أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نشرية الديمقراطية الجديدة - غزة















المزيد.....



غزة


نشرية الديمقراطية الجديدة

الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 22:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزة
تتعرض غزة منذ عدة أيام إلى القصف و الغزو الوحشي الصهيوني . و ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الكيان الصهيوني باجتياح غزة و تقتيل سكانها العزّل من أطفال و شيوخ و نساء بذريعة ضرب حماس ، و ليست مجزرة الشجاعية الوحشية الأولى التي يرتكبها الصهاينة - و لن تكون الأخيرة في ظل ظروف لم تتغير منذ سنوات – فقد اجتاحت آلة الحرب الصهيونية غزة في أواخر سنة 2008 و أحدثت دمارا كبيرا في مدينة غزة و نفذت مجزرة رهيبة راح ضحيتها أكثر من 1300 فلسطينيا جلهم من المدنيين زيادة عن الجرحى و المشردين الذين نسفت منازلهم . و يعيد الكيان الصهيوني اليوم الهجوم على غزة بذريعة الرد على إطلاق الصواريخ من غزة ( و هي صواريخ لم تقتل مستوطنين صهاينة و لم تدمر حتى جزءا من منزل...) . و رغم تغيّر بعض المعطيات و التحالفات في المنطقة - مثل نهاية التحالف بين سوريا حماس حزب الله و تحول حماس إلى قوة تقاتل النظام السوري إلى جانب المرتزقة الاسلاميين من مختلف الجنسيات – فإن اجتياح غزة يأتي دائما في إطار خطة امبريالية شاملة لكامل المنطقة و لا يتناقض معها ، و أصبحنا نعرف أنه كلما كان هناك استنفار لآلة الدمار الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني و ضد المقاومة يكون هناك مشروع امبريالي جاهز للتطبيق في كامل المنطقة . و في هذا الإطار ننشر نصّين – من التراث – صدرا في جانفي من سنة 2009 يتعرضان للمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد الفلسطينيين في غزة نهاية سنة 2008 ، و يطرحان أسئلة ما تزال ملحة إلى حد الآن حول آفاق المقاومة الفلسطينية في علاقة بالأوضاع التي يعيشها الوطن العربي .

النص الأول :
مجزرة غزة أو التأسيس للبديل الظلامي وعودة الاستعمار المباشر
ضخت آلة الحرب الصهيونية – أقوى قوة عسكرية بالمنطقة – آلاف الاطنان من القنابل و الصواريخ و مختلف القذائف على غزة التي لا تتجاوز مساحتها 360 كلم² و ذلك طيلة ثلاثة و عشرين يوما ، فخلفت مجازر و دمارا لم يسبق له مثيل في المجازر النازية و الفاشية و حتى في المجازر الصهيونية السابقة ( اكثر من 1300قتيلا و 5700جريحا الى حد الآن ). كل هذا و الحصار متواصل و المعابر مغلقة حتى لا يتمكن سكان غزة المدنيين من الفرار بأطفالهم من نيران الجحيم الصهيوني الذي ينصب من الجو و البر و البحر . فلماذا استعمال كل هذه القوة الحربية و هذا التقتيل و التدمير الوحشي الذي أتى على الاخضر و اليابس و سوى أحياء و قرى كاملة بالارض ؟
انطلقت آلة الدمار الصهيوني في القصف بكل أنواع اسلحة الدمار المحرمة دوليا منذ اواخر شهر ديسمبر 2008 و هو تاريخ نهاية ما يسمى بالهدنة بين المقاومة الفلسطينية في غزة و الكيان الصهيوني التي تم توقيعها منذ 18 شهرا سابقة ، و كأن المسألة تتعلق بدولتين لهما نفس المقومات و نفس القدرات العسكرية . و انضبطت الانظمة العربية للامر الواقع و بقيت تتفرج و تنتظر ما ستؤول اليه الحرب ، بل ساهم البعض منها و خاصة النظام المصري في تشديد الحصار على غزة و منع حتى وصول مواد الاغاثة و الاغذية او خروج الجرحى للمداواة ، فما هو الهدف الحقيقي لهذه الحرب ، و كيف ستكون تداعياتها على فلسطين و المنطقة عموما ؟
ان المسألة تتطلب فهما للوضع السياسي في فلسطين و الوطن العربي عموما و للمخططات الامبريالية منذ مؤتمر مدريد و أسلو الى حد الآن . فالحرب على غزة لا تخرج عن هذا الاطار . فالمقصود ليست حماس في حد ذاتها ، وهي التي تلهث منذ وصولها الى السلطة وراء الحوار والتفاوض مع الكيان الصهيوني للاعتراف بها كبديل عن سلطة منظمة التحرير- و لم يقتل من عناصرها في الحرب سوى 48 مقاتلا من بين مئات القتلى و آلاف الجرحى – انما الحرب جاءت كتتويج لسيرورة سياسية سابقة و كتأسيس لمرحلة جديدة بدأت معالمها تتشكل مع الرئيس الامريكي الجديد .
فكتتويج للمسار السياسي السابق تتنزل الحرب في اطار المجهود الذي تبذله الامبريالية و الصهيونية في فرض عباس على الشعب الفلسطيني باعتباره الاكثر عمالة و استسلاما على شاكلة الانظمة العربية و محاولة اعادة نفوذه على غزة ، و لا يتم هذا الا بتحجيم قوة حماس لتقبل بالوفاق و اقتسام السلطة مع عباس و يأتي الضرب الوحشي و بكل هذه القسوة كتجسيد لطبيعة الكيان الصهيوني المعادي للانسانية و ثانيا لإرهاب الجماهير الفلسطينية و الشعب العربي عموما و منع قيام او تشكل أية مقاومة شعبية خاصة و أن الجماهير الفلسطينية قد يئست من السلطة و من منظمة التحرير التي تآكلت و تخلت عن دورها و قد تنفلت في يوم ما من قبضة حماس كما انفلتت قبل ذلك من عباس ، و ليس هناك على الساحة حماس فقط فهناك مجموعات و فصائل اخرى رغم ضعفها تنادي بالمقاومة المسلحة و تقدم الشهداء و المساجين باستمرار و هي الاحتياطي الذي يخيف الكيان الصهيوني والامبرياليين . فالهدف إذا ليس القضاء على حماس كما تروج لذلك وسائل الإعلام الرسمية العربية و غير العربية و انما تقليم أظافرها و الحفاظ عليها في المستوى الذي يجعلها تقبل الحوار مع عباس و تتعايش معه كخيار سياسي و تقدر في نفس الوقت على سد طريق العودة امام القوى الفلسطينية اليسارية التي قادت المقاومة المسلحة منذ أواسط الستينات الى أواخر الثمانينات من القرن الماضي . فحماس و عباس في الواقع ورقتان تحتاجهما الامبريالية – و ان ليس بنفس الدرجة – و لا يمكن ان تستغني عن أحدهما لتمرير مشاريعها في المنطقة. فعباس – الاكثر يمينية في فتح – قد أجمعت كل القوى الامبريالية و الصهاينة على مدى امتثاله للاوامر و انبطاحه ، و حماس من ناحيتها تهيمن على جزء كبير من الجماهير الفلسطينية التي انجرت وراء البديل الإسلامي بحكم الفراغ الذي وجدت فيه بعد انهيار منظمة التحرير و تراجع إشعاع الفصائل اليسارية او العلمانية بفعل المجهود الكبير و الدعم الذي تلقته التيارات الدينية من الامبريالية و الانظمة العربية و ايران منذ السبعينات ، و بالتالي فان حماس هي الورقة الاقوى في محاربة الاشتراكية و فكر الطبقة العاملة - العدو الالد بالنسبة للامبريالية و الصهيونية العالمية - و هكذا لا يمكن ضرب حماس و القضاء عليها لانها تمثل الضمانة الأنجع في غلق الباب امام الفكر الثوري و ضرب كل فرص ظهور الشبح الشيوعي من جديد . ثم ان حماس رغم مزايدتها بالمقاومة لا ترفض الحوار مع الكيان الصهيوني بل هي تحاوره الآن في القاهرة و لا ترفض التسوية و الهدنة لكن تشترطها بالاعتراف بها كسلطة شرعية و الموافقة على حقها في المساعدات المالية و الاشراف على عملية إعادة الاعمار .
صحيح أن حلم زعماء حماس و من يقف وراءهم هو القضاء على منظمة التحرير بكل فصائلها و خلق منظمة بديلة عنها ، و هذا ما عبر عنه بوضوح خالد مشعل في طهران منتشيا بقوة الدعم المادي والمعنوي الذي تلقاه من ايران و بعض بلدان الخليج ، لكن حماس لن تقدم عمليا على هذه المغامرة التي ستكون قاتلة بالنسبة لها ، فجل الفصائل الفلسطينية داخل منظمة التحرير تتمتع بشرعية تاريخية في الكفاح المسلح وهي ما تزال موجودة على الساحة و تساهم في مقاومة الاحتلال ، و منظمة فتح نفسها تحتوي على أجنحة و مجموعات خارجة عن عباس او غير راضية عنه و هي تحمل السلاح و تقاتل الى جانب بقية الفصائل . و قد ردت جل الفصائل على كلمة مشعل بما - فيها الجهاد - بعنف مما دفع رموز حماس الى الالتفاف على الموقف و محاولة التلطيف منه . فالمطلوب حسب منطق الدوائر الامبريالية و الانظمة العربية هو ادماج حماس في منظمة التحرير لتكون صمام أمان أمام أي انتعاش لقوى اليسار و الاشتراكية و ليس تمكينها من بعث منظمة بديلة تسبب غضب الفصائل القديمة بمختلف توجهاتها و تدفعها الى احياء تراثها الكفاحي و النهوض من جديد و قد تفرخ قوى ثورية جذرية يصعب ترويضها و اخضاعها للتسوية . و هكذا بعد ان زار عباس باريس ثم القاهرة اصبح غير رافض" لسلطة وحدة وطنية" أي اقتسام السلطة مع حماس و اصبحت حماس تطالبه باعادة هيكلة المنظمة و فتح الباب امامها للانضمام اليها . فالحرب على غزة إذا ستوحد بين أسوإ قوتين سياسيتين في فلسطين و أكثرهما رجعية و عمالة أملا في قبر المقاومة الشعبية و القوى الثورية الى الابد ، و هذا مخطط يتبعه الكيان الصهيوني ليس منذ طرد عباس من غزة بل منذ السبعينات من القرن الماضي فهو إذا سياسة ثابتة و متواصلة .
أما في ما يخص التأسيس لمرحلة جديدة فالمسألة مرتبطة أساسا بالخطة المرسومة من طرف الرئيس الجديد للامبريالية الامريكية و هي مبنية على أخطاء سلفه و قراءة وكالة الاستخبارات المركزية للواقع الملموس بالوطن العربي و العالم الاسلامي في علاقة بالمصالح الحيوية لأمريكا ، و قد وردت ملامح هذه الخطة الجديدة في الكلمة التي ألقاها أوباما في حفل تسلمه رسميا الرئاسة في البيت الابيض ، و جاءت هذه الكلمة متزامنة مع توقف الحرب على غزة وهي ليست عملية اعتباطية . فبعد اطلاعه على نتائج الحرب على غزة و ما آلت اليه الانظمة العربية من حالة الضعف و التفكك و على مدى الغضب الشعبي في الشارع العربي و جل بلدان العالم و على مواقف أنظمة غير عربية مثل ايران و تركيا و فنزويلا و بوليفيا صرح اوباما أنه سيدخل في حوار مع العالم الاسلامي مشددا على مراعاة المصالح الامريكية وهو هنا يقصد الحوار مع ايران و ما يتبعها من منظمات و أحزاب في المنطقة و مع تركيا و الباكستان و يمكن طالبان ... و ليس الأنظمة العربية التي أثبتت عدم جدواها و عدم قدرتها حتى على اتخاذ موقف موحد ، و قد لمح اوباما الى ذلك في كلمته ، و هذا لا يعني أن الحكام العرب قد فقدوا صفتهم كعملاء و انما سيصبحون عملاء مهمشين او من درجة ثانية لا يعول عليهم في مناقشة الخطط الامبريالية في المنطقة و التسوية في فلسطين و العراق ... و ستعتمد الامبريالية الامريكية أولا على القوة العسكرية لحلف شمال الاطلسي و الدول الاروبية العضوة فيه و التي بدأت ترسل سفنها الحربية الى سواحل غزة و الى البحر الاحمر و القرن الافريقي ثم على أنظمة مثل تركيا و ايران كقوتين إقليميتين جديدتين في المنطقة تعتمدان الايديولوجيا الدينية ، و ستتحول الانظمة العربية الى مجرد ورقة في عملية الحوار مع ايران و تركيا . و هكذا فان الحرب على غزة قد كشفت فعلا عن وفاة النظام الرسمي العربي الذي عجز حتى عن عقد قمة في اطار الجامعة العربية و تحولت القمة الى خمس قمم متوازية أهمها قمة النظام المصري مع زعماء الاتحاد الاروبي في شرم الشيخ وهي القمة الوحيدة التي سيكون لقراراتها مفعول نافذ . و امام عجزها عن اتخاذ موقف موحد من الحرب على غزة انقسمت الانظمة العربية تقريبا الى مجموعتين : مجموعة اصطفت وراء الموقف الايراني و بالتالي اصبحت تدعم حماس كبديل ديني و تزايد بالممانعة و التصدي للتوجه الذي يقوده عباس في السلطة الفلسطينية (مجموعة قمة الدوحة) و مجموعة تقف بوضوح مع المخطط الصهيوني في تدمير المقاومة و فرض سلطة عباس و تدعي التصدي للنفوذ الايراني المتزايد في المنطقة و بالتالي تصطف موضوعيا وراء المشروع السني الذي تقوده تركيا و الذي بدأ تناقضه مع المشروع الايراني يتبلور تدريجيا ، وكلتا المجموعتين لا تخرجان عن دائرة العمالة للامبريالية و التطبيع مع الكيان الصهيوني و هما ورقتان بيد الامبريالية الامريكية التي ستدخل قريبا في حوار مع إيران و تركيا لفرض تسوية شاملة في المنطقة و القضاء على المقاومة بصفة نهائية .
فسمات مرحلة ما بعد الحرب على غزة إذا هي التدخل المباشر لحلف شمال الاطلسي الذي ستلعب فيه اروبا بزعامة فرنسا دورا بارزا ، ثم الاعتماد الكبير على تركيا و إيران و من ورائهما المنظمات الطائفية في كل المنطقة (العراق ، لبنان ، فلسطين ، السودان ، الصومال ، أفغانستان ...) لتحقيق التوازن و الاستقرار الذي يمكن الامبريالية العالمية من الحفاظ على مصالحها و مواصلة نهبها و هيمنتها. و يبدو أن الامبريالية الامريكية بقيادة أوباما لم تعد ترغب في الاستفراد بالعدوان على الشعوب بل أصبحت تعمل على تشريك الامبرياليات الاخرى و خاصة الاروبية في هذه العملية لتتخلص من عبء التكاليف الباهضة للحروب و لتخفف من كره الشعوب لها . فالسياسة الامريكية الجديدة ستتنازل عن جزء من الكعكة للاتحاد الاروبي لتلافي انتقاداته و لتمييع التناقض بين الامبرياليات فيبقى تناقضها الرئيسي مع الشعوب و المقاومة في العالم ، و هي سياسة أنجع بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات و الرأسماليين عموما من سياسة جورج بوش التي غلب عليها الصلف و التهور . و لقيت خطة اوباما السياسية ترحيبا من القوى الظلامية و رموز الاقطاع ترجم في تلك الرسالة التي بعث بها عدد من رجال الدين – منهم الغنوشي- الى اوباما يهنؤونه بفوزه في الانتخابات و يناشدونه الدخول معهم في حوار و الاعتماد عليهم كقوى سياسية تسعى للوصول الى السلطة .
فالمرحلة القادمة ستكون إذا أكثر خطورة و شدة على الحركات الثورية و قوى المقاومة في الوطن العربي و العالم لأن الامبريالية سائرة نحو حل تناقضاتها على حساب الشعوب و هي تنتقي عملاءها من البدائل الأكثر رجعية و الأقدر على تضليل الجماهير و اخضاعها للاختيارات الامبريالية . و في الوطن العربي ستندفع الانظمة – كبدائل مهترئة – الى مزيد الركوع و الانبطاح للامبريالية و الصهيونية لاسترضائها مقابل الحفاظ على السلطة ، و في هذا الإطار يمكن أن تحتضن هذه الانظمة التيارات الدينية التي كانت تحاربها في السابق لتتصالح معها و تشركها في السلطة . فالمرحلة الجديدة إذا هي مرحلة تذويب التناقضات بين الامبرياليات او تأجيلها و اقتسام الادوار في الاستعمار العسكري و الهيمنة على الشعوب بالاعتماد خاصة على القوة الضاربة لحلف شمال الاطلسي تحت شعار محاربة الارهاب و القرصنة و ما يتطلبه من مزيد بناء القواعد العسكرية و احتلال المواقع الاستراتيجية ، وهي أيضا مرحلة هجوم البديل الديني الظلامي الذي ستركبه الامبريالية لمزيد اخضاع الشعوب و تأبيد استغلالها .
أن الهجمة الشرسة التي تشنها الامبريالية والصهيونية و القوى الرجعية على الوطن العربي و على كامل شعوب العالم لا تعني أن المقاومة قد انتهت و ان الثورة قد ولى زمانها كما يريد العملاء و الرجعيون و الاصلاحيون ان يوهموا الطبقات الشعبية بل بالعكس اينما وجد استعمار توجد حتما مقاومة مهما كان ميزان القوى منخرما و بقدر ما تطور الامبريالية طرق سيطرتها تبتدع الجماهير فنون مقاومتها و الدليل على ذلك استمرار المقاومة في فلسطين و العراق و أفغانستان رغم قوة ترسانة العدو و شدة الحصار كما حافظت البؤر الثورية على حيويتها بل حققت مكاسب هامة للجماهير في كل من آسيا و أمريكا اللاتينية ، لكن يجب أن نقر بأن مهمة الثوريين في الوطن العربي لم تعد سهلة بسبب اتساع جبهة الاعداء و انتشار الفكر الظلامي المعادي للثورة و التقدم و ضعف العامل الذاتي بصفة ملحوظة ، فالمطروح هو الانكباب بجدية على قراءة واقع الطبقات الشعبية للالمام بمشاغلها و طموحاتها و التمكن من التواصل معها و كسب ثقتها ، ثم إعادة الاعتبار لفكر الطبقة العاملة بمزيد القراءة و التعمق و تحيين التراث للتمكن من نشره و ترويجه بطرق و وسائط مختلفة ، و التوجه خاصة الى الشباب لأنه يضمن المستقبل والاستمرارية و لإنقاذه من خطر التميع و الفكر الظلامي ، و بقدر ما يجب أن يتم الحرص على صيانة المكاسب و الحفاظ عليها يجب أن يتم الانفتاح على القوى الوطنية و اللائيكية المعادية للظلامية دون السقوط في التذيل او المهادنة و العمل على تكوين التكتلات و الجبهات لأن الزحف الأسود الذي تعده الامبريالية لا يمكن أن تجابهه قوة واحدة منفردة .
النص الثاني
غزة في مواجهة العدوان الصهيوني : نعم للمقاومة لكن ماذا بعد المقاومة؟

تتهاطل الأطنان من القنابل على غزة بتعلة إضعاف حماس وتغيير الواقع السياسي والامني حسب اقوال القيادة الصهيونية غير ان ما يحدث على الارض هو استشهاد العديد من الابرياء بحيث تدفع الجماهير الشعبية كالعادة ثمن خيانات القيادات الفلسطينية والعربية بما ان القصف الصهيوني لايستهدف اساسا عناصر المقاومة التي تظل في معظمها تحت الارض بل الجماهير في غزة التي تجبر على هجر المنازل وتظل ضحية القصف دون ملاجئ آمنة.
ان استراتجية الكيان الصهيوني- صنيع الامبريالية-هي نفس الاستراتجية المعتمدة اساسا من قبل الامبريالية الامريكية في حرب الخليج وحرب افغانستان... فهي تعتمد على القصف المكثف للبنية التحتية وللمنشآت العسكرية وللمواقع الهامة التي تشير اليها الاستخبارات على الارض ويتواصل القصف المكثف اعدادا الى الاجتياح البري .
غير ان الامبريالية -سواء ان كانت امريكية او روسية او اوروبية- اثبتت ضعفها في مواجهة اساليب حرب العصابات بغض النظر عن طبيعة القيادات فقد فشل قياصرة الكرملين في اخضاع طالبان كما فشل مجرمو البيت الابيض في اخضاع طالبان كذلك هذه الفرقة-الاقطاعية المتخلفة- التي كانت الامبريالية الامريكية سببا في تسليحها ودعمها بهدف منافسة الامبريالية الروسية آنذاك كما اثبتت التجارب في تركيا بالنسبة للاكراد او في النيبال والفليبين الخ...بالنسبة للماويين ,اثبتت ان الجماهير المؤمنة بعدالة قضيتها تهزم بالتاكيد اكبر القوى تسلحا وتطورا ان توفرت الاستراتيجية الملائمة مع الاوضاع الملموسة على الارض تحت قيادة شعبية فعلية لاتساوم.
ان واقع غزة يختلف كليا عن واقع حرب التحرير في الجزائر التي قدمت اكثر من مليون شهيدا كما يختلف هذا الواقع عن حرب التحرير في الفيتنام وذلك على المستوى الجغراسياسي وعلى مستوى طبيعة القيادات واختلاف الظروف التاريخية .لقد قرأ الكيان الصهيوني الوضع في غزة بمعية المستشارين الامبرياليين والعملاء العرب بما فيهم قيادة فتح وعلى رأسها عباس وبعد التشاور والزيارات المكوكية التي انتهت بالمحطة المصرية والتشاور مع مبارك استنتج الكيان الصهيوني ان البيت الابيض-في ظل "الفراغ السياسي"- يدعم في كل الحالات عمليات عسكرية تهدف الى ما يسمى بمحاربة الارهاب كما استغل الانقسام الحاصل بين فتح وحماس الذي يخدم مصالحه خاصة وان عباس يرغب في التخلص من حماس بكل الوسائل,ان هذا الوضع يخدم الكيان الصهيوني ويساعد الاحزاب الصهيونية على الاعداد للانتخابات المقبلة بحيث اصبح حزب العمل يزايد على اليمين ناتنياهو من جهة وعلى حزب كاديما من جهة ثانية بهدف طرح نفسه كالبديل القادر على صيانة امن الكيان الصهيوني. وهو جدير اذن بالفوز في الانتخابات المقبلة.غير ان اليمين قد يصبح هو الرابح الاول بما ان الاوضاع ستظل على حالها ولن يفلح باراك ولا هيئة الاركان الثلاثية من انتزاع "النصر المرتقب "كما ان هذا العدوان يعد الى مرحلة جديدة من التسوية-مرحلة اوباما- باعتماد اوراق جديدة مثل الورقة التركية في علاقة بالسعودية ومصر مع تحييد النظام الايراني وتهميش بعض الانظمة العربية.
تفسر كل هذه الاوضاع الهجوم الهمجي على غزة وتكشف من جديد طبيعة هذا الكيان الاستيطاني الذي لا يحترم الذات البشرية وهو يدوس كل المواثيق الدولية بتزكية من النظام الامبريالي ومن جل الانظمة العربية ومن قبل بعض القيادات الفلسطينية كذلك .وبما ان هذا الكيان صنيع الامبريالية ومدعوم من قبل القوى الرجعية فهو يقترف كل انواع الجرائم دون حرج لذلك فهو يقصف الابرياء والمدارس والمستشفيات والمساجد والمنازل ويستعمل اساليب الارض المحروقة بغية القبض على المقاومين كما يجرب الاسلحة المحضورة دوليا مثل القنابل الفسفورية في الاماكن الاهلة بالسكان المدنيين وبالرغم من ان هذه التكتيكات اثبتت فشلها في مواجهة حرب العصابات فان الكيان الصهيوني يواصل استعمالها لترهيب المدنيين ولاستعراض قوته العسكرية التي تظل غير ناجعة في مواجهة المقاومين بصفة مباشرة وهو يتهرب دوما من خوض حرب الشوارع حيث تصبح آلياته العسكرية المتطورة غير فاعلة وحيث تصبح ارادة المقاوم هي المحددة.
لقد اصبحت استراتيجية العدو واضحة بعد مرور اكثر من اسبوعين من اندلاع العدوان. يريد العدو بث الرعب في النفوس وكسر ارادة المقاومة وعزلها عن الجماهير ثم جرها الى رفع الراية البيضاء ويظل سلاحه الوحيد القصف جوا وبحرا وبرا واستعمال كل انواع القنابل حتى المحرمة دوليا من اجل التقدم في القبض على غزة.غير ان تدمير الشجر والحجر والبشر لا يعني القضاء على المقاومة بل قد تستعيد المقاومة انفاسها وقد يتضاعف التعاطف معها وقد تخرج حماس رغم الخسائر اقوى من ذي قبل وقد تطرح نفسها بديلا ولا شريكا مع عباس الذي افتضح امره نهائيا والذي سيموت سياسيا ان لم تنقذه الامبريالية او الرجعية العربية المتربصة بالقضية.
تتم هذه المجزرة تحت اعين الجميع ويتضح ان ما يسمى "بالمجتمع المدني" يزكي هذا الهجوم في كل مراحله وتظل كل المنظمات الانسانية تتفرج وتشاهد كل الدول المتشدقة بالديمقراطية وحقوق الانسان الاطفال يموتون تحت القصف ولا تحرك ساكنا وهو ما يدل على ان هذه الحكومات الاوربية وغيرها تساند المحرقة وتزكي ذبح جماهير غزة ولا تعتبر ان هذه الحرب العدوانية هي حرب ابادة جماعية وانه يستوجب محاكمة مجرمي الحرب وعلى راسهم بوش رئيس الامبريالية الامريكية والقيادات الصهيونية.
ان الذات البشرية مقدسة ولايجوز قتل الابرياء وخاصة الاطفال والنساء غير ان النظام الامبريالي والكيان الصهيوني والانظمة العربية ليسوا معنيين بحياة البشر فالقتل اصبح عملية شائعة لاتحرك ساكنا للحكام العرب وسقوط الضحايا الابرياء من جراء القصف الوحشي والبربري باتم معنى الكلمة امر عادي بالنسبة للبلدان الاستعمارية المتعودة على تذبيح الابرياء بتعلة مطاردة المقاومين..
تتطلب الحرب على غزة المليارات وتسلب هذه الاموال من ثروات الشعوب وعرق جبين الكادحين وتوظف في ضرب مصالح الشعوب والحيلولة دون تحررها. وتلعب المخابرات خلال الحرب دورا اساسيا بحيث يقع تجربة الاسلحة الجديد ورصد كيفية مواجهة حرب العصابات وخوض حرب المدن والشوارع كما تتم من خلالها استنتاج الدروس في مواجهة الانتفاضات وتحطيم معنويات الجماهير وتستعمل هذه الحروب بهدف بيع الاسلحة وتجربة مدى نجاعتها ومحاولة تطويرها على القياس وفق الاوضاع وفي هذا الاطار تحاول الامبريالية الامريكية ايجاد الاسلحة المضادة لصواريخ القسام وغراد وكل الصواريح المصنعة محليا.
وامام هذا القصف الوحشي لم تحرك الحكومات العربية ساكنا بل ظلت كالعادة تترقب حتى تنتهي الحرب وتكتفي بالتنديد وبمطالبة وقف القصف الخ...واثبتت مرة اخرى مصر -مخيم داوود- بقيادة مبارك اثبتت خيانتها وتعاملها مع الكيان الصهيوني ورفضها لنهج المقاومة وادلى مبارك بتصريحات مخجلة مفادها ان الكيان الصهيوني هو المتحكم في معبر رفح وان مصر لا يمكن لها فتح المعبر دون التأييد الصهيوني.
وكالعادة لم تنجح الجامعة العربية من عقد اجتماعها رغم مرور اكثر من اسبوع على العدوان واتضح ان اوربا تدعم الكيان الصهيوني ولا ترغب في وقف العدوان كما ان الامبريالية الامريكية بررت العدوان وعملت على تزكية القصف بتعلة محاربة الارهاب او الدفاع عن النفس في حين ان الضحية الاولى هي ابناء الشعب الابرياء.
اثبتت الحرب على غزة مرة اخرى ان المقاومة هي الحل وان المراهنة على الانظمة العربية او الاوربية في غير محله وقد تم الفرز مرة اخرى بين النظام العالمي الجديد والنظام العربي العميل من جهة وبين الشعب وردود الفعل الشعبية من جهة ثانية.
لقد عبرت الجماهير على عدم تعويلها على الحكام العرب بل فضحت المواقف العربية الرسمية وانحيازها فعليا الى جانب القصف والعدوان وتعتبر بعض المظاهرات الرسمية مجرد ذر الرماد في العيون لتبرير المواقف المخزية.كما تعالت اصوات الشعوب في كل مكان منددة بالعدوان ومطالبة بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني الذين تجاوزت جرائمهم جرائم النازيين وكانت مواقف المتظاهرين متناقضة تماما مع المواقف الرسمية.
فجرت محرقة غزة كل التناقضات التي تشق العالم وخاصة التناقض بين الامبريالية والشعوب فهبت الشعوب لمناصرة غزة ولدعم المقاومة وظلت الحكومات مترددة, تناور وتزايد وتدعو الى التعقل والكف عن اطلاق صواريخ قسام وغراد الخ...وتحمل المقاومة مسؤولية القصف والعدوان الغاشم. وبذلك يتحول الضحية الى معتدي والمحتل الى مسكين يدافع عن نفسه.
بين العدوان على غزة ان الشعوب حاقدة على ما يسمى بالنظام العالمي الجديد فتفجر غضب الجماهير في كل مكان ونظمت المظاهرات والاحتجاجات من استراليا الى النرويج تنديدا بسياسة الكيان الصهيوني الذي اتضح انه مجرم حرب وفق المواثيق الدولية ورغم افتضاح سياسة هذا الكيان العنصري فان المجتمع الدولي والحكام العرب يحاولون عبثا تبرير سياسة الاحتلال هذه وايجاد المخرج المناسب لفرض عملية التطبيع مع المحتل والاقرار بوجوده لان وجود الحكام العرب مرتبط بضرورة التطبيع مع الكيان الصهيوني والرضوخ الى اوامر اسيادهم .
بينت محرقة غزة ان هناك نهج المقاومة من جهة ونهج الاستسلام تحت غطاء التفاوض من جهة ثانية ومهما حاول نهج الاستسلام تبرير مواقفه وايجاد التعلات الواهية للتعامل مع العدو والتطبيع معه والاعتراف به فان نهج المقاومة وطموحات الشعب تظل في تناقض تام مع مساعي الحكام الهادفة الى الاعتراف بالكيان الصهيوني والتطبيع معه.
ان الكيان الصهيوني كيان نازي واستيطاني مصطنع فرض فرضا في فلسطين سنة 48 وسيزول هذا الكيان عندما تشتد المقاومة الفعلية وتفتح الجبهات من كل مكان أي من لبنان وسوريا ومصر ويفتح باب التطوع امام الجماهير العربية الخ... لكن النظام السوري يطالب بالتسوية الشاملة ولبنان وخاصة حزب الله الذي يزايد بالمقاومة يستعد الان الى الانتخابات اما نظام مصر فهو مرتبط بالف خيط بالنظام الامبريالي الذي يقدم له الاموال مقابل التطبيع مع العدو والتنكر للقضية الفلسطينية اما الحكومات العربية المتبقية فهي تحاكم من يتظاهر في الشوارع او يريد التطوع والذهاب الى فلسطين وهكذا تظل فلسطين محاصرة اولا وقبل كل شيئ من قبل القيادات الرجعية وثانيا من قبل الحكام العرب وثالثا من قبل النظام الامبريالي العالمي.. اثبتت الحروب السابقة من 48 الى الان انه لا مجال للتعويل على الانظمة العميلة ويكمن الحل الوحيد كما اسلفنا في دعم المقاومة الشعبية في مواجهة الاستعمار الجديد والعملاء العرب الذين يتموقعون الى جانب الامبريالية طبعا ويأتمرون بأوامرها.
ان هدف المقاومة هو تحرير فلسطين, كل فلسطين ,ويهدف هذا التحرير الى اعطاء الجماهير حق تقرير المصير والتخلص من الاخطبوط الامبريالي من جهة ومن التخلف الاقطاعي من جهة ثانية باتجاه ارساء الديمقراطية الشعبية المرتكزة على سلطة العمال والفلاحين وباقي الطبقات الشعبية.كما تعمل المقاومة ومنذ البداية على تسليح الجماهير من اجل الدفاع عن السلطة الشعبية وتطوير نفوذها.
ما هو الهدف من المقاومة اذن؟
تخلت قيادة منظمة التحرير منذ نهاية السبعينات عن خيار البندقية واختارت استراتيجية التفاوض بمعزل عن موازين القوى بل اختارت هذه الاستراتجية وفق الشروط الصهيونية وبحجة الالتزام بالمواثيق الدولية وتمثل قيادة منظمة التحرير مصالح الكمبرادور والسماسرة في فلسطين وهي لا علاقة لها بمصالح الشعب الكادح بل انها مرتبطة عضويا بالنظام الامبريالي العالمي وبالنظام العربي الرسمي بكتلتيه واستغلت حماس هذه الوضعية لتطرح خيار المقاومة لان هذا الطريق هو الطريق الوحيد الذي سيسمح لها بالبروز كبديل لقيادة فتح الاستسلامية وسيمكنها من تسلم السلطة خاصة وانها تتمتع بدعم النظام السوري من جهة والايراني من جهة ثانية هذا فضلا عن مغازلتها المستمرة لبقية الانظمة العربية بما فيها نظام مخيم داوود وهي مثلها مثل قيادة منظمة التحرير تمثل اساسا مصالح الكمبرادور والاقطاع في فلسطين ولاتمثل مصالح البرجوازية الوطنية كما يزعم البعض. وتجدر الاشارة الى ان حماس وضعت في بداية الثمانينات لاضعاف منظمة التحرير وتلقت كل التشجيع من قبل الكيان الصهيوني-
اننا ندعم المقاومة ونحيي المقاومين لكننا نحذر في الان نفسه من خطورة المساومة والارتباط عضويا بقرارات الانظمة والتحول الى ورقة ضغط او معادلة يستخدمها هذا النظام او ذاك في صراعه ضد منافسيه خاصة وان القضية الفلسطينية عرفت مثل هذه الوضعيات في العديد من الفترات. اننا نربط المقاومة بضرورة حسم المسالة الوطنية والديمقراطية أي اننا نضع المقاومة في اطار التناقض الاساسي بين الامبريالية والعملاء من جهة وبين الشعب من جهة ثانية ونؤكد على ضرورة التفريق بين المقاومة من اجل حسم المسالة الوطنية وبين الصراع على السلطة والذي يمكن ان يتخذ اشكالا مسلحة طبعا مثلما هو الحال في العديد من البلدان الافريقية مثلا.فهل ان حماس تقاوم من اجل ارساء سلطة شعبية تخدم المصالح الوطنية ام انها تصارع من اجل السلطة مع ابقاء الاوضاع على حالها حين تستلم السلطة؟ يرتبط الجواب على هذا السؤال بمعرفة جوهر البرنامج السياسي لحماس وما تعده كمشروع اقتصادي واجتماعي للشعب. انها تريد دولة اسلامية تقبل بالهيمنة الامبريالية وبالاضطهاد الاقطاعي.
ينساق العديد من ابناء شعبنا وراء تيار المقاومة دون حسابات وبكل عفوية واندفاع وغيرة على "الوطن" لكن هل ان مقاومة طالبان ستفضي الى تحرير افغانستان؟ وهل ان مقاومة المحاكم الاسلامية في الصومال ستساهم في تحرير البلاد؟ وهل ان حراس "الثورة" الاسلامية في ايران حرروا البلاد من الهيمنة الامبريالية ومن التخلف الاقطاعي؟ وهل ان التناحر الطائفي في العراق حرر الشعب من الهيمنة الامبريالية؟ وبدون تعداد كل الفصائل المعارضة التي التجأت الى الصراع المسلح لحسم التنافس على السلطة يمكن القول انه من الضروري التفريق بين المقاومة الوطنية الهادفة الى تحرير الشعب وبين الصراع على السلطة الهادف الى استعمال الجماهير كوقود من اجل الوصول الى كرسي الحكم مع الابقاء على واقع الهيمنة والاضطهاد.
لقد ضحت الجماهير الشعبية في فلسطين بكل ما عندها من نفيس منذ اكثر من 60 عاما وبالرغم من كل هذه التضحيات فان دولة فلسطين لم تر النور بعد, بل ان النظام الاستعماري الجديد والنظام العربي والقيادات الفلسطينية قبلت بالدويلة التي قد يتم الاعتراف بها عندما تقبل بالشروط الصيونية فهي دويلة تظل تحت رحمة الكيان الصهيوني على كل المستويات ويدعي عباس وتدعي قيادة فتح ان الوضع لا يسمح باكثر من ذلك وانه لا يجب احراج النظام الامبريالي كما يجب تجنب الغضب الصهيوني حسب منطق عباس ...
ان طريق تحرير كل فلسطين لن يتم لاعن طريق عباس ولاعن طريق حماس -وسيشهد التاريخ على ذلك- بل عن طريق قيادة تخدم مصالح العمال والفلاحين وباقي الطبقات المضطهدة وتدحر الهيمنة الامبريالية وتقضي على الاضطهاد الاقطاعي, لذلك فان كل الفصائل مدعوة الى المقاومة مع تحديد الاهداف من هذه المقاومة والصراع في الان نفسه حول برامج مستقبلية تبلور ملامح المجتمع المزمع انشاءه في القريب العاجل,حتى تكون الجماهير على بينة من ملامح هذا المجتمع بعد المقاومة
ان حماس تتصرف كحكومة بجيشها وبوليسها ومليشياتها الخ. ..وهي قبلت الانخراط في اللعبة الانتخابية في اطار اتفاق اصلو ,في حين ان المقاومة الشعبية تكون عادة خارج السلطة, وهي تتصرف كجنين سلطة شعبية تدرب الجماهير على ادارة شؤونها بنفسها وتعمل على تسليحها من اجل صيانة هذه السلطة الشعبية.
وهكذا تظل فلسطين حاليا بين عباس المهزوم وحماس البديل لكنها لن تعرف التحرير الوطني الديمقراطي الا على ايادي قيادة عمالية تربي الجماهير على خوض حرب الشعب طويلة الامد بصفة واقعية وفق تطور موازين القوى دون مزايدة ودون انهزامية.
ظلت القضية الفلسطينية محل اطماع ومزايدة من قبل العديد من الانظمة العربية بما فيها الانظمة الاكثر رجعية مثل عائلة آل سعود والعاهل الاردني والنظام في تونس الذي احتضن في بداية الثمانينات قيادة منظمة التحرير الخ...وحاولت الامبريالية دوما ايجاد قطببين ,قطب معتدل قد تنكشف اوراقه وقطب آخر قادر على استيعاب الغضب الشعبي ولف الجماهير من حوله والبروز كقطب وطني يدافع فعليا عن القضية الفلسطينية.وتظل الامبريالية طبعا متحكمة في القطبين من اجل ادارة الصراع لفائدة الكيان الصهيوني ودفع الانظمة العربية العميلة باتجاه التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني ككيان فرض نفسه ولا مجال للطعن في شرعيته.غير ان حسابات الامبريالية والانظمة العربية العميلة ليست هي حسابات المقاومة الشعبية ولاتتماشى واتجاه عجلة التاريخ نحو دحر الاستعمار وتخليص الانسان من الاستغلال ومن التخلف الاقطاعي الذي يريد الرجوع بالجماهير الى القرون الوسطى.
تبين قضية فلسطين الان حقيقة نظام مخيم داوود مرة اخرى وانحيازه الواضح الى "الغرب" كما سبق للتاريخ ان كشف خيانة النظام الاردني لمنظمة التحرير-ايلول الاسود- وحقيقة النظام السوري من المقاومة -تل الزعتر- ثم النظام اللبناني, هذا فضلا عن مزايدات الانظمة العربية الاخرى في محاولة لارضاء الشعور الشعبي المتعاطف مع المقاومة في فلسطين .لم يعد للنظام العربي مصداقية حتى لدى الادارة الامريكية بحيث صرح اوباما بما مفاده ان الانظمة العرببية ليست منتخبة ديمقرطيا. لكل ذلك نقول ان حركة التحرير الوطني جربت كل الانظمة العربية بدون استثناء وطعنت هذه الانظمة منظمة التحرير من الخلف وخاصة المقاومة الوطنية الداعية الى التمسك بخيار البندقية دون اهمال الاساليب الاخرى والهادفة الى عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وتحدي القرارات التي تسمى دولية والتي لا يقع تطبيبقها الا على الجماهير في حين يظل الكيان الصهيوني في مأمن من التتبعات ومن المقاطعة ومن محاكمة قياداته.
ستشهد الفترة المقبل بعد حلول اوباما تحيين مشاريع التسوية مع تشريك انظمة اخرى مثل النظام في تركيا-البلد الاسلامي- خاصة وانه منتمي الى الحلف الاطلسي ومتطلع الى ان يكون ضمن اوربا كما سيقع تشريك ايران البلد الذي قد تفتح حكومة اوباما حوارات معه ومع البلدان الاسلامية كما صرح بذلك اوباما نفسه.ان النظام الامبريالي يريد التسوية وهو يريد فرض الكيان الصهيوني كقاعدة عسكرية متقدمة في الوطن العربي كما انه يدعم فكرة وجود دويلة فلسطينية منزوعة السلاح يتحكم فيها الكيان الصهيوني اولا وبعض الانظمة العربية ثانيا ونخص بالذكر آل سعود وآل داوود في مصر برعاية تركية مستقبلا وهو محور في صراع مع النظام الشيعي في ايران وتحالفاته المصلحية مع حماس وحزب الله والنظام السوري.
وفي الختام نؤكد من جديد ان طبيعة القيادة السياسية ومضمون برنامجها خلال المقاومة وما بعدها هو المحدد في مدى التقدم نحو التحرير الوطني فاما ان تتجه عجلة التاريخ نحو تحرير الشعب العربي واما ان تراوح مكانها من خلال اعادة انتاج واقع الاستعمار الجديد بوجوه مختلفة. وتدل كل المعطيات ان حماس قابلة للتسوية وانها مستعدة طبعا بالاعتراف بالكيان الصهيوني حسب تصريحات العناصر القيادية وذلك في صورة الاعتراف بها كمفاوض وكممثل شرعي .واذا تمكنت حماس من فرض نفسها كبديل فستفعل بالشعب في فلسطين ما لم تفعله منظمة التحرير أي انها ستعتمد كل انواع التعذيب والقمع ضد المعارضين وضد ابناء الشعب باسم الدين كما سبق لها ان فعلت ذلك ضد المصلين في الشوارع بعد ان اخرجت فتوى على القياس لتبرير القمع المفضوح ضد مصلين عزل.

دليل المناضل : جانفي 2009




#نشرية_الديمقراطية_الجديدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليبيا : الفوضى الخلاّقة في أوضح تجلّياتها
- دحض -الطريق البرلماني -
- حكومة -الحوار الوطني- أم حكومة صندوق النقد الدولي ؟
- لن تتغير طبيعة الامبريالية-عدوة الشعوب-
- بوتفليقة رئيس مقعد على كرسي يحرّكه الجيش
- عاصفة الفوضى الخلاقة تجتاح أراضي فنزويلا
- اوكرانيا (الشعوب تريد الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتم ...
- المرأة العربية مضطهدة ومهمشة
- الاتحاد العام لطلبة تونس
- الدستور,الحكومة, الانتخابات, وبعد
- افريقيا الوسطى بين الحروب الأهلية و الغزو الاستعماري المباشر
- الاتفاق الامريكي الايراني أو سايكس – بيكو في شكل جديد !


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نشرية الديمقراطية الجديدة - غزة