أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - الحلقة الثامنة.. دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة














المزيد.....

الحلقة الثامنة.. دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4529 - 2014 / 7 / 31 - 08:59
المحور: المجتمع المدني
    


الحلقة الثامنة... كندا - تورونتو
الرابع عشر من حزيران، لم يكن ليبدو لي أنه اليوم التاسع لي في بلدي الحبيب الذي امتطى جواد الوغى مذ دخلته مشتاقا لمرابع خضر، ودواوين حكمة ومعرفة وشعر؛ بل بدا أنه اليوم التسعين، يا لحظي العاثر إذ بعد غيبة التقيته مثخنا بالجراح، كسير الجناح، السوق السوداء لبيع الغاز والوقود عادت تزامنا مع أول خيط للأزمة، معها ارتفعت الأسعار خصوصا الضروري منها، تفجيرات هنا وهناك، حوادث قتل ضد مجهول، الحَرُّ قاتل حين يصاحب انقطاع الكهرباء، مراجعة أية دائرة تكلفك المعاناة حيث الروتين وتعمد وضع العراقيل من قبل بعض الموظفين الذين لا تجرؤ على مناقشتهم خشية أن يخرجوا لك من جيوبهم ورقة جاهزة ( المادة 4 إرهاب ) فتغني وحدك في الزنزانة ( لا آني لهلي ولا آني لرفيجي ) وأغلبهم شباب جاءت بهم أحزاب انتموا لها حديثا كسبا للرزق، تركتُ معاملة استبدال شهادة الجنسية العراقية؛ فالفساد هناك يزكم الأنوف، الأخبار من ميسان تقول إن أمي الحبيبة لم تنم ليلا مذ سمعتْ أني كسرتُ طوق الغربة إكراما لعينيها الكريمتين، تزحف الفجر على ركبتيها كي تفتح الباب حاملة رغيف خبز كنت من يديها أجده ألذَّ من الشهد، لم تعد بحاجة لمن يسندها للوصول لعتبة الدار، لله درُّكنَّ، أيتها الأمهات؛ يتغير وجه العالم حين بالحبِّ تنبض قلوب الأمهات.

جهَّزتُ حالي وحزمت كل أمتعتي ووثائقي كما فعلت عند قدومي لبغداد من كركوك؛ تحسبا لما تنذر به الأوضاع، وقد تتقطع بي السبل وعودتي لكندا عن طريق مطار أربيل، سائق التكسي الميساني يرمقني بنظرة استغراب كل حين لأني شددت حزام الأمان أول وهلة انطلقت سيارته بسرعة عالية على طريق خارجي، ولون بشرتي النضرة يفضح أني لم أكتوِ بما به اكتوى العراقيون، مذياع السيارة لا يكف عن ضخ الأناشيد الحماسية، وقصائد الحرب، وتكرار فتوى المرجعية للجهاد الكفائي من أجل حماية العتبات المقدسة ومنع دخول الإرهابيين إلى بغداد، خامرني شعور بأن الموصل سوف تعود نظيفة قبل صلاة العِشاء، هاهي ميسان الحبيبة، نسيمُها ليس كغيره، والنخل فيها على دجلة لم يكن لونه ككل النخيل، مداخلها توحي لك أن تغييرا يستحق الاهتمام قد بدا عليها مذ تركتها قبل عشرين عاما، أحياء جديدة، بناء حديث، مجسرات، حدائق مُسيَّجةعلى جانبي مدخلها، لوحات تشير إلى مرافق سياحية وفنادق حديثة؛ لكن الفرحة مادامت حين وصلت الجانب الأيسر للعمارة، شوارع تشبه حقلا محروثا أهمله الفلاح لضيق ذات اليد، السرَّية والسراي، الجديدة، الماجدية، الدبيسات، شارع بغداد، شارع التربية العريق، مزابل وأكوام النفايات، الأنقاض وسط الشوارع - التي كانت جميلة يوما ما - حتى أن أصغر سيارة لا يمكن دخولها لإسعاف حالة طارئة، أو نقل مريض أو كبير سن، الكهرباء بين الوطنية والمولدات الأهلية لعبة تعوَّد عليها العراقيون، والظاهر أن محافظا نزيها مثل ( علي الدواي ) لايفلح بمفرده بإصلاح ما يعمد لتخريبه تجار الحروب والمنتفعون من خلق الأزمات، وما أكثرهم اليوم وفي كل الأيام.

صرختْ بكل ما لديها من طاقة، ( يمَّه مديح، حلم هذا يو علم؟ ) تعلقتْ بعنقي شمَّاً وتقبيلاً، رغم أن عينيها قد جففهما كثر البكاء والنواح؛ لكني أحسستُ بسيل دموعها قد أغرق خديَّ، مثل جنين ببطن أمه ينعم بدفء رحمها الطيب النجيب، أين أخوك سمير؟، ألم تعدني بأنك سوف تحضره لي بعد غياب يزيد على الثلاثين عاما؟ صورته بيديها ليل نهار، مسكينة لم تزل تنتظر عودة واحد من ضحايا نظام فاشي لم يسلم من بطشه كل من قال للباطل كلا، ولم يركع للطاغوت، لا بأس عليك، يا أمي، فبعد الثمانين سوف ينصفك الذين لاتزال على رفوفهم مركونة معاملة الشهيد بعد أحد عشر عاما من تسلمهم مقاليد الأمور في البلاد، مع أنهم كانوا بالأمس من ضحايا ذلك النظام البغيض.
يتبع في الحلقة التاسعة



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلق ...
- دماً مازلتُ انزفُ، يا عراق.... مشاهد من رحلتي الأخيرة... الح ...
- الحلقتان الثالثة والرابعة، دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق..... م ...
- نداء إغاثة، إلى كل الشرفاء في العالم
- دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.... الح ...
- بُشراكَ يا أكيتو، لمناسة عيد رأس السنة الآشورية البابلية
- ثمانونَ وأنتَ تزهُو، للحزب الشيوعي العراقي في عيده الثمانين
- بطاقة تهنئة للحزب الشيوعي العراقي بعيده الثمانين
- أمازالَ أسودَ هذا الشِباطُ؟
- أيُّها الغيارى، أحسِنوا الاختيار
- لولا ( أمُّ الحبوكرِ ) لكُنَّا بخيرٍ، منْ زماااااان...
- التجمع المدني الديمقراطي ضرورة حتمية
- عادتْ ليلى... شِعر
- ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ
- هل يعودُ السنونو؟ نص شعري
- في رحابِ الإمام عليٍّ، عليهِ السلامُ
- قَسَمٌ ... نص شعري
- قَسَمٌ
- لقاءٌ على رصيفٍ رطبٍ
- نداء، نداء استنهاض الهِمم لأهلنا في الداخل العراقي


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - الحلقة الثامنة.. دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة