أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح2














المزيد.....

حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلماني مثلا المتدين والملحد في كل الحالات يبقى ينظر للدين أولا كواقع حقيقي في المجتمع وأن هذا الواقع تأريخي تراكمي وأيضا له أمتدادات داخل الشخصية الإنسانية بعمقها الوجودي الذي لا يمكن القفز فوق حقائقه ومستحقاته وبالتالي مسألة التعامل مع الدين تبدو أكثرا حساسية من مجرد أن ننكره أو ننكر عليه تأثيره في الحياة دون أن نقنع العقل أن ينسلخ من جزءه الابتدائي الفكري المصنوع فطريا .
لا المؤمن بإمكانه أن يبسط الدين في الواقع إلا من خلال العقل ونتاجه المنطقي المتناسب مع البيئة والظرف , ولا الند المعاكس له يستطيع أن يمنع الدين أن يكون حاضرا في الحياة الإنسانية لمجرد أنه لا يوافق قرائه الخاصة , هذه النتيجة تقود حتما ولزاما إلى حقيقة أن الدين ركن من أركان الحياة ورافدا معرفيا أضافة لوظيفته السلوكية والأخلاقية ,وبالتالي أن التطرف في إشغاله وإنشغاله فيها مساويا تماما لمحاولة تجريد الحياة منه أو عزله في الزوايا الضيقة والمحدودة .
يبقى السؤال الأهم الذي يتبع هذه الحقيقة أليس تنظيم وجود الدين كمقوم للحياة البشرية وضابط للإيقاع الدائم لها بحاجة لتقويم حتى نبعد التصادم بين بعض المخرجات الدينية والكثير من الممارسات البشرية التي قد تبدو نتيجة الفهم اللا متوازن لواقع الدين أو لواقع الحياة من أن هناك تصادم مانع من المواصلة .
هنا علينا أن نرجع أيضا للمرتكزات الأربع التي أهم ما فيها أن نعود لأصل الدين للمربع الأول فيه وليس للنتائج من تجربة البشر مع الدين , صحيح أن التجربة تكشف لنا مصاديق الدين ولكن لأن التجارب متعددة وفق قراءات متعددة ولدت لنا مصاديق تقرب وتبتعد عن بعضها مما شكل نسيجا غير متوافق مع بعضه أطل بظلاله على الواقع الإنساني بنوع من عدم الإنسجام .
كلما تابعنا الموضوع الديني من مربعه الأول كلما قلت المساحات بين قراءة وقراءة وضاقت على الحضور تباينات القراءة وهذا لا يعني أننا نرجع في كل مرة لنبحث عن موضوع ما من المصدر الأول ونهدر الجهد الإنساني والمعرفي الذي أثبت الكثير منه عبر التاريخ صلاحيته , ولكن في المواضيع الإختلافية الشديدة الوعورة علينا أن نترك المقدمات التي يستند إليها المتخالفون ونعود للمربع الأول لأن الاختلاف أصلا نتيجة تفاوت المقدرات العقلية والإمكانيات التوصيلية .
في اللحظة التي ينطلق منها شخصان لغرض البلوغ نحو هدف واحد كل منهم يتخذ نفس المسار المحدد لا يمكن أن يفترقا حتى يصلا معا للهدف بنفس الخط دون تفاوت , ولكن لمجرد أن ينحرف أحدهما أو كلاهما بمقدار شعرة لا يمكن أن يصلا لنفس الهدف بنفس الخط وهذا هو سر نتائج الاختلاف بالقراءات وما يتبعها من تفاوت في بلوغ غائية النص ومقصده النهائي , الانحراف قد يبدأ بحرف أو بحركة حرف واحد .
في محاولتنا لتعزيز ماهية الدين علينا أن ندرك حقيقة مرت كثيرا علينا من أن العقل هو وحده المخول ترتيب العلاقات وشرحها وبسطها واقعا وإن لم يكن صاحب العقل متدينا بالطقوس والتكاليف المادية له ,العقل يمكنه أن يفعل هذا فقيم مثل الصدف وأداء الأمانة والإخلاص والوفاء وحب الغير وغيرها من عشرات القيم الدينية لا تشترط الالتزام الديني ولكن الالتزام الديني الصحيح يشترط توافر هذه القيم لأنها أخلاقية تصحح مسارات الإنسان ,هنا يمكننا أن نقول أن الدين ممكن وممكن جدا أن يقود الحياة نحو الوجه الأحسنية والأخيرية بفعل العقل الذي يتمنطق بقانون الطبيعة والفطرة والضمير الإنساني .
هذه هي ماهية الدين الذي يجب أن نسخر أدواته وآلياته لخدمة الإنسان بدل أن تقصي حالة تراكمت فوقها حقيقتها أوهام عليك أن تمنح الجوهر فرصة للتجلي فرصة للحضور الحقيقي ولو أن هذا ليس من وظيفة المدني ولكن على المدني أن يعاضد من يحاول أن يرجع بروح الدين النيرة للعقل ولا بد لكليهما المدني والديني المتنور أن يمارسا النقد الدائم على طاولة الكشف عن كل المحاور التي تعرقل حركة الإنسان وبدون حدود في فهم الجوهر الديني لأن الدين أساسا بني على المطالبة بالتبيان قبل الإيمان .
هذه الماهية التي يرفض الجميع الأعتراف بها أن الله بعث الدين تهذيبا للعقل وتنظيما نحو الأحسنية بوسيلتين سلوكية ومعرفية وكلاهما يصلحان لذلك لكن تمام الصلاحية وبلوغ الأحسنية الكاملة تكون بأقترانهما معا , لا المؤمن يقبل أن يجرد من سلاحه الذي يرى فيه القرب من الرب وإنعاشا لمتطلبات النفس ولا اللا مؤمن الذي يرى من الدين عدو لا بد من أقتلاعه كي يسير وفق ما تمليه له الأنا المتضايقة من تحديد الحدود التي لا يمكن لها القبول بها لأنها تحد من سطوة مفاعيلها الحيوية .
وبين الأول والثاني ضاع الكثيرون الذين يسألون ماذا اراد الله منا بالتحديد الأول يخبرهم أشياء متناقضة حسب القراءات والثاني يخبرهم بكذب ما جاء ,وكلاهما حمل السلاح لأجل قضية الله أثباتا ونفيا لكن من دون تكليف , الله تبرع للناس بالدين ليرى خلقه فائزون وقد أهتدوا لأحسن الأسباب والسبل وسخر لهم الأداتين المهمتين العقل والنقل وليرى ما يفعلون ,الله ليس بحاجة إلى محاربين بل بحاجة لعقلاء يبسطون الدين بالمحبة ووفق ما يشير لهم العقل فمن أمن فبها ومن أبى فهو حر بخياره ولو ترك الناس أن يسيروا وفق هذا القانون لما تردد أحد أن يساير العقل الطبيعي في سيرورته نحو أكتشاف الحقيقة .
إن أعتماد آليات الدين في تطوير المنظومة العقلية كما يفعل العلم والمعرفة مترافقا مع تطوير وترقية آليات السلوك الحسي الإنساني وفق هذه الماهية تعد كسبا حقيقيا للإنسان وهو يواجه كم متزايد من المشاكل والتحديات التي تحتاج لأوجه متعددة من الحلول وبمختلق المنطقيات لأن التعدد والتنوع والمسايرة مع عوامل التجديد والتحديث لا تنتقص من الدين ولا الدين الحقيقي يقف بالضد منها بشرط أن نبعد تأثيرات الأنا وأستبدالها بمفاهيم نحن الجامعة , نحن التي تعني الإنسانية المجردة من الهوية التنافسية لتجمعها الهوية التشاركية التناظرية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح2
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح3
- أبتلاء الرب ح2
- أبتلاء الرب ح1
- البحث عن الطوطم ح1
- البحث عن الطوطم ح2
- تزييف الفكرة
- تشريع الوهم ووهم التشريع
- وهم الدولة الإسلامية ج2
- وهم الدولة الإسلامية ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج2
- الدين والدولة والإنسان ح1
- الدين والدولة والإنسان ح2
- الجريمة التاريخية ج1
- الجريمة التاريخية ج2
- حروفك أمنا مريم
- لأطفال الله الذين يغتسلون بمطر من نار


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح2