أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مها الجويني - وطن على معبر راس جدير














المزيد.....

وطن على معبر راس جدير


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4531 - 2014 / 8 / 2 - 15:17
المحور: سيرة ذاتية
    


طرق الشرطي الديوانة التونسية نافذة الباص بطريقة خشنة ، فتح أحدهم الباب ، إرتعشت أنا قليلا نظرت إليه ، قال : شكون مها الجويني ؟ حاشتنا بيك … إتفضل .. حل الصمت في السيارة ، أحسست بإنكماش إزاداد وجهي صفرة و أرقا ، قلت في نفسي كيف لي بعد أن قطعت أكثر من 1000 ميل من تونس العاصمة لأصل لمعبر راس جدير الفاصل بين التراب التونسي و التراب الليبي أن أعود أدراجي ؟ رفعت يدي قائلة : أنا هي مها ؟ شنوة المشكل ؟

قال : عندك تصريح من ولي أمرك للدخول للتراب الليبي ، القانون لا يسمح لمن في سنك بالسفر لليبيا دون إذن أبوي ؟

إبتسمت و نزلت من السيارة معي رئيس الوفد الذي كان قد شرح منذ البداية أننا وفد مكلف من المكتب الدولي للكونغرس العالمي الأمازيغي للقيام بمهمة تفقدية بمدينة زوارة الليبية التي ستحضن المؤتمر العالمي السابع للأمازيغ وكان قد قدم صفتي بأني مستشارة إعلامية لدى المنظمة و عضوة في الوفد ولكن شرطي الحدود إستسمحنا قائلا : أختي إنه القانون ؟ تعالي للمكتب …

تعثرت في خطواتي بين الواقفين و المنتظرين و المخدرين من أشعة الشمس القاتلة …و العطشى لجرعة ماء و الناظرين لآذان المغرب ، و الماسكين لحقائب مفتوحة ،مررت بين الطوابير المتعددة وأنا اسمتع للعنات على الإرهاب ،ودعوات لحفظ الوطن ، ونظرات إزدراء موجهة للامكان وعيون متعبة و مرهقة ، و صمت كلي …

إنه آخر يوم في رمضان و الكل يشتهي وطنه و حضن أهله إنها 25 جويلية حيث تعرض جنود تونسيون لكمين في ولاية الكاف… حيث تستمر طرابلس في نصب موائد العزاء … وصلت مكتب الديوانة الجانبي حيث يجلس شرطيان في الداخل و إثنان في الخارج و آخر كان يمسك بجواز سفري قائلا: تسافرين كثيرا .. و هذه أول مرة تمرين على المعبر الحدودي مالسبب ؟

أجبت : أنا متجهة للزوارة في إطار لجنة تفقدية لمؤتمر…. واصلت شرحي المفصل عن المنظمة وعن عملي و كتبت عنواني و عنوان أهلي و كيف آتيت و كم سأقضي من يوم في زوارة … لحق بي للمكتب رئيس الوفد معه مسؤول ليقدم بطاقته للشرطي و يحاورهم مرة أخرى … أحسست بالرعشة في قدمي من تعب الوقفة أمامهم ، نادى بإسمي أحدهم فتوجهت للمكتب الداخلي لأسجل ببطاقة الدخول وأنهي الإجراءات .. فرحت و مسكت بالقلم لأكتب و فاجأني أحدهم بسؤال آخر : يوجد في خانة المهنة عبارة طالبة ؟ كيف و سنك 27 سنة …

أطلقت زفيرا طويلا لأرد عليه : طالبة ماجستير تراث و علوم متاحف و أعمل مع بعض منظمات المجتمع المدني و أكتب في بعض مواقع الإلكترونية لكني غير مسجلة في الصندوق القومي للضمان الإجتماعي و ليس لي اية شهادة عمل و لاني اعمل نصف وقت لاكسب مالا أكثر و اجد مجالا للعمل أكثر … سألني مرة أخرى : لماذا إذن طالبة في جواز سفر ؟

أجبت : تلك هي الصفة التي لازالت أستطيع الحصول عليها في تونس وسط البطالة و غياب الفرص والأزمة الإقتصادية التي تحيط بنا ، طالبة أفضل من لا شيء … آخذت جواز سفري من الشرطي مع دعوات لي بالتوفيق ، كنت أحاول جر ساقي رغم تعبي و عرقي الذي إكتساني و بلل يدي وغطى غلاف جواز سفري الأخضر ، وقفت آخر طابور قصير أمام مكتب طباعة الجوازات قبل مغادرة تونس… أنهيت الإجراءات بسرعة و مضيت قدما نحو الباص . إستوقفتي لافتة مكتوب فيها بخط أزرق عريض ” التراب التونسي ” طأطأت رأسي و مشيت لأركب الباص ، إتخذت آخر مقعد لأرتب الأشياء التي أجتاحتني لرؤية تلك اللافتة .. لأني منذ فترة لم أعد أشم رائحة تونس ، لقد فقد الياسمين عبقه من أخبار الإغتايالات وفقدت البطاقة الوطنية وظيفتها امام طوابير العاطلين عن العمل والشاكين منظومة الفساد، حتى الثورة سننسى أغانيها عن قريب … و سنخفي حكايات إعتصام القصبة وشارع الحبيب بورقيبة وأعلام الوطن والخمسة والخلال ومطلب المساواة والمواطنة، فدستورنا أكد على عروبة و إسلام الدولة و صفق الجميع .. إنه ربيع العرب .. حيث ننسى أصحاب الألسن الأخرى والثقافات الأخرى و الديانات الأخرى والألوان الأخرى …أصحاب العمق الحضاري الأفريقي الصحراوي الجبلي …

نحن مجتمع النسيان نحن لا نعرف ثقافة العرب ، هناك في الجبال حيث الوشام و الرداء المتعدد الألوان و الخلال وعادات الحرية ، هناك لم يصلنا خبر الدستور ولا تشريفات سيدي الرئيس .. هناك ندفع ضريبة الإرهاب و نموت من أجل الوطن .. من هناك أتيت بإسمي وإلى هناك أخبرت شرطي الحدود إني ذاهبة لمؤتمر من أجل ثقافتي فذاك ما بات يربطني بوطني .. إذ لا شغل ولا تشغيل ، لا حريات فردية ولا ضمان إجتماعي، لا فرص للبحث العلمي و لا و لا…

عديدة هي الممنوعات أمامنا حتى روايات آغانينا القديمة تلاحقها الفتاوى الجديدة … “هيا مها غنيلنا شوية رانا دخلنا لليبيا” هكذا طلب مني صديقي و زميلي في اللجنة لأغني ، ضحكت و قلت :”قيم مروق مروق يامة على جبال الكاف و قله يروح يا مة ليش باش يخاف ” .. تعالت الضحكات والتصفيق لي و أنا أنشد لجبالنا بعد وجع على المعبر .



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرطقات أنثى خارج السرب
- حاتم التليلي ... وجع هذا الوطن
- فرضيات لنصف عاشق
- طارقي الهوى قلبي
- طقوس الكاهنة
- هي و الفستان الأسود
- لا نريد قطر
- أنا هنا
- أمازيغيات تونس : لا نعترف بغير الأمازيغية هوية و ثقافة و إنت ...
- انت و البقية تفاصيل
- مرافعة في القانون الدولي وفي كونيّة حقوق الإنسان.....يوسف بن ...
- في محاسن الرجال
- محاولة تركيع الإتحاد الوطني للمراة التونسية هي محاولة لإقتلا ...
- مداخلتي في مؤتمر- يناير التاريخ و الدلالات الحضارية- بمدينة ...
- يفرن ... بطاقة هويتي
- أكره شهر ديسمبر
- كلمة سعيد الهنشير للتجمع العالمي الأمازيغي الثاني
- الامازيغية أصل تونس
- أن تكون أمازيغيا هذه الأيام
- تمتوت حامية تونس


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مها الجويني - وطن على معبر راس جدير