لبس الصوف، أو توحد في الجبال والمواضع المعتزلة عن الأمصار شيئاّ من الجزية أو الخراج، وأن يقتصر على غيرهم من النصارى، ممن ليس بمتعبد ولا راهب ولا سائح على أربعة دراهم في كل سنة، أو ثوب حبرة، أو عصب اليمن، إعانة للمسلمين وقوةّ في بيت المال، وإن لم يسهل الثوب عليهم طلب منهم ثمنه، ولا يقوّم ذلك عليهم إلا بما تطيب به أنفسهم، ولا تتجاوز جزية أصحاب الخراج، والعقارات، والتجارات العظيمة في البحر والأرض، وإستخراج معادن الجوهر والذهب والفضة، وذوي الأموال الفاشية والقوة ممن ينتحل دين النصرانية، أكثر من إثني عشر درهما من الجمهور في كل عام، إذا كانوا للمواضع قاطنين وفيها مقيمين، ولا يطلب ذلك من عابر سبيل ليس من قطان البلد، ولا أهل الإجتياز ممن لا تعرف مواضعه، ولا خراج ولا جزية إلا على من يكون في يده ميراث الأرض، ممن يجب عليه فيه للسلطان حق، فيؤدي ذلك على ما يؤديه مثله، ولا يجار عليه، ولا يحمل منه إلا قدر طاقته وقوته على عمل الأرض وعمارتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلف شططا، ولا يتجاوز به حدّ أصحاب الخراج من نظرائه، ولا يكلف أحد من من أهل الذمة منهم الخروج مع المسلمين إلى عدوهم، لملاقاة الحروب ومكاشفة الأقران، فإنه ليس على أهل الذمة مباشرة القتال، وإنما أعطوا الذمة عليّ، على أن لا يكلفوا ذلك، وأن يكون المسلمون ذبّاباّ عنهم (مدافعين) وجورا دونهم، ولا يُكرهوا على تجهيز أحد من المسلمين إلى الحرب الذي يلقون فيه عدوهم، بقوة وسلاح وخيل، إلا أن يتبرعوا من أنفسهم، فيكون من فعل ذلك منهم متبرع به، حمد عليه وعرف له، وكوفيء به.
ولا يجبر أحد على ممن كان على ملة النصرانية كرهاّ على الإسلام، (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل اليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) العنكبوت الآية 046 ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاد.
وإن أجرم أحد من النصارى، أو جنى جناية، فعلى المسلمين نصره، والمنع والذب عنه، والغرم عن جريرته، والدخول في الصلح بينه وبين من جنى عليه، فإما منّ عليه، أو يفادى به، ولا يرفضوا، ولا يخذلوا، ولا يتركوا هملا، لأني أعطيتهم عهد الله وعليّ أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين. وعلى المسلمين ما عليهم بالعهد الذي إستوجبوا أن يُذبّ عنهم كل مكروه، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم.
ولا يحملوا من النكاح شططا لا يريدونه، ولا يُكره أهل البنت على تزويج المسلمين، ولا يضاروا في ذلك إن منعوا خاطبا وأبوا تزويجا، لأن ذلك لا يكون إلا بطيبة قلوبهم، ومسامحة أهوائهم إن أحبوه ورضوا به، إذا صارت النصرانية عند مسلم، فعليه أن يرضى بنصرانيتها، ويتبع هواها في الإقتداء برؤسائها، والأخذ بمعالم دينها، ولا يمنعها ذلك، فمن خالف ذلك وأكرهها على شيء من أمر دينها، فقد خالف عهد الله وعصى ميثاق رسوله، وهو عند الله من الكاذبين.
ولهم – إن إحتاجوا الى مرمة (صيانة أوتأهيل) بيعهم وصوامعهم، أو شيء من مصالح أمورهم ودينهم إلى رفد (دعم) من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها، أن يُرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون ذلك دَيناّ عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاء بعهد رسول الله لهم ومنةّّّ لله ورسوله عليهم..
ولهم أن لا يلزم أحد منهم، بأن يكون في الحرب بين المسلمين وعدوهم، رسولاّ، أو دليلاّ، أو عوناّ، أو مخبراّ، ولا شيئاّ مما يُساس به الحرب، فمن فعل ذلك بأحد منهم، كان ظالما لله ولرسوله عاصياّ، ومن ذمّته متخلياّ، ولا يسعه في إيمانه، إلا الوفاء بهذه الشروط التي شرطها محمد بن عبد الله، رسول الله لأهل ملّة النصرانية، وإشترط عليهم أموراّ يجب عليهم في دينهم التمسك والوفاء بما عاهدهم عليه، ألا يكون أحد منهم عيناّ ولا رقيباّ لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سره وعلانيته، ولا يأوي منازلهم عدوّ للمسلمين، يريدون به أخذ الفرصة وإنتهاز الوثبة، ولا ينزلوا أوطانهم ولا ضياعهم ولا في شيء من مساكن عباداتهم ولا غيرهم من أهل الملة، ولا يرفدوا أحدا من أهل الحرب على المسلمين، بتقوية لهم بسلاح ولا خيل ولا رجال ولا غيرهم، ولا يصانعوهم، وأن يقروا (يضيفوا) من نزل عليهم من المسلمين ثلاثة أيام بلياليها في أنفسهم ودوابهم، حيث كانوا وحيث مالوا، ويبذلون لهم القرى الذي منه يأكلون، ولا يكلّفوا سوى ذلك، فيحملوا الأذى عليهم والمكروه، وإن إحتيج إلى إخفاء أحد من المسلمين عندهم، وعند منازلهم، ومواطن عباداتهم، أن يؤووهم ويرفدوهم ويواسوهم فيما يعيشون به ماكانوا مجتمعين، وأن يكتموا عليهم، ولا يظهروا العدو على عوراتهم، ولا يخلوا شيئا من الواجب عليهم.
فمن نكث شيئاّ من هذه الشروط وتعداها إلى غيرها فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله، وعليهم العهود والمواثيق التي أخذت عن الرهبان وأخذتها، وما أخذ كل نبي على أمته من الأمان والوفاء لهم وحفظهم به، ولا ينقض ذلك ولا يغيّر حتى تقوم الساعة إن شاء الله.
وقد شهد على هذا الكتاب كبار الصحابة منهم ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن معاذ ابو ذر،ابو الدرداء، أبو هريرة، عبد الله بن مسعود، العباس بن عبد المطلب، الفضل بن العباس، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله، وسعد بن معاذ،سعد بن عبادة، ثمامة بن قيس، زيد بن ثابت، ولده عبد الله، حرقوص بن زهير، زيد بن أرقم، أسامة بن زيد، عمار بن مظعون، أبو حذيفة، خوات بن جبير، هاشم بن عتبة، عبد الله بن خفاف، كعب بن مالك، حسان بن ثابت، جعفر بن أبي طالب. وكتب معاوية بن أبي سفيان..."
اين عصابات داعش من هذه الوثيقة...؟
وان كانوا حريصن على دعوة الإسلام ، ألا من دواعي الأيمان الالتزام بما أمر وقال الرسول محمد (ص) وما اوصى به لملته ...؟
ام ان المجرمين والمتعطشين لدماء يأخذون من النصوص ويفسرونه حسب أمزجتهم ..؟
أم أنهم يرفعون شعار الإسلام في الظاهر لتشويه دين الاسلام ..؟
اين الخطباء والأمة الجوامع ولماذا لا يظهرون هذه الوثيقة ويعلنوها عبر منابر الجوامع لمنع سفك الدماء وتفريق ابناء شعب واحد ويفهمون من ضل طريقة ليعودوا الى الطريق الحق والعداله ..؟
اليست هذه الوثيقة موجهة الى المسلمين لتعامل معه عملا وممارسة وتطبيق بكل ما جاء بها ..؟ اليست وصية الرسول ..؟ ام ماذا ..؟
لماذا تغيب هذه الوثيقة بالذات ، وهي هداية الى الطريق العدل والإخاء والمحبة ليست للمسلمين فحسب بل لكل المتآخين على هذه الارض .. ...؟
لماذا أهملت ولم يسلط الضوء عليها ..؟
اليس من واجب الفقهاء وأصحاب الشريعة ومن يفتو بالجهاد الإفصاح عن هذه الوثيقة ...؟
أم أنهم تجار دم ..ومتعطشين لإشعال المنطقة بالفتن الطائفية ..؟
اليست هذه الوثيقة جديرة بالاهتمام من قبل كل رجال العلم والمعرفة ومن الكتاب والمؤرخين والصحافة، لبث روح التسامح والمحبة بين المسلمين والمسيحيين ....!
أليست هذه الوثيقة صورة مشرقة للإنسانية، وفي تجسيد حب المواطنة والتعايش السلمي والاجتماعي والتآخي بين كل الديانات والقوميات .....؟
ان تغيب هذه الوثيقة والحجاب عنها يطرح مزيدا من الأسئلة ... و يفهم عن سبب عدم تسليط لضوء عليها وفي هذه المرحلة وما تمر به المنطقة يأتي لأسباب سياسية ولفرض إيديولوجيات بعيدة كل البعد عن روح الديانة الاسلامية وان لبست ثوب الاسلام ...!
ومع ذلك فاننا سنسلط الضوء على مزيد مما يغفله الإرهابيين وتنظيم الداعش ومن لف لفهم في إشاعة الفوضى في منطقتنا العربية تحت غطاء الدين الإسلامي ولفتح أبواب الصراع الطائفي بين شعوب المنطقة التي لم تشهد مثيلها من قبل .
فالذي لا يعرف تاريخ مسيحيو الشرق أمثال ( داعش) فعليهم ان يعرف حجم العطاء وتضحيات مسيحيو الشرق في المنطقة العربية وتاريخ نضالا تهم والبصمات التي تركوها في كل ميادين الحياة في التاريخ والحضارة والثقافة والادب والفلسفة وفي ثورات تحرير بلدان العربية من الاستعمار وفي العمل الوطني والسياسي...الخ، فالمسيحيون ليسوا دخلاء ولا غرباء في العراق والمنطقة العربية ،وهم ليسوا أقلية كما يحلو للبعض تسمية المسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط ،هم جزء أصيل من هذا الوطن وفي الوطن العربي، هم زهور في حديقة هذه المنطقة، فالمسيحية العربية ظلت وستظل منبر التسامح و العيش المشترك.
واليوم أليس من العجب ان نرى ما يفعله تنظيم داعش الإرهابي بالمسيحي موصل والشام، ان تقف الحكومة و الشعب والعشائر العربية الإسلامية موقف المتفرج على المسيحيين وهم يقتلون من قبل تنظيمات لبست ثوب الإسلام ليفرضوا على مسيحيو موصل قسرنا اعتناق الإسلام او القتل او ترك المنطقة او دفع الجزية وهم أصحاب الأرض عاشوا فيها منذو الاف السننين حتى من قبل ظهور الإسلام ...!
كيف يقف رجال الدين المسلم والمؤسسات والمرجعيات الدينية ورجال الفكر والثقافة والسياسة والإعلام والصحافة،موقف المتفرج او الموافق ضمناً على ما تقوم به تلك العصابات الإسلامية المجرمة بحق المسيحيين وان رسول الإسلام محمد (ص) أوصى الإسلام والمسلمين بحمايتهم ورعايتهم كما جاء في نص الوثيقة أعلاه،أليس هذا تسويف خطير .....! ليس على المسيحيين العرب وحدهم، بل على العرب والمسلمين قبل غيرهم، ويجب ان لا يخدع البعض ببريق الدولار وأموال التي تدفع وتضخ في المنطقة لاشعال الفتنة الطائفية ،فعليهم مواجهة هذا الخطر الداهم واجتثاثه، قبل ان يتفشى في الجسد العربي والإسلامي كالسرطان، وما حدث في الشام السورية والموصل العراقية، هو ناقوس خطر للجميع، فالمسيحية هي نبتة مشرقية ولدة في صميم وقلب الشرق فالله اختار فلسطين مكان لويلادة السيد المسيح (ع) وليس في مكان اخر لكي يجبروا ويفرضوا هولاء الارهابيين بقوة السلاح بترك المسيحيين منطقة الشرق ، ففي اورشليم تأسست الكنيسة الأولى( أم الكنائس)عام 33 الميلادي، وتبعتها سائر الكنائس و الأديرة والرهبانيات الاولى في بلدات ومقاطعات الاراضي المقدسة في سوريا ومصر والعراق ولبنان والاردن وتركيا والجزيرة العربية.
ونحن نعلم بان أصل ونسب العرب المسيحيين الاوائل للعرب(القحطانيين) كان في جنوب الجزيرة العربية في اليمن وفي وسطها ،حيث أسست قبيلة (كندة ) مملكتهم ، كذلك تواجد المسيحين في مكة فهنالك موقع النصارى و مقبرة النصارى على طريق الحج إلى عرفات، و كذلك قطن مسيحيو العرب (الانباط ) في سوريا ولبنان وفلسطين، ومسيحيوا (التدمريون) قطنوا في الاردن والعراق. فالمسيحيوا العرب هم اول من دعموا النهضة الايمانية والحضارية التي اتى بها الإسلام للمجتمع الجاهلي في بدايات انتشار دعوته" حيث كان للمسيحيين العرب في الجزيرة العربية أماكن مهمة تدل على وجودهم وعلى أقامتهم فيها مثلا (مكة ) قد ورد في بعض النصوص أن بعض الرهبان والشمامسة جاءت إلى مكة مبشرين ومنهم من كان يقوم بالتطبيب، إلا أن هناك ممن تنصر من وجهاء قريش من بني أسد منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى وورقة بن نوفل (انظر اليعقوبي في تاريخ ، ج 1 ، ص 298) الذي كان بارزا في أوساط أهل مكة ، وهو ابن عم خديجة أولى أزواج الرسول ( ص ) ، إذ كان ورقة إمام المسيحيين ورئيسهم يقيم الصلاة في كنيسة مكة المسيحية زمن عبد المطلب وزمن النبي محمد (ص ) ويقال انه ترجم الإنجيل إلى العربية .
أيضا كان النبي ( ص ) يصغي إلى خطباء المسيحيين الذين كانوا يدينون الوثنية ويدعون الناس إلى الحق، وقد وردت في سيرة النبي أسماء شخصيات مسيحية تدل على انتشار المسيحية في مكة قبل الدعوة السلامية امثال ( جبر عبد لابن الحضرمي ) و ( عداس النصراني ) من أهل نينوى و(الأسقف طباطر) أحد أساقفة البادية .
،" فقد عرف الرسول العربي الكريم محمد (570-632) العديد من النصارى العرب، وربطته ببعضهم علاقات الصداقة والاحترام والقربى العائلية، وعلى نفس النمط أيضا كانت علاقة العديد من صحابة الرسول وآل البيت والخلفاء الراشدين فيما بعد بالعرب المسيحيين القاطنين في الجزيرة العربية من جنوبها إلى شمالها، بما فيها مكة، وفي أسواق مكة كان يُلقي القس (ساعده الايادي ) خطاباته ومواعظه. دون اية مضايقة او تهديد ، وفي المقابل لم يضمر العرب المسيحيون العداء للدعوة المحمدية ، دعوة التوحيد والايمان بالله الواحد الاحد، وانما ساندوها، وحينما هاجر المسلمون الاوائل إلى (يثرب ) بتوصية من الرسول بعد أن جار عليهم قومهم، فان من استقبلتهم في يثرب ، من بين من استقبلهم، قبيلة (الازد) النصرانية. وبملك الحبشة النجاشي وهو من المسيحيين احتموا واستجاروا.
وان كان تنظيم داعش اسلاميون حقل ويقرأون القران الكريم هل يعلمون كم مرة ذكر القرآن الكريم اسم النصارى في "القرآن" فقد ذكر اسم النصارى في 127 آية وفي 23 سورة، بشكل مباشر، ولنقراء ما جاء في القران الكريم :"... والنصارى ومن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم"(المائدة 69). و"... لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى..."(المائدة 82).
و"لهم أجرهم عند ربهم" (البقرة 62). ويرد ذكر عيسى (السيد المسيح) عشر مرات،هو"...الوجيه في الدنيا والآخرة..." (آل عمران 45). و"امنا بالله ما أنزل الينا... وما أوتي موسى وعيسى... لا نفرق بين أحد منهم" (البقرة 136).. والله يقول لعيسى:"... وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"(آل عمران 55). و"آمنا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل اليكم والهنا والهكم واحد"(العنكبوت 46). وتُذكر العذراء مريم 34 مرة، الله".....طهرك واصطفاك على نساء العالمين.... "(آل عمران 42). اما اسم "الانجيل" فيرد ذكره 13 مرة. وفيه "هدى ونور... وموعظة للمتقين"(المائدة 46)
والمسيحيون كما جاء في القرآن، هم "أهل الكتاب"... "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"(العنكبوت 46) و"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" (النحل 125).
وفي ظل الخلافة الاسلامية عاش العرب المسيحيون ما يقارب الـ 13 قرنا، من سنة 633 إلى سنة 1918، بدءً بالخلافة الراشدة ومن ثم الاموية والعباسية وحكم المماليك إنتهاءً بالخلافة العثمانية".
فالمسيحية رافقت الاسلام منذو نشوئها وعاشوا معا في السراء والضراء ولم يشهد التاريخ المنطقة اصطدام فيما بينهم بل نجد بان الاسلام دافع عن مقدسات المسيحية اعقاب حروب الصليبية بعد ان هجم الروم البيزنطي كنائس الشرقية بعتبارها خرجت من ايطاعتها وانشقت عنها فكان موقف صلاح الدين الايوبي غير مثال في دفاع عن كنائس الشرقية .
فالمسيحية كانت متواجدت على ارض الجزيرة وهناك الكثير من المناطق في الجزيرة العربية تشهد على وجود المسيحي فيها قبل الإسلام ومن بعده فالمراجع تأتي على ذكر (بشير عبد يشوع القناني)الناسك الذي عمّد أهل اليمامة وبنى فيها ديرا ( انظر ،المسيحية العربية وتطوراتها ، ص 78) فكان لاهل اليمامة أسقفية في قطر عام 225م . وكذلك ذكر (ايليا أسقف سماهيبج) بين عمان والبحرين (41.م) وأسقف( ديرين) من جزائر البحرين (42.م )."
و يذكر التاريخ ايضا بان التواجد المسيحي كان متواجدا في عمان والبحرين حيث كانت تلك البلاد مليئة بالكنائس والاديرة وحتى بعد ظهور الاسلام، اي نحو عام 676، "ويروي مؤرخو العرب امثال (ابن الاثير) و(ابن خلدون )و(ابي الفداء) أن سادس ملوك دولة بني جرهم كان (عبد المسيح بن جرهم)، مما يؤكد ان المسيحية دخلت مكة بعد موت المسيح بقليل"
لذلك أسهم المسيحيون العرب، أعظم إسهام في عملية هضم الحضارات الأخرى وتوطينها في العالم العربي . ودورهم في توطين الثقافتين اليونانية والسريانية ، ولا سيما في مجال الطب والعلوم والفلسفة . حتى انه يقال أن النهضة الأموية والعباسية لم تستطع أن تقوم إلا بفضلهم .
" ففي العصر الأموي برز دور المسيحيين العرب ، في كل مفاصل الحياة ، فكان منهم الأطباء المهرة. وقد كان طبيب معاوية بن سفيان مسيحياً. وكانت زوجة معاوية (ميسون) والتي طلبت الطلاق منه مسيحية. ‏وطلقها معاوية ملبياً رغبتها في العودة إلى ديانتها المسيحية ، وكان منهم شعراء مشهورون في البلاط الأموي، ومنهم الشاعر المشهور في هذا العصر (الأخطل)، وكان ثالث أشهر شعراء مع جرير والفرزدق. وكان منهم أيضاً حرفيون مهرة، شارك عدد غير قليل منهم في بناء الجامع الأموي الكبير، الذي أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك ببنائه، وقد كان الأخطل الشاعر رئيس الديوان في هذا العهد.
وكان ثمة شروط موضوعية ليبرز المسيحيون العرب، ويشاركوا في توطيد أركان الدولة العربية بدءاً من العهد الأموي، منها أن وجود الرومان في بلاد الشام أهلّهم ليشاركوا في إقامة الدواوين والإدارة، وكذلك كان شأنهم في العهد الفاطمي في مصر، وقد كان معظم الكتاب (كتاب الدواوين) من النصارى،ومنهم منصور بن ياسر، طبيب معاوية الخاص كان عربياً مسيحياً ومنهم من تقلد الوزارة كسعيد بن ثابت. ‏
وقد كان للمسيحيين العرب، في هذين العصرين، لاسيما العصر العباسي دور كبير في التعريب، إذ كانوا يترجمون الكتب عن اليونانية ترجمة تعريب بصياغة عربية مبينة، بحيث يبدو الكتاب مؤلفاً بالعربية، ومن أشهر المترجمين النصارى في العصر العباسي (جرجيس بن يحتشوع)"، فكانت حركة الترجمة في زمن الخليفة المأمون الذي أنشأ بيت الحكمة في بغداد، وقد تزعم هذه الحركة ( حنين بن أسحق أبو ميلاد) الذي ترجم مئات الكتب الفلسفية والطبية والرياضية عن اليونانية . ومن العربية عن اليونانية."وكان لترجمتهم كتب الفلسفة إلى العربية أثر كبير في ظهور (فرق المعتزلة) التي تجعل من العقل الحكم الوحيد في تفسير أحكام الشريعة الاسلامية. ‏
وفي العصر العثماني كان لهم دور في التنوير، وفي إدخال المطبعة، وفي أواخر العهد العثماني كان لهم فضل في المشاركة بمقاومة التتريك والاستبداد التركي، وكانت جمعية (العربية الفتاة) مكونة منهم وكان لها دورها في الداخل، وفي أوروبا (مؤتمر باريس). وشنق عدد منهم في عام (1916) بأوامر الوالي جمال باشا السفاح."
‏" ثم نصل إلى دور المسيحيين في عصر النهضة العربية الحديثة إذ أدت الملل المسيحية في هذه المنطقة دورا نشطا منذ بداية القرن الثامن عشر كوسطاء ما بين الشرق والغرب، ويعود ذلك إلى أرتباطهم بالقنصليات الأوربية إذ غالباً ما كانوا يقومون فيها بوظيفة المترجمين، ثم إلى دور المسيحيين في القومية العربية العلمانية، فقد رصد ( البرت حوراني) مساهمة المسيحيين في نشر الأفكار التحررية الإصلاحية التي تدعو إلى الأستقلال وبث الوعي القومي، أمثال ( أحمد فارس الشدياق 1804-1887) و (بطرس البستاني 1819-1883)"
"وفي العصر الحديث ظهر منهم مع عدد من العرب المسلمين نخبة كبير من المفكرين العروبيين، المحاربين لأي نزعة طائفية، وساهموا بفكرهم ومؤلفاتهم، في آخر العصر العثماني وبداية عصر النهضة في ظل الاحتلال الانكليزي لمصر، والاحتلال الفرنسي لسورية ولبنان، وكان منهم بطرس البستاني، وأديب اسحاق، وعدد من الأدباء والشعراء العروبيين، كالشاعر القروي، وبشارة الخوري... إلخ، ومن بينهم كان مؤسسو صحيفة الأهرام في مصر، إضافة إلى شعراء المهجر المسيحيين، بسبب كون كثير منهم من المتعلمين. ‏
وكونوا في العصر الحديث الطبقة البرجوازية الأساس في سورية، ولبنان مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثر كبير، على نحو ماكانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار الفرنسي لسورية ولبنان بفكرهم ومؤلفاتهم، وعملهم، وقد كان فارس الخوري عضو الكتلة الوطنية، في ظل الاحتلال الفرنسي، واحداً من أهم الشخصيات السورية التي ساهمت في صنع استقلال سورية. "
فالمسيحيون العرب ساهموا، مساهمة كبرى في بناء ما اصبح يعرف (بالتمدن العربي الاسلامي) او(بالحضارة العربية الاسلامية).
لم يتعرضو الى الذبح او القتل او التهديد كما يفعل اليوم بمن يدعي بانة خليفة المسلمين الارهابي ( ابو بكر البغدادي) زعيم داعش بكون العهود التي أعطيت لأهل الكتاب أشبه بإطار عام لمنظومات قانونية تجدد حقوق أهلا النصارى وواجباتهم وتشتمل على الحفاظ على الأبدان والأرزاق وأحترام حرية العبادة والعقيدة والإبقاء على الكنائس والأديرة القائمة والسماح بترميمها .
وهكذا لعب المسيحيون العرب دورا هاما في بناء الفكر العربي وحب العالم العربي ولذا رفعت المسيحية العربية الفكر العربي إلى الإله الأحد وهيأت الطريق في قلوب العرب لقبول الدعوة المحمدية وبالتالي المسيحية والمحمدية انتصرت على الوثنية ورفعت شأن الثقافة والحضارة العربية
ولكن ما تفعله( داعش ) وتنظيمها من قتل وطرد من احيا واغنى تراث الامة العربية بين ليلة وضحاها دون ادراك ضوابط العيش المشترك وكيفية مساهمة في بناء الحضارة بل الى قتلها وايبادتها وهي ابادة لذاته قبل ابادة المسيحيين في الموصل والشام ، لان من يدعي الخلافة ويسعى لبناء الاسلام عليه مراجعة سيرة رسوله في كيفية تعامل مع شعوب التي تم فتحها في اعقاب نشر الدعوة الاسلامية وكيف وصلت فتوحاته الى الاندلس والى مشارف الصين ...!هل بقتل كل من لم يسلم ام عمل وفق ما اطلق من وثائق عهد بينه وبين الامم التي دخلها ولمصلحة ديانته بكون رسالته حملت رسالة التسامح والسلام لا رسالة القتل والذبح وهتك اعراض النساء ....! فنحن لم نسمع و- بالمطلق- خليفة افتى (بالجهاد النكاح) اللا خليفة( داعش) فاي خليفة هذا الذي يدعو ابناء امته الى الفسق والفجور و الفساد....! اي ثوب يريد تلبيس الاسلام في قرن الحادي والعشرين ..... !
ان دخولنا في هذا المدخل انما ياتي من حرصنا عى ان لا ينزلق المسلمون منزلق (داعش) ومن لف لفهم لتدمير وجه الاسلام الحقيقي .



#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنظيم داعش الارهابي يطارد اشوريو نينوى و يخلي المدينة من وجو ...
- اه يا عراق... الدماء فيك صار نهر ثالث...!
- الخندق الانتحاري في العراق
- يا وطن متعب انا بشرقيتي
- اين وطني من هذا الوطن.....!
- انا العراق
- في الذكرى المئوية لحرب العالمية الاولى وعدم الاكتراث بمصير ا ...
- تاملات في مائة عام من العزلة
- فواد الكنجي ، دراسات ومختارات شعرية
- الجحيم هو الاخرون.. سارتر و الفلسفة الوجودي
- اللامنتمي وقيمة الوجود الانساني عند كولن ولسن
- الوجود العبثي والتمرد عند البير كامو
- بواكير الفلسفة الوجودية
- الهروب ... تكتيك ام فشل ....؟
- فلسفة الفن .. بين الجمال والابداع الفني
- المواطنة و الوحدة الوطنية
- الانتخابات فرصة العراقي لتغير
- الهرولة نحو البرلمان
- اليساريون و الديمقراطية الاشتراكية
- الاخلاق و ثقافة العنف في العراق


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فواد الكنجي - ليطلع داعش ومن لف لفهم على وثيقة الرسول محمد (ص) للنصارى، وعن دور مسيحيي الشرق في نهضة العرب