أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الفخري - فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!















المزيد.....

فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!


خليل الفخري

الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 18:42
المحور: الادب والفن
    



لملم النهار بقاياه كما يلم الغسيل ، حين تضاءل عمود الشمس و تقزّم ، كما تغيّرت اْ لوان المرئيات على الأرض وارتسمت خطوط طويلة من الظلال عليها حين عبر النهار نصفه بساعتين ، و راح يجرّ اْذيال شمس ك نبات الورس في دقائق هي اخر ما تبقّى له في دفتر يوميّاته لعام 2013
الشمس توارت وراء افق ضبابي عريض غير شفيف شرب كلّ اْلوان الطيف و امتصّ ما تناثر من بقاياها ؛ ولم يخلّف سوى لون الرماد على الأرض ؛كما خلت الدروب من العالقين بها وقد كانت تحبل بهم منذ وقت قصير و تقئ الحمل حتى لكأنهم زبدة و الوقت قيظ .
حلّت ظلمة طغت بلونها القاتم و طعمها المرّ على الموجودات انطفأت بسببها في القلب كل فوانيس العمر حتى الموروثة منها ؛ و اختفى لون الفرح حين واصل الليل لعبته الأزلية .
ران صمت في الدروب له طنين كذلك الذي يعقب انذارات منع التجوال في الوطن العربي بعد كل انقلاب ينفذه مغامر طامع بالسلطة ، وما أكثرها


طنين مرعب لفّ تحت جناحيه كل شيئ كنسر خرافي فالصمت لغة و تعبير عن حالة ، وهو محكوم بالماضي و أسير له يمتلك دوما تصريحا بالسفر و السياحة في الخيال و اقتحام الذاكرة عنوة وقسوة من غير اذن متى راق له ذلك ، و وجد الضرورة لزيارة لا يعلن عنها قد تطول وقد تقصر . فهو يبدأ في الماضي ، و وجد في و عنده ينتهي . فالماضي هو جذره وهو ساقية الماء و جسر التواصل .
الماضي وسادة نومنا ، و قليل منّا الذي لا يجد حاجة لوسادة نوم ، فهو كظلّنا يلازمنا في الحلّ و في الترحال . يقظ و متوثّب في داخلي ، تم ينم مذ فارقت الوطن تحت تأثير قسوة الأحداث ولم يهدأ لغوبه ، و انكفأت تاركا ورائي عشيقتي و رفيقة دربي وهي تطرق أبواب اصباحات الله تنتظر عودتي فمازالت الشطآن تردد مضايف هيل و مزامير الرعاة . ظلّت توقد شموع خضر الياس نذورا لعودة تجمع كل ابنائها الذين اغتربوا في بيتها ، يحملها الفرات المثقل بأوجاع سكاكين الجيران تقطّع أوصالا منه مميتة .
لم ينم الأمس ابدا ، و ان نام فهو كالذئب بعين واحدة و نصف اغماضة ، بانتظار اللحظة . بانتظار اللحظة التي يفيق كالأعصار خلالها فيبعثر كل هدوء السنوات التي طحنتها الغربة كالدقيق والتي مرّت عجافا يابسات تتكسر ، مرارة الصبر لها و ملمس الحسك . انه بركان ينشط فجأة ليدمر في اغماضة عين و انتباهتها ما حوله دون رحمة بعد خمول له و ركود يحمل مفاجآت اللحظة الأخيرة حيث لا يمكن احتواؤها .
يستيقظ هذا المارد في داخلي غريبا مربكا يستدرجني كالطفل الغريرنحو دهاليز الذاكرة ، فأحاول أن أقاومه ولكن كيف لعود القشّ أن يقاوم تيّار المياه الصاخب !!! . أسائل نفسي ، هل يمكن لي أن أقاوم ذاكرتي هذا المساء ، وهي ذئب أجرد منفلت تترصّدني عيناه .تخندقت الناصرية فيها كمن يستعد لنزال فوق دروبها التي نثرت سنواتي عليها و ذكرياتي فوق ترابها توزّعت وعلى حيطانها .صباي و شبابي و نساء كثيرات عبرن حياتي بين ضجيج و غموض و حيطانها و بيوت القصب و الطين . كيف لي أن أٌقاوم الأمس بصدر عار و يد مكبّلة و ذاكرة مجهدة دون ان تتحطّم في زلّة ذكرى ، كيف لي أن أقاوم انحدارا لا أملك خلفية عن طبيعته والى اين يفضي !!! و أنا أعدو في درب صخري يفضي الى نفق مجهول . كلّ شيئ أتحمل وجعه وما يترتّب عليه من نتائج و مردودات و أتألم لحطامه حولي ، الاّ ذكرياتي فهي شفيفة و رقيقة كخدّ الزهر أو كجناح فراشة ، أخاف لمسها و الدنو منها كما أخاف قراءتها اذا اشتهت روحي ذلك . لكنني مع كل هذا تراني ألهث خلفها لألحق بماض لم أغادره في الواقع . بقيت رهينة له برضاي و حبيسا لقناعتي ، و بذاكرة أسكنها لأنها جسدي و أرفض مغادرتها ؛لأنها وطني ، هي العراق المستباح على يد الملالي من بقايا الصفويين ، و الناصرية أمي ةهي تقسم حبها و لبنها بين أبنائها ، و فيروز الأنسانة التي وهبت كل شيئ ولم تسأل عن شيئ .
من يبعني الليلة مما عنده من صبر ومن صمت يزيد عن حاجته ، فأشتريه . فالصمت بضاعة الغرباء في غربتهم ، أو على الأقل يقايضني على الأقل بما عندي من فرح زائد وما أندره ، ان كان ثمّة فرح في دخيلتي !!!.
كان للصمت أن يصبح نعمة في هذه الليلة بالذات ، تماما كما النسيان ، نعمة و بلوى ؛ كما يراه نجيب محفوظ في روايته ( أولاد حارتنا ) . فالذاكرة وجر ذئاب في مناسبة كهذه لا تأتي بالتقسيط ، و انما تهجم عليك شلالا يجرفك الى حيث لا تدري من المنحدرات .
جلست فيروز قبالتي كعادتها ، هذه الترقوة الشفّافة و و اللون العسجدي يبحر في ثناياها ك عريّ الصبح يسيل على الغربات جلست والحزن مسافرفي عجالة على وجهها مكتظة حقائبه ملأى بشظايا قاتلة ك يتيم تتقاذفه المحطّات لا يدري في آخر ساعات العمر أين ستذهب به قدماه !!!
تضع يدا على خد شفيف يريك انسياب الدم في عروقه خلال بشرة بيضاء ناعمة ملمس الورد لها. أبهرتني و كأنني أراها لأول مرّة حمرة خدّيها و الشفق الممتد مع الأفق المترامي الأطراف ؛ و عيناها تقدحان كنجمة الصبح تومض في محجرين ثقفيين ، تشرب ارتعاشات الليل على ضوء شمعة تجاهد هي الأخرى ان تقاوم . في عينيها لمع بريق و قدح خالط الخوف فيه بقايا أمل مرجو ، و العتاب كرة ثلج تكبر كلّما أوشك الليل واقترب ان يجثم على الكون ب ظلّه البغيض باسطا عليه أجنحته .، و قدح الجعة شريكا اثمله الأنتظار نتقاسمه رشفات و حريق زفيرنا مزّة يرافقه بينما نرقب المشهد ؛ الرحيل و الميلاد . كنت أتحاشى النظر الى وجه ينافس طلعة الصبح في رونقه و روعته و حسن بهائه ، و عينين كقطعة من ليل شتوي بهيم , أجاهد أن لا تلتقي عيوننا حين تشاغلت ب منفضة السجاير أعالج بقايا رماد علق في حواشيها ، حين انتصب الأمس قدامي ناضيا سيف العتاب ثمّ سالت الكلمات أوجاعا في القلب و في الخاصرة و دمّلا في العيون . سألتها ؛ فيروز ؛ حبيبتي يا ألق الفجر ، رجوتك ؛ دعي الأمس في هدأته و رقدته ، فالجراح نائمات على الصديد في خدر ؛ لا تنكئ بمبضع العتاب دمّلا تكفيه لمسة من يديك الحريريتين كي يسيل أوجاعا تجد امتدادات لها و مديات فترتسم أحزانا بلون الغبرة على الوجوه لا تنفع الجعّة معه و طلعة الصبح الجديد .
دخلت عالم عينيها على غفلة منها ؛ فماذا وجدت و ماذا رأيت ؟ تيبّست سواقي الورد فيها ، كما عصفت رياح التجريد بكلّ غصن مثمر يانع و ورقة خضراء ، و حلّ هجير ينبئ عن يباس و محل . ملامح حزن مجهول الدنى و العوالم يدهمنا الليلة ؛ فماذا عساني أفعل ؟ كانت لغة عينيها الليليتين تلك ، لغة لم أتعرّف على أبجديتها بعد ، كما لم تمرّ ببالي من قبل !كان فيها ثمّة بريق مشحون بالرغبة و القسوة المرّة ، وفيها العناد الذي شدّني اليها كالحبل الى وتد الخيمة . راقبت عن كثب آهة تتعثر عند حدود شفتين بلون الرمّان ، برعمتين ، لكنها ظلّت رهينة محبسها في أجمل و ألذّ موضع يشتهيه الرجل في حوّاء .
أتوقف طويلا عند عينيها كلّ مرّة ، كمن يقلّب أوراقه القديمة و دفاتره يبحث فيها عن شيئ ينفع ، ربما ذكرى !! كنت أبحث عن ذكرى هزائمي على يديك سيدتي ؛ و انكساراتي ، وما أكثرها !!! كنت و ما زلت اليك مشدودا كصنم بباب معبد مهجور ، لا تقع العين صدفة عليه ؛ الاّ و تغادره مسرعة كقطار لا يقف عند كثير من المحطات التي يمرّ عليها .. لكنني اقنع نفسي و أرضيها بابتسامة تنسلّ خلسة من تينك الشفتين بمذاق العسل و عبق التفاح ، أفتح قلبي لها ، و أضمّ جفنيّ عليها ، فتخضرّ روحي لها ... وقتها لم يكن أعذب من شفتيك سوى شفتيك ؛ لأنها نهر اللذّة ، حيث تلتقي النار بالماء ، فيورق ربيع العمر و تمطر العيون فرحا ؛ فأنت امرأة مصنوعة من عسل الليل بأزهار التين . تزهر منك سواقي الورد اذا أنت عبرت عليها .فأنت ابنة الربّ ، و حبيبته ؛ و أنت مشتهاه ؛ فما أشقاني بك و ما أتعسني !!! وما أسعدني و أغناني !!! من أيّ أصقاع الدنيا أتيت تحملين بلا تعب كلّ هذا الحسن ! و سيف الثأر في جسد يشعل حرائقا لا تنطفئ في كلّ أرض مررت بها . جسد مهصور خيزرانة فوق وركين كربوة خضراء يتلوّى ، تشدّ العيون اليها .
سألتني و دخان سجارتها سلسلة تضيق حلقاتها فوق منضدة تكدّست فوقها ألهموم وما أكثرها والفرحة في مخاضها و أقداح الجعّة والقهوة و وريقات لا تفارقنا حيثما ذهبنا و أوجاع و هموم هي وسادة نومنا و رغبة قتلها العناد وتتسع الحلقات حين تصل سقف الغرفة فتقيم سورا من العزلة كسجن حولنا . تحوّلت خيوط الدخان وهي تتصاعد سابحة في سماء الغرفة الى سياط تلهب نفوسنا و أرواحنا حين نركب متون الذكريات و مدية تنغزز في لحمنا ولا نستطيع منها خلاصا . سألتني ؛ خليل ! أما زلت تحبني كأمسك بعد ؟ وجهك فيروز ؛ كالنهر الآسر لكل الأنهار ، فيه برضاي أبحرت . حملتني أمواجه الى شطآن لم أحلم بها من قبل ؛ لكنني مازلت لشطآنك أعشق . أعاقر الخمرة في كل مرة ليس من أجلها ؛ انما لأستحضر عينيك ، و أمدّ جسور التواصل ليعبر جسدك في لمحة عندي .
اكتظّ سماء الغرفة بأشباح مغبرّة ك لون الأرض ، ك الجنّة تراقصنا ومن حولنا ترقص ، معها يستطيل خيالنا ، وفي هجوعها تذوب أمانينا . أطلنا النظر كلانا يتابع خارطة الوطن البعيد على جدارية من الدخان ، تتسع حدوده و تتفتّح جروح فيه صعب شفاؤها . دخان سجائرك فيروز يثير في نفسي رغبة البكاء و الحنين معا و يدفع بجدران الغرفة نحو فضاء اليه نرنو و صوبه نسعى و عنده سنلتقي لابد يوما ؛ نعيد سرد حكايانا و نطبب جراح الكل و نغفو على مواويل الرعاة و اغاني الحصاد .وسادتك ذراعي و دثارك جسدي و شرابك رحيق روحي الذي مازلت له تعشقين .

الناصريه – خليل الفخري



#خليل_الفخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حريق العراق ؛ سوف يلتهم الجميع . !!!
- سيندم الجميع و لات ساعة مندم !!!
- فيروز ليل الترقب و الصمت بين الرغبة و التشهي
- العراقيون أمام خيارين ، انتظار المهدي المنتظر أو العمل من أج ...
- العراق ، خطوتان الى الوراء و خطوة ثالثة الى الوراء كذلك !!!
- ابو سميه ، عينه على الدالنوب و قلبه في العراق .
- أمّي
- حتى لا ننفخ في رماد ... !!!
- حتى لا ننفخ في رماد
- قيسُ بن سعد بن عبادةَ الانصاري !!!
- فيروز ، مع الرعاة جئتُ أغنيك !!!
- فيروز -;- عند شُبّاكها يسهرُ الليلُ !!!
- فيروز ، شقائق النعمان و حاوية العسل !!!
- لقد سُرقنا مرتين .!!!! حذارِ من القادم !!!!!
- صائد جرذان مستشاراً للمالكي .!!! العراق الى اين؟.
- نوري المالكي و عبدالسلام عارف وجهان لعملة واحدة !!!
- فيروز ...!! ساقية الورد والنبع الذي لن يجفّ !!!
- الشعوب هي وحدها التي تصنع المستقبل !!!
- ....... و ضبابُ الليل يحجبُ الأسرار
- بيتها في البترا ، مزارٌ وطقوس !!!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الفخري - فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!