أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):















المزيد.....



سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 14:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فواتح السور (الحروف المقطعة)، آيات الله البينات المحكمات XIV:

مقدمة:
قلنا قي موضوعنا السابق كيف أن أهل الكتاب بصفة عامة والنصارى بصفة خاصة لم يتركوا شيئاً على حاله، بل أضافوا وحذفوا وبدلوا وأسقطوا وحشروا وخلطوا،، إما عن جهل أو عن قصد،، وقد نجد لهم بعض العذر في أن الكثير من معتقداتهم ومراجعهم كتبت من روايات صادرة من شخصيات غير معصومة ولم ينزل عليها الوحي بدين من وصاية أو كتاب مبين. لأنه لم يكن لهم سوى هذه الروايات وذلك لتأخر كتابة الأثر من مصادره الصحيحة، بالإضافة إلى فقدانهم توراة موسى الأصل وقد نسوا حظاً مما ذكروا به.

فلضرورة البيان، لا بد لنا من أن نستحضر بعض الآيات، مثلاً قوله تعالى في سورة المائدة: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ « مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ » وَ « بَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا » - وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ ...):

1. (... « أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ » ...),
2. (... وَ « آتَيْتُمُ الزَّكَاةَ » ...),
3. (... « وَآمَنتُم بِرُسُلِي » ..),
4. (... وَ « عَزَّرْتُمُوهُمْ » ...),
5. (... وَ « أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا » ...),

النتيجة الحتمية والجزاء الأوفى على ذلك:
1. (...«لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ » ...)،
2. (... وَ « لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ » ...) ..... ثم ماذا إذا لم يلتزموا بالميثاق؟
قال: (... فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰ-;-لِكَ مِنكُمْ « فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ » 12).

فماذا كان إختيارهم لأنفسهم؟؟؟ ..... قال: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ...):
1. (... « لَعَنَّاهُمْ » ...),
2. (... وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ...)،

فماذا كانت النتيجة، وكيف كان السلوك،، وما هو الجزاء الاوفى؟؟؟ ..... قال:
1. (... « يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ » ...),
2. (... وَ « نَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ » ...),
3. ليس ذلك فحسب يا محمد الخاتم،، بل: (... وَ « لَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ-;- خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ » إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ...)،
هذا هو حالهم الذي ورثه النبي صلى الله عليه وسلم من أخويه موسى وعيسى عليهما السلام.

ولكن،، ما هي ردة الفعل والعمل المطلوب من النبي الكريم محمد حيال هذا الإرث الثقيل، وكيف يتصرف؟؟؟ قال الله تعالى له صراحةً ولم يترك له أي خيار:
1. (... فَاعْفُ عَنْهُمْ ...), رغم كل الذي تلاقيه منهم من عنت ومشقة،
2. (... وَاصْفَحْ ...), على أمل أن يراجعوا أنفسهم، فليس لك سلطان عليهم لتعاقبهم على إختيارهم،
مهما كانت النتيجة ومهما كان العبيء والعنت؟؟؟ ... الجواب "نعم" لأنك أنت سيِّد وإمام أولي العزم من الرسل، بل عليك أن تحسن إليهم ولا تعاملهم بالمثل وإعلم: (... أِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 13).

وإليك تفاصيل الميراث الثاني الذي كتب الله عليك أن تحمله وأنت أهل لذلك،، ألم يقل لك الله تعالى منذ بداية النبوة "إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً"،، إذاً كن على بصيرة من البداية ليكون إستعدادك بقدر المسؤولية القاسية الخطيرة التي كلفك الله تعالى بها، بل وإدخرك لها وبشر بقدومك على ألسنة الأنبياء والرسل قبلك، بل هي مكتوبة عندهم في التوراة والإنجيل (يا أحمد الخلق لربه)، يا مُحَمَّداً في السماء والأرض.

الأمَّة الثانية هي النصارى، ولكن ليس كل النصارى ، وإنما فقط المقصودون وهم أولئك الذين يَدَّعُون بأنهم نصارى وهم على غير ذلك،، فمن النصارى من ناصر عيسى عليه السلام وصَدُقَ إيمانهم بتوراة موسى مع الإنجيل، فكان عيسى راضياً عنهم، وقد بين الله تعالى نماذج من هؤلاء فمدحهم بقوله فيهم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا « الْيَهُودَ » وَ « الَّذِينَ أَشْرَكُوا » - وَلَتَجِدَنَّ « أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا » الَّذِينَ قَالُوا « إِنَّا نَصَارَىٰ-;- » ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّ «« مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ »» 82).

ليس ذلك فحسب،، بل قال عنهم: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ « تَرَىٰ-;- أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ » - مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ - « يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ » 83)، كما يقولون أيضاً: (وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ 84). فكانت النتيجة الحتمية هي الفلاح والنجاح لهم: قال في ذلك: (فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا « جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ » خَالِدِينَ فِيهَا - وَذَٰ-;-لِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ 85). فأمثال هؤلاء (قبل الإسلام) هم النصارى حقاً، ولكن بعد الإسلام لن يقبل الله كل هذا منهم إن لم يؤمنوا بالنبي الخاتم ويتبعوا دينه الذي إرتضاه الله للناس كافةً، فالمسألة ليس فيها عبث وتمحك وتنطع،، فهذا هو الجَدُّ وجَدُّ الجَدِّ،، قال تعالى صراحة وبكل وضوح: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ). فمن إستساغ الجحيم وإرتضاه فله ذلك فالله تعالى قال في سورة الليل: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ-;- 4،، فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ-;- وَاتَّقَىٰ-;- 5،، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ-;- 6،، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ-;- 7،، وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ-;- 8,, وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ-;- 9,, فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ-;- 10,, وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ-;- 11 ) صدق الله العظيم.

أما الذين يَدَّعُون بأنهم نصارى وهم في واقعهم أبعد ما يكونون من النصرانية الحقة قال الله تعالى لرسوله الكريم فيهم: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا « إِنَّا نَصَارَىٰ-;- » - أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ - «« فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ »» فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ « سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ » 14). ثم خاطبهم الله تعالى مباشرة "يهود ونصارى"، قال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ...):
1. (... « قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ » ...)،
2. (... وَ « يَعْفُو عَن كَثِيرٍ » ...)،
(... قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ:
1. (... « نُورٌ » ...), هو النبي الخاتم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
2. (... وَ « كِتَابٌ مُّبِينٌ » 15)، هو القرآن الكريم الناسخ لكل ما قبله من كتب وصحف، والمهيمن عليها،
ليس عبثاً أو لهواً،، وإنما: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ ...):
1. (... « سُبُلَ السَّلَامِ » ...)،
2. (... وَ « يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ » ...),
3. (... وَ « يَهْدِيهِمْ إِلَىٰ-;- صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ » 16).

عودة مرة أخرى للذين يدَّعُون بأفواههم بأنهم نصارى ولكنهم على عكس ذلك، بين الله حالهم عنده، فقال لنبيه الكريم: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا «« إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ »»...), هذا هو الله الواحد الأحد،، رب السماوات والأرض رب العرش العظيم يعلنها مدويةً بأن هؤلاء عنده كفاراً وهذا يعني أنه لن يقبل منهم صرفاً ولا عدلاً... بل وتحداهم وبين سلطانه وهيمنته عليهم وعلى إلهمم المزعوم وعلى الخلق كله دون إستثناء،، فقال لنبيه الكريم: (... قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ...):
1. (... « إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ » ...)؟
2. (... وَ « أُمَّهُ » ...)؟؟,
3. (... وَ « مَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا » ...), ؟؟؟
ثم قال لهم مؤكداً بأنهم لن يستطيعوا،، بل الخلق كله لن يستطيع أن يأتي بما يتعارض مع هذه الحقيقة لذا قال: (... « وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا » - يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ - «« وَاللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »» 17).

الآن بقي التصدي للإدعاءات الفارغة من أهل الكتاب جميعهم، قال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ-;- « نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ » ...), وهذا بلا شك إدعاء ساذج باطل أرعن،، ولن يستطيع أي منهم أن يقيم الدليل عليه لذا فهو مثير للسخرية. إذاً أسألهم يام محمد: (... قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ...)؟؟؟ ..... هذا وهم منكم تخدعون به أنفسكم ومن إبتعكم تقليداً لكم وتبعية دون أن يسألكم عن دليل أو برهان،،، قال لهم أنتم واهمون حقاً: (... بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ « يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ » وَ « يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ » - وَلِلَّهِ مُلْكُ « السَّمَاوَاتِ » وَ « الْأَرْضِ » وَ « مَا بَيْنَهُمَا » - وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ 18).

ثم خاطبهم مباشرة "يهود ونصارى" قال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ-;- فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ » ...), ليقطع حجتكم يوم القيامة: (... أَن تَقُولُوا « مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ » ...), فما تبرير حجتكم حينئذ، وما الذي ستقولونه لله تعالى بعد رسالة الإسلام التي أوحاها إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، ذلك أحمد الذي تعرفونه كما تعرفون أبناءكم، وكنتم تستفتحون به على غيركم، وها هو ذا قد جاءكم بكل المواصفات التي تعرفونها عنه في كتبكم من توراة وإنجيل، البشير النذير محمد رسول الله: (... فَقَدْ جَاءَكُم « بَشِيرٌ » وَ « نَذِيرٌ » - وَاللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 19).

من هذا الواقع والمعطيات بدأ النبي مشواره القاسي في الدعوة بآخر أخبار السماء التي أودعها الله كتابه المبين (القرآن الكريم) الذي فيه خبر ما قبلنا وحكم ما بيننا إلى أن تقوم الساعة. محمد الذي واجه أعتى مثلث قوى بأضلاعه الثلاثة التي قد أحاطت به بشراسة وقسوة، فرمته بسهم واحد،، اليهود الذين يمثلون وتر المثلث القائم الزاوية ثم يليه الضلعان الآخران هما النصارى والمشركين.

تسلم النبي الخاتم المقود بجدارة وإقتدار وإستعدادٍ فاق المطلوب منه بكثير،، فتضاءلت تجربة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أمام تجربته الصعبة،، وقد جاء البيان الأول من السماء يبين الموقف الذي كان على النبي مواجهته بأن يحول مثلث الكفر والشرك والضلال إلى دائرة مركزها كتاب الله وسنة رسوله الكريم، فنزلت سورة البَيِّنِة،، التي للأسف لم يتدبرها الناس بصفة عامة والمسلمون بصفة خاصة، ولأهميتها فإننا سنذكرها هنا لأن مهمة التبي فيها هي نسخ ما سبق الإسلام من أديان وإيقاف العمل بهما وهذا يعني إنساءها ثم إبدالها بالدين الذي أكمله الله تعالى وأتمم به نعمته على البشرية كلها ورضي لها الإسلام ديناً.

فماذا قال تعالى في سورة البينة (البيان)؟؟؟
فلنتابع هذه السورة الكريمة، ولنتدبر آياتها المبينة التي رسم الله بها خارطة الطريق للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وكشفت السبب والغاية من إرسال النبي الخاتم بالدين العام، قال:
أولا: إنه عندما أرسل نبيه ورسوله محمد: (لَمْ يَكُنِ ...):
1. الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ...), إنتبه جيداً إلى دقة التعبير!!! لم يقل "كل أهل الكتاب"، بل قال "الذين كفروا من أهل الكتاب"، حتى لا يأتي من يتشدق فيقول بأن الإسلام يكفر الناس من غير المسلمين،، من أولئك الذين لا هم لهم ولا دين سوى الفتن "يبغونها عوجاً،
2. (... وَالْمُشْرِكِينَ ...), سواءاً أكانوا يعبدون الأصنام أو الحيوانات، أو الأجرام السماوية أو عباد البشر الذين على رأسهم أصحاب الأقانيم الثلاثة، أو حتى الذين يعبدون أنفسهم وآباءهم ورؤساءهم، كما نرى الآن في مصيبة "الربيع العربي" الذي يُذهِبُ طاغوتاً ويأتي بسفاحٍ جاهلٍ خَرِبْ"،

لم يكن كل هؤلاء منفكين،، بل كانوا قلباً وقالباً ومصيراً مرتبطين برباط قوي لا مجال ولا آلية ولا فكر أو مرجعية سليمة يمكن أن تفك هذا الرباط الذي دمج "الذين كفروا من أهل الكتاب" مع "المشركين" ألا وهو رباط الشرك بالله تعالى، لذا لم يكونوا في حقيقتهم: (... مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ-;- تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ 1). وهذه البينة لا يمكن أن تأتي من بينهم أبداً، لذا فإن مصدرها هو السماء، حيث ستكون حينئذ عبر: (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً 2). من صحف وتوراة وإنجيل عبر القرآن الكريم: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ 3). فماذا كانت النتيجة؟؟؟

شرك الأميين معلوم ولا يحتاج إلى شواهد، فهم يعبدون الأوثان والأصنام جهاراً نهاراً،، ولكن، ما نوع شرك أهل الكتاب وهم إما نصارى أو يهود؟ وما هي الشواهد على هذا الشرك؟
حسناً،،، ألم تقل بعض اليهود إن "عذير" (تصغير "عذرا")، ابن الله؟ ،،، ألم يقل بعض النصارى إن المسيح بن الله؟؟؟ فما الفرق عن قول المشركين "الملائكة بنات الله"؟؟؟ . إذاً كل هؤلاء أصبح رابطهم هو "الشرك".

لقد تحقق ما قصده الشرع، وهو فك هذا الرباط المحكم الخانق،، الذي لم يستطع أهل الكتاب ولا المشركين فكه أو تخفيف وطأته، قال تعالى: (وَمَا تَفَرَّقَ - الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ - « إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ » 4). ولكن،، ما هي وجهتهم بعد هذا التقريق بينهم؟؟؟ ..... هل إتبعوا الحق والنور الذي جاءهم؟؟؟
الجواب للأسف "كلاً"، بل رجع كل فريق منهم إلى شرعته ومنهاجه الذي كان قد خرَّبَهُ بتحريفه، وقد نَسِيَ حظاً مما ذكر به، حتى أوصله ما بقي مشوهاً منه إلى الشرك والإرتباط الوثيق مع أهل الشرك، فآثر الضلال والإضلال فإنفكاكه من الشرك أدخله في دائرة الكفر والتمرد على الله ورسوله، قال تعالى في ذلك: (وَمَا أُمِرُوا « إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ » وَ « يُقِيمُوا الصَّلَاةَ » وَ « يُؤْتُوا الزَّكَاةَ » - وَذَٰ-;-لِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ 5).

هذا كل ما طلب منهم، لا أكثر. ولكنهم أخلدوا إلى الأرض وإختاروا لأنفسهم الكفر والفسوق والعصيان. فتركهم الله لكفرهم ولمصيرهمالذي إختاروه لأنفسهم يوم القيامة، مبيناً ما سيؤول إليه حال كل فريق منهم وفق ما إختاره لنفسه، قال:
1. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا « مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ » وَ « الْمُشْرِكِينَ » - فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا «« أُولَٰ-;-ئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ »» 6)،
2. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ «« أُولَٰ-;-ئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ »» 7)، ليس ذلك فحسب، بل: (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ « جَنَّاتُ عَدْنٍ » - تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ - « خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا » - «« رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ »» - ذَٰ-;-لِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ 8).

فعملية فك رباط الشرك كانت ضرورية، لأنها أوجدت حركة فكرية قوية بعثتها للوجود آيات القرآن الكريم التي عملت على فك أضلاع المثلث لتمايز الصفوف ومواجهة الباطل بالحق وإعطاء فرصة حقيقية لإعادة التفكير مرة ومرات،، وبالفعل بدأ مؤشر الإيمان يرتفع،، فتحرر المشركون من قبضة عصبية وعنصرية وأهواء أهل الكتاب، فطفقوا يدخلون في دين الله أفواجاً، فكانت مهمة سورة البينة ونتائجها عظيمة ونجاحاتها باهرة.

***************************************************************
آيات الله الينات (ألم، كهيعص):

قلنا في موضوعنا السابق إن الباحث قد مارس خصلة التحريف المزمنة لديه فإختزل فواتح السور من الحروف المقطعة في أرقام ومجاميع جوفاء فارغة، لعل الله قد إستدرجه لذلك حتى تلقي به الريح في مكان سحيق، وقد كان. فأسكرته هذه المجاميع الثلاثة، ففتحت شهية التحريف لديه، فأعمل فيها ملكة السذاجة والجهل والعار، فجاء بشر عميم.

وقلنا أيضاً بأنه,, وبعد أن إتضحت الأمور جليةً بأن هناك أيدٍ آثمة ونوايا مغرضة عبثت (عن عمد) في نسب السيد المسيح وأمه عليهما السلام،، كان لا بد من أن يتدخل الوحي السماوي ليصحح كل هذه الإفتراءات ويقومها، ويضع الأمور في نصابها الصحيح، لذلك فقد أنزل الله تعالى سورتان كبيرتان "مشفرتان" لمعالجة هذا العبث الذي ظن أصحابه أن الله تعالى غافل عما يعملون،، فجعلهم يمكرون بأنفسهم المكر السيء حتى نهايته، ثم تركهم حتى إطمأنوا بأن سرابهم كان ماءاً فلما جاؤوه لم يجدوه شياً،، فلم ينفعهم مكرهم بل أصبح وبالاً عليهم. وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال،، ولكن الله "شديد المحال"، يمهل ولكنه لا يهمل.

فالآن علينا أن نحاور هاتين السورتين تباعاً لنستمع إلى شهادة كل منهما لأنهما المرجع الوحيد المعتمد من بين أي مرجع آخر لأنه من رب العالمين.

وقلنا إن السورة الأولى المعجزة سماها الله تعالى سورة "آل عمران"،، لأن اللغط كله والعبث جاء في هذا الإصطفاء الرابع الذي يخص أهل الكتاب من يهود ونصارى. والذي به عمرانان إثنان، أحدهما "عمران والد موسى وهارون وأختهم مريم"، والثاني "عمران والد العذراء البتول، والحفيد الأخير لعمران والد موسى)، وجَدُّ المسيح عيسى عليه السلام من جهة أمه. وقد شفرها بالآية الكريمة المعجزة (ألم). فما قصة هذا الإصطفاء الذي إنفرد دون غيره من الإصطفاءات الأخرى بهذا الكم من السخب والشك والتوجس بل والعبث؟؟؟

ماذا قال الله تعالى في سورة آل عمران؟؟؟

أولاً: هناك ملاحظة مهمة للغاية،، وهي أن السورة إسمها (آل عمران)، وأن أول آية بهذه السورة هي (ألم)، وهذه دلالة واضحة إلى حيث يشير إسم الإشارة (ذلك)، فكأنها تقول لك ضمنياً،، تَحَرَّى (ألم) عندما تبدأ الآيات في ذكر (آل عمران) بهذه السورة. وبالتالي فإن المتدبر سيصل بإذن الله إليها ويعرف الكثير عنها.

ثانياً: هذه السورة ، من السور الطويلة نسبياً بعد سورة البقرة التي جاءت في 286 أية. بينما هذه قد بلغت آياتها فقط 200 آية كريمة.

ثالثاً: هي أيضاً من السور التي تبدأ بثلاث حروف متقطعة (أ ل م)، تماماً مثل فاتحة سورة "البقرة" من حيث الرسم والتكوين والموقع من الصدارة بالسورة،، وكما رأينا وخبرنا معاً ذلك القدر العالي من المعاني الكبيرة التي تشير إليها هذه الحروف وكيف أنه لأهميتها وخطورتها إستحقت أن يرمز لها الخالق سبحانه وتعالى بهذه الرموز المعبرة، البينة المعاني والعالية البيان. ولكن، هل (أ ل م) هنا في هذه السورة لها نفس المعاني والدلالات التي كانت لدى سورة البقرة؟ أم أنها ترمز إلى معانيٍ وآيات أخرى عالية القدر من الأهمية والخطورة مما يستدعي أيضاً لفت إنتباه العبد لأهمية تدبرها والتطلع إلى تلك المعاني التي أراد المولى عز وجل أن نستوعبها بما تستحقه من وعي مدرك ومستبصر؟
إذن فلنر معاً ذلك ولنستمتع بروعة هذه السورة وسمو البيان والإعجاز فيها إن شاء الله تعالى.

سبب نزول الآيات:
لعل هذه الآيات قد نزلت في وفد نصارى نجران المكون من ستين راكباً، فيهم أربعة عشر من أشرافهم، ثلاثة من أكابرهم: أميرهم "عبد المسيح"، ومشيرهم "الأيهم"، وحبرهم "أبو حارثة بن علقمة"، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم منهم أولئك الثلاثة معه، فقالوا تارة إنَّ عيسى هو "الله" لأنه كان يحي الموتى، وتارة هو "ابن الله" إذ لم يكن له أب، وتارة إنه "ثالث ثلاثة" لقوله تعالى "فعلنا وقلنا" ولو كان واحداً لقال "فعلتُ وقلتُ" فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1. ألَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أنَّ رَبَّنَا حيٌّ لا يموت وأن عيسى يموت؟ ، قالوا: بلى،
2. قال: ألَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أنَّه يكون ولد إلا ويشبه أباه؟ ،، قالوا بلى،
3. قال: ألَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أنَّ رَبَّنَا قَائِمٌ على كلِّ شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه فهل يملك عيسى شيئاً من ذلك؟ ، قالوا: لا ،
• قال: الستم تَعْلَمُوْنَ أنَّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهل يعلم عيسى شيئاً من ذلك إلا ما عُلِّمَ؟ ،، قالوا: لا،
• قال: الستم تَعْلَمُوْنَ أنَّ رَبَّنَا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث وأن عيسى كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ ،، قالوا: بلى،
• فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف يكون كما زعمتم؟ فسكتوا وأبوا إلا الجحود فأنزل الله تعالى السورة إلى نيف وثمانين آيةً.

كما تلاحظ أن في الغالب الأعم يأتي ذكر الكتاب والقرآن في الآية أو الآيات التي تلي مباشرة آيات "الحروف المقطعة" التي يشير إلى دلالاتها العميقة والكبيرة في أم السور بأسماء الإشارة "ذلك -;-" (تذكيراً) حين يقصد الكتاب بذاته، أو في الغالب إسم الإشارة "تلك -;-" (تأنيثاً) عندما يقصد بالإشارة "أيات الكتاب" وليس الكتاب نفسه، وفي بعضها يذكر الكتاب بدون إسم إشارة، فكما نرى فيما يلي كيف أنها دائماً تقترن بالكتاب والقرآن فنجد مثلاً:
1. في سورة البقرة – (أ ل م 1) ، (« ذلك الكتاب » لا ريب فيه هداً للمتقين 2)،
2. وفي سورة يونس – (الر « تلك آيات » الكتاب الحكيم 1)،
3. وفي سورة يوسف – (الر « تلك آيات » الكتاب المبين 1) ،
4. وفي سورة الرعد – (المر « تلك آيات » الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 1) ،
5. الحجر – (الر « تلك » آيات الكتاب وقرآن مبين 1) ،
6. الشعراء – (طسم 1) ، («تلك آيات» الكتاب المبين 2) ،
7. النمل – (طس « تلك آيات » القرآن وكتاب مبين 1) ،
8. لقمان – (ألم 1) ، («تلك آيات » الكتاب الحكيم 2) ،
9. القصص – (طسم 1) ، (« تلك آيات» الكتاب المبين 2) ،
10. وفي سورة هود – (الر « كتاب أحكمت آياته » ثم فصلت من لدن حكيم خبير 1)،
11. وفي سورة إبراهيم – (الر « كتاب أنزلناه إليك » لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد 1) ،
12. السجدة – (ألم 1) ، (« تنزيل الكتاب » لا ريب فيه من رب العالمين 2) ،
13. غافر - ﴿-;-حم 1) ، («تنزيل الكتاب من الله » العزيز العليم 2) ،
14. الجاثية - ﴿-;-حم 1) ، («تنزيل الكتاب من الله » العزيز الحكيم 2) ،
15. الأحقاف - ﴿-;-حم 1) ، («تنزيل الكتاب من الله » العزيز الحكيم 2)،
16. فصلت - ﴿-;-حم 1) ، («تنزيل من الرحمن الرحيم » 2)
17. الزخرف - ، والدخان ﴿-;-حم 1) ، («والكتاب المبين » 2) ،
18. طه – (طه 1) ، (ما أنزلنا عليك « القرآن » لتشقى 2) ،
19. يس – (يس 1) ، (« والقرءان الحكيم » 2) ،
20. ص – (ص و« القرءان ذي الذكر » 1) ،
21. ،،،، الخ

كثر التخبط والتكهنات الغريبة والبعض شطح شطحات سخيفة لا تليق بكتاب الله تعالى. وقد بلغت هذه التكهنان حد الإدعاء بأن هذه الآيات البينات الوضاءات هي حروف ليس في مقدور البشر معرفتها أو الوصول إلى مراد الله تعالى منها رغم قوله تعالى "قرءاناً عربياً غير ذي عوج"، وقوله تعالى "كتاب « أحكمت آياته » ثم « فصلت من لدن حكيم خبير»، وغيرها من الآيات التي تتعارض تماماً مع هذه الإدعاءات والتكهنات غير الموفقة والشطحات المضحكة المبكية، وقد بلغ الخيال ببعضهم حد الإدعاء بأن هذه الحروف "ليست حروفاً عربية" بل هي كلمات من اللهجة أو اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) كما قلنا سابقاً.

وأن البعض قد نسبها إلى اسماء قالوا هي للسور أو أسماء للملائكة أو أسماء لله تعالى،، وهكذا من طرق الهروب من مسئولية التدبر ألعميق والتفكر والتمحيص الذي نحسب أن الشرع أراده قصداً ليكون بذاته إعجازاً بيانياً وإحكاماً يحير العقول ويشرح الصدور، ومحاولة تبرير العجز عن تدبر آيات الله البينات للوصول إلى معانيها السامقة الوضاءة، مما أغرى أعداء الإسلام إلى التفنن في إيراد الشبهات والتشكيك في القرآن الكريم ومعانيه ومقاصده، مدعين بتحدٍ أن هذه الحروف المقطعة في فواتح السور إنما هي "عاطلة" لا عمل لها ولا معنى.

فيزيد تشككهم وخوضهم بسبب عجز علماء المسلمين من ثبر غور هذه الآيات البينات المعجزات، بل أدى تخبطهم في تفاسير بعضها تفسيراً ساذجاً وبعيداً عن روح القرآن وبيانه وأسلوبه، وبصورة تكاد تكون غير مقنعة حتى لأصحابها الذين أتو بها ليردوا على تلك الشبهات، ولكن لضعفها يزداد الأمر سوءً وتدهوراً والتنيجة أنهم ينهزمون أمام مناظريهم الجهلاء ومجادليهم بالباطل الذين كبيرهم وزعيمهم هو زكريا بطرس ورشيد المغربي ومن شايعهم وإستمع إليهم. على أية حال نحن الآن قد تجاوزنا كل هؤلاء الأقذام بعد أن أصبحوا نسياً منسياً لا يقوون على المجابهة والدفاع حتى عن أنفسهم فأصبحت أعمالهم كرماد بقيعة، أمام الضربات المتلاحقة من آيات الله البينات المبينات المفحمات.

لذا وقبل أن نبدأ لا بد لنا من التفريق ما بين (أ ل م) من سورة البقرة ، وبين (أ ل م) من سورة آل عمران لأنهما على الرغم من إلتقائهما في صورة البناء والتركيب والنطق فقط إلا أنهما مختلفان من حيث المعنى وخصوصية المدلول ومقاصد الإشارة. وسنرى معاً بهذه السورة وغيرها من السور الأخرى التي أفتتحت بالآية (أ ل م) أيضاً أن لكل سورة منها معنى خاصاً وهدفاً بيانياً مختلفاً عنه في السور الأخرى التي تتضمن هذه الآية الكريمة (الم).

سورة آلعمران:
كأنما يلفت الله تعالى نظر وحس ألمتدبر لهذه السورة الكريمة، ليتحرى الإشارة إلى حيث مكان وجود (أ ل م) لمعرفة صدقها ودلالتها التي سيقابلها ويعرفها ضمن أياتها التي عليه أن يصلها بعد الإلمام بكل دواعيها ومقتضياتها بدءاً من قوله تعالى ( اللَّهُ لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ ... )، وحده لا شريك له ولا نظير، فرداً صمداً، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وهذا تنزيه لله تعالى عن الولد الذي نسبه إليه مشركو النصارى الذين قالوا إن "عيسى أبن الله،، زوراً وبهتاناً"، قال: (... الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2)، وفي هذا تنزيه لله تعالى عن التجسيد والصلب والموت والقيامة، التي يدعيها مشركو النصارى بقولهم (اللاهوت حل في الناسوت، فصلب ومات على الصليب ثم قام بعد ثلاث أيام) من بين الأشباح والموميات، فالله تعالى حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم.

ثم قال لرسوله: ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ...)، نزله بذاته لا ند له ولا شريك، وفي هذا تكذيب لمشركي النصارى (لقولهم بأن القرآن كتبه النبي بيده من بعض ما تعلمه من ورقة بن نوفل وبحيرا الراهب من التوراة والإنجيل، وإدعائهم بأن الحروف المقطعة من القرآن هي من إبتكارات بحيرا الراهب دسها في القرآن ليثبت للأجيال المتأخرة من المسيحيين بأن المسيحية هي الدين الكامل بشهادة القرآن،،، الى آخر هذه الخزعبلات والتخرصات) الغبية، فقال عن هذا الكتاب بأنه جاء: (... مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ...)، من الصحف الأولى، والكتب السماوية السابقة التورات والإنجيل، قال: (... وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ 3). أنزلهما كتابين مقدسين على رسل كرام، فكانا هدى للناس من قبل إفسادهما بالتحريف، ثم نسخهما وإنساءهما.

قال عنهما أنهما كانا: (« مِن قَبْلُ » هُدًى لِّلنَّاسِ ...)، أما بعد التحريف والتجريف فلم يعودا كذلك، فهو لم ينزلههما عبثاً أو لهواً، بل لغاية سامية، ولكنها لم تتحقق لإفساد ما قد أنزل، فأبطلهما: (... وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ...)، عليك عوضاً عن ذلك، لأنه عند إرسالك: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين،، بل مرتبطين تماماً برباط الشرك الذي لا أمل في فكاكه إلا بالبينة التي هي « رسول من الله »,,, فكنت أنت وكان القرآن)، لنفس الغاية والمقصد من أجل هدى للناس لإخراجهم من وهدة الكفر والضلالة التي هم عليها.

فإن كفروا واستحبوا العمى على الهدى فلن يتركهم الله تعالى دون عقاب أو جزاء،: (... إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ...)، على ذلك الكفر بإدعائهم بأن هذا القرآن لم ينزل من عند الله وأنه مفترىً من عندك وأعانك عليه آخرون أعاجم: (... وَاللَّهُ عَزِيزٌ ...)، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء: (... ذُو انتِقَامٍ 4)، لا مهرب لأحد من إنتقامه وبطشه بالجبارين المكذبين.
فمن ظن منهم أن هناك شيء يخفى على الله فهو ضال واهم: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ-;- عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ 5)، وتذكروا أيها المكذبون الضالون، أن الله: ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ...)، ليس هناك غيره ولا ند ولا شريك له ولا في عزته أو حكمته: (... لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 6).

إذاً،، من أين جاء محمد الخاتم بهذا الكتاب المعجز؟؟؟
من أين يامحمد إذاً جاءك هذا الكتاب؟ إن لم يكن من عند الله تعالى، كما يدعي هؤلاء الجهلاء المكذبين؟ ... لا شك أن الله: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ...)، الذي بين يديك، لأنه فوق قدرات وملكات وطاقات وفكر البشر: وتفاصيله كالآتي:
(... مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ ...) - تامات وبينات المعنى والدلالة:
1. منها فواتح بعض السور: (... هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ...) التي هي سورة الفاتحة وهذا معروف،
2. وهناك أُخَرُ غيرها من الحروف المقطعة متشابهات تقتضي الدقة والورع والحذر في تدبرها وفهم مدلولاتها ومراميها، وسيكشف الله تعالى بها أكاذيبهم وإفتراءاتهم ويهدم بها ما بنوه آلاف السنين بإستخدام (التحريف) بجدول (أبجد هوز ...)، وحساب الجمل،، (... وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ...) مثلاً: لقد رأينا (الم) جاءت ست مرات متشابهات تركيباً وصدارة، ولكن كل منها لا يشتبه بالآخر،، وكذلك الحال مع (الر) خمس مرات، و (حم) سبع مرات ،،، الخ.

قال تعالى عن نفسه: (هُوَ الَّذِي « أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ » - مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ ...):
1. (... أُمُّ الْكِتَابِ ...)، "إمام الكتاب" أو "مقدمة الكتاب", فهي في المقدمة وبمثابة (الإمام)، لذا فهي فاتحة له،
2. (... وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ...)، ولعل الحروف المقطعة، فواتح بعض السور "المشفرة" هي ضمن هذه المتشابهات، وكما أن الفاتحة هي التي تحدد الذين جاء هذا الكتاب من أجلهم، فكذلك هذه الفواتح، فهي تحدد المقصود منها بالسورة المعنية، كما شاهدنا فإن "يس" من بعض المقصود بها تأكيد رسالة محمد، و "طس" من بعض المقصود بها تبرأة سليمان وإثبات فضله، و "طه" تتعلق بنبي الله موسى، و"الر" المقصود بها نبي الله يوسف،،، الخ ،، فمن المقصود بالآية المحكمة "الم" في هذه السورة من آل عمران؟؟؟

قال تعالى: (... فَأَمَّا الَّذِينَ « فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ » ...)، من أولئك الجهلاء المحبطين الذين يخوضون في آيات الله أمثال زكريا بطرس، ورشيد المغربي، وسامي الذيب ووفاء سلطان،،، ومن شايعهم من المنافقين المتربصين الحاقدين ... (... فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ...), ليس للوصول إلى الغاية منها أو تحيزاً للحقيقة، وإنما فقط: (... « ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ » وَ « ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ » ...), ولكنهم خسئوا وخابوا وضل سعيهم لأنه محجوب عنهم وهم مختومون، لذلك فلا مجال لتبصرة من طُمِسَتْ لديه البصيرة: (... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ « إِلَّا اللَّهُ » ...), فإن أراد تأويله فصله في كتابه تفصيلاً أو أحكمه فترك الأمر للتدبر والتفقه في كتابه وآياته. (... وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...)، حتى إن لم يستطيعوا الوصول إلى شيء من كنوز كلام الله عبر التدبر، لقلة أو محدودية قدراتهم وملكاتهم (وهذا أمر وارد)،، فإنه لا يخالجهم أي شك في حكمة الله تعالى وعلمه لذا: (... يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ...), فالتقصير من جانبنا نحن وليس في بلاغة وبيان وإحكام آيات الله ... لذا ربط التذكر بالألباب، وخص به أهله، فقال صراحةً: (... وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا « أُولُو الْأَلْبَابِ » 7).

المؤمنون، والبراءة من الشرك:
قال تعالى عن أولي الألباب قولهم:
1. (رَبَّنَا « لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا » وَ « هَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً » - إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ 8)،
2. (رَبَّنَا « إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ » - إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ 9)،
3. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا « لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا » - وَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ 10).

ثم التحذير من مغبة الكفر وعواقبه:
قال تعالى مبيناً نماذج من عواقب الذين كفروا من قبل فأهلكهم بذنوبهم فما بكت عليهم السماء ولا الأرض: وأن الذين يكفرون بما أُنزل عليك يا محمد سيكون حالهم تماماً: (كَدَأْبِ « آلِ فِرْعَوْنَ » وَ « الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ » - كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا «« فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ »» - وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ 11). فليس هناك عند الله "خيار وفقوس" بين عباده فالكل متاحة له الرحمة إن قصدها وإستحقها، وفي إنتظاره العذاب والثبور والنار إن كان من أهلها وعمل مقتضياتها.

فخارطة الطريق واضحة ولن تتغير أو تتبدل، وكل الناس عند الله سواسية كأسنان المشط، فلكلٍ عاقبة إختياره، لذا، أمر الله نبيه الكريم بأن ينذر الكافرين، فقال له: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا « سَتُغْلَبُونَ » وَ « تُحْشَرُونَ إِلَىٰ-;- جَهَنَّمَ » « وَبِئْسَ الْمِهَادُ » 12).
وذكرهم أيضاً بما عاصروه من تجربة رأوها بأعينهم وعايشوا أحداثها، قل لهم: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ...):
1. (... فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...)،
2. (... وَأُخْرَىٰ-;- كَافِرَةٌ ...),
فكانت النتيجة المزهلة التي لم يكن أحد يتوقعها، أنهم كانوا: (... « يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ » - وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ « إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ » 13).

إذاً،، لفت الله تعالى نظر الكافرين والمكذبين إلى نموذجين للإعتبار بهما،، النموذج الأول كان تذكيره لهم بما آل إليه حال المكذبين من الأمم السابقة وأخبرهم بأن حالهم أيضاً سيكون كدأب آل فرعون والذين من قبلهم من الأمم الهالكة إن فعلوا ما فعله أولئك، وأصروا عليه، وإختاروه طريقاً لهم، وثبتوا عليه. والنموذج الثاني هو حادثة معاصرة لهم رأوها بأعينهم بينت لهم بجلاء ووضوح كيف كان نصر الله على الكافرين رغم قلة عدد وعتاد المؤمنين آنذاك. كل ذلك لعلهم عظةً ونذارة وفرصة سانحة (رحمةً من الله)، لكي يتفكرون في حالهم المتردي إن ظلوا على كفرهم، والآخرة أدهى وأمر.

أسباب الغواية، وحب الدنيا وكراهة الموت:
قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ...):
1. (... مِنَ النِّسَاءِ ...),
2. (... وَالْبَنِينَ ...),
3. (... وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ...),
4. (... وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ...),
5. (... وَالْأَنْعَامِ ...),
6. (... وَالْحَرْثِ ...),
ولكن،،، (... « ذَٰ-;-لِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » ...) .......... (...« وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ » 14).

ثم أمر نبيه الكريم بقوله له: (قُلْ « أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰ-;-لِكُمْ »؟؟؟ ...)،،- « لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ »...):
1. (... جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ...),
2. (... وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ...),
3. (... وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ...),
(... وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 15).
كل ذلك وغيره لأولئك الذين إتقو وهم بالطبع: (الَّذِينَ يَقُولُونَ « رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا » - فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا - وَ « قِنَا عَذَابَ النَّارِ » 16)، فالله بصير بعباده: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ 17). فأعد لهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

الله تعالى شهد لنفسه بالوحدانية وتوعد المشركين:
أولاً: قال: (« شَهِدَ اللَّهُ » - أَنَّهُ لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ – وَ « الْمَلَائِكَةُ » وَ « أُولُو الْعِلْمِ » - قَائِمًا بِالْقِسْطِ - «« لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »» 18). فالله تعالى غني عن الشرك، فلا يقبل أي عامل ولا عمل فيه مثقال ذرة من شرك.

ثانياً: بين صراحةً أنه لن يقبل أي دين من أحد سوى « الإسلام »،، وهذا تأكيد واضح بأن (كل الأديان التي سبقت الإسلام منسوخة، ولن يقبل الله تعالى أي عمل بموجبها سوى الإيمان بها فقط)، لذا فمن أراد يوهم نفسه بدين يدعي أنه يبتغي به وجه الله تعالى فقد خدع نفسه وظلمها وأوبقها، (وبالطبع، ليس لأحد سلطاناً عليه، فهذا إختياره لنفسه بعد أن بلغته النذارة)، وسيعرف ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم موحد،، لذا قال صراحة وبوضوح تام: («« إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ »» - وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ « إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ » - وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ «« فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ »» 19). وقد يعجل الله بعضاً من صنوف العذاب في الدنيا "إن شاء"، أو يؤخره ليوم الحساب.

هذا أمر واضح لا مراء فيه ولا تَوَسُّطَ.. قَبِلَهُ من قَبِلَهُ، وأعْرَضَ عنه من سفه نفسه، وأوبقها وأوردها المزالق والمهالك والمعاسر، لذا قال لنبيه الكريم: (فَإِنْ حَاجُّوكَ « فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ » - وَ « قُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ » «« أَأَسْلَمْتُمْ »»؟؟؟ - فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا - وَّإِن تَوَلَّوْا - « فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ » وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 20).
هكذا دائماً مهمة كل الأنبياء والرسل،،، لم يأمر الله أي منهم بأكثر من "البشارة" و "النذارة"، (قل لهم كذا، أو بلغهم بكذا وحذرهم من كذا)، من غير ضغوط ولا إكراه ولا قتال ولا سباب لأديانهم ومعتقداتهم. فالله تعالى لم يقل لأي منهم قاتل المعارضين والمكذبين أو أقتلهم أو حتى وبخهم أو أغلظ عليهم (لا قولاً ولا فعلاً). وإنما الأمر لهم دائماً « فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ » وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.

أما الذين يقاتلهم الأنبياء والمرسلين هم المعتدون الذين يريدون إيقاف الدعوة بقوة السلاح, هؤلاء فقط الذين يقاتلون، ليس لتغيير دينهم بالقوة، ولكن لإيقاف شرهم وخطرهم ومكرهم وتربصهم بالمؤمنين، لذا قال تعالى:
1. (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ...)، ليس ذلك فحسب، فكفرهم راجع إليهم وإختيارهم (عن علم)، أما الذين يتجاوزون ذلك الحق بالجنوح إلى المكايد والمؤامرات ويمثلون خطراً على الآخرين،
2. (... وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ...),
3. (... وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ...),

فهؤلاء الذين إختاروا لأنفسهم هذا الطريق من العدوان والحرابة: (... فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ 21)،، من الله تعالى مباشرةً،، لكل أولئك الذين إختاروا لأنفسهم طريق الكفر فقد تولى الله أمرهم في الدنيا والآخرة بذاته، قال: (أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ « حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » - وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ 22)، ثم قال لنبيه الكريم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ....), وهو "التوراة والإنجيل"، لأن الكتاب الكامل هو القرآن الكريم، قال عنهم: « يُدْعَوْنَ إِلَىٰ-;- كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ » ...)، (بدلاً من ذلك النصيب الجزئي الذي آتاهم الله إياه من الكتب السابقة)، فيرفضون الإحتكام إليه وهم يعلمون أنه الحق من ربهم، وقد أخبرهم موسى بذلك وكذلك عيسى عليهما السلام، ولكن العناد والهوى والتعصب العنصري وولاية الشيطان تمنعهم من ذلك، قال: ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ-;- فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ 23)؟، ظناً منهم بأنهم شعب الله المختار، وقد صدَّقًوا هذه الأوهام وإستيقنتها أنفسهم: (ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا « لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ » - وَ « غَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ » 24)، فخدعوا أنفسهم ولم يدركوا بأنهم هم الأخسرون، لذا قال تعالى لنبيه الكريم: (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ وَ « وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ » - وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ 25)؟ ما الذي سيحاجون به عند ربهم يوم يتبرأ منهم موسى وعيسى ومن تبعهم بإحسان وسلك طريقهم (قبل الإسلام)؟؟؟

بين الله تعالى لنبيه برنامجه للدعوة بدقة متناهية:
أولاً: قال له بأن ينطق بأصول وقواعد الإيمان، قائلاً له: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ - « تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ » وَ « تَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ » وَ « تُعِزُّ مَن تَشَاءُ » وَ « تُذِلُّ مَن تَشَاءُ » - بِيَدِكَ الْخَيْرُ - « إِنَّكَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » 26)، ليس ذلك فحسب، بل: («تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ » وَ « تُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ » - وَ « تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ » وَ « تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ » - وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 27).

ثانياً: حذره من ولاية الكافرين مطلقاً، قال له: («لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ « أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ»» ...) هذا الخط الفاصل بين الإيمان والكفر: (... وَمَن يَفْعَلْ ذَٰ-;-لِكَ «« فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ »» ...), فهو خادع لنفسه،، إلَّا في الحالات التي لا خيار فيها وتقتضي إختيار أخف الضررين "كارهين"، قال تعالى في هذا الإستثناء المشروط: (... « إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً » ..), ولكن إياكم أن تتخذوا من هذا الإستثناء ذريعة وحجة لتجاوز هذا التحذير من موالاة الكافرين من دون المؤمنين": (... وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ...), لأنكم لن تستطيعوا خداع الله بمخادعتكم تلك،، ولا تنسوا أنكم راجعون إلى الله ومصيركم في يده، قال: (... وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ 28).

ثالثاً: أكد الله تعالى بأنه لا يستطيع أحد أن يعلم بما في الصدور من أسرار سوى الله تعالى، فقال لنبيه الكريم أن يخبر هؤلاء بأن إخفاءهم ما في صدورهم أو إبداءه فإنه لن يخفى عن الله منه شياً لأنه عنده سواء، قال: (قُلْ « إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » ...), فهو لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فهو علام الغيوب، ولن يعجزه شيء، قال: (... وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ - وَاللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 29).

رابعاً: حذر من الخزلان يوم البعث، قال: (يَوْمَ - « تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا » ...), بكامله وبكل تفاصيله لا ينقص منه شيئاً: (... وَمَا يعَمِلَتْ مِن سُوءٍ ...), تجده أيضاً كذلك،، فتكره ملاقاته أو رؤيته بل وتبحث لها عن مخرج منه والتنكر له،، قال: (... تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ...), ولكن هيهات، يقولون يومئذ أين المفر؟ ولكن لا سبيل لذلك، وسيدركون أن المفر منه كان متاحاً في حياتهم الدنيا، ولكنهم أضاعوا الفرصة ولم تبق لهم سوى الحسرة والندامة، قال تعالى: (... وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ...)، فها هو ذا الله تعالى يحفزكم للبحث عن المخرج الآن قبل غدٍ وقبل فوات الأوان، قال: (... وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ 30).

خامساً: الطريق لحب الله تعالى واضحٌ ومحددٌ، ليس بالكلام والإدعاءات الجوفاء، فحب الله هو إيمان بالله وتصديق بالعمل وإتباع للرسل، لذا وجه نبيه بأن يبلغهم ذلك صراحةً قال له: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ...)، كما تدعون عليكم إثبات ذلك، بإتباع نبيه ورسوله الخاتم: (... فَاتَّبِعُونِي « يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ » وَ « يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ » - وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 31). بصراحة وبوضوح أعرض عليهم المخرج الوحيد والخيار الذي لا نجاة بغيره، فأنصحهم: (قُلْ « أَطِيعُوا اللَّهَ » وَ « الرَّسُولَ » - فَإِن تَوَلَّوْا - «« فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ »» 32).

تصحيح مسار أهل الكتاب وفق خارطة الطريق للبشر:
قلنا سابقاً،، إنَّ إفتتاح السورة بحروف مقطعة تكون عادةً مرتبطة "بإسم السورة نفسها" فمثلاً سورة "يوسف" إفتتحت بالآية "الر"، وسورة مريم إفتتحت بالآية "كهيعص"،،، أما سورة "آل عمران" فقد أفتتحت بالآية الكريمة "ألم"، وهذا يعني أنه علينا أن نتحرى ونتدبر مساقط ضوئها عند ذكر آل عمران عبر آيات السورة. وها قد وصلنا إلى حيث التحري والتدبر عند قوله تعالى مبيناً إصطفاءاته من البشر أنبيا ورسلاً قال: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ-;- آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ «« وَآلَ عِمْرَانَ »» عَلَى الْعَالَمِينَ 33)، («« ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ »» وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 34):

وقد قلنا في موضوعنا السابق إن إصطفاءات الأنبياء والرسل لا تخرج من أربعة مصادر حددها خالق السماوات والأرض بقوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ-;- ...):
1. (... آدَمَ ...),
2. (... وَنُوحًا ...),
3. (... وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ...),
4. (... وَآلَ عِمْرَانَ ...),
(... عَلَى الْعَالَمِينَ 33)، (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ «« وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »» 34):
(‌أ) إصطفاءُ نبي الله « أدم»، على الرغم من أن ذريته تشمل كل البشر، إلَّا أن المقصود هنا إصطفاءه للنبوة، والذي يبدأ به وينتهي بنبي الله « إدريس» عليهما السلام فهو النبي الوحيد في ذريته التي سبقت « نوح »،
(‌ب) وإصطفاءُ « نوح »، وذريته التي تعتبر كل البشر "ما بعد الطوفان"، الموجودون الآن، ولكن إصطفاءه للنبوة بدأ به وشمل نَبِيَّانِ آخران هما « هود » و « صالح » الذين سبقا « إبراهيم الخليل» عليهم السلام جميعا،
(‌ج) وإصطفاءُ « إبراهيم الخليل» وذريته من « إسماعيل » و « إسحق » وذرياتهما التي سبقت "عمران" والد موسى وهارون،، والتي إستمرات (من جهة إسماعيل الذبيح، وحتى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله "الذبيح" والطرف الثاني للحنفية،
(‌د) وإصطفاءُ "عمران" (والد « موسى» و « هارون » و جَدُّ "عمران" والد العذرء البتول مريم")،

وقلنا إن هذه تعتبر خارطة الطريق لمسار النبوة والإصطفاءات الأربع التي سبقت مجيء المسيح عيسى، ولكن تدور في الذهن بعض الأسئلة البديهية الملحة،، مثلا:
1. لماذا ذكر الله تعالى كل الإصطفاءات الأربع مع أن المعني "تحديداً" هو الإصطفاء الثالث "آل عمران"، حسب ما يوحيه إلينا إسم السورة وفاتحتها "الم" المطلوب تدبرها في آل عمران تحديداً؟؟؟
2. ما هي المؤشرات التي تساعد المتدبر في الوصول إلى مواقع إضاءات هذه الآية الكريمة المعجزة،
3. كيف يمكن تصور إعادة تصحيح مسار إصطفاء "آل عمران" المتداعي عبر ثلاث حروف فقط هي (أ ل م)، وقد شاهدنا جميعاً في الموضوع السابق (المختصر جداً)، ما وصل إليه أهل الكتاب من ربكة وتخبط وخلط للأوراق وتداخل الأجيال وتشويه الأنساب ،،، الخ؟ كيف يمكن تصور ذلك أساساً؟؟؟
4. هل النتيجة التي ستتبلور من معطيات هذه الآية الكريمة المعجزة (لها علاقة بالآية الكريمة المعجزة "كهيعص" في سورة مريم)؟؟؟
5. ما هي أسباب ومبررات ومقتضيات مجيئ عيسى المسيح عليه السلام في الأساس، وما هي التغيرات الجذرية التي أحدثتها الآية الكريمة "ألم" في آل عمران؟
6. وهل عيسى عليه السلام (من إصطفاء آل عمران)، أم هو إصطفاء نوعي آخر خاص، وما علاقته بإصطفاء آل عمران؟؟؟

بالطبع،، لن نبحث في إصطفاء آل عمران نفسه، ولكن في ذريته،، ولندقق كثيراً في قوله تعالى: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ - «« وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »» 34). إذاً من المؤشرات المساعدة للتدبر التي مَنَّ الله تعالى بها على عباده قوله:
1. فالمؤشر الأول قوله تعالى: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ...), فهذا مؤشرٌ قويٌّ يوجه بأن التدبر يكون في ذرية آل عمران "تحديداً"،
2. والمؤشر الثاني قوله تعالى: (... وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 34)، فهذا مؤشر قوي يوجه بأن هناك "قول أو سؤال أو رجاء" بالقول موجه من عبدٍ إلى الله تعالى مباشرة، وقد سمعه الله تعالى وعلم به،،،
فما هو هذا القول "تحديداً"، ومن ذلك الذي قاله،، وما علاقته بذرية آل عمران "حصرياً"؟؟؟

قال تعالى: («إِذْ قَالَتِ » امْرَأَتُ عِمْرَانَ ...), وقد علمنا سابقاً من هو عمران؟ (إنه عمران أول الإصطفاء الرابع، والد « موسى » و « هارون »)، والآية تتحدث عن إمرأةِ حَفِيدِهِ،، وهذا يعني بلا أدنى شك أن المرأة التي "قالت" قولها لربها هي زوجة ذلك ألرجل الذي هو (من ذرية آل عمراة "المصطفاة) وإسمه "عمران"، فماذا قالت (تحديداً)؟؟؟

قالت: (... رَبِّ ...):
1. (... « إِنِّي » نَذَرْتُ ...),
2. (... « لَكَ » مَا فِي بَطْنِي ...),
3. (... « مُحَرَّرًا » ...),
(...«« فَتَقَبَّلْ مِنِّي »» - إِنَّكَ أَنتَ « السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » 35).

إذاً إمرأة عمران (حفيد عمران والد « موسى » و « هارون »)، كانت حبلى، وهي من الصالحات المؤمنات الصادقات، فتوجهت إلى ربها تنذر ما في بطنها له "محرراً"، بعبارة غاية في الدقة والبلاغة (قَالَتْ رَبِّ « إِنِّي » نَذَرْتُ « لَكَ » مَا فِي بَطْنِي « مُحَرَّرًا »)، فتضمنت هذه العبارة ثلاث كلمات هي (« إِنِّي » ، « لَكَ » ، « مُحَرَّرًا »)، فكانت المفتاح لسورة آل عمران حيث تكونت الآية الكريمة من الحروف الأولى من هذه الكلمات الثلاثة (أ- « إِنِّي » ، ل- « لَكَ » ، م- « مُحَرَّرًا »)، فكانت الآية الكريمة المعجزة: (الم 1).
ولا ننسى أنها قد ختمت رجاءها بقولها: (... «« فَتَقَبَّلْ مِنِّي »» - إِنَّكَ أَنتَ « السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » 35).

السؤال البديهي والمنطقي هو: هل سبق أن سأل أحد من الأنبياء أو المرسلين أو الصالحين أو حتى المخلصين المستغنين بالله عن من سواه، هل رد السائل منهم خائباً قط؟؟؟ ..... لا والله لم يسأله أحد شيئاً فرده خائباً، فزكريا يقول لربه (ولم أكن بدعائك رب شقياً). إذاً كيف كانت إستجابة الله تعالى لإمرأة عمران "رغم أن طلبها بل وغايتها التي علمها الله تعالى عنها وهي تبطنه "ولم تصرح بها"، غايةً في الإستحالة "ليس على الله طبعاً" ولكن وفقاً للنواميس ومنطقية الأسباب والمسببات التي ضبط الله بها الحياة كلها (ما عدا الخوارق والمعجزات)، ولكن الله تعالى يفعل ما يريد. فكيف كانت الإستجابة؟؟؟

كان كل أمل إمرأة عمران أن تنجب "ولداً ذكراً" ليكون إمتداد طبيعياً لآل عمران الذين لم يبق منهم سوى "عمران زوجها"، وواضح أنه قد مات وهي حبلى منه بما في بطنها والذي رجت أن يكون ولداً لإستمرار ذرية آل عمران من خلاله،، ولكن الله تعالى له شأن آخر لم يكن في حسبانها وتقديرها، فشاء الله أن تلد "بنتاً" وكان القادرُ على أن يجعل المولود "ذكراً" (وهو عليه أهون)، ولكن ليقضي أمراً كان مفعولاً، لذا حكى حال إمرأة عمران وشعورها بالأسى عندما أدركت أن ما في بطنها كان "أنثى"، قال تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ:
1. (...« رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ-;- » ...), ولكن هل هي تريد أن تعلم الله تعالى بما خلق؟؟ أم أنها كانت تتحسر أنْ خاب أملها ورداءها فيما في بطنها، لذا قال (... وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ...), لا يحتاج أن تعلمه به،
2. (... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ-;- ...), لأنها تعلم أن الإناث لا يدخلون في الذرية والإصطفاءات الأربع، هذه سنة الله تعالى ورد على الأغبياء الذين يرددون عبارتهم الخائبة التي لا يعرفون معناها ومدلولها، تلك العبارة الخائبة التي يتشدق بها الجهلاء التي يقولون فيها (مجتمع ذكوري!!!). نعم، مجتمع الله تعالى (للخلافة) ذكوري بحت،، هكذا مراد الله تعالى وتقديره فهو الذي خلق الذكر والأنثى وقال (إن سعيكم لشتى). هذا الموضوع لنا فيه عودة بإذن الله لأهميته.
3. قالت: (... وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ...),
4. (... وَإِنِّي « أُعِيذُهَا » بِكَ « وَذُرِّيَّتَهَا » مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ 36).

علينا أن ندقق أكثر في قولها « أُعِيذُهَا » بِكَ وَ « ذُرِّيَّتَهَا »،، لأنها بتضمين ذرية إبنتها مريم في الإستعاذة، فهذا يدل على أنها لم تيأس من إمتداد ذرية آل عمران حتى لو كان ذلك عبر ذرية إبنتها مريم،، ولكن لا تدري كيف يكون ذلك، لأن الذي يتزوج مريم لا بد أن يكون من ذرية آل عمران المصفاة،، ولكن هيهات،، فقد مات والدها "عمران" آخر هذا الإصطفاء الذي إنتهى بموته دون أن يكون له ولد "ذكر" من صلبه، وليس هناك رجل من ذرية عمران يصلح زوجاً لها.

ولكن السميع العليم، المجيب لعباده الصالحين، وليس لإجابته لهم حدود أو عوائق، وليس عنده مستحيل، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ماذا فعل حيال هذه الأمنيات الطموحة والمستحيلة بكل المقاييس على إستيعاب تصور البشر، ولكن على الله هين، لذا قال:
1. (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا « بِقَبُولٍ حَسَنٍ » ...) ... فهل الله عنده دون القبول الحسن، أم لعله يريد أمراً؟؟؟
2. (... وَأَنبَتَهَا « نَبَاتًا » حَسَنًا ...) ... وهل الله عنده إنباتا دون الحسن مطلقاً؟؟؟ إذا ما الموضوع؟
3. (... وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ...), فهو أكثر الناس ضماناً لرعايتها بعد وفاة إبيها الذي هو قريبه ومع هذا وذاك فهو أحد أنبياء الله الصالحين،

بل تخطَّت عناية الله تعالى بها كل ذلك وخرقت النواميس، بأن تولى الله تعالى حتى رزقها بما لم يعهده غيرها في ذلك الزمان، مما أدهش نبيه زكريا، قال الله في ذلك: (... كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ « وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا» ...). يأتيها من عند ربها مباشرةً، لا يدري أحد ولا تدري هي نفسها كيف؟ ولكنها تعلم أن الله على كل شيء قدير. ولكن،، لماذا كل هذه العناية الفائقة والخاصة بهذه الفتاة التي لا يمكن أن تكون "نبياً" لأنها أنثى، ولا يمكن أن تكون "أماً لنبي" عبر الزواج لأن الزوج لن يكون من أي من إصطفاءات آل عمران، ومن ثم،، فإذا جاء الولد منها من نطفة لن يكون نبياً أو رسولاً بأي حال من الأحوال،،، وعندما ننظر إلى هذه العناية الفائقة ونتذكر أن الله تعالى قال بنفسه إنه: قد تقبلها بقبول حسن، وأنبتها نباتا حسناً وكفلها زكريا،،، إذا هناك حدث جلل في إنتظار مريم هذه بل وفي إنتظار البشر كلهم. فلنتابع العجائب والغرائب لنرى إضاءات "الم" هذه.

يحق لزكريا أن يندهش ويعجب ويحتار،، فالأمر فوق تحمل الأنبياء، فما بالك بالآخرين، على أية حال خاطب مريم مستفسراً: (قَالَ يَا مَرْيَمُ « أَنَّىٰ-;- لَكِ هَٰ-;-ذَا » قَالَتْ « هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ » - إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 37). هكذا دائماً حال الصالحين والصديقين، تلهج ألسنتهم بشكر الله على كل كبيرة وصغيرة وعدم وضيق ومصيبة،،، وتمجيده والإعتراف له بفضله. هذه أول إشراقات "ألم" على آل عمران.

ثاني إشراقات "ألم"، ومعطياتها:
حين رأى نبي الله زكريا كل هذا الكرم الفياض، والعناية الفائقة بهذه الفتاة اليتيمة، تذكر حاله وقد بلغ من العمر عتياً ووهن عظمه وإشتعل رأسه شيباً ومع ذلك ليس له ولد من صلبه يأتمنه على ما ورثه من آل يعقوب، وإمرأته عاقر ومع ذلك لا أمل في الإنجاب منها، فقط بلغت سن اليأس منذ زمن طويل، والشيب والوهن يمنعه من أن يفكر في الزواج من غيرها،، لذا أوكل الأمر إلى ربه الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء... فالله تعالى - مصوراً حاله وخلجات نفس عبده ونبيه زكريا، وهو في المحراب عند مريم - قال: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ « قَالَ رَبِّ هَبْ لِي « مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً »» - إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ 38).

هل إنتظر زمناً طويلاً أو إحتاج إلى تكرار طلبه من ربه السميع الدعاء، وقد سمعه؟؟؟ ... لا والله لم يحتج إلى إضافة أو إنتظار: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ « وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ » - أَنَّ اللَّهَ « يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ-;- » « مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ » وَ « سَيِّدًا » وَ « حَصُورًا » وَ « نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ » 39).
لقد تضاءلت طموحات زكريا أمام هذا العطاء الذي فاق تصوره،، فهو موعود بجوهرة بشرية، ليست ذرية عادية كما طلب، ولكنها متميزة ليست بالنبوة فقط ولكن بإمتيازات يسيل لها اللعاب،

ولكن زكريا ولعلمه بأن الله تعالى إذا قال فعل، فقد أدرك أن « يَحْيَ » إبنه قادم لا محالة، فتذكر حاله المتردي من الضعف والشيبة وكذلك إمرأته التي تزيد عنه "عقراً"، وعلم أن الناس لن يصدقوه أو يصدقوا إمرأته بأنهما أبوين لهذه الجوهرة البشرية، فماذا يفعل، وهو لا يقدر على شيء، لذا توجه إلى ربه مباشرةً: (قَالَ رَبِّ « أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي غُلَامٌ » - وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ – وَ « امْرَأَتِي عَاقِرٌ » - قَالَ «« كَذَٰ-;-لِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ »» 40)، لا إعتراض لديه، ولكنه يرجوا الله تعالى أن يتولى إخراجه من هذه الورطة والمأذق الإجتماعي الذي سيواجهه أمام بني إسرائيل: (قَالَ « رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً » ...), حتى يصدقني الناس، (... قَالَ آيَتُكَ ...):
1. (... « أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا » ...), لن تستطيع أن تتكلم طوال هذه المدة حتى لو حاولت ذلك، فسيكون خطابك مع الآخرين بالإشارة والترميز فقط،
2. (... وَ « اذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا » ...), وهذا أيضاً ضمن بنود هذه الآية المؤيدة لك، وسكون ذلك تحت سمع وبصر الآخرين الذي لم يعتادوه منك بهذا القدر والكثرة،
3. (... وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ 41). وكذلك التسبيع "غير العادي المعهود عنك من قبل",
إذاً لو لا "ألم" من كلمات إمرأة عمران والتي تقبل الله تعالى رجاءها في بنتها فتقبلها بقبول حسن ،،، الخ، وشاهد زكريا ذلك الفضل الذي أحاط الله تعالى به مريم، لما سأل الله الذرية، ولما جاءته البشارة بيحي عليه السلام.

ثالث إشراقات "ألم" ومعطياتها المتصاعدة:
الآن جاء دور الصديقة البتول مريم العذاء، فماذا ينتظرها بعد كل هذه العناية والكرم من ربها سبحانه وتعالى؟؟؟ ..... فلنتابع هذه الغرائب والعجائب والإعجازات فيما يلي:
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ « يَا مَرْيَمُ» ...):
1. (... إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ ...)، ولم يسبق أن إصطفى الله النساء،، فما هذا الإصطفاء المتميز والفريد والخاص لهذه الأنثى بالذات؟ وكيف يكون هناك إصطفاء آخر، وقد حدد الله تعالى خارطة الطريق للأنبياء والرسل وحصرها في أربع إصطفاءات (آدم، ونوح، وآل إبراهيم، وآل عمران) على العالمين، إذاً،، ما القصة؟؟ وما هذا الإصطفاء، وأين سيكون موقعه من خارطة طريق الأنبياء والرسل؟ ... فلنتابع الآيات لنرى ما أعده الله لها.
2. قال: (... وَطَهَّرَكِ ...), إذاً، الأنثى تحتاج إلى معالجات يعلمها الله تعالى الذي قال عنها "تطهير"،
3. ثم قال: (... وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ-;- نِسَاءِ الْعَالَمِينَ 42)، فكان الإصطفاء الأول، ثم التطهير، ثم بعد ذلك إصطفاءها الثاني الذي إنحصر فقط في نساء العالمين (وليس على العالمين) كالإصطفاءات الأربع الأساسية، إنتبه لذلك جيداً. فهو إصطفاء خامس ملحق بإصطفاء آل عمران وليس منه.

قال الملك لها بعد ذلك: (يَا مَرْيَمُ « اقْنُتِي لِرَبِّكِ » وَ « اسْجُدِي » وَ « ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ » 43).
لنا ملحظ مهم هنا:
1. فزكريا كان "قائماً" يصلي في المحراب، قال تعالى في ذلك: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ « وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ »،
2. قال الملك لمريم: (يَا مَرْيَمُ « اقْنُتِي لِرَبِّكِ » وَ « اسْجُدِي » وَ « ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ » 43).
نستنتج من ذلك أن صلاة أهل الكتاب وبني إسرائيل كانت صلاة فيها: (قيام، وقنوت، وركوع، وسجود)، ولكن ما هي صلاتهم اليوم؟؟ هل لا تزال تلتزم هذه الحركات التي هي حركات صلاتنا نحن المسلمين؟؟؟

هذه هي الإضاءة الثالثة للآية الكريمة "الم":
ها هي ذي الفتاة اليتيمة قد أصبح لها شأناً عظيماً رفعهاً فوق كل نساء العالمين من بنات جنسها، وقد أكرمها الله تعالى بإصطفاءين إثنين بينهما تطهير لم تحظ به إمرأة قبلها ولا بعدها. إنه فضل الله يؤتيه من يشاء،، والله ذو الفضل العظيم. كل هذه الأحداث والتطورات المتلاحقة والإعجازات، وإمرأة عمران نفسها لا تعرف عنها شيئاً ولا عن ما سيحدث لها لاحقاً من شيء. ولكن كل هذه الغيبيات كيف تصل إلى علم الإنسان، ومن الذي يستحق أن يختصه الله بها ولماذا؟؟؟

علم الغيب إختص الله تعالى به النبي والرسول الخاتم دون سائر الأنبياء والرسل:
الله تعالى يطلع نبيه الكريم محمد بتفاصيل كل تلك الأحداث الغيبية، فقال له: (ذَٰ-;-لِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ « نُوحِيهِ إِلَيْكَ » - وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ » وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ » 44)،، هذه الحقيقة لا يعلمها أهل الكتاب ولا النصارى أنفسهم، فهو وحي من علم الله تعالى إختصك أنت به منفرداً متفرداً دون سواك، ولا حتى المعنيين بالأمر وأبطال القصة الحقيقيون،

حكى الله تعالى له ذلك قال: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ « إِنَّ اللَّهَ « يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ » اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ » ...)، فلا بد أن تفهم بأن الكلمة التي بشرت بها هي "غلام" ذكر، وعليها أن تسميه المسيح عيسى، فإن لم تفهم هذه المعاني الواضحة لما إستحقت أن تكون "صديقة" لأن المؤمن فطن بالفطرة:
1. وسيكون: (... وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...)،
2. (... وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ 45)،
3. (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ...)
4. (... وَمِنَ الصَّالِحِينَ 46)،

تعليقنا:
أولاً: هذا عيسى إبن مريم،، هو عبارة عن "غلام" جاء لمريم "بشرى بكلمة من الله"، وليس "كلمة الله" كما يدعي المبطلون، جاء بإسمه من عند ربه كحال كل الأنبياء، وقد سبقه في ذلك "يحي" إبن زكريا عليهم السلام، ومن بعده النبي الخاتم (أحمد بشرى) و (محمد رسالة).
ثانياً: وهو وجيهاً في الدنيا (مدى حياته فيها)، وفي الآخر عندما يبعث مع بقية البشر كلهم، إذاً،،، له أجل سيموت بإنقضائه كغيره من البشر والخلق، ثم سيبعث حياً يوم القيامة ليتبرأ من الذي إتخذوه إلها مع الله،
ثالثاً: سيكون مقرباً، ولكنه ليس الوحيد،، بل هو « من المقربين » من البشر الذين يعلمهم الله وحده،
رابعاً: ويكلم الناس (وليس الملأ الأعلى)، في « المهد »، و « كهلاً »،، فهذه صفاة البشر هم الذي خلقهم الله من ضعف، ومن بعد ضعف قوة، ومن بعد قوة ضعف وشيبة. فالله لا يمهد ولا يكهل ولا يتغير مع الزمن مهما طال. (فهو أول ليس قبله شيء، وآخر ليس بعده شيء، وظاهر ليس فوقه شيء، وباطن ليس دونه شيء).
خامساً ومن الصالحين،، وهم من البشر، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.

فكيف كان وقع هذه البشارة على مريم العذراء، وما ردها على الملائكة؟؟؟:
قال تعالى: (قَالَتْ رَبِّ « أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي وَلَدٌ » ...), فأنا لست متزوجة، ولم يمسسني رجل بغير زواج،، فكيف إذاً يكون ذلك الولد؟؟،، قالت: (... وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ...), فالأمر لا تستطيع إستيعابه أو تصوره. (... قَالَ « كَذَٰ-;-لِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ » ...), فهو لا يتعدى كونه خَلْقٌ من ضمن تنوع خلقه كيف يشاء، خَلَقَهُ الله سبحانه، فهو الخلَّاقُ العليم: (... إِذَا « قَضَىٰ-;- أَمْرًا » فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 47). فهو إذاً فهو مجرد "أمر" قضاه الله تعالى لحكمة يعلمها هو، "قال له كن فيكون". لأن فعل الله يتم بمجرد القول.

ما هو البرنامج الذي أعده الله تعالى لهذا الولد؟؟؟
قال تعالى:
1. (وَيُعَلِّمُهُ « الْكِتَابَ » وَ « الْحِكْمَةَ » وَ « التَّوْرَاةَ » وَ « الْإِنجِيلَ» 48)،
2. (وَرَسُولًا إِلَىٰ-;- بَنِي إِسْرَائِيلَ ...)،،

الذين قال لهم عيسى نفسه: (... أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ...):
1. (... أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ « كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ » - فَأَنفُخُ فِيهِ - « فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ » ..),
2. (... وَ « أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ-;- » بِإِذْنِ اللَّهِ ...),
3. (... وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ...)،
(... إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ « لَآيَةً لَّكُمْ » إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 49)، ليس ذلك فحسب، بل:
4. (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ...)،
5. (... وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ...)،
6. (... وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ 50).

لنا بعض الملاحظات هنا:
1. فهو بإعترافه يقول إنه يخلق "كهيئة الطير" ولم يقل إنه "يخلق طيراً"، وكل عمله بعد ذلك أن ينفخ فيه، هذا ما يظهر لمشاهديه،، ولكن حقيقة الأمر أنَّ هذا الطين "يكون طيراً بإذن الله" الذي يحي ويميت، وليس بعمل وقدرة عيسى من تلقاء نفسه، فلا محي ولا مميت إلَّا الله تعالى وحده "متفرداً"،
2. كذلك الحال، فهو لا يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ ولا يُحْيِي الْمَوْتَىٰ-;- بذاته، ولكن أيضاً بإذن الله كمعجزة له،
3. أيَضا إنباؤُهُ لقومه بِمَا يأْكُلُونَ وَمَا يَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهمْ لا يعني أنه يعلم الغيب، فلا يعلم الغيب إلَّا الله،
4. وقوله لقومه: جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ،، دليل قاطع البيان والبرهان على أن عيسى إبن مريم إنما هو عبد "لربه" و "رب قومه"، رب العرش العظيم. وهذا أكرم شرف له.

وتأكيداً قاطعاً لعبودية عيسى لله تعالى، قول عيسى لقومه صراحةً وبكل وضوح: (إِنَّ اللَّهَ - « رَبِّي » وَ « رَبُّكُمْ » - فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ 51).

إلى هنا،، تمت البشارة كاملة، بعد أن بلغت إضاءات الآية الكريمة "ألم" غايتها فيما يتعلق بعيسى عليه السلام، وبينت الآيات التي خلت بأنه:
أولاً: ليس من ذرية آل عمران، على الرغم من أن جده من أمه "عمران" هو آخر إصطفاءات آل عمران، وبالتالي لن يكون نبياً ولا رسولاً من ذرية آل عمران إن تذوجت مريم من أي شخص آخر من البشر، لأن الولد يجب أن يكون أبوه من الذرية وليس أمه،

ثانياً: إستجابة الله تعالى لقول إمرأة عمران ونذرها لما في بطنها (على أمل أن يكون ولداً ذكراً)، لم يخيبه الله تعالى، كما ظنت، لأنه قد (تقبلها ربها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً،،،)، ثم إصطفاها مرتين بينهما تطهير، ثم جاء بنبي من هذا الإصطفاء ليس من نطفة رجل، وإنما خلقه في داخل رحمها الطاهر، حتى لا ينسب لبشر (خارج الإصطفاءات)، ولكنه كان جنيناً عادياً كغيره من ألأجنة وكان حملاً سليماً بكل المعايير ووفق النواميس البشرية فنمى في داخلها حتى أكتملت فترة الحمل فولدته بمخاض تماماً كما تلد النساء.

قال تعالى موضحاً ذلك: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ-;- عِندَ اللَّهِ « كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ » ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59). لا أكثر من ذلك من حيث الخلق ولا أقل.
ثالثاً: زكريا قد تحققت له أمنية حياته،، فبشره الله المجيب "بيحي"، وأعطاه ما لم يخطر بباله أو يحلم به من الفضل والمكانة السامية لهذا النبي المبشر به،

رابعاً: جاءت الملائكة بالبشرى للعذراء المصطفاة على نساء العالمين، بأنها ستلد نبياً مدعوماً بآيات بينات، وله فضل ومكانة ووجاهة في الدنيا والآخرة ومن المقربين, ومن الصالحين،

خامساً: يجب أن لا نمر "مروراً عجلاً"، على الآية التي قال فيها عيسى عليه السلام لقومه: (إِنَّ اللَّهَ « رَبِّي وَرَبُّكُمْ » - « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ » 51). خاصة عبارة « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ »، لأن هذه فيها الجزء الأخير « عص » من من الآية الكريمة (كهيعص)، بسورة "مريم"، التي سننتقل إليها من هنا مباشرة، لنرَ عجائبها وغرائبها بعد أن تتحول البشارة هناك إلى حقيقة شاخصة بميلاد "يحي" لزكريا، و "عيسى" لمريم، الذي سيقول حينئذ بنفسه عبارة « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ »،،، (... عص),

كان بودنا مواصلة هذه السورة الكريمة،، ولكن حتى لا نبتعد عن الغاية التي نحن بصددها، والتي تكملتها في سورة "مريم"، تلك الصديقة التي إصطفاها الله ملحقاً لإصطفاء آل عمران، ليحقق قول إمرأة عمران (رب إني نذرت لك ما في بطني محررا). فإلى هناك. ولكن لا بأس من أن نعرض بعض الآيات من هذه السورة الكريمة قبل أن ننتقل إلى سورة مريم (الإصطفاء الخاص الملحق الخامس)... (أربعة على العالمين، إثنان منها بذواتهما « آدم، ونوح »، وإثنان بآلهما هما: « آل إبراهيم، وآل عمران»،، وواحد على نساء العالمين).

إليكم "عرض" لبعض آيات هذه السورة الكريمة:
قال تعالى عن بني إسرائيل: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ-;- « مِنْهُمُ الْكُفْرَ » - « قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ » - قَالَ الْحَوَارِيُّونَ « نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ » آمَنَّا بِاللَّهِ وَ « اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ » 52). (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ « فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ » 53). لم يكتف بنوا إسرائيل بالكفر فقط، بل: ( وَ « مَكَرُوا» - وَ « مَكَرَ اللَّهُ » ..... وَ « اللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ » 54).

(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ-;- إِنِّي « مُتَوَفِّيكَ » وَ « رَافِعُكَ إِلَيَّ » وَ « مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا » وَ « جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْقِيَامَةِ » - ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ - « فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» 55)... (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا « فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » - وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ 56), (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ « فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ » وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 57), (ذَٰ-;-لِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ « مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ » 58). (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ-;- عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59)، (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ 60).

ولكن كيف يتصرف النبي محمد مع المعارضين من أهل الكتاب؟؟؟
قال له تعالى: (فَمَنْ « حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ » - فَقُلْ - «« تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ »» 61) .....
(إِنَّ هَٰ-;-ذَا « لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ » وَ «« مَا مِنْ إِلَٰ-;-هٍ إِلَّا اللَّهُ »» وَ «« إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »» 62)، (فَإِن تَوَلَّوْا «« فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ »» 63).
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « تَعَالَوْا إِلَىٰ-;- كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ » - «« أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا »» وَ « لَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ » - فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 64).

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ » - وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ - «« أَفَلَا تَعْقِلُونَ »» 65)؟؟؟
(هَا أَنتُمْ هَٰ-;-ؤُلَاءِ « حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ !!» فَلِمَ تُحَاجُّونَ « فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ »؟؟؟ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 66)؟؟؟
(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ « يَهُودِيًّا » وَ « لَا نَصْرَانِيًّا » ..... وَلَٰ-;-كِن «« كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»» 67).
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ: « لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ » وَ «« هَٰ-;-ذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا »» - وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ 68).
(وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ « لَوْ يُضِلُّونَكُمْ » وَ «« مَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ »» 69).
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ- « لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ » 70)؟؟؟،
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ - « لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ » وَ « تَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ »)؟؟؟؟؟؟

السورة شيقة للغاية ولا يكاد المرأ يقرأ حدثاً من آية إلَّا يجد نفسه مشدوداً لمعرفة باقي الأحداث المتتابعة،، ولكن، نعتذر من المواصلة،، وللضرورة أحكامها، لأن هذا البحث يهدف إلى غاية محددة وهي تصحيح مسار خارطة الطريق ومعرفة نسب المسيح الصحيح (وقد عرفناه)، وحقيقته الكاملة من خالقه وخالق كل شيء رب العرش العظيم. فإلى سورة مريم لنرى كيف كان ميلاده وميلاد يحي قبله وما تبع ذلك من غرائب وعجائب في ظل (كهيعص) المبينة.

ونقول لذلك التعس الشقي الذي تقوَّل على الله بعض الأقاويل: (أكل هذا أوصال مقطعة ؟؟؟)، أخذ الله منك باليمين،، ثم قطع منك الوتين (إن لم ترجع عن غيك هذا) وتثوب إلى ربك الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك،، بل تكذبون بالدين.


تحية كريمة للسادة القراء والسيدات

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(أ):


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):