أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في اوروبا















المزيد.....

سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في اوروبا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4525 - 2014 / 7 / 27 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن ما يسمى "اتفاقية يالطا" الموقعة من قبل "المنتصرين!" الكبار ستالين وروزفلت وتشرشل، كانت هي المرجعية الحقوقية ـ الستراتيجية (سياسيا وعسكريا) التي حكمت العلاقات بين المعسكرين السابقين (الشرقي والغربي) ولا سيما بين روسيا واميركا. وبالرغم من كل الاطوار الصعبة التي مرت بها "الحرب الباردة" السابقة بين المعسكرين الشرقي والغربي، فإن "اتفاقية يالطا" ظلت تضطلع بدور الضابط الرئيسي والحاسم للعلاقات بين المعسكرين، وبالاخص بين الجبارين الروسي والاميركي.
وكانت الفحوى الرئيسية لاتفاقية يالطا:
اولا ـ الاعتراف بالمنطقة التي وصلت اليها الجيوش السوفياتية خلال الحرب العالمية الثانية، بوصفها "منطقة نفوذ سوفياتية ـ روسية".
ثانيا ـ الاعتراف ببقية مناطق "العالم الحر" بأنها "منطقة نفوذ غربية ـ اميركية".
وقد خرقت الصين وفيتنام وكوريا الشمالية "اتفاقية يالطا" وخرجت نهائيا من تحت مظلة النفوذ الغربي، وهو ما يقتضي الوقوف عنده على حدة.
وفيما عدا ذلك فإن القيادة السوفياتية، وطبقا لاتفاقية يالطا، استخدمت نفوذها لدى مختلف الاحزاب الشيوعية الموالية لها لعدم الوصول الى السلطة، ولعدم تصدر الحركات الثورية المعادية جذريا للغرب الامبريالي. كما استخدمت نفوذها بشكل عام للحد من اندفاعات الحركات الثورية العالمية. مما كان يصب في مصلحة الكتلة الغربية ـ الاميركية. واخطر ما انجزته القيادة السوفياتية على هذا الصعيد هو الموافقة على، ودعم الخطة الغربية ـ الاميركية لتقسيم فلسطين واقامة الدولة اليهودية على اراضيها. على الضد تماما من موقف قيادة الثورة الاشتراكية الروسية سنة 1917، التي عارضت بشدة اتفاقية "سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور" لاقامة "وطن قومي يهودي" في فلسطين. ولولا موقف القيادة السوفياتية، المنطلق من اعتبار فلسطين (بموجب اتفاقية يالطا) منطقة نفوذ غربية، لما مر مشروع تقسيم فلسطين سنة 1947 في الامم المتحدة، ولما اكتسبت اسرائيل شرعية وجودها الدولي قبل ان تولد.
وبالمقابل، فحينما اندلعت في جمهورية المانيا الدمقراطية (المانيا الشرقية) السابقة الانتفاضة المعادية للنظام القائم والمعادية للسوفيات سنة 1953، ثم الانتفاضة الشعبية في المجر سنة 1956، واخيرا الانتفاضة الشعبية في تشيكوسلوفاكيا (التي سميت: ربيع براغ) سنة 1968، وتدخلت الدبابات السوفياتية لقمع هذه الانتفاضات، فإن اميركا ودول حلف الناتو وقفت تتفرج، باعتبار ان الامر هو "شأن داخلي" سوفياتي، طبقا لمنطوق اتفاقية يالطا، علما ان المخابرات الاميركية والغربية كان لها دور سري اساسي في تحريك تلك الانتفاضات بروح "الحرب الباردة"، ولا سيما في المانيا والمجر.
ولكن بعد "انتصار" البريسترويكا لغورباتشوف وسقوط جدار برلين، وسقوط المنظومة السوفياتية في اوروبا الشرقية، وتفكيك الاتحاد السوفياتي ذاته، وما رافق ذلك من ازاحة الاحزاب الشيوعية عن الحكم في تلك البلدان، بما في ذلك الحزب الشيوعي الروسي، سقطت واقعيا (ديفاكتو) "اتفاقية يالطا"، من جهة، بسبب انسحاب الجيوش السوفياتية من دول اوروبا الشرقية، ومن جهة ثانية، بسبب زوال قدرة القيادة الروسية (التي لم تعد ممثلة او تابعة للحزب الشيوعي الروسي) على التأثير على الاحزاب الشيوعية والحركات الثورية في البلدان الاجنبية، لتدوير زوايا الصراع مع الغرب الامبريالي، وصار على اميركا والدول الغربية واسرائيل وتركيا وغيرها من الدول الموالية للغرب ان تقلع شوكها بيديها.
الا ان عزل دول الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية السابقين عن روسيا، واستعدائها عليها، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والمالي والتجاري، يمثل دراما حقيقية لروسيا، دولة وشعبا. ذلك انه، وبمعزل عن الجوانب السياسية والايديولوجية، فإن الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية السابقين كانا يشكلان عبئا على روسيا، التي كانت، على المستوى الاقتصادي بالاخص، تعطيهما اكثر بكثير مما تأخذ منهما.
وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية فإن الولايات المتحدة الاميركية طرحت "مشروع مارشال" لاعادة انهاض اوروبا الغربية اقتصاديا، بما في ذلك المانيا (الغربية) التي تسببت بتلك الحرب. ولم يتم الالتفات الى روسيا، التي قدمت اكبر فاتورة خسائر بشرية ومادية واقتصادية، تفوق كل ما قدمته دول التحالف "الدمقراطي" الغربي ودول المحور النازي ـ الفاشستي مجتمعة. وتركت روسيا تلعق جراحها الغائرة بنفسها. وحجة "الشيوعية" الروسية هنا هي حجة سطحية للغاية. فلماذا قبلت "روسيا الشيوعية" في التحالف العالمي الحربي لمجابهة النازية والانتصار عليها، ولم تقبل في التحالف السلمي لاعادة ترميم ما هدمته تلك الحرب ذاتها.
واكثر من ذلك. فإن بلدان اوروبا الشرقية قد استبعدت ايضا من مشروع مارشال. وتوجب على روسيا، المثخنة بالجراح، ان تقدم المساعدات المالية والاقتصادية، التي هي نفسها اكثر حاجة اليها، لاعادة اعمار وانهاض تلك البلدان.
ولهذا فإن الشعب الروسي، وبمعزل عن، وخصوصا بعد سقوط الاعتبارات الايديولوجية والجيوبوليتيكية، ينظر الى تلك البلدان بوصفها بلدانا شقيقة وصديقة، تحررت من الفاشية بفضل دماء ابنائه، وتقاسم معها لقمة العيش، بالمعنى الحرفي للكلمة.
والشعب الروسي عامة، ونخبه السياسية خاصة، لا يستطيعون ان يهضموا ان يعمل الغرب "الدمقراطي"، "حليف الضرورة" في الحرب العالمية الثانية، على جعل بلدان اوروبا الشرقية (بلدان "الخارج القريب" كما يسميها الروس)، تدير ظهرها لروسيا، بل وتنصب فيها القواعد العسكرية المعادية لها، كاستمرار للحرب الباردة التي سقطت مبرراتها.
والان وبالرغم من الستراتيجية "المعادية لروسيا" التي تطبقها الدول الغربية، والتي بلغت حدود شن حرب حقيقية ضد المواطنين الاوكرانيين من اصل روسي والناطقين باللغة الروسية في شرق وجنوب اوكرانيا، حيث تم تهجير سكان مدن بأكملها وحيث بلغ عدد اللاجئين الاوكرانيين في روسيا اكثر من نصف مليون لاجئ، ـ بالرغم من ذلك فإن "روسيا البوتينية" اذا صح التعبير تعمل لاعادة ترميم علاقاتها مع بلدان اوروبا الشرقية او بلدان "الخارج القريب"، ليس عن طريق ارسال الدبابات كما كان يجري في عهد اتفاقية يالطا، بل عن طريق تفعيل العلاقات الاقتصادية ذات الفائدة لكل الاطراف المعنية، ومن ثم نشر شبكة علاقات اقتصادية وثيقة مع بلدان اوروبا الشرقية والوسطى.
ومن تمويل المحطة النووية الهنغارية لتوليد الطاقة الكهربائية، الى مد انبوب الغاز القاري المسمى "السيل الجنوبي" عبر بلغاريا الى مختلف بلدان اوروبا الشرقية والوسطى والغربية، يمكن تقديم الكثير من الامثلة على ان الاموال الروسية، لا الدبابات، هي التي تعمل الان على "تسويق" النفوذ الروسي في اوروبا الشرقية.
وتجد بعض البلدان انه في غير مصلحتها هي بالذات ان تشارك في العقوبات الاقتصادية ضد روسيا فيما يخص الازمة الاوكرانية. وللمثال فإن السياسيين الهنغاريين، السلوفاكيين والتشيكيين يعلنون بصراحة انهم ضد فرض عقوبات اوروبية اقتصادية جدية ضد روسيا، لان هؤلاء السياسيين يحرصون على المحافظة على امكانية الوصول الى منابع الطاقة الروسية والسوق الاستهلاكية القريبة والكبيرة (140 مليون نسمة) لروسيا.
واحد اهم الادوات التي تستخدمها روسيا في "هجومها" الاقتصادي على اوروبا الشرقية هو "سبيربنك" Sberbank ، وهو اكبر بنك في روسيا واوروبا الشرقية، وثالث اكبر بنك في اوروبا، وهو اكبر بنك تسليف تسيطر عليه الحكومة الروسية. وهو يمتلك فرعا اوروبيا كبيرا يسمى "سبيربنك اوروبا" مقره في فينا. وفي بضع السنوات الاخيرة، وبأصول تقارب 12 مليار يورو، بدأ سبيربنك نشاطاته في اوروبا الوسطى وبلدان البلقان. وبالاضافة الى نشر فروعه في مختلف المدن، يعمل هذا البنك على تقديم قروض كبيرة للشركات في بلدان المنظومة السوفياتية السابقة. وفي اذار الماضي وافق البنك على تقديم قرض بـ 820 مليون دولار الى الشركة الكرواتية Agrokor، التي قامت مؤخرا بشراء الشركة السلوفينية المزاحمة لها Mercator Poslovni Sistem. وهذه الصفقة المركبة ستؤدي الى انشاء شبكة كبيرة من متاجر المواد الغذائية في بلدان البلقان.
وتركز روسيا اهتمامها بالدرجة الاولى على الطاقة. وفي مطلع هذا العام ضمنت حضورها في هذا القطاع في الاتحاد الاوروبي، حينما اتفقت مع هنغاريا على ان تبني لها مفاعلين نوويين. ولتمويل هذا المشروع عرض الكرملين على الهنغاريين قرضا بـ 10 مليارات يورو، يتم تسديده خلال 30 سنة، بفوائد ادنى من المتداول في السوق المالية، وهو ما لا يستطيع ان يفعل مثله اي بنك تجاري اوروبي غربي.
وفي شهر حزيران الماضي اعلن سبيربنك انه سيقدم خط قروض بقيمة 1.2 مليار دولار الى شركة الطاقة الكهربائية السلوفاكية Slovenske Elektrarne، الخاضعة للشركة الايطالية Enel.
وتسعى شركة Slovenske Elektrarne لان تنجز مشروع بناء المحطة الكهرونووية المخطط له من زمن الاتحاد السوفياتي.
هذه لمحة بسيطة عن السياسة الاقتصادية الجديدة التي تنتهجها روسيا حيال اوروبا عامة، واوروبا الشرقية خاصة. ويقول تيموفي أش، الخبير الاقتصادي الرئيسي في Standard Bank في لندن ان السياسة الروسية لمنح القروض "هي حملة منسقة لتوفير النفوذ الاقتصادي والجيوبوليتيكي، ويمكن التأكيد انها سياسة ناجحة جدا".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهت خرافة القطب الاميركي الاوحد
- اوكرانيا تتجه بسرعة نحو الحرب الاهلية
- المحور الروسي الصيني العتيد يشق طريقه على الساحة الدولية
- المنتصرون على النازية الهتلرية كابح حازم للعدوانية الفاشية ا ...
- انتصار جديد للديموقراطية الشعبية على الديموفاشية الاميركية ف ...
- الاسباب الجيوستراتيجية لتراجع الناتو امام روسيا
- نحو دور تنموي ثقافي وانساني لجامعة الدول العربية
- مع يبرود السورية... هزيمة جديدة للفاشية الاميركية في شبه جزي ...
- الهزيمة المؤكدة للفاشية الاميركية في اوكرانيا والتغيرات الجي ...
- اميركا تفتتح المعركة في اوكرانيا و-الشبح- الروسي ينتصر بدون ...
- السقوط التاريخي لمنطق الهيمنة الدولية لاميركا
- ملاحظات على هامش كتاب -كريم مروة يتذكر-...
- حزّورة الوفاق الوطني اللبناني ...
- التناقضات المستعصية للنظام الامبريالي العالمي
- الحرب السرية -المقدسة- ضد الكاثوليكية
- الجذور السوسيولوجية والاقتصادية لنشوء -شعب الله المختار-
- لانكشارية العالمية المعاصرة
- -الوعد الشيطاني- ليهوه والعداء الاستعماري الغربي للشرق العرب ...
- النظام السوري ومسرحية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق ال ...
- من هو -العدو غير المرئي- لاميركا؟


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في اوروبا