أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - قضية انتحار















المزيد.....

قضية انتحار


عمر مصلح

الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


قضية انتحار ..
1
حضر أيلول في جثمانه الأسود،
يواري نشوة الجسور ..
تهلّلتْ أساريرها ..
فوق الرّماد الباهت لسماءٍ حزينة،
تدارت، كي تحنّط رهبةً تملّكتها
فوق غفوة ذاك النّهر نامت تلميذة ..
للتّو شرّحت شرنقتها و امتثلت لبيانٍ قتيل
دلفت في عتمة الشّرق تسكب غروبها،
تفزعُ الشّفق الأزرق،
و ليونة الإغراء لهطول المطر ..
تلميذة .. تشكّلت في إعصار امرأة،
تناولت جذوتي المشتعلة، من رغبةٍ قديمة،
من أمنيةٍ قديمة،
حفرت فوق شعري، مسلكها نفقا للموت
انسدلت من فوق كتفيّ، تبثّني خصلاتها .. ذاكرةً شعرية
حلمًا ما لبث أن تنازعته الصفحات،
خلف ذاك المقهى الصغير ،
تداعى صمتي و شجنها ..
تلميذةٌ .. تحملُ فوق صدى دفاترها المنسية،
مكيدةً غيبية ..
اعتزمتْ الرّحيل ..
2
خلف المقهى، تشنّج شعري لبرهةٍ،
لحينٍ، أن تفتضح عنه " قصيدةً "
سارت مهيلة، كمطر الخريف فوق دفاتري المعتّمة ..
ماسكةً حرفها الأخير، و كتبَ طفولتها ..
سارت .. و قوانين العسكر ،
تلجمُ قافيتها الصغيرة ..
تدارت خلف غصنٍ احتدم الصراع حوله ..
بين مسكٍ و عطر غربي ..
عطور التاريخ، تؤرّخ لمسائها،
تنسبُ للأوراق، ذلك الاختزال الأحمق ..
في جسدٍ صغير،
تلميذةٌ ..
سارت على مهلٍ، فوق أوراقي تحمل جسدها النّحيل ..
و بعضا من الخطى الرّاكضةِ، نحو العمر الأغبر
إنني لأشهد ..!!
أنّ العويل، تكتّم سرّ استشهادها،
و أنّ رموز الانحناء ..
تهاطلت فوق الرّصيف المنمّق،
تزفُّ رحيلها ..
تلميذةٌ ..
صافحتني من بعيد.. بين قارتين،
توقّف الجدل بين السّطر الأخير المُشْهَرْ،
خلف المقهى و قبالته
حطّت متشعبةً، كمدينةٍ فقدت توازن رفاتها ..
فوق جسرٍ أخير ..
هناك ..
كان الهواء، يجمعُ شتاته ..
بين أنفاس الحاضرين،
من مدينةٍ مضطهدة،
هناك .. كان العسكر
يجنّس ذاكرة الأرامل،
يثبت مزاعم " قريةٍ " تثاءبت على ضواحيها مقبرة أطفال
هناك ..
كان المطر يعوي فوق وجوهٍ للتّو رسمت نهاية مدينة،
نظرتْ .. التلميذة
من فوق أدراج كتبها المنثورة، في غارةٍ أخيرة،
و أطلقت صافرةً، نسفت ما بقي من خراب المدينة،
و جسدها الصغير ..
3
اعتدل الخريف في جلساته المرتبكة،
احتدم الشّتاء حمما مسكونةً
بثأرٍ تقاسمته ثوانينا ..
ذلك العصفور الأحمر،
كان حاضرا قبل بزوغ الرّحيل ..
كان بألوان زاهية، يمهّد لحلول الرّبيع،
بعد قصيدتين ..
كان حاضرا، فلامسته شفاه الحيرة الحمراء،
قبلةً فجّرتها التلميذة،
للتّو فوق الرّصيف الهامد، الصاخب
حقيقةً تاريخيةً ..
أسدلتها تلميذة، تكبرني بانفجار،
تصغرني كذلك العصفور الصغير ..
أنا العربيةُ ..
أنا الحدّ الفاصل المتلعثم ،
كلّما شهقت المسافات بيننا
تلميذةٌ .. كنتُ لولا القدر،
حرفها الناطق أبجدية عربية
لقّنتني " هي" لغتها في ضريحٍ مكتوم، مختوم
متوشحا رايةً ..
تسكنني، كلّما تنهّد على جسدي صوت الأقصى ..
بصوته الحزين ..
لقّنتني كيف يحيا المطر بحمرةٍ كلاسيكيةٍ
فوق أرضٍ، تلبّدت كسماءٍ قتيلة
أبعدها .. ؟
أؤمن .. أن قولي اللّعين سيّد الفصول،
بل " هي " التلميذةُ الصامتة ..
تمثّلت بظلّ ذلك العصفور لي، بين قارتينا
فوق مدينةٍ يسكنها وهم السلام،
أنهكني حضور الشّعر غافيًا بين كفّيها ..
تلميذةٌ، نسفتْ تواجد القارات برسم جسدها الأشقر المبعثر،
نسفتني ..
حين قرّرتْ أن تثأر ..
غبيةٌ .. أنا
إن مسحتُ بمنديلي الأحمق، جسد العصفور
غبيةٌ .. إن أزحتُ بكفّي تكهّنات العصفور
و انتبهتُ ..
انتبهتُ، أنّ الدّم المنثور
لا يشبه أبدا، حضور تاريخٍ للتّو صنعتهُ تلميذة
لم تتجاوز بعد العشرين ..
ليتني ..
حضرتُ بعد تمام حكايتها
لأحسب بين الرّفات،
كم كان عمرها ..
و أتناسى،
ختم ذلك الموجود .. !!
فوق شهادة ميلادها ..
حياة شهد

هذا النص متجاوز لحدود البناء والصورة والتكثيف.. كونه مشفّر ومرمّز بصيغ جمالية، مبهرة، حوّلت القضية الكوارثية إلى صور قابلة للتعدد القرائي.. فأيلول السبعيني الأسود الذي عتعت الضمير العربي من ياقته، ولا مغيث.. فتبرع الشفق الأزرق باحتضان الفكرة الحمراء.. ومن الزرقاء هذه انطلقت شرارة كادت أن تحرق القبح لولا ( بسالة ) بعض ( الشرفاء).
تلك الإنطلاقة تعيد إلى الذاكرة ماقاله محامي دفاع المناضل سرحان بشارة سرحان أثناء محاكمته عن فضيلته الكبيرة بقتل الرئيس الأمريكي.. فقال:
لو افترضنا أن موكلي قام بعملية القتل، فأن هذا ليس جرماً، بل هو قتل وقائي، شبيه بالحروب الوقائية الزراعية، للقضاء على الحشرات والآفات الزراعية.
ح ت ف / موت.. ثلاثة حروف لها دلالات هائلة في قاموس النضال العربي، ولكي يكون الإسم أكثر دلالة، وأعمق معنى.. تغيرت مراكز الحروف ف ت ح / تحرير.. فالشرف الكبير هو أن تموت من أجل قضية، لا أن تقتل قضية كي تعيش.
وهذا ما أشار له النص / القضية.
إشتغل النص كما أسلفنا على الترميز، وخلق صور تتعدى الوظيفة الجمالية بفراسخ، حين انتخبت الشاعرة الخريف.. أي انها لم تشتغل بالمألوف، بل أضافت له دوال أخرى، لتجعله من إحدى مثابات النص ، ومن مهيمناته المهمة.
وانطلقت الشاعرة - منذ البدء - بقوة، وشراسة فدائي جسور.
حيث أكدت على أن القلق ذاتي داخلي.. أي أنه يخلق عقدة كبيرة، وليس طارئاً يزول، بزوال المسبب.
فخلقت ( دايلوك داخلي ) يُستفز، كلما عادت بها الذاكرة إلى الترحال القسري للون الأحمر، فيشأم تارة، ويتفينق على سواحل المتوسط في عروس البحر.
وباختصار أقول.. أنها شعرنت الأذى، وهذا يحيلني إلى دراسة فلسفية كتبها الشاعر المتألق سلمان داود محمد ( شعرنة الأذى أو الإجهاز على آثامزم الواقعة بالكلمات).
وأبهرتني باستخدامات رمزية باذخة الوعي والتشخيص مثل التلميذة، والمقهى الصغير، والجسر..
فاستحضرت بيتا..ً
إن قطّعوا جسر الوصال بليلة ...... ففي الصبح تبنى للوصال جسور
والممتع في هذا النص الكوارثي.. أن الشاعرة استخدمت لغة انفعالية، تشي بالمعني، والمعنى المجاور، وخلقت حثاً توصيلياً لمعان متجاوزة..
وجعلت من الحكائية غير السردية مهمازاً للوصول إلى غاية جمالية مبهرة، وحراك فكري تعبوي مستفز.
فأية عبقرية هذه، وأي مخيال ذلك المتخندق خلف حيوات ميتافيزيقية غير محسوسة.
وأخيراً أعتذر منك سيدتي، لعدم تغطية هذه المعركة الجمالية التي احتوت على كل أسلحة الجمال الشامل.
وعذراً أخرى إن كنت قد شططت، وابتعدت عن المعنى.. فجمال النص وانتعاشه، يكمن في تعدد القراءات



#عمر_مصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إليَّ
- قصة قصيرة جداً - دم -
- سكتة موسيقية
- صعلكة
- قراءة في نص -سيادة النهد- للشاعر فائز الحداد
- إنطباع عن مجموعة -سانتظرك- ل سهام الطيار
- نقوش على وريقات خريفية
- قراءة في نص للشاعرة وقار الناصر
- ثمن.. لاوريث له في دستور الألم الدائم


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - قضية انتحار