الجغرافية العامة لمصر

محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 01:27
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

الجغرافية، كعِلم اجتماعى، عِلم إنسانى أصيل، بكل ما تحتويه كلمة الإنسانية من معنى. وكما يتطور الإنسان... وتتطور المجتمعات... تتطور الجغرافية. تتطور كعِلم منشغل بتحليل عناصر المكان، وتطور هذه العناصر عبر حركة التاريخ البطيئة والعظيمة... وابتداءً من فهم الجغرافية، ككائن حى، نتمكن من فهم، بوعى، باقى فروع المعرفة الإجتماعية، والواقع الإنسانى بتفاصيله كافة، بل نعى شكل الحياة التى نعيشها، وتطورات الحياة المحيطة بنا، وتغيراتها عبر الزمن. ابتداءً من تلك المقدمات، التى نؤمن بها، نتجه، وفق مراحلنا الفكرية فى البحث، نحو البحث فى جغرافية مصر، ثم إيران، بغرض الإحاطة بجميع أركان فرضية عملية تسرب القيمة الزائدة المنتَجة بفضل سواعد الشغيلة على أرض مصر، ثم إيران. وإنما ابتداءً من وعينا بكون مصر أحد الأجزاء المتخلفة من النظام الرأسمالى العالمى المعاصر.

ذكر ياقوت الحموى، فى معجم البلدان:"مصر: سميت مصر بمصر بن مصرايم بن حام بن نوح، عليه السلام، وهى من فتوح عمرو بن العاص فى أيام عمر بن الخطاب"(29) وعند ابن إياس" قال ابن عبد الحكم: أول من سكن مصر بعد الطوفان، مصريم بن بيصر بن حام بن نوح، عليه السلام، وبه سميت مصر، ومصريم هذا هو أبو القبط"(30) أما اليعقوبى فى تاريخه، فله رأى مختلف. مختلف حتى عن رواية التوراة، فهو يقول:"وكان بيصر بن حام بن نوح، لما خرج من بابل بولده وأهل بيته، وكانوا ثلاثين نفساً، أربعة أولاد له، وهم: مصر، وفارق، وماح، وياح ونساؤهم، وأولادهم قد سار بهم إلى منف، وكان بيصر قد كبر وضعف، وكان مصر أكبر ولده وأحبهم إليه، فاستخلفه. وأوصاه بإخوته، واقتطع مصر لنفسه وولده، مسيرة شهرين من أربعة أوجه، وكان منتهى ذلك من الشجرتين بين رفح والعريش إلى أسوان طولاً، ومن برقة إلى ايلة عرضا".(31) أى أن اليعقوبى يجعل بيصر بين مصر وحام. فى حين أن التوراة لم تذكر بيصر، وإنما ذكرت أن مصرايم هو بن حام مباشرة. وقد أخذ ابن الأثير بهذا التسلسل:"وأما حام فولد له كوش ومصرايم وقوط وكنعان، فمن ولد كوش نمرود بن كوش، وقيل: هو من ولد سام، وصارت بقية ولد حام باسواحل من النوبة والحبشة والزنج، ويقال: إن مصرايم ولد القبط والبربر"(32). فأبناء حام هم: كوش ومصرايم وقوط وكنعان. ومصرايم فى العبرية، كما ذهب تادرس يعقوب(33)، تعنى المثنى، لذا ظن البعض أنها دعيت هكذا بسبب وجود الوجه القبلى والوجه البحرى، أو لأن نهر النيل يقسمها إلى ضفة شرقية وأخرى غربية، لكن الرأى الراجح انها دعيت مصر بالعربية عن العبرية نسبة إلى مصرايم حيث سكن هو وولده.
وعلى العموم فحينما فتح الجيش الإسلامى مصر، فى القرن السابع الميلادى، كتب قائد الجيش عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب، رسالة يصف فيها أرض مصر وتربتها ومناخها ونيلها والنشاط الزراعى بها وحال فلاحيها؛ فكتب:" اعلم يا أمير المؤمنين أن مصر تربة غبراء، وشجرة خضراء، طولها شهر، وعرضها عشر، يكتنفها جبلٌ أغبر، ورملٌ أعفر، يَخُطُّ وَسَطَا نهرٌ مبارك الغَدَوَات ميمون الرَّوْحات، يَجرى بالزيادة والنقصان كجَرى الشمس والقمر له أوانٌ، يدرُّ حلابه، ويَكْثُر عجاجه، وتَعْظم أمواجُه، فتقيض على الجانبين، فلا يمكن التخلص من القرى بعضها إلى بعضٍ إلا فى صِفار المراكب، وخفاف القوارب، وزوارقَ كأنهنَّ المخايل، أو ورُرْقُ الأصائل، فإذا تكامل فى زيادته نَكَصَ على عقبه كأول ما بدأ فى جريته وطَمَا فى درته، فعند ذلك تَخْرُج مِلّةٌ محقورة يَحْرُثون بطون الأرض، ويبذرون بها الحَبَّ، يرْجُون بذلك النماءَ من الرَّب، لَقِيهم ما سَعوْا من كَدّهم، فناله عنهم أناسٌ بغير جِدهم، فإذا أشرق الزرعُ وأشرف سقاه النّدى، وغَذّاه من تحته الثّرى، فبينما مصرُ يا أمير المؤمنين لؤلؤةٌ بيضاء فإذا بها عنبرة سوداء، فإذا هى زُمُرُّدَة خضراء، فإذا بها دِيباجةٌ رقشاء، فتبارك الله الخالقُ لما يشاء".(34)
هكذا وصف مصر القائد القادم من قلب الصحراء العربية، ولا شك أن هذا الوصف، وهذا الإندهاش، كانا لهما ما يبررهما فى ذهن هذا القائد، بل وفى ذهن جيشه الأتى معه من صحراء شبه الجزيرة العربية. فلقد وجد الجيش الغازى حضارة راقية تضرب بجذورها فى ماض مجيد. وجد حضارة مستقرة، لا تعرف قانون الغزوة السائد فى الصحراء. وجد الفنون، والعمارة، والزراعة، والحياة اليومية المدنية المنظمة. وجد التدرج الاجتماعى واضحاً، والدين السماوي سائداً، والتشريعات القانونية ناضجة... ولسوف نبحث لاحقاً، فى الفصل التالى، فى مظاهر تلك الحضارة وتطورها.
2- الموقع الجغرافى(35)
تقع جمهورية مصر العربية فى الشمال الشرقى من قارة أفريقيا، ولديها امتداد فى قارة آسيا؛ حيث تقع شبه جزيرة سيناء. وتبلغ مساحة مصر الكلية حوالى مليونكم2، والمساحة المأهولة تبلغ 78990كم2، بنسبة 7.8% من المساحة الكلية.
ويحد جمهورية مصر العربية من الشمال البحر الأبيض المتوسط (بحر الروم قديماً) بساحل يبلغ طوله 995كم2، ويحدها شرقاً البحر الأحمر(بحر القلزم قديماً) بساحل يبلغ طوله 1941كم2، ويحدها فى الشمال الشرقى فلسطين، والكيان الصهيونى، بطول 265كم2، ويحدها من الغرب ليبيا على امتداد خط بطول 1115كم2، كما يحدها جنوباً السودان بطول 1280كم2.
3- الأقاليم الطبيعية
تقسم جمهورية مصر العربية إلى أربعة أقاليم طبيعية رئيسية هى:
(أ) إقليم وادى النيل والدلتا: وتبلغ مساحة هذا الإقليم نحو 40.000كم2. وهو يمثل نحو 4% من إجمالى مساحة مصر. يبدأ وادى النيل جنوباً من شمال وادى حلفا حتى البحر الأبيض المتوسط؛ وينقسم إلى قسمين: الأول من مصر العليا إلى جنوب القاهرة، والثانى من شمال القاهرة حتى البحر الأبيض المتوسط. ويمتد نهر النيل (1532كم2) من الحدود المصرية جنوباً إلى مصبيه فى البحر المتوسط شمالاً. ويتفرع نهر النيل عقب خروجه من القاهرة، فى طريقه إلى البحر المتوسط، إلى فرعين رئيسيين هما فرع رشيد وفرع دمياط، وهما يحصران بينهما مثلث الدلتا الذى يعد، بطبيعة حاله، من أخصب الأراضى الزراعية.
(ب) إقليم الصحراء الغربية: تبلغ مساحة الصحراء الغربية حوالى 680.000كم2، أى حوالى 68% من المساحة الكلية للبلاد، وهى تمتد من وادى النيل شرقاً حتى الحدود الليبية غرباً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً حتى الحدود مع السودان جنوباً. وينقسم الإقليم إلى قسمين: الأول هو القسم الشمالى ويشمل السهل الساحلى والهضبة الشمالية (الهضبة الليبية) ومنطقة المنخفضات العظمى، والتى تضم واحة سيوة ومنخفض القطارة ووادى النطرون والواحات البحرية. أما القسم الثانى، وهو القسم الجنوبى، فهو يشمل واحات الفرافرة والخارجة والداخلة، وفى أقصى الجنوب هضبة الجلف الكبير.
(ج) إقليم الصحراء الشرقية: تبلغ مساحة الصحراء الشرقية حوالى 220.000كم2، وهى تمثل نحو 22% من مساحة مصر. وتمتد الصحراء الشرقية من وادى النيل غرباً إلى البحر الأحمر وقناة السويس شرقاً، ومن بحيرة المنزلة على البحر المتوسط شمالاً حتى الحدود مع السودان جنوباً. وما يميز الصحراء الشرقية هو وجود المرتفعات الجبلية التى تطل على البحر الأحمر ويصل ارتفاع بعضها إلى حوالى 3000 قدم فوق سطح البحر.
(د) إقليم شبه جزيرة سيناء: تبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء حوالى 61.000كم2، أى 6% تقريباً من إجمالى مساحة البلاد، وهى تتخذ شكل هضبة مثلثة قاعدته على البحر الأبيض المتوسط، ورأسه جنوباً فى منطقة رأس محمد. ويحد الإقليم خليج العقبة من الشرق، وقناة السويس من الغرب. وينقسم إقليم شبه جزيرة سيناء إلى ثلاثة أقسام رئيسية: الأول هو القسم الجنوبى وهو منطقة شديدة الوعورة، وتتألف من جبال جرانيتة شاهقة الإرتفاع، منها جبل سانت كاترين الذى يصل ارتفاعه إلى 2640م فوق سطح البحر، ويعد أعلى قمة جبلية فى مصر. والقسم الأوسط هو منطقة الهضاب الوسطى، أو هضبة التيه(36)، وتنحدر أودية هذه الهضبة نحو البحر المتوسط انحداراً متدرجاً. وأخيراً نجد القسم الشمالى، وهو يضم المنطقة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط شمالاً وهضبة التيه جنوباً، وهو عبارة عن أرض منبسطة، وتكثر فيها موارد المياه الناتجة عن الأمطار التى تنحدر مياهها من المرتفعات الجنوبية وهضاب المنطقة الوسطى.
4- الأقاليم المناخية
وتقسم جمهورية مصر العربية إلى خمسة أقاليم مناخية هى:
(أ) إقليم الساحل الشمالى: ويمتد هذا الإقليم على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من الحدود الغربية لمصر حتى حدودها الشرقية وبعمق لا يتجاوز بضعة كيلو مترات إلى الداخل، إذ بمجرد الابتعاد عن ساحل البحر الأبيض المتوسط تتغير الصورة المناخية تغيراً أساسياً من حيث درجات الحرارة والمطر والرطوبة. ويتميز هذا الإقليم بأنه، نسبياً، أكثر أقاليم مصر مطراً، كما يتميز هذا الإقليم باعتدال درجات الحرارة فيه وبصفة خاصة فى فصل الصيف. وعلى الرغم من التجانس المناخى الذى يتميز به الإقليم إلا أنه يمكن تقسيمه، من ناحية المطر بالذات، إلى ثلاثة أقسام: القسم الغربى من الإسكندرية غرباً حتى الحدود الغربية، وهذا القسم هو أكثر أجزاء الساحل الشمالى مطراً. والقسم الأوسط الممتد من شرق الإسكندرية حتى غرب العريش وتمثله مدينة بورسعيد وهو أقل الأقسام مطراً. والقسم الثالث هو القسم الشرقى الذى تمثله العريش ورفح وهنا تزداد كميات المطر مرة أخرى.
(ب) إقليم الدلتا: ويقع هذا الإقليم إلى الجنوب من الإقليم الساحلى حتى خط عرض القاهرة ويشمل أيضاً الأجزاء الواقعة إلى الغرب وإلى الشرق من الدلتا حتى الحدود المصرية فى هذين الإتجاهين باستثناء مرتفعات شبه جزيرة سيناء. ويتميز هذا الإقليم بتوسطه فى درجات الحرارة بين إقليم الساحل الشمالى وبين الإقليم إلى الجنوب منه، وهو إقليم مصر الوسطى.
(ج) إقليم مرتفعات سيناء: ويشمل هذا الإقليم منطقة المرتفعات الوسطى فى شبه جزيرة سيناء. ويختلف المناخ فى هذا الإقليم من حيث درجات الحرارة وكميات المطر عن بقية أجزاء سيناء بسبب عامل الارتفاع الذى يقلل من درجات الحرارة سواء فى فصل الشتاء أو فى فصل الصيف.
(د) إقليم مصر الوسطى: ويقع هذا الإقليم بين مدينة القاهرة ومدينة أسيوط، ويشمل الأجزاء الواقعة إلى الغرب من نهر النيل وحتى حدود مصر الغربية وإلى الشرق من النيل وحتى مرتفعات البحر الأحمر، ويتميز هذا الإقليم بمناخه الصحراوى المتطرف؛ فهو حار فى الصيف، كما أنه أبرد أقاليم مصر شتاءً.
(هـ) إقليم جنوب مصر: وهذا الإقليم يمتد من جنوب مدينة أسيوط حتى حدود مصر الجنوبية ويتجلى فى هذا الإقليم الجفاف على أشده حيث يكاد لا يسقط مطراً إلا نادراً وفى مرات أو سنوات متباعدة ويسود الهواء الجاف. فالأقليم مثال واضح للظروف الصحراوية. أما من حيث الحرارة فيتميز الإقليم بشتاء دافىء خاصة أثناء النهار، وصيف شديد الحرارة حيث ترتفع درجات الحرارة أثناء النهار فوق الأربعين.
5- النيل فى مصر(37)
ذكر ابن بطوطة النيل فقال:"... ونيل مصر يفضل أنهار الأرض عذوبة مذاق، واتساع قطر، وعظم منفعة، والمدن والقرى بضفتيه منتظمة ليس فى المعمور مثلها، ولا يُعلم نهر يُزرع عليه ما يزرع على النيل وليس فى الأرض نهر يسمى بحراً غيره. قال الله تعالى: فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم، فسماه يَماً، وهو البحر.... ومن عجائبه أن ابتداء زيادته فى شدة الحر عند نقص الأنهار وجفوفها، وابتداء نقصه حين زيادة الأنهر وفيضها...".(38) والمسعودى لا يرجع تسمية نهر النيل بحراً لأن القرآن قال ذلك، وإنما كعادته فى السببية التاريخية، فيقول:"وليس فى أنهار الدنيا نهر يسمى بحراً ويماً غير نيل مصر لكبره وإستبحاره"(39)
ويجرى النيل بين أسوان والبحر الأبيض المتوسط بانحدار يتراوح بين متر واحد لكل 15كم2 من المجرى عند منطقة قنا إلى متر واحد لكل 11.4كم2 عند منطقة بنى سويف ويقطع النهر مجراه خلال هذه الرحلة فى رواسبه التى بناها بنفسه وتكونت عاماً وراء آخر فى واديه وهى الرواسب التى انقطع وصولها بعد بناء السد العالى، ويتفرع النيل، كما ذكرنا، إلى الشمال من القاهرة إلى فرعى دمياط ورشيد اللذين يشقان دلتا النهر فى الوقت الحاضر، أما فى الماضى فقد كان للدلتا عدد أكبر من الفروع كان أقصاها شرقاً الفرع الذى يصب إلى الشرق من بورسعيد فى سيناء، كما كان أقصاها غرباً الفرع الذى كان يصب إلى الغرب من الإسكندرية.
ويمكن القول بأن نيل مصر ينفرد من بين جميع الأنهار بأنه استطاع أن يشق طريقه عبر الصحراء الكبرى لقرابة 2700كم2 فى أرض قاحلة دون أن تصله أية مياه، وهو الأمر الذى جعل كثير من العلماء، وفى مقدمتهم د. رشدى سعيد(40)، يبحثون عن سبب هذه الرحلة الفريدة التى أمكن فيها للنيل أن يصل إلى البحر بدلاً من أن يلقى بمياهه ورواسبه فى دلتا داخلية كما هو الحال فى الأنهار التى تجابهها ظروف مماثلة. ولكى يقدموا إفتراضات تتعلق جميعها ببنية النهر، بعد إفتراض تاريخ معين للنيل، وهم فى ذلك يواجهون صعوبات عديدة حال محاولتهم حل أسرار تاريخ النيل، وهى صعوبات تتعلق بعدم التمكن من تأريخ رواسب النهر تأريخاً مطلقاً. فباستثناء الرواسب الحديثة جداً فإن كل الرواسب القديمة الأخرى لا تحمل أية مواد قابلة للتأريخ بالطرق العلمية الحديثة (كالراديومتر). كما أنه لا توجد بها دلائل مادية قابلة للتأريخ يمكن عن طريقها إيجاد مواد معروفة التاريخ تصلح للرجوع إليها عند بناء تاريخ النهر. وتختلف رواسب النيل فى ذلك عن رواسب أفريقيا الشرقية وبلاد الشام التى تتخلل رواسب عصورها الحديثة فترات من النشاط البركانى الذى تحمل مواد قابلة للتأريخ المطلق(41) ومن ثم تظل جميع محاولات التأريخ المطلق للنهر العظيم، مجرد افتراضات.
وبشأن حصة مصر من مياه نهر النيل فلقد نصت الإتفاقية الأولى(42) بين مصر والسودان، عام 1929، على أن حقوق مصر المكتسبة من مياه نهر النيل، بعد أن كانت 40ب م3، أصبحت 48ب م3، وفى الوقت نفسه منحت السودان 4ب م3، وفى عام 1959 تم تعديل الأنصبة؛ فأصبح نصيب مصر 55.5ب م3، وأصبح نصيب السودان 18.5ب م3. وجُل تلك الاتفاقيات الآن محل مناقشة ومراجعة من قبل دول المنبع.
6- السكان
لا يعرف تحديداً عدد سكان مصر فى العصور التاريخية المختلفة التى مرت على البلاد، وكل ما لدينا يمكن القول بأنه نتاج توقعات، أما مقدّر على أساس الضرائب التى كانت تفرض على السكان، أو عدد القرى. وأقدم تقدير تقريبى للسكان هو ما نجده عند ديودور الصقلى للقرى والمدن المصرية القديمة ما بين عامى 60-57ق.م إذ قدر عدد سكان مصر بنحو سبعة ملايين نسمة. أهم تقدير لدينا، عن عدد السكان فى العصر الإسلامى، هو ما قدمه الوليد بن رفاعة الفهمى، إذ قام بإحصاء عدد القرى فوجدها عشرة آلاف قرية يسكنها ما يقرب من 14 مليون نسمة، ولا نجد فى عصرى العثمانيين أو المماليك تعداداً للسكان. ولم تعرف مصر التعداد السكانى الحديث إلا مع الحملة الفرنسية، فإن أول تقدير حديث لسكان مصر هو تقدير جومار، وهو أحد علماء الحملة الفرنسية عام 1800، وإستخلص من خلال طوافه ومساعديه بالقرى والمدن أن عدد سكان مصر هو 2.488.950 نسمة، ثم توالت تقديرات السكان إلى أن أجرى تعداد العام 1882، ثم تعداد العام 1897، بيد أن علماء جغرافية السكان يتشككون فى صحة هذه التقديرات(43).
وفى عصرنا الحالى، فعدد سكان مصر، وفقاً لأرقام 2013، يبلغ نحو83.6 مليون نسمة، والجدول التالى يوضح بعض محافظات مصر، التى يزيد عدد سكانها عن 3 مليون نسمة، والنسبة التى يشغلها السكان من المساحة الإجمالية لكل محافظة، وفقاً لأرقام 1/1/2013.
جدول المحافظات التى يزيد عدد سكانها عن 3 مليون نسمة،
والنسبة التى يشغلها السكان من المساحة الإجمالية لكل محافظة

المحافظة
عدد السكان المساحة التى يشغلها السكان (% من المساحة الإجمالية للمحافظة)
القاهرة 8.940 6.2
الجيزة 7.175 9.0
الشرقية 6.163 97.0
الدقهلية 5.668 100
البحيرة 5.481 45.5
القليوبية 4.881 95.6
المنيا 4.861 7.5
الإسكندرية 4.609 72.5
الغربية 4.538 100
سوهاج 4.354 15.2
أسيوط 4.008 12.3
المنوفية 3.795 97.3
كفر الشيخ 3.029 100
المصدر: الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء
وغير ما ورد فى الجدول أعلاه من محافظات، توجد باقى المحافظات، وأهمها: بورسعيد، والسويس، ودمياط، والإسماعيلية، وبنى سويف، والفيوم، وقنا، وأسوان، والأقصر، والبحر الأحمر، والوادى الجديد، ومطروح، وشمال سيناء، وجنوب سيناء. ويقل عدد السكان فى معظم هذه المحافظات عن مليونى نسمة.
ويمكن القول أن معدل الكثافة السكانية الكلية قد شهد ارتفاعاً ملحوظاً من عام 1996حتى عام 2013، إذ بعد أن كان 59.3% عام 1996 أصبح 59.6% عام 1997، و60.9% عام 1998، و71.2% عام 2006، و79.6% عام 2011، كى يصل إلى 83.9% عام 2013. والسبب الرئيسى بلا شك يكمن فى زيادة فى عدد السكان لا يصاحبها أية زيادة فى الأرض. بل أن الأرض نفسها تعانى فى بعض الأجزاء فى مصر ليس من التصحر فحسب، وإنما أيضاً من التآكل نتيجة العدوان العمرانى على الأرض. والجدول أدناه يوضح الكثافة السكانية الكلية وتطورها فى بداية الأعوام، فى الفترة من 1996 حتى 2013.

جدول يوضح تطور الكثافة السكانية الكلية (1996-2013)
السنة عدد السكان (بالمليون) الكثافة السكانية الكلية (نسمة/كم2)
1996 59.3 59.5
1999 62.7 62.2
2002 66.0 66.2
2005 70.0 70.2
2008 74.4 74.7
2009 76.1 76.4
2011 79.6 79.9
2012 81.6 81.9
2103 83.7 83.9
المصدر: الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء
7- النشاط الاقتصادى
وبسبب نقص الأراضى الزراعية(44)، وتزايد الضغط عليها، وارتفاع أثمانها، سواء فى الوادى أو الدلتا، فقد تعرضت الزراعة، والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها، إلى إتجاه أعداد كبيرة من المشتغلين بها إلى وظائف أخرى، فى الصناعة أو الخدمات، وبصفة خاصة فى المدن الكبيرة أو السياحية(القاهرة، والإسكندرية، والجيزة، والغردقة، وسفاجة، ودهب، وطابا، ونويبع، وشرم الشيخ) ولكن نتيجة لنقص التدريب والمهارة، عجزت فروع الصناعة والحرف المختلفة عن استيعاب الأعداد المتجهة إليها من الريف.
وفى الوقت الذى تقريباً كفت فيه فروع الصناعة، بل والخدمات، عن إستقبال أي عمالة جديدة، فإن القطاع الزراعى لم يزل فى أمس الحاجة إلى هذه السواعد، مع الأخذ فى الإعتبار الأثار المترتبة على ميكنة الزراعة، وإحلال الآلة محل قوة العمل البشرى.
وعلى الرغم من إتجاه المشتغلين ناحية الصناعة والخدمات، فإن النشاط الزراعى وما يلحق به من استغلال الغابات وقطع أشجار الأخشاب وصيد الأسماك، وعلى الرغم، أيضاً، من انخفاض نسبته من الهيكل الاقتصادى، إذ لا تتجاوز هذه النسبة 14.7%، وعلى الرغم من تدهور نسبة المشتغلين، فلم يزل النشاط الزراعى يحتفظ بأهمية نسبية، إذ يمارسه نحو 32% من المشتغلين وفقاً لأرقام 2012، بعد أن كانت هذه النسبة 55% فى العام 1965. والمؤشر العام يوضح مقدار التراجع بوجه عام فى نسبة المشتغلين فى القطاع الزراعى، ولقد تساوق هذا التراجع مع الزيادة المستمرة فى نسبة سكان الحضر إلى الزيادة فى سكان الريف، والتى أخذت فى التراجع مع أوائل القرن الحالى.
يلى النشاط الزراعى نشاط الإنشاءات، أى التشييد والبناء (وبصفة خاصة بعد ثورة يناير وغياب الأمن والقانون واستفادة الرساميل العقارية من ذلك بالتوسع فى البناء العشوائى دون تراخيص مبيحة لذلك) إذ يشتغل به نحو 12% من إجمالى المشتغلين. يليه نشاط الصناعات التحويلية بواقع 9.5%، أما التعليم فيعمل به نحو 9.1%. ويعد قطاع التعليم من أكبر قطاعات الحكومة التى يعمل بها أكبر عدد من المشتغلين، إذ تبلغ نسبة العاملين فى قطاع التعليم نحو36% من إجمالى عدد المشتغلين بالقطاع الحكومى.
أما مجالات الأنشطة العِلمية والمتخصصة فنجد أن هذا النشاط لا يشتغل به أكثر من 1.1% من إجمالى عدد المشتغلين. وسيكون هذا من طبائع الأشياء إذ ما علمنا أن نسبة صادرات مصر من المواد العالية التقنية من إجمالى الصادرات يساوى 0.5%. فى حين تبلغ هذه النسبة 3% فى زيمبابوى، و3% فى غانا، و5% فى نيكارجوا، و5% فى جنوب إفريقيا، و6% فى السلفادور، و7% فى بوليفيا، و10% فى كينيا، و12% فى أوغندا، و16% فى إندونيسيا.

#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات