|
أزمة الراهن المغربي ، ومسؤولية القوى التقدمية ..
احمد الطالبي
الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 3 - 10:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبقى هذا العنوان ، من العناوين المتكررة في كل المناسبات ، بل و في مختلف الأزمنة السياسية في تاريخ المغرب المعاصر ، ورغم كثرة استعماله في التحليلات والأوراق السياسية ، يبقى عنيدا و مصرا على مواكبة ، النقاشات ، كأنه أضحى جزءا من الواقع المغربي الذي يتسم بالفرادة ، وربما اكتسب خاصية الصلاحية لكل زمان ، على الأقل عندنا نحن مكونات الصف التقدمي ، الذين لا نحسن استثمار ما يتاح من فرص للخروج من أزماتنا ، ويبقى المخزن، المستفيد الوحيد من كل شي ، وهذا باعتراف رئيس الدولة في خطابه الأخير، ولا يوجد أصدق من اعتراف أهل الدار ...
وبطبيعة الحال ، لا يحتاج المرء إلى خطابات رسمية للوقوف على حقيقة الوضع و صعوبته ، خاصة بالنسبة للطبقات الشعبية ،ومن يصطف إلى جانبها من قوى مناضلة ضد الظلم و الفساد و الإستبداد ..
إن ما يميز الوضع المأزوم ، ليس الأزمة التي ألفناها و التي تمت بنينتها بفعل سياسات لا شعبية ، تعاقبت على البلاد منذ استقلال إكس ليبان الشكلي ، بل ما يميزه هو أن يتم الإصرار على نفس السياسات بعد القلاقل و الإنتفاضات الشعبية التي هزت مختلف مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، هذا الإصرار الذي لا يخلو من رسائل مبطنة ، يوجهها المخزن إلى عموم الشعب الكادح ، وقواه المناضلة ، رسائل مفادها أن الإستبداد باق ،والمخزن باق ، والدولة العميقة باقية ...
ما يميزه أيضا ، هو الإلتفاف على مطالب الشعب بدستور ممنوح مضى على منحه ما يزيد عن ثلاث سنوات، و ما زلنا لم نبرح بعد دائرة النقاش حول وهم إسمه التنزيل الديمقراطي للدستور ، إنه نقاش إبتدعه سفسطائيو المخزن ، لإيهامنا أن العيب فينا و ليس في النص إذ نحن من يجب أن نرقى إلى استيعاب مضامين دستور سيدنا .....
ما يميزه أيضا هو تنصيب حكومة يرأسها حزب ، دغدغ عواطف بسطاء الشعب بأكذوبة :صوتك فرصتك لمحاربة الفساد و الإستبداد ، فما كان منها إلاأن كرست الفساد و الإستبداد ، عبر سياسة حل الأزمات على عاتق المواطن البسيط ، والهجوم على قدرته الشرائية ، في المقابل ، يسرت سبل الإغتناء و الإرتقاء أكثر لمن ينعمون أصلا بخيرات المغرب و ثرواته ،بغض الطرف عن الفساد ، ونهب المال العام وتحميل ثقل الفاتورة للشعب عبرعنوان يسمى زورا إصلاحا ...
ما يميزه أيضا ، هو الهجوم غير المبرر على شرفاء الشعب و مناضليه و كل من ينتقد سياسة حكومة هبش هبش ، عن طريق الإعتقال و القمع و فبركة الملفات للعديد من شباب حركة 20 فبراير و فنانها معاد الحاقد ، وذلك بتنسيق خفي و مشبوه بين الداخلية و العدل ، إذ ما الذي يمكن أن يبرر استهداف مناضلي 20 فبراير بهذا الإصرار إن لم يكن في المسألة شيئ من :- إن - كما يقول التعبير الدارج ، القضية فيها إن ، خاصة و أن وزير العدل وضح سابقا أن من أولوياته إسترجاع هيبة دولة الإستبداد ، كما افتخر بنكيران مؤخرا وقال : أعدنا الهدوء إلى الشارع .. هذا إلى جانب محاصرة ، حركة اليسار بكل مكوناتها ، فيدرالية، ونهج، مع حرمانها من الإعلام و الدعم المادي الذي تستفيد منه إطارات المخزن ، وكذا التضييق على الحركة الحقوقية الجادة ذات المرجعية الكونية : الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ..
ما يميزه أيضا هو هو إصرار المخزن على إنتاج نفس السياسات و بنفس الأساليب ، من قبيل ، ملحمة 50 سنة من الإستقلال/ الإستغلال ، و ملحمة 15 سنة من العهد الجديد الذي يتحدثون فيه عن المشاريع الكبرى التي لم ير منها الشعب غير الفقر و الغلاء و القمع ومزيدا من الفساد...
ما يميزه أيضا ، هو إصرار المخزن على إنتاج نفس البنيات الذهنية التي تضمن إستمراريته عبر مأسسة الجهل في المدارس ، ودعم الزوايا لإعادة إنتاج الأتباع و المريدين وقطع الطريق على خطاب الحداثة و التنوير ، حتى لا يشق طريقه إلى عقول الناس ، وذلك عبر تعقيد شخصية الإنسان المغربي ، وتشفيرها سيكولوجيا حتى ينفر من كل خطاب حداثي تنويري نقدي ، مع تهميش العلوم الإنسانية ، والحيلولة دون أن يستوعبها الشباب ، مخافة أن يتمكن من آليات الفهم و التحليل العلمي للواقع ، وفي هذا الإتجاه جاء المضمون الرجعي لخطاب لوزير التعليم العالي -المخزني الداودي-..
و إذا كان هذا في الجانب المتعلق بالمخزن و حكومته ، فماذا عنا نحن ، وماذا عن إطاراتنا و أجهزتنا ؟
- لا شك أن القيادات النقابية ، كيفما كانت تقديراتها ، حول الظرفية ، تتحمل جانبا من المسؤولية في التقاعس عن أداء الرسالة النضالية ، واسترجاع الهيبة و الكرامة للشغيلة، فلا يكفي أن تقاطع القيادات جلسات الحوار و تصدر بيانات الإدانة و الشجب من حين لآخر ، بل هي ملزمة باتخاذ ما يكفي من الإجراءات التنظيمية الكفيلة بتقوية البنية التنظيمية للإطارات أفقيا و عموديا ، و تربية المناضلين بدل خلق شروط استفحال الإنتهازية و البيروقراطية ، وقضي لي ونقضي ليك ، وقد يكون هذا موضوع تفصيل في مناسبة أخرى ، كما أن مسؤولية الديمقراطيين و الوحدويين قائمة في مواجهة الأمراض التنظيمية بما يكفي من الحزم و الجهد و العمل لتخليص الأجهزة النقابية من المتسلطين عليها ...
- و اختصارا ، ومن الناحية السياسية ، فلا أرى جدوى الحديث عن القوى السياسية المشاركة في لعبة الإنتخابات ، و المؤسسات، وجدوى نجاعة فعلها الذي لا يتجاوز حدود تقديم فرجة بنكهة سياسية للمواطن المغربي ، يعطرها بنكيران بثوابل من التراث الشعبي ، لكي تحافظ على نكهتها الوطنية ، من قبيل : الطيابة فالحمام ، والنسر إلى عاش كيعيشو ولادو ، وما إلى ذلك من الأساطير ..
ما يهم هنا ، هو ما أخبار القوى السياسية المتواجدة خارج اللعبة ؟ -حركة اليسار - الظاهر أن حالها ليس بخير ، هناك خلل ما ليس مفهوما على مستوى الخطاب و الممارسة ، فهي لم تبرح بعد مكانها ، و هي لا تقترب من بعضها إلا لتتنافر ، كأن هذه الحركة لا ضمير و لا روح فيها ، وربما لا ترى مكوناتها إلا نفسها حتى و إن جلست غلى طاولة الحوار و التفاوض حول شيء ما ، قد تتفاهم ، لكن ما أن تتاح الفرصة لمكون حتى ينقلب على الآخرين ، وما أن يضعف حتى ينسى كل شيء ، كأن الحركة اليسارية يحمكها المزاج ، ولم تتجاوز بعد نرجسيتها ، و للأسف فهي تعيد نفس اللعبة داخلها والمتمثلة في الإستعداء المجاني ورمي الآخر بالخيانة ، والمزايدة على بعضها البعض ، مع أن بنية خطابها واحدة ، فحتى إن كان هناك اختلاف طفيف في المرجعية ، تبقى الغاية واحدة و لو مرحليا ، وهي الحداثة و الديمقراطية ، وليست المسؤولية ملقاة على قياداتها وحدها ، بل إن قواعدها كذاك مطالبة بالمساهمة في تصحيح الإختلالات ، عبر نقاش هادئ و رصين، بل و جريئ أحياننا ..
و للأسف ، فالشعب الذي ندعي جميعا النضال من أجله ، لا تهمه صراعاتنا تلك وغير معني بها ، ولا ينخرط في نقاشها ، وليست له أدوات التحليل و النقاش لينخرط معنا في ذلك ، بمعنى أننا أشبه ما نكون بأهل الكهف ، فهلا خرجنا معا يا رفاق من كهفنا إلى النور على الأقل لنرى جيدا بعضنا البعض ، و ربما رأينا بعض عيوبنا التي أخفتها عنا عثمة ظلام الكهف ، وجعلتنا نعتقد أن العيب في الآخر و ليس فينا
وحدة وحدة يا رفاق الدرب لتحقيق الإنتصا
#احمد_الطالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفاعا عن العقل
-
شيء ما يستعصي على الفهم
-
يجب إرجاعهم إلى زمن ما قبل الصناعة..
-
مرافعة تحت التراب
-
شبح داعش
-
في الحاجة إلى حراك جديد
-
الفعل الكنفيدرالي بتيزنيت بين ضرورتي النقد و التحصين
-
في حقد حزب العدالة و التنمية على الأمازيغ وتهديد تماسك المجت
...
-
.الويسكي و الشمبانيا بين الدين و السياسة...
-
في نقض النقد السوقي/ ليس دفاعا عن الأموي- الحلقة 2
-
في نقض النقد السوقي/ ليس دفاعا عن الأموي
-
السيد عيوش يجرب الشعبوية
-
الوزيرة الحقاوي تتحرش بالمجتمع المغربي
-
بدعة الوزيرة بسيمة الحقاوي
-
إسلامية إسلامية أو محاولة فهم.
-
ما العمل ؟
-
خواطر شيخ علماني
-
أصوات على ركح مصر
-
رسالة إلى معالي و زير الخفافيش
-
وساوس في باب ما جاء في زواج المخزن و الحكومة الجديدة
المزيد.....
-
نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية
...
-
شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
-
دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
-
نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص
...
-
اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
-
رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي
...
-
الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق
...
-
شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
-
ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
-
وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|