|
-النَّصْر- و-التَّحَدِّي- في غزة!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 15:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي الهُدَن (ومنها الهُدْنة الإنسانية) أكانت قصيرة الأمد أم طويلته هي حالة، لها شروطها وأحكامها، تسبقها حرب، ويتوقَّف فيها القتال (أو إطلاق النار) بين المتحاربين حيث تدور الحرب، أو في بعضٍ من مسارحها وميادينها. في "الهُدْنَة"، يتوقَّف القتال، من غير أنْ تنتهي "حالة الحرب"، وقد تقود "الهُدْنة" إلى "صُلْح (سياسي)" بين المتحاربين. وفي حالة الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، نرى أنَّ "الهُدْنَة (أو الهُدَن)" تختص دائماً بأحد شطريِّ إقليم "دولة فلسطين"، وهو قطاع غزة؛ فالشطر الآخر، وهو "الضفة الغربية (مع القدس الشرقية)"، إمَّا أنْ يكون مشمولاً بـ "انتفاضة شعبية (أو بما يشبهها، أو بما هو دونها من حيث درجة وشدة الصراع)"، وإمَّا أنْ يكون مشمولاً بـ "مفاوضات سياسية" بين الطرفين (مباشِرة، أو غير مباشِرة) تسمَّى "مفاوضات سلام"، أَثْبَتَت وأكَّدت تجربتها الطويلة أنَّها لا تأتي بالسلام، وإنَّما بمزيدٍ من الاستيطان، والتهويد، والنزاع بين الفلسطينيين أنفسهم، وبمزيدٍ من الانفصال بين "القطاع" و"الضفة"، وبمزيدٍ من أسباب الضَّعْف لوعي وروح المقاوَمَة بين فلسطينيي "الضفة". إنَّ أحداً من الموضوعيين في النَّظر والرؤية والتفكير لا يَشُكُّ الآن في أنَّ رياح الحرب الإسرائيلية (والتي، عن اغترار بالنَّفس، سمَّتها إسرائيل "الجرف الصامد") على قطاع غزة (المُثْخَن بجراح 8 سنوات من الحصار) جَرَت بما تشتهي سُفُن قوى المقاوَمة الفلسطينية فيه؛ فإنَّ "النَّصْر"، بكثيرٍ من معانيه، العامَّة، أو الخاصَّة بالصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، فلسطينيُّ الهوية؛ وليس من مقياسٍ نقيس به "النَّصْر" من "الهزيمة" إلاَّ مقياس "الفَرْق (أو التَّشابه) بين الأهداف (الإسرائيلية، المُعْلَنَة، أو غير المُعْلَنَة) و"النتائج"؛ وكل يومٍ كُنَّا نرى "النتائج" هزيمة واضحة جلية لـ "الأهداف"، التي كان "تَشَوُّشها"، بحدِّ ذاته، دليلاً على أنَّ "الهزيمة" تُخَيِّم على قادة الحرب الإسرائيلية مِنْ سياسيين وعسكريين. في الحرب، وبها، تُخْتَبَر خَيْر اختبار قدرات "الأُمَّة" جميعاً، وليس العسكريُّ والقتاليُّ منها فحسب؛ ولن يأتي "الانتصار" إلاَّ باجتماع "الصَّلابة الميدانية (العسكرية والقتالية)"، و"صلابة الجبهة الداخلية (وهي ما يسمَّى "الحاضِنة الشعبية" للمقاوَمة في قطاع غزة)"، و"الصلابة السياسية" للقيادة، وفي أثناء التَّفاوض (السياسي) مع العدو على وجه الخصوص؛ والغاية النهائية لكل حربٍ هي أنْ تُرْغِم العدو، أو الخصم، على أنْ يجنح للصلح معكَ، بما يلبِّي شروطكَ ومطالبكَ الأساسية؛ وكأنَّ العدو يُحارَب من أجل أنْ يُصالَح. المقاوَمة الفلسطينية في قطاع غزة انتصرت، وتنتصر؛ ولن تتعذَّر رؤية هذا الانتصار إلاَّ على مَنْ اعتاد ذهنه السياسي أنْ يرى "النَّصْر"، أو "الهزيمة"، بغير عَيْن "النِّسْبية"؛ ونحن نَعْلَم، على سبيل المثال، أنَّ فيتنام قد انتصرت على الولايات المتحدة "الفيتنامية"، لا "العالمية"؛ مع أنَّ خسائرها العامة فاقت أضعافاً مضاعفة خسائر الولايات المتحدة، التي لو أرادت "حرباً ليست بحربٍ" لأبادت فيتنام في ساعات معدودة. "النَّصْر"، وبمفهومه "النِّسْبي"، والذي لا مفهوم غيره يُعْتَمَد، ويُؤْخّذ به، أَحْرَزَتْهُ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ لكنَّ التَّحدِّي الكبير الذي يُواجهه الفلسطينيون الآن هو "كيف يَحْتَفِظون بالنَّصْر (ويُحافِظون عليه)"، و"كيف يَسْتَثْمِرونه سياسياً واستراتيجياً"، ويُتَرْجِمونه، في المفاوضات، وبها، بما يؤسِّس لـ "واقع سياسي ــ استراتيجي" فلسطيني جديد؛ فَكَم مِنْ "نَصْرٍ عسكري (ميداني وقتالي)" تُرْجِم بـ "هزيمة سياسية"؛ وكم من "هزيمة عسكرية" تُرْجِمَت بـ "نصر سياسي"! وجُلُّ ما نتمنَّاه أنْ نرى من الفلسطينيين، في مُعْتَركيِّ "المفاوضات" و"السياسة"، نُسَخَاً من المقاومين بالحديد والنار! لقد كانت حَرْباً، "النَّفَق" فيها للمقاومين الفلسطينيين، و"النُّفوق" للجنود الإسرائيليين، و"النِّفاق" لأُمَّة العرب؛ أمَّا غزة، التي بدت أكبر من الوطن العربي الكبير، فكانت كِتاباً مفتوحاً لإسرائيل، حَفِظَتْهُ عن ظهر قلب؛ فلَمَّا فَتَحَتْهُ، في 8 تموز (يوليو) المنصرم، وَجَدَت نفسها تقرأ كتاباً مختلفاً جديداً، بلغته ومحتواه؛ وها هي كلُّ خيارات نتنياهو تقود إلى النتيجة نفسها؛ فإذا تقدَّم (في حربه) سَقَط، وإذا تراجع سَقَط، وإذا بقي في مكانه سَقَط؛ وهذا إنَّما هو "المأزق"، واقِعاً وتعريفاً!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب كالمطر لجهة خَيْرِها وشَرِّها!
-
الفلسطينيون يَصْنَعون تاريخهم الآن!
-
نتنياهو هُزِم!
-
عندما -تُجَرَّم- المقاوَمة!
-
-غزَّة-.. قصة دم مختلف!
-
-الجرف الصامد- في عالَمٍ عربيٍّ منهار!
-
-الانتفاضة- ضرورة ولكن..
-
تقسيم العالَم العربي بَيْن اتِّجاهَيْن
-
مرَّة أخرى عن صلة -التسارع- ب -تباطؤ الزمن-
-
أكراد العراق في مواجهة الفرصة التاريخية!
-
كيف يتسبَّب -التَّسارُع- في -إبطاء الزمن-؟
-
-النُّقْطَة- التي منها وُلِدَ الكون!
-
حقيقة -التباطؤ في الزَّمَن-
-
-النسبية العامة- في مثال بسيط!
-
سفينة نوح كونية!
-
الإشكالية في تقدير -عُمْر الكون-!
-
مقال قديم نشرتُه قبل غزو الولايات المتحدة العراق
-
الإجابة النهائية عن سؤال قديم!
-
-أسلحتها- و-الأيدي الموثوقة-!
-
العبودية في بلاد العرب!
المزيد.....
-
البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا
...
-
اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر
...
-
-النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
-
شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة
...
-
بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
-
الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران
...
-
إيطاليا تقدم تمويلات لتونس بقيمة إجمالية تبلغ 105 ملايين يور
...
-
السويد.. البرلمان يصوت لصالح تسهيل عملية تغيير النوع الاجتما
...
-
روسيا تتهم.. أياد أمريكية وغربية خفية وراء الاحتجاجات في جور
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|