أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - العالم يسمعنا الآن ..














المزيد.....

العالم يسمعنا الآن ..


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


العالم يسمعنا الآن

يحل العيد بفرحة تنطوى على معان كثيرة مبهجة. لكن الشعور بتلك السعادة الغامرة القديمة ليس سهلا حين نوغل في العمر ونكون قد فارقنا في زمن بعيد زهرة الطفولة الملونة بالبراءة. حينذاك كنا نثق في كل شيء، نصدق الأساطير، ونعتقد أن القمر يسبح في بركة السماء المعتمة فقط لنشعر بحب البنات على نوره، وأنه قد ينطفى إذا انطفأ الحب في قلوبنا. لم يكن ثمت شيء مستحيل ولا ثمت سقف للأحلام، ولا حدود لثقتنا في العالم والناس. كان الكون كله لنا، تفاحة، نشبع منها، نرفعها شمسا، نشقها نهرا، نشكلها في الصورة التي نريد، نضعها في جيوبنا ونتجول بها في الشوارع بزهو ومرح سعداء. في الثانية عشرة من عمري كنت قد كتبت أعلى كل أبواب شقتنا عبارة جوركي الشهيرة " جئت إلي هذا العالم لكي أختلف معه". كانت لدي ثقة أن باستطاعتي تغيير العالم، ولم أكن أعرف أن فهم العالم مهمة أكثر مشقة من الاختلاف معه! حينذاك كنت أشعر بفرحة العيدية التي أتلقاها من عمتي فتحية، وكانت تنفح كل ولد وكل بنت منا جنيها مصريا كاملا ذلك عام 1960 وكان الجنيه أيامها ثروة! نجتمع ونذهب في المساء إلي سينما ستار الصيفي المجاورة. كان عددنا كبيرا نحو عشرة أولاد أو أكثر. نتقدم إلي مدخل السينما في طابور كأنه إعلان عن انتصار عسكري. نقف عند الشباك ونشترى التذكرة بثلاثة قروش. يفسحون لنا الطريق إلي الصالة. ندخل ونشغل صفا كاملا تقريبا أمام الشاشة. وكان العاملون في السينما يعرفوننا فكانوا يغضون النظر عن ممنوعات كثيرة في مقدمتها أرغفة الخبز وحلة الملوخية التي كنا نأخذها معنا من دون أن نحرص حتى على مدارتها. نضع الحلة أمامنا على الأرض، ويبدأ الفيلم، ونشرع نحن في الأكل بأفواه شرهة وأعين مدهوشة من أحداث الفيلم وما يقوم به الشجيع. ذات ليلة اقترب منا أحد العاملين وسألنا وهو محرج" مش ممكن تجيبوا معاكم سندويتشات بدل الملوخية دي؟!". فأجابته أصغر أخواتي بحزم وكبرياء بنات الذوات " لاء . إحنا متعودين على الملوخية"! في سن الرابعة عشرة وقعت أنا وأخي الأكبر في غرام أختين جميلتين من أسرة تسكن الشارع المجاور. فكنا نهبط معا بعد منتصف الليل والدنيا هدوء نسير إلي أن نقف أسفل عمارة الأختين. نتطلع إلي الطابق الثالث ويصيح أخي بعلو صوته بثقة" العالم يسمعنا الآن"! فتطل علينا الجميلتان من الشرفة ! فنضرب الأرض بأقدامنا ونرفع رأسينا بفخر سعيدين لأن العالم يسمعنا كلما شئنا ذلك. ثم كبرنا، وشيئا فشيئا التهمت الشكوك والحذر والتساؤلات تلك الزهرة الملونة بالثقة والبراءة ولم يعد يفوح في الروح عطر الثقة في القدرة على صنع المستحيل. أصبحنا نعلم أن القمر سيواص سباحته كل ليلة في بركة السماء المعتمة سواء أكنا نعشق أو لا نعشق. شيئا فشيئا تعلمنا أن العالم لا يسمعنا، والأكثر مرارة أننا عرفنا أن العالم حتى حينذاك ونحن صغار لم يكن ينصت إلينا. وحينما تبددت الطفولة من بين أيادينا أمسى من الصعوبة بمكان أن نشعر بتلك السعادة التي كانت تلهب نفوسنا بنار العشق والأحلام والفروسية. لا أحد يسمعنا ولم يكن أحد يسمعنا من قبل ونحن نخبط الأرض بأقدامنا تحت شرفة الجميلتين. مع ذلك لابد أن نثق إلي أقصى درجة، إلي مالا نهاية، أن العالم لا يفعل شيئا سوى الانصات إلي أصواتنا وهي تشق الليل إلي الفضاء! بهذا الإيمان فقط سوف نستعيد نظرة الثقة والبراءة ونقول لبعضنا البعض من صميم القلب" عيد سعيد"!



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس .. أم فلسطين ؟!
- إفطار رمضاني في معبد
- بالميرو - قصة قصيرة
- أدباء من معسكر القتلة .. على سالم ونصار عبد الله
- وحشة - قصة قصيرة
- التحرش بالنساء في مصر
- مهام صعبة أمام السيسي والمعارضة
- الثقافة والرئاسة في مصر
- البربشة الفكرية للأحزاب السياسية المصرية
- الأخلاقي وغير الأخلاقي في الفن
- تحليل المشاعر بالطريقة الأمريكية !
- أطلع لك القمر .. كل تقدمنا العلمي !
- سماء مفقودة - قصة قصيرة
- النوبة موقفان في السياسة والأدب
- اللعب بورقة النوبة
- المركز النومي للترجمة بالقاهرة !
- تكذيب من أحمد الخميسي لما نشرته بوابة نيوز على لسانه
- نادين شمس والموت المتجول !
- أما زلنا نسجن الأدباء ؟
- حرب باردة على القرم الدافيء


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - العالم يسمعنا الآن ..