أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - ـــــ كريم جثير ـــــ السريالي الساخر الذي ختم سُخريته بفجيعة أدمت من تعرفوا عليه عن قرب !؟















المزيد.....

ـــــ كريم جثير ـــــ السريالي الساخر الذي ختم سُخريته بفجيعة أدمت من تعرفوا عليه عن قرب !؟


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 07:49
المحور: الادب والفن
    


[ كريم , لو بكيتك دماً , فهل ستتمرد على هذا المارد الذي يُسمى الموت وتعود ؟؟ حين ذاك سوف أحيل الدمع والنضح دماً صارخا لأجل ذلك القدوم العظيم . ]

روحٌ هامت تحت سماوات الله : إنطلقت من بغداد - حارات مدينة الثورة وضفاف الحسن بن هاني ومعابر باب المعظم وأروقة معهد الفنون الجميلة وممالح هجومات الفاو و .. و .. و .. ثم نحو عمان وبعدها صنعاء ثم نيودلهي وديرويت.. وباتأكيد سوف لا تنتهي عل حافة القطب الشمالي في كندا , فلقد ذوت في خاتمة المطاف في مستشفى الكندي , تحت سماء المدينة المُدَورة - بغداد الدامية - !!

هنا الطفح ليس بخصوص - كريم جثير - الكاتب والمُخرج والممثل المسرحي والذي إعتبره المُخرج المسرحي العراقي المخضرم - قاسم محمد - إمتدادا لرؤيته في الأفق المسرحي - هنا المضغ العلقم , العلقم كإنطفائه المُروع - بشأن كريم الإنسان , الإنسان المُضمخ حد الويل طيبة وفكاهة وتجردا من كل الأشياء التي تحيل الكائن البشري صنماً ممسوخاً من إنسانيته .

وهنا ينبثق التساؤل التالي : يا ترى كيف إستطاع الموت إقتحام تلك الروح المُفعمة بكل عنفوان الحب والحياة والأمل ؟؟ .. كنا ننوي أن نقتحمه سويا - هل تتذكر - ثم نعود لنروي الحكايات للخلق عن ذلك العفريت الذي سمم ولم يزل دبيب الكائنات !! لكنك نكثت العهد وإسترسلت وحيداً ظامئاً دون .. دون منْ ؟

نعم , إنه من الأفضل لو كانت الطبيعة قد كونتنا على تلك الشاكلة - شاكلة ذلك الفلبيني الطيب - المقترن بالمثل العراقي الذي يقول ( لا حظت برجيلهه ولا خذت سيد علي ) [ هذا المثل قلناه لأحد العاملين الفلبينيين - البسيط جدا- معنا في معمل لبنطلونات الكاوبوي أو الـ - جينز - فظل يضحك معنا على بساطته دون أن يعلم على ماذا كنا نضحك أو ما معنى المثل الذي قلناه ] قلت لكريم حينها : ألم يكن من الأفضل لو كانت الطبيعة قد كونتك على هذه الشاكلة بدل فايروس القلق المستديم في دمك والذي يقض مضجعك على الدوام !! " .. فقال : مليون بالمائة , لكن كيف , هل بمقدورنا إعادة التاريخ , أو الرجوع إلى الصبا ثانية ؟؟!! "

لكن من هو الأكثر ضراوة يا ترى , هل هو ذلك التوفز أو القلق الأزلي في دمك , أم - الكولسترول - الذي أخذ يتوغل في شرايينك , أم أن هذا تمخض عن ذاك ليتحالفا ضدك في خاتمة المسير بكل وحشية لتنطفئ هناك , على سواحل دجلة الدم والدموع !! .. أم أنك في شوق غريزي للتحدث والتعلل معهم ؟؟

الآن بإمكانك التحدث إليهم بمُنتهى الحرية ؟؟
في واحدة من سريالياته الليلية , أن صادفته مقبرة في إحدى ضواحي بغداد , فنادى حارس المقبرة من خارج قضبان باب تلك المقبرة قائلا له :أخي العزيز هل تسمح لي أن أنام في المقبرة !!؟؟ .. فقال له الحارس : لا , لن أسمح لك , ممنوع . "
فعاد كريم قائلا له : ولماذا يا أخي , أقسم بشرفي سوف لن أزعجهم في رقادهم , الأموات أصدقائي ودائما أتحدث إليهم في زياراتي لهم وفي كل مقابر بقاع العالم !! .. فقال له الحارس : يا أخي قلت لك ممنوع , أنت إنسان - حي - ولا يحق لك التحدث أو التعلل مع الموتى .. إذا مُت , أو إذا قدمت في المرة التالية وأنت ميت فسوف أتقبلك بكُل ممنونية , وحينها بمُستطاعك التحدث والسمر برفقة الموتى حتى آخر الدهر !!!


هل تتذكر طالب معهد الفنون الجميلة بشعره الطويل الفاحم وزيه المُوحد الذي كان يرتديه , والذي عبرَ الشارع ضارباً الـ - Traffic light - في ( باب المعظم ) فصاح عليه شرطي المرور ( يابه , عيني , أبو الزي المُوحد, من فدوه أروح للزي المُوحد مالتك , إنت المثقف , يعني المفروض تكون قدوة للناس , مو تتجاوز على قانون المرور وتضرب الإشارة . ).. ويواصل كريم حكايته وهو يضحك من كل قلبه بالقول : كنت واصلت مسيري دون إلتفاتة خجلاً من نفسي وضاحكاً في دواخلي وأنا أتوقع أن يصيح عليَ لفيف الناس الذي كان يقف في موقف إنتظار الحافلات بعد تعقيب ذلك الشرطي , أن يصيحوا عليَ : هيـــــــ .. هيــــــــ .. هيـــــــــ أبو الزي المُوحد , المثقف , مو عيب عليك تضرب الإشارة , وين صارت الثقافة ... : لكنها مرت سلامات ."

وهل تتذكر آلـ ( إزيرج ) وكيف نفذ صبرهم إزاء طول بال الله حين تواصل في عدم السماح للسماء أن تمطر على زرعهم ليتلفه القحط , فصوبوا بنادقهم نحو السماء وأطلقوا رصاصهم وعلى أثر ذلك أمطرت السماء !! ومن تلك الحادثة سُمي آلـ ( زيرج بـ - رماية الله - ) !!

ولا شك أنك تتذكر يوم الإفلاس العالمي , ثم يوم الثراء العالمي .. حين كنا لم نزل غضين في بلاد الحرية , ولم نزل ننففث رمال الصحراء البدوية .. واحد قادم من - يمنِ - تتحكم فيه سلفية تكفيرية تضع المثقفين على لائحة رجمها الدموي وفي طليعتهم - عبد العزيز المقالح صديقك الحميم - .. والآخر قادم من مُعتقل صحراوي مُحاصر بكل ويلات الكون - من سلفية بدوية حجرية إلى سلفية شيعية , إلى قذف العواصف الصحراوية الشرسة إلى .. إلى ..
إذن لا بد من غسل مُقدس لتلك الأدران , ونحن على يقين مطلق إن نديمنا القديم - الخمر إضافة إلى النساء طبعا - هما المُنقذان , لكن كيف وجيوبنا فارغة , فالأول لم يزل طالباً جديدا في الجامعة يدرس الدراما , والآخر لم يزل جديدا أيضا وعلى مساعدات الهجرة الكندية ويتوقع وصول الـ - جك - بعد عشرة أيام تقريباً .. فما العمل إذن ؟؟ .. قال وقلت .. قلت وقال ..فلم تسعفنا لا الشياطين ولا الملائكة , فإنكفئنا خائبين ... لكن ؟؟ .. وتلك اللكن هي التي إستثنت يوم الإفلاس العالمي نحو الثراء ؟؟
ففي تلك الليلة كنا قد إتفقنا أن نلتقي في الجامعة في اليوم التالي بعد أن تنتهي محاضرته . ذهبت إليه هناك , ثم جلسنا نشرب القهوة وقد صحبتها التعليقات والنكات التي لا تخلوا من تواصلنا على مدى السنين أبدا .. ثم خرجنا .. وحين وصلنا البناية التي يسكن فيها , فتح صندوق بريده فوجد ضرفا بريديا من الجامعة وكان عبارة عن - جك - بـ - ألف دولار - ولشدة دهشتنا لم نصدقه .. قلت له فيما إذا كان قد قدم طلب مساعدة من الجامعة ؟؟ فقال إنه كان قد قدم مثل هذا الطلب :مثلما تحدثنا البارحة , لكني لم أتوقع مبلغا كذلك , كان من المفترض أن يكون مئة دولار كأقصى حد , إلى ذلك فقد كنت أتوقع وصوله بعد إسبوعين أو ثلاثة أسابيع ." .. ثم قلت له ولا زلنا في مزاح ودهشة : لا أعلم بقوانين جامعتك , إذهب إليهم لتتأكد ثم إلى البنك , أما بالنسبة لي فأنا ذاهب إلى شقتي لأرى ماذا حل بها ." فقال : وأنا أيضا سآخذ حماما وأذهب إليهم وأدعو العباس أبو فاضل أن تكون تلك الألف دولار صحيحة ؟؟
وإنصرف وإنصرفت .. وبعد بضعة ساعات رن جرس التلفون , وحين رفعته وإذا به - ومثلما يبتدئ مكالماته دوماً : ها , شلونك ." فقلت له : مصلعه مثل الشمس , الألف دولار إلك . " .. فضحك ضحكة قوية وقال : الآن تأتي , هل تفهم ... كانت سيول الـ ( snow ) حينها قد إنبرت تهبط بشراسة - التسونامي - غطت الأرض والسماء بصهيل أبيض صارخ !! فقلت له : ألا ترى العاصفة الثلجية قد سدت الطرقات والمنافذ ." .. فقال : وُلك تعال لا تتعافى , أين كنا وكيف أمسينا , قبل ساعات كنا نتوسل ونتسول الشياطين والملائكة .. وأضاف : وبعدين منذ متى كان الثلج مُعوقاً لنا ." .. وخرجت , تقتحم قدماي تلال الثلج كجرافات أمانة العاصمة .. وهناك إبتدأ الوطر ( وطر تلك الليلة فقط , أما الوطر الرئيسي فقد إنطلق منذ اللحظة الأولى التي إلتقيتها فيه , حين كانت - خيال - لم تزل في اللفة بعد , هل تتذكر ؟؟

وبزخة ( المسيجينه ) في طرقات الهند , هل تتذكرها ؟؟ .. المدينة بالتحديد سقطت سهواً هل كانت - نيودلهي - أم مدينة أخرى , لكن دعونا نعتبرها - نيودلهي - مادامت هي المركز لدولة الهند .
في تلك الدولة أو المدينة وبعد وصف للفقر المتقع الذي يضرب بوحشية ذلك البلد الغريب العجيب وعلى الأخص صباياه وصبياته , بعد ذلك يقع جوالنا على ترنيمة أو ( بزخة عراقية أصيلة ) وسط نيودلهي , وتلك البزخة العراقية تقول [ آنه لمسيجينه , بدينار باعوني , عاله وآنه شبيه , زفوني قفليه .. ] .. والذين يقودون تلك البزخة هم ثلاثة عراقيين , أما الكومبارس الذي كان يبزخ ويردد في ذات الوقت فقد كان لفيفاً من الصبيات الهنديات المختلفات الأشكال والأحجام .. يقول الراوي إنني حين طرق آذاني ذلك البزخ دُهشت وتساءلت فيما لو كنت في باب المعظم أو الميدان أو حارة من حارات مدينة الثورة في بغداد ؟؟ .. ويضيف : سألني رواد هذا البزخ العراقيون : الأخ عراقي .؟ .. فقلت لهم : نعم عراقي ." .. فقالوا لي وهم يبزخون : جا خويه طيح ويانا .. طيح آنه لمسيجسنه بدينار باعوني .. طيح طيح طيح .. عاله وآنه شبيه زفوني قفلية ..... !!!!! .. ويضيف إن ما إستغربت له أكثر إنه كيف إستطاع تلكم الصبيان والصبيات الهنديات إجادة اللهجة العراقية إلى تلك الدرجة ! ويُعقب إن الفقر المتقع الذي يعيشون تحت وطأته هو الذي يدفعهم لتعلم وإبتكار أي شيء للحصول على النقود التي تسد رمقهم لليلة واحدة على الأقل !!

وبالتأكيد إن جهنم الحمراء سوف لن تلتهمك , رغم أنك في شوق إلى خمرها الشبيه بمُعتقنا الذي سوف يُبقيك ضمن عوالمك - عوالمنا - أما الخمر الآخر فبلا ريب سوف يحشرك بين الفتاوى والتعاويذ والشعوذات لتعلن اللعنة على اليوم الذي فكرت فيه لتكون أحد مؤسسي :( جمعية أصدقاء الحمزة ) .. وعندما تكتشف لاحقا أن صديقنا - الحمزة - ليس ضمن تلك التعويذات والفتاوى , سترسل - إيميل سريع - يقول : الخطة تسير مثلما خططنا لها بالضبط ؟؟

و- جمعية أصدقاء الحمزة - ليست خرافة أو لفظا مجازياً , فلقد كوناها - كريم وأنا - لتكون شفيعاً لنا - نحن عاشقي الخمر كما الحمزة - من صقر جهنم الحمراء يوم الحشر العظيم ! وتشتمل تلك الجمعية بالإضافة لنا , الأسماء التالية : , محمد الخفاجي , بهجت الهلالي , محمد الشمري , أي خمسة أشخاص , ومقر الجمعية هو شقة - عادل الخياط - في - sherbrook street - وتسمية وفكرة الجمعية تأتت من حوار في فيلم - الرسالة - بين أبو سفيان وزوجته - هند بنت عُتبة - حين وجهت تساؤلها الإستغرابي لأبوسفيان عن إسلام - الحمزة بن عبد المطلب - عم الرسول قائلة : من كان يُصدق , حمزة عاشق الخمر وصياد الأسود يتبع دين محمد !!!

وصومعة sherbrook طافقة كسفوح الثلج في افق الأيام والسنين في ذلك الخضم الشمالي , فعن ماذا سنقضم الكلم في تلك الآفاق وسط تلك الصومعة ياترى ؟.. عن ماذا يا كريم ؟ إنها الآن - الذكريات - تتلوى كالحيات بين شرايين رأسي , فأي منها سيشد الوتر نحو تلك وتلك وتلك وبدون ريب أنك ستتفق معي في غبننا للأشياء أو الوقائع لو أوردنا بعضاً وإستثنينا أو تغاضينا عن الآخر .. عن ماذا : عن الفكر وألأدب والمسرح والأهل والأصدقاء والنكات ورحلة الحياة وأنظمة الإستبداد وعالم الحرية وجرثومة القلق والتوفز في دمائنا والبحث عن العمل في الطرقات والأزقة في المعامل والشركات والمكاتب والـ Reference الذي سوف يُقيمك في هذا الموضع وذاك , وحفنات الورق ذوات المئة دولار الأميركي التي تُرسل إلى هذا وذاك بين وقت وآخر ولا نعلم كيف تُنفق تلك الورقات بلمح البصر لنردد القول : لا نعلم كيف أن تلك الناس تنفق تلك الأموال بسرعة البرق وأننا ننفقها في زمن أطول كثيرا , رغم أن التضخم الإقتصادي الذي يُقوض حياتهم سيتناسب مع قيمة الدولار الكارثية هناك وعدم قيمته هنا , ونتساءل بغباء فيما لو كانت أهالينا قد إنقلبوا إلى تلك الدرجة من الجشع! و كأن أهلنا بمعزل عن تلك الناس , أو أنهم ذات خصوصية من نوع ما ..ثم ننطلق من منطلق سايكولوجي يقول : أن الذي بحوزته نقودا كافية تراه يطمح إلى المزيد كضمان لمستقبل يراه مجهولا وهو يرى القحط يسحق البشر بتجبر وحشي !! والآخر الذي ليس بحوزته كما الأول يُريد أن يسد رمقه , وحين يتمكن سوف تجده في سباق ماروثوني ليبلغ وضعا ما !! وفي الخاتمة نستحضر - الماركسية - كسبيل لتفسير ما يحدث بالضبط ..

وتتواصل الذكرى المُرة عن ليل الصخب والسُكر و - مُظفر النواب وترنيماته القادمة من عُمق نضالات أهوار الجنوب : حمد وسعود وإبن العمارة صاحب ( اليومية الضئيلة ) .. ونظل نردد : حمد , وسعود , و ( شلون تموت وإنت من أهل العمارة , شلون تموت ويوميتك ثلثمية , شلون تموت ويوميتك سبعمية !! ) هل تتذكر تلك الترنيمات حتى الفجر؟ وتتساءل وأنت مُنهمك في الضحك على تغيرات النواب : مرة يقول: ويوميتك ثلثمية , وأخرى : ويوميتك سبعمية ." .. ثم ليل البنفسج , وإتنه إتنه , ويا حريمه , وفؤاد سالم , ورياض أحمد , وطالب القرغولي , وقحطان العطار , وعريان السيد خلف ولقاءك به في الأردن .. وكتاب حياة ماركس الذي قتلك الشوق لقراءته والذي ترد فيه عبارة : إنه من سوء حظ الجامعات الألمانية أنها قد حُرمت من محاضرات أعظم مفكري التاريخ من إلقاء محاضراته على طلبتها أبان ذلك الزمن عندما فرضت عليه السلطات الألمانية ذلك الحرمان أو المنع !!

ونظل , لنشير إلى أصحاب القوط والربطات: الباكستاني القصير القامة واللآخر السوري الجنسية والعراقي المُرتزق الذين رفضوا بشدة الإشارة إلى دكتاتورية صدام - كونها المسبب الرئيسي في مأساة العراق والعراقيين - في ندوة محنة الشعب العراقي تحت نير الحصار الإقتصادي ( ندوة عُقدت في جامعة وينبك ) , وعندما أصروا على ذلك الرفض نزلت في اليوم التالي المقالات في الصحافة لتفضحهم كعُملاء ومُرتزقة لدكتاتورية بغداد , حينها أرسلوا الإشارات لنا عن الجرأة التي نتهجم بها على نظام صدام ولم تزل - عوائلنا تحت سلطة صدام - ( أسلوب مخابراتي قديم ) .. فقلنا لهم : فلتُقتل عوائلنا , فهي ليست أفضل من مئات آلاف العوائل التي جُزرت على أيدي كلاب السلطة الوحشية هناك , لكن إلى متى ؟ حتى لو فنيتم الناس عن جدها وحفيدها المليون !!

والسياسة تقحم نفسها بتجبر طاغوتي في كيانك وأنت المسرحي الذي كان دوماً ينأى بنفسه عن هذا العالم المُفعم بالمماكحات والخداع والمُرآة
رغم اليقين إن ما يُلقى في الأدب العراقي لا يخرج بأي حال عن البعد السياسي.. ورغم ذلك تظل حوارات المسرح والأدب لها الأولوية في تلك المسيرة .. ودون مراء ستبقى - شكسبيريتك - طافحة في آرائك حول المسرح .. رغم أن تلك الشكسبيرية تتقاطع مع عبثيتك أو سريالياتك في واقعك الموضوعي اليومي المفعم بالتمرد والعبثية .. وسوف نستلهم هذا التقاطع عندما تصاب بفزع حين أطرح عليك رأي ( كولن ولسن ) عن أن مسرحية [ انظر وراءك في غضب - لـ ( جون أوزبورن ) ] حين ظهرت للمرة الأولى في بريطانيا أو لندن في الخمسينيات من القرن المنصرم , كانت قد أطاحت أو قوضت كل تراث الشكسبيرية !!
ثم بفزع أكبر حين أتلو عليك مرثية مُميتة لأحد رواد اللامعقول - يونسكو - تقول : ليس لدي صورة أخرى عن العالم , سوى تلك التي تعبر عن التلاشي والصعوبة , الخيلاء والغضب , العدم والكره القبيح العقيم .. بإستمرار كان الوجود يظهر لي بتلك الصورة , وما رأيت في طفولتي : هيجانات فارغة , صرخات يخنقها الصمت فجأة , ظلال يبتلعها الليل إلى الأبد . "
ولكون تلك الحوارات بذلك العمق فإنها سوف تتواصل على المديات لتقول ونقول .....

لكن ماذا بقي منك ومنا , لتقول ونقول .. ماذا ؟ أي مسرح , وأي أدب , وأي شعر , وأية سياسة و.. و .. و.. !!؟؟

واليوم .. الآن بالذات , أقف منتصباً قبالة النافذة التي تطل على صومعتك في kennedy street.. أحدُ التحديق بإمعان إلى نشاطك الغير طبيعي
وأنت تعد المائدة في - بالوكونة الهيمان والحلم وعقد أول جلسة للملتقى الثقافي , هل تتذكر ؟ - والجنية الصغيرة ( خيال ) تواصل تساؤلها بتعجب مُفرط : بابا , اليوم نشاطك غريب عجيب , لم ألحظك من قبل بهذا النشاط ؟؟ " وتواصل أنت بدورك ردك عليها : لج بابا , اليوم أريد أن أثبت لـ - عادل الخياط - إن مائدته التي ( خابصنه بها - بادية الخس وطاسات الجاجيك وصحون البطيخ والجلفراي ) هذي المائدة أو - المزة- سوف أقوضها فوق رأسه ورأس جمعية أصدقاء الحمزة !! .. وحين يحضر أعضاء الجمعية لنعلن الإنتخابات بِشأن الأفضلية تبتدئ فصول الضحك حتى إنفجار قرص الشمس .. لتتورم فرقعات القلب الدامية التي سوف تعلن بعد إعلان إنكفائك أو إنطفائك : لن تكون مُلك نفسك , ولن تكون , ولو أمعنت الإصرار على ذلك , سنشد الضعن نحو المدن البعيدة , حيث لا كريم جثير ولا أيامه الحلوة المُرة ولا خياله ولا أهدابه !!؟؟

لكن تلك الجمعية كانت قد تقوضت , فقد رحل من رحل , وإنزوى من إنزوى , ولم أزل وحدي أحدق في الصومعة والشبح - شبحك المميت -
فهل أظل مشبوحا إلى ليلك ونهارك لتسمم أيامي .. لقد كنتُ دوما أردد في أذنك : أنني أمقت النهايات , أخاف من النهايات .. وحين إنبرت جراحات حُقب الدم والموت تندمل ــ حُقب السجون والخوف ودماء الأهل وألأقارب والأصدقاء التي سفحتها خناجر سلطة بغداد الدموية ــ حين إنبرت تندمل , ظهرت لي أنت - بكل ما أنت من أولئك الذين رحلوا - فما هي الحكمة في ذلك الظهور يا ترى ؟ .. هل نتوجه بالتساؤل نحو حركة النجوم أو الكون ؟ أو بوضوح أكثر : هل كان سطوع نجمك في أيامي رحمة أم لعنة ؟؟؟؟؟


ليس ثمة أية ذكرى في هذه الشقة التي أرقد فيها الآن , فلقد كنتُ قد إنتقلت إليها في الزمن الذي كنت أنت قد قررت الرحيل إلى - تورنتو -

لكن صومعتك في kennedy street لم تزل تشخص قبالتي كشبح موتك المخيف , فما العمل إذن ؟؟ .. سوف أنقل زمني إلى موطئ آخر , لعلك تحل عني .. لكن المدينة ستظل بشوارعها وأنفاقها ومقاهيها ومكتباتها وحاناتها وهندودها الحُمر ومعاملها ونقاباتها التي أثرنا فيها زوبعة ذات يوم - هل تتذكر - تظل إمتدادا لشبح صومعتك وزمنك .. وعليه لابد من شد الرحال نحو الأفق البعيد , إلى بقاع أكثر تصلبا جليديا من مدينة الثلج تلك .. كذلك , لا , فستنبثق صورتك شاخصة في تلال الثلج لتلاحقني أينما حللت !!

إذاً , نحو أفق الجنوب , نحو مُدن الدخان والمطر .. وهناك سوف أبدأ من جديد سأعاشر أقواما من جزر نائية لم تطأ أو تطرأ على أزمنتهم رؤى الخراب والدم والحرائق التي ستبعث شعاعاتها القاتلة نحو شرايين - كريم جثير - لتقتله بكل بربرية ولم يزل في عُمر مُبكر !!



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللُحى الطاووسية المُذنبة كارثة التسامح الأوروبي ؟! - على ضو ...
- رؤية العُرف العمائمي إلى الفن والعِلم !!
- عنقاء المصحة العقلية
- مُخيلة ـ صبحي حديدي ـ تقلب المجتمع الأميركي بجرة قلم إلى مجت ...
- تنبيه إلى مشايخ ( قطر ) : مُنظر سياسي مُستجد - قطري الجنسية ...
- رسالة من اللجة الأولمبية الدولية إلى - علي خامنئي - حول مشار ...
- فيصل القاسم وعُقدة النقص - هل إستطاع أحد ما أن يستشف أين تكم ...
- حوار نحو العمق - قصة ضياع الشيوعي العراقي بعد سقوط الجبهة ال ...
- مُقترحات قومجية إلى نقابة المحامين الواوية ( الأردنية ) بخصو ...
- كيف كان إستقبال - الحُور العين - للـ - وطاويط - وطاويط الأعر ...
- ما هي قصة إتفاقية زمزميات الماء والـ - بُقج - بين جيش المهدي ...
- ما هي قصة إتفاقية زمزميات الماء والـ - بُقج - بين جيش المهدي ...
- هل سيكتمل سقوط محور الشر لو خسر الرّهان الإيراني السوري وفاز ...
- سعدي يوسف وهاجس - الأميركي القبيح - 1 - 2
- تحت معبد الضباب
- صفقة من لحم !
- إغتيال الرنتيسي وإشكالية الجنة والنار .. دعوة إلى جميع الإسل ...
- سين - عين .. تذكير إلى حازم جواد .. نص قصير جدا مُهدى إلى رو ...
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي - 5
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي --- 4


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - ـــــ كريم جثير ـــــ السريالي الساخر الذي ختم سُخريته بفجيعة أدمت من تعرفوا عليه عن قرب !؟