أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5















المزيد.....


ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 18:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


سادساً / تاريخ الديالكتيك
يتصدى الأستاذ فواز فرحان لعرض " تاريخ " الديالكتيك بالقول ( سأقسم وصفه إلى فقرات متتالية ) :
نص الفقرة الأولى للأستاذ فواز فرحان :
" الديالكتيك ليس هيغلياً بل يسبق هيغل بمئات وربما الوف السنين انه يعود الى عهد الحضارتين السومرية واليهودية في منطقة الشرق الأوسط وأول من نقل الديالكتيك الى اوربا هو فيثاغورس .. وناقشه بعد فيثاغورس كثيرون في أثينا قبل أن يبحر الى باقي بلدان القارة .."
التعليق
الديالكتيك كعلم منطقي مثالي متكامل هو قطعاً هيجلي الأصل ( إعتماداً من هيجل على فيخته ( 1762-1814 )) ؛ و ذلك لسبب أساس و مهم جداً ، ألا و هو : أن هيجل ( 1770 - 1831 ) كان أول فيلسوف يجمع كل قوانينه الأساسية الثلاثة معاً - بدون نقصان - في صرح علمي واحد متماسك ؛ و هو أول من إستخدم كل تلك القوانين في البرهان المنطقي لدرسه الفلسفي عندما إعتبرها الوجه الأساس لحقيقة الواقع ، فشيد بها نموذجه الدينامي للتاريخ و للطبيعة . هذه الطريقة الجديدة في البحث الفلسفي الهيجلي هي التي أعادت الإعتبار للمنطق الديالكتي كعلم ، بعد أن كان الفيلسوف كانط (1724-1804) قد إعتبره - في كتابه : " نقد العقل الخالص " (1781) - منهجاً "عقيماً " بسبب إستناده على مبدأ التضاد .
يجب ، في البحث بصدد قوانين الديالكتيك ، أن نفرق بين الديالكتيك كـ " علم " متكامل لطريقة منطقية في البرهان و التحليل ، من ناحية ؛ و بين هذا و ذاك " المفهوم " الديالكتي - الاساسي أو الثانوي ، من ناحية أخرى . مثلاً : وحدة و صراع الأضداد هو مفهوم ديالكتي أساسي ، و لكنه - لوحده - مفهوم قاصر بدون رفده بمكمليه ، قانوني : نفي النفي ، و التغير النوعي بفعل التراكم الكمي . كما أن : " كل الأشياء هي عرضة للتغيير و متعالقة فيما بينها على نحو مباشر أو غير مباشر " هما مفهومان ديالكتيان ، و لكنهما - لوحدهما - لا يؤلفان : "علم الديالكتيك" . قبل هيجل ، كانت مفاهيم الديالكتيك مكتشفة - بهذا الشكل أو ذاك - من طرف الإنسان منذ آلاف السنين ، و لكنها بقيت " شذرات " و "مقولات" غير موظفة بنيوياً في البرهان و البحث العلمي . أما هيجل ، فهو هو أول من جمعها وظيفياً معاً في بنية كلية ليبنى منها علماً قائماً بحد ذاته للبرهان و التحليل بعد أن أضاف إليها قانون نفي النفي . البناء الوظيفي للأجزاء من طرف هيجل يمثل هنا كل الفرق بين العلم و اللاعلم . لماذا ؟ لأننا ما أن نكسب العناصرة المترابطة وحدة بنيوية كلية فاعلة وظيفياً ، حتى يصبح الكل أكبر من مجموع الأجزاء المكونة له . و لهذا ، فإن السيف هو أكثر من نصل معدني بمقبض ؛ إنه السلاح الذي مكن البشر من أبادة و تأسيس الدول و الإمبراطوريات . و المسحاة هي أكبر من مجرد المِغْرَفة المركبة بالمرود ؛ إنها الأداة التي مكنت الإنسان من إنتاج أكثر مما يستهلك . و لمثل هذا السبب ، يقال أن القط لا يساوي مجموع الفئران التي أكلها . و من المعلوم تاريخياً أن قانون وحدة و صراع الأضداد يعود للفيلسوف الأيوني : "هيراقليطس الأفسسي " (حوالي : 535-475 ق . م . ) ؛ في حين أن قانون تحول التراكمات الكمية إلى تغيرات نوعية يعود أصلاً للفيلسوف الأيوني : أناكسيمينس ( حوالي : 585 - 528 ق . م . ) ، أوصله إلينا أرسطو (حوالي : 384-322 ق . م .) ، و ليس فيثاغورس الساموي ( حوالي : 570 - 495 ق . م . ) . و عندما ننسب القانونين الأخيرين لهيراقليطس و أناكسيمينس ، فأننا نعتمد هنا على ما هو متوفر من وثائق التاريخ المكتوب التي وصلت إلينا . و لكن الأمر المؤكد هو أن البشر قد عرفوا شيئاً أو أشياء منها منذ أقدم الأزمان ، مثلما يبين بوضوح الأستاذ فواز فرحان المحترم ، و مثلما سيتبين لاحقاً .
إذن ، فجملة الرفيق الكبير الأستاذ حسقيل قوجمان : " فالديالكتيك علم خاص مستقل عن الماركسية وعن ماركس وقد اكتشفه هيغل قبل نشوء ماركس كمفكر" هي جملة صحيحة و دقيقة كل الصحة و الدقة ، مثل هي كل بقية جمله في ذلك المقال ، لكونها تتكلم هنا بالضبط عن "علم الديالكتيك" ، و ليس الديالكتيك كمفاهيم مبعثرة .
هل نستطيع أن نتكلم عن الديالكتيك الماركسي ؟ نعم ، بالتأكيد ؛ و لكنه ليس سوى الديالكتيك الهيجلي ذاته منزوعة منه قشرته المثالية . هذا الموضوع يعيدنا إلى البنية المنطقية لنموذج تحليل الواقع ( الطبيعة ، المجتمع ، التاريخ ) من حيث هي علم . علم الديالكتيك الهيجلي صرح هائل منظم في تسلسل منطقي لازب . وفقاً لهذا النموذج ، فإن الأفكار ( يسميها هيجل : الفكرة المطلقة ؛ الروح ) تمثل الجذر الذي تنبت منه مفاهيم العدالة و الحقيقة و الدين و الخير .. إلخ . ومن هذا الجذر ينبت جذع الدولة الذي يرعى وجود الفرد في المجتمع الذي هو بمثابة أوراق و أغصان و ثمار جذع الشجرة هذه . بنية هذه الشجرة نجدها مقلوبة عند ماركس . الجذر عند ماركس ليس هو الفكرة المطلقة ( و هي مفهوم مثالي ) ، بل هي علاقات الإنتاج السائدة في المجتمع ( و هي مفهوم مادي = البنية التحتية لماركس ) ، و الجذع المنبثق من هذه الجذور هو الطبقة الإجتماعية السائدة إقتصادياً-سياسياً في ذلك المجتمع ، و هذا المجتمع هو الذي ينتج الأوراق و الأغصان و الثمار لهذه الشجرة بهيأة الأفكار ( القانون ، الحقيقة ، الدين ، السياسة ، إلخ = البنية الفوقية عند ماركس ) التي عادة ما تخدم مصلحة الطبقة الإجتماعية المهيمنة . في إستعارة الشجرة هذه ، فإن البنية الفوقية لدى ماركس ( أي الأفكار ) هي البنية التحتية لدى هيجل . و إذا ما استعضنا عن إستعارة الشجرة بجسم الإنسان ، فإن هذا الإنسان يقف في النموذج الهيجلي على رأسه ، لكون الأفكار عند الإنسان مركزها الرأس . أما في النموذج الماركسي ، فإن الديالكتيك يستعيد وضعه الإعتيادي واقفاً على قدميه على أرض صلبة ( البنية التحتية = علاقات الإنتاج ) و رأسه مرفوع ، لأن الأفكار هي البناء الفوقي طبقاً لماركس . هذا الإختلاف الجوهري غاية في الأهمية ، لأنه يكسب الديالكتيك طابعه المادي ، فيحوله إلى سلاح ماض في يد الطبقات الإجتماعية الثورية تحقيقاً لوظيفة الفلسفة في تغيير المجتمع ، بدلاً من أن يكرس هيمنة الدولة عند هيجل . إذن فالديالكتيك الماركسي هو نفسه الديالكتيك الهيجلي و لكن بعد اكسابه أساساً مادياً . و هذا ما توكده جملة الرفيق الكبير الأستاذ حسقيل قوجمان : " فالديالكتيك ليس علما اكتشفه ماركس لكي يكون علما ماركسيا ولكن ماركس استخدمه بعد ان حوله من المثالية الى علم مادي دليلا للعمل ".
نصل الأن إلى مقولة الأستاذ فواز فرحان المحترم : أن الديالكتيك " يعود الى عهد الحضارتين السومرية واليهودية في منطقة الشرق الأوسط " . لدينا هنا الموازنة بين الحضارتين القديمتين : السومرية و اليهودية . هذه الجملة تشبه جملة من يقول : " أما من إستكشف الفضاء الخارجي ، فهم كل من رائدي الفضاء : گگـارين ، و ""الأمير"" سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ! "
لماذا ؟ لأنه - في أي منجز حضاري- تاريخي - فإن من الظلم الموازنة بين الحضارتين السومرية و اليهودية ، لا في العمق و لا في الطول و لا في العرض و لا في الزمان و لا في الإشعاع . هذا الظلم يطال هنا كلاً من السومريين و اليهود على حد سواء . لا يختلف إثنان الآن أن التاريخ - حسبما يقول لنا صموئيل نوح كريمر - إنما يبدأ في سومر ، و ليس في مكان غيره تأسست دولته بعد السومريين بأربعة آلاف سنة في الأقل . السومريون هم الشعب العراقي القديم الذي منح البشرية : العجلة و المحراث و المسحاة و الزورق و بيوت البردي و الطين و الزقورة و حساب السنة و الشهر و الأسبوع و أيام السبوت و التنور و النظام الستيني الذي نستعمله في الهندسة و الساعات و دائرة البروج و الكتابة و أول المعابد و الأمراء و الملوك و دويلات المدن و البرلمانات و الأديان و الشرائع و الملاحم و الأغاني و البيرة و عيد راس السنة وووو التي طبعت بميسمها كل حضارات العالم القديم و الجديد بلا إستثناء . أي أن الحضارة قد إنتقلت من وادي الرافدين إلى العالم أجمع ، بضمنها فلسطين ، و ليس العكس ، على الأقل لأن النبي إبراهيم العراقي هو الذي نقل الديانة التوحيدية من منشئها في العراق إلى فلسطين مثلما يعترف بذلك صراحة العهد القديم . كما أن العديد من قصص أسفار هذا العهد - من قصص التكوين و الطوفان إلى نشيد الإنشاد - منقولة بالمقلوب من التراث السومري-الأكدي لكون أغلب أسفار التوراة قد كتبت في بابل . و من الثابت تاريخياً الآن أن السومريون كانوا أصحاب ذهنية مادية تقدمية خلاقة ، في حين أن الحضارة اليهودية - المتأخرة جداً عنها و المنعزلة - كانت مغرقة في المثالية و لا ديالكتية . أين هو وجه المزاوجة بين الحضارتين قدر تعلق الأمر بالديالكتيك ؟
يرجى المقارنة بين تواريخ نشأة هاتين الحضارتين :
أ . تاريخ قيام العصرين الأوليين للحضارة السومرية
عصر العُبَيد السومري : 5300 - 4100 ق. م .
عصر أوروك السومري : 4100 - 2900 ق . م . ( إسم العراق أصله : أوروك )
ب. تاريخ قيام الحضارة اليهودية
مملكة إسرائيل ( الموحدة ) : 1020-931 ق . م .

طيب ، ماذا عن الحضارات : الأكدية و الفرعونية و البابلية و الآرامية و الإبلية و الأوغاريتية و السبأية و المعينية و هرابا و موهنجو دارو ، و كلها أقدم و أعظم في كل شي من الحضارة اليهودية ؟ لماذا لا يذكرها الأستاذ فواز فرحان المحترم ؟ لماذا يقفز مباشرة من السومريين إلى اليهود عابراً أربعة آلاف سنة من عمر الحضارات المجيدة الأخرى بقفزة واحدة ؟

هذه الطريقة غير المنتجة في المزاوجة التاريخية تبين أن الأستاذ فواز فرحان المحترم غير مهتم بوجوب أن تكون المزاوجة معقودة بين النظائر المتماثلة و المتعالقة ( و من المحبذ أن تكون معاصرة ) لكي يكون لها معنى يُمكن أن يُبني عليه للإستدلال و الإستخلاص ، و ليس بين الأبعدين ( السومريون و اليهود ؛ ماركس و آينشتاين ! ) . سأعود لاحقاً لهذا الموضوع .
قصة الخلق السومرية البابلية و اليهودية
و لكن هل حقاً أن أحبار اليهود كانوا من ذوي الذهنية الديالكتية مثل السومريين و البابليين القدماء ، مثلما يزعم الأستاذ فواز فرحان المحترم ؟ العكس بالضبط هو الصحيح . لنقارن - مثلاً - كيف يشرح لنا السومريون و البابليون من جهة ، و الأحبار اليهود من جهة أخرى ، خلق الكون في قصة الخلق السومرية البابلية : " حينما في العلا " ، و في الإصحاح الأول من سفر التكوين .
أ. قصة الخلق السومرية-البابلية
إينمّا عيلش ( حينما في العلا ) ( أو : رُقُم الخَلْق السبعة )
الملحمة الشعرية السومرية البابلية - المعروفة بالإسم أعلاه نسبة إلى مستهلها - تستغرق متن سبعة رقم طينية ( لاحظ عزيزي القاريء رمزية الرقم " سبعة " هنا ) ، و التي يتجاوز عدد أبياتها الألف بيت ، لذا سأكتفي بتقديم ملخص القصة من : (Joshua J. Mark, 2011) [ الأقواس من عندي ] :
" في البدء ، لم تكن توجد سوى فوضى المياه الدوّامة . و منها ظهر الماء الحلو : الإله أبسو ؛ و الماء المالح : الإلهة تيامة ( تعّامة ؛ تيهامة ) . بعد تميزهما ، أدى الزواج بينهما إلى خلق آلهة أصغر . و لكن هذه الآلهة الأصغر كانت صخابة جداً ، مما أدى إلى إزعاج [ أبيهم ] أبسو في نومه ، و إشغاله عن أعماله في النهار ؛ فينصحه مستشاره "ممو" [ و يمثل : الضباب البخاري الحائم فوق المياه ] بقتل الآلهة الأصغر . و عندما تسمع أمهم تعامة بذلك ، فأنها تحذر إبنها الأكبر من إقتراف ذلك . و لكن إنكي ( أحياناً : إيا ) [ الذي يسمع بخطة أبسو ] يقتل جده أبسو ، و يصنع من جسده بيتاً له ، فتستشيط تعامة غضباً لقتل زوجها ، و تستشير إبنها الآخر [ و زوجها الجديد ] الإله قوينغو ، الذي يشير عليها بإعلان الحرب على الآلهة الأصغر . تكافيء تعامة قوينغو بإعطائه رُقُم المصائر التي تقنون حكم الآله و تقرر المصائر ، فيرتديها بفخار على صدره . ثم تستدعي تعامة قوى الفوضى ، و تخلق منها أحد عشر وحشاً رهيباً لتدمير أولادها .
يقاتل إيا و إنكي ، و معهما الآلهة الأصغر ، أمهم تعامة عبثاً ، حتى يظهر البطل مردوخ [ إبن إيا من زوجته دمكينا ] الذي يُقْسم على دحر جدته تعامة ، فيأسر [ عمّه ] قوينغو ، و يقتل تعامة برميها بالسهم الذي يشطرها إلى نصفين . ثم يصنع من عينيها نهري دجلة و الفرات ، و من نصفيها السماوات و الأرض ، و يعين للآلهة واجباتها المتنوعة [ النجوم و الشموس و الأقمار ] ، و يشد وثاق وحوش تعامة الأحدى عشر بقدميه كنياشين ، قبل وضعه صورهم في بيته الجديد . كما أنه يسلب رُقُم المصير من قوينغو ، فيشرعن سيادته [ على كل مجمع الآلهة ] .
و بعد إختتام الآلهة مدحه على إنتصاره الكبير ، و على الفن في خلقه ، يشاور مردوخ الإله إيا (إله الحكمة) ، و يقرر خلق البشر من بقايا ذلك الإله الذي حرَّض تعامة على الحرب . تقرر الألهة أن قوينغو مذنباً بذلك ، فيُعدم ، و من دمه يخلق إيا الأنسان الأول : " لوللو " [ أي : الأول ] ليساعد الآلهة بمهمتها الدائمية في إبعاد الفوضى ....
إنتهى ملخص قصة الخلق البابلية
ملاحظة : الأصل البابلي الشعري لقصة الخلق أعلاه كانت يتلي على مسامع البابليين في كل عيد رأس السنة (عيد الأكيتو) الذي يستمر (12) يوماً ( و أصله عيد حصاد الشعير السومري ، 20آذار - 1 نيسان ( قارن : عيد النيروز )) وسط طقوس درامية ملكية-دينية معقدة تنطلق من الإيمان الشعبي بمبدأ التجدد السنوي للصراع .
ب . قصة الخلق في العهد القديم
سفر التكوين ؛ الإصحاح 1
1 في البدء خلق الله السموات والارض. 2 وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه. 3 وقال الله ليكن نور فكان نور. 4 وراى الله النور انه حسن.وفصل الله بين النور والظلمة. 5 ودعا الله النور نهارا والظلمة دعاها ليلا.وكان مساء وكان صباح يوما واحدا 6 وقال الله ليكن جلد في وسط المياه.وليكن فاصلا بين مياه ومياه. 7 فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد.وكان كذلك. 8 ودعا الله الجلد سماء.وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا 9 وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء الى مكان واحد ولتظهر اليابسة.وكان كذلك. 10 ودعا الله اليابسة ارضا.ومجتمع المياه دعاه بحارا.وراى الله ذلك انه حسن. 11 وقال الله لتنبت الارض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الارض.وكان كذلك. 12 فاخرجت الارض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه.وراى الله ذلك انه حسن. 13 وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا 14 وقال الله لتكن انوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل.وتكون لايات واوقات وايام وسنين. 15وتكون انوارا في جلد السماء لتنير على الارض.وكان كذلك. 16 فعمل الله النورين العظيمين.النور الاكبر لحكم النهار والنور الاصغر لحكم الليل.والنجوم. 17 وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الارض 18 ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النور والظلمة.وراى الله ذلك انه حسن. 19 وكان مساء وكان صباح يوما رابعا 20 وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الارض على وجه جلد السماء. 21فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الانفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كاجناسها وكل طائر ذي جناح كجنسه.وراى الله ذلك انه حسن. 22 وباركها الله قائلا اثمري واكثري واملاي المياه في البحار.وليكثر الطير على الارض. 23 وكان مساء وكان صباح يوما خامسا 24 وقال الله لتخرج الارض ذوات انفس حية كجنسها.بهائم ودبابات ووحوش ارض كاجناسها.وكان كذلك. 25 فعمل الله وحوش الارض كاجناسها والبهائم كاجناسها وجميع دبابات الارض كاجناسها.وراى الله ذلك انه حسن. 26 وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا.فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض. 27 فخلق الله الانسان على صورته.على صورة الله خلقه.ذكرا وانثى خلقهم. 28 وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض واخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الارض. 29 وقال الله اني قد اعطيتكم كل بقل يبزر بزرا على وجه كل الارض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزرا.لكم يكون طعاما. 30ولكل حيوان الارض وكل طير السماء وكل دبابة على الارض فيها نفس حية اعطيت كل عشب اخضر طعاما.وكان كذلك 31 وراى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا.وكان مساء وكان صباح يوما سادسا..
إنتهى نص العهد القديم

عندما نقارب قصة الخلق عند أحبار اليهود مع قصة الخلق البابلية ، نكتشف حالاً الفرق الهائل الكائن بين الفكر المادي الديالكتي الخلاق للسومريين و الفكر المثالي اليبسوي للعبرانيين . في الأصحاح الأول ، يحافظ الأحبار اليهود على التسلسل السومري المنقول للخلق ، و لكن ليس إلا بعد تجريدهم له من كل محتواه المادي ، و إلغائهم كل الصراع ، و جعل كل شيء يتم خلقه من طرف الرب من لا شيء ، حسب مشيئته ، على قاعدة : كُن ، فيكون . أما في القصة البابلية ، فنعثر على إشتغال كل قوانين الديالكتيك المادي . فلدينا أولاً الأصل المادي لكل الحياة على وجه الأرض ، ألا و هو : الماء . هذه الحقيقة هي ثابتة الآن علمياً و تاريخياً . كما إن لدينا فيها إشتغال سيرورة وحدة و صراع الأضداد بين الآلهة القديمة الخاملة ( الرجعية ) و الآلهة الأصغر الحيوية ( التقدمية ) . هذا الصراع ينتهي بإنهاء الوضع القديم بخلق وضع جديد عن طريق قتل الآلهة الجديدة للآلهة القديمة ( نفي النفي ) ، و كل ذلك يحصل بفضل التراكم الكمّي في صفوف الآلهة الأصغر بفعل ولادة بطلها الجديد الإله مردوخ . و النظام الجديد لا ينبني إلا على أشلاء النظام القديم المدمر كلياً . إذن ، بنية هذه القصة السومرية البابلية العبقرية تشتغل عبر إكتشاف مؤلفها و تفعيله لكل قوانين الديالكتيك الثلاثة على نحو درامي بديع . كما أنها تروي قصة ولادة و موت مرحلة المشاعية البدائية الثابتة تاريخياً ( مقتل تعامة ) إثر سيادة المجتمع الرجولي ( سيادة مردوخ على مجمع الآلهة ) . و فوق كل ذلك ، فأنها تقدم مؤشراً واضحاً للأصل البشري للآلهة المصورة لنا و هي تشتغل و تنام و تتزوج و تنجب و تتخاصم و تموت و تخلف بعضها بعضاً مثل كل البشر . و أخيراً ، فأن طقس تلاوة هذه القصة سنوياً على مسامع البابليين في عيد راس السنة يوضح أيمانهم بالتجدد السنوي للصراع بفعل الإستمرارية الدورية لإشتغال قوانين الديالكتيك السابقة . لم ينتج أي شعب آخر أي قصة تجمع شعرياً بين كل أوجه التجلي للواقع و الطبيعة و التاريخ مادياً ديالكتياً مثل هذه القصة السومرية البابلية العظيمة .
كيف إذن ، إزاء كل هذه الأدلة النصية القاطعة المتقاطعة ، يقول لنا الإستاذ فواز فرحان المحترم : " أن الديالكتيك يعود الى عهد الحضارتين السومرية واليهودية في منطقة الشرق الأوسط " ؟ لمن يعود الديالكتيك : للحضارة السومرية ، أم اليهودية ؟

يتبع لطفاً .
بابل ، 30 / 7 / 2014



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 1 - 5
- كيف حرر - الحوار المتمدن - المؤلف ؟
- العبقري آينشتاين يجيب : لماذا الإشتراكية ؟
- نمط الإنتاج الأنديزي : ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إن ...
- الفقيد عالم سبيط النيلي و اللغة الموحدة : المنهج و النتائج
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 3 - الأخيرة
- أم آسيا
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 2
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 5
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 4
- حكاية الكلب المثقف :- سربوت -
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 1
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 3
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 2
- كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 1
- هيجل و رَسْل : الأسد يُعرف من فكيه
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك / 2 و ...
- حكاية الطَّبْر و الهَبْر
- الفتى صالح و السبحة الكهرب
- عودة إلى خرافات يعقوب إبراهامي بشأن قوانين الديالكتيك /1


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5