أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الخياط الساعدي - مذكرات على بحر أيجة















المزيد.....

مذكرات على بحر أيجة


سالم الخياط الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4516 - 2014 / 7 / 18 - 01:09
المحور: الادب والفن
    


مذكرات على بحر ايجة


في مغيب الشمس يتراءى أليك المنظر الساحر، وكأن البحر سيبتلع الشمس . النوارس تودع النهار تنسل مثل خيط من فضة ،لتستريح من الطيران وصيد الأسماك وانأ انتظر كيف سيجن البحر بعواصفه وأمواجه المتلاطمة على ساحل البحر نورسان ينفلتان عن السرب يحلقان فوق سقيفتين قديمتين ، مركونتين بجانب البحر وقد تعبتا من التحليق في السماء .كان الطقس باردا وساحل البحر يمتد طويلاً .تخفق بعبابه السفن واليخوت والمطاعم والمقاهي العائمة .فالجو هنا يبعث على السعادة والبهجة أكثر . في الساحة العامة رأيت لوحة معبرة من تاريخ تركيا ، تحكي عن العثمانيين كيف بنوا تركيا وقادوا الفتوحات وتستعرض لك المعرفة بعبق تراثي أصيل . مشيت في الشوارع والساحات لساعات طوال ،رأيت امرأة طاعنة في السن ، تفترش الأرض فاستوقفني المشهد ، وهبتها بعض النقود وقد آلمني الموقف . تساءلت في نفسي : كيف لها أن تقف بجسدها الكبير هذا لله شانها.! ثم تركتها ومشيت اسحب جسدي النحيف وأتخطى الشوارع والحارات ، أنتظر حلول الساعة الاخيرة لبدء ألسنه الجديدة من سنين العمر، لأوقدها شمعة للآخرين، و .. هكذا هو الحال منذ سنين العمر الضائعة. أسرعت خطواتي قبل أن يدق ناقوس الساعة الثانية عشرة لتبدأ السنة الجديدة . مشيت مسرعا وسمعت أصوات المفرقعات ، شهدت كل ألوانه الخلابة ، على ساحل بحر ايجة كم تمنيت لو كانوا أحبتي معي لكانت هذه السنة أكثر بهاءً . وتمنيت أمنية للسنة الجديدة وهي ، أن يدوم الله علينا أنا وإخوتي وأصدقائي في صحة وعافية والى بلدي الأمن والأمان . ورحت أسترجع احدى القصائد في ذاكرتي (أن لي أمنيةً أن يرجعَ اللحنَ عراقياً وإن كانَ حزينْ ) وبقيت أتمتم ببعض الأغاني التي لا أحفظ منها إلا القليل ، سائرا في طرقات " أزمير" حسناء بحر إيجه ، ومسقط رأس هوميروس ، لقد انتهت سنة من سنين العمر وأنزلت الستائر وأصبحت من الماضي ، غدت ذكرى ، وما بين لحظات السعادة والألم وانا أسير بين زحام الناس الفرحة ، تذكرت بلدي الحزين سائرا وحدي ،لست مبتهجاً ولا حزين ، قارنت كيف تكون الساعة الآن في مدينتي "البصرة " بالتأكيد هي ساكنة وموحشة .
لم تلملم وحدتي غير عبق ذكريات الماضي العتيق ،ويا لها من ذكريات أيام الشباب والمتعة . متعة العلاقات مع أصدقائي والناس الطيبين ، وفي هذه اللحظات التي كنت أتذكر بها الماضي مرت نسمات هواء معطره بعطر زكي ، قطعت كل أفكاري وأصحتني من البرد فيما أحسست بنشاط جديد ، خطوت بسرعة لأرى وجهها الجميل وأذهلني جمالها فبدأت اقلب عيني في عينيها عسى إن تنظر لي فلا اجد سبيل لذلك وقادني التفكير في الرغبة والخيال في هذه ألصورة الجميلة ودغدغت ، أحاسيسي بالغريزة والخيال مرةً أخرى أجالس البحر والسماء أتأمله البحر أجمل ونقاوة الهواء القادم من البحر لولا شعوري بالوحدة والضياع تلاشت أفكاري . حاولت أن ألملمها وأنا أهمس ( ترى، لم هذه الرغبة الجامحة في كتابة الذكريات) استجمعت قواي ونهضت من مكاني ، مشيت أنظر يميناً ويساراً . رأيت رجلا يرمي سنارة صيد السمك ، بقيت انتظره كي يصطاد سمكة وإن كانت صغيره ،تأملت الرجل يبدو أنيقا في هندامه النظيف .قلت في حالي (أن هذا الرجل هاوٍ للصيد) ، ثم جلست بقرب الساحل أراقبه وبعد وهلة من الوقت وأنا أنظر إليه ، سحب السنا رة وإذا هي سمكة صغيرة. لاحظت وجه الرجل وقد بان عليه الفرح والانتصار، ثم نظر إلي وهو يبتسم كما لو يريد إن يظهر انتصاره فما كان مني إلا أن أبادله الابتسامة ، وهمست في نفسي (كيف يتفاخر الإنسان بصيد سمكة صغيرة حتى لا تصلح للأكل ). تركت المكان وأنا أفكر في نفس البشرية التي تحب دوما الانتصار على اصغر الأشياء وأكبرها في نفس الوقت ، ما هذه النزعة لدى الإنسان ، قلت: (أنا أيضا لدى هذه الصفات وأتمنى إن أصطاد أي شيء يسعدني، إذن كلنا متشابهين في مسعانا في هذه الغريزة المفرطة في كل الأشياء . لن يخلصنا من هذه الغريزة غير القناعة و الإيمان بالله.
نعم الحياة تريد أن نعطيها ولكن دون أطماع وجشع الدنيا، وانني أرى جانبا أسرده إليكم لكي نعتبر من عبر الحياة والدنيا.
يحكى أن رجلاً غنيأً كان يملك من المال والأملاك الكثير ، متعالٍ على الناس وكان يشكي من آلام في رجليه ولا يقدرعلى المشي كثيرا بسبب تردي صحته .في احد الأيام خرج هذا الغني يتمشى في الأسواق ببطء ، رآه رجل أعمى يقول (الحمد لله على ما أعطيتني ) وهو يكثر من الدعاء !
تعجب الغني وسأله (عن ماذا تشكر وأنت تفترش الأرض ، وأنت فقير وأعمى) ابتسم الأعمى وقال : ( أنا اشكر الله لأن لدي صحة جيدة وأرجل امشي بها فكثيرون لايقدرون أن يمشوا وأنا أشكر لأن لدي امرأة صالحه ، كذلك يوجد لدي أصدقاء يسالون عني ويحبونني كيف لا اشكر كل هذا العطاء ) .
الله يختبر الإنسان في الصحة والحياة وأنا لدي قناعة بالأشياء التي تأتي من الله.
وقف الرجل الغني برهة من الوقت ، يقول في حاله إذاً انا فعلا فقير لان ليس المال الذي يسعد الإنسان فقط بل القناعة بما أعطانا الله .
سحب الرجل جسده المتعب بخطوات قصيرة وبطيئة كالسلحفاة وهو يفكر بما قال الأعمى تماما (ليس لدي أعمال اسعد بها الآخرين !) وتذكر امرأته الفَضة في الكلام والمزعجة بالمعاشرة وذهب الرجل وقد ارتسمت عليه الدهشة من كلام الأعمى الفقير في المال والغني بالقناعة وراح يفكر (إن ألطريقة الوحيدة في تخليص نفسي هي مساعدة الآخرين وحبي للناس وعمل الخير) . أما أنا فسأسرع في خطواتي لأن الثلج بدأ ينزل بغزارة ، والأرض أصبحت بيضاء وانا أضع القبعة على راسي والقفازات في يدي وبدأت أرجلي ويديّ تتجمد من شدة الصقيع . يالها من أجواء!! مشيت مسرعا وشعرت بخوف من السقوط أو التزحلق فوق الثلج فيما أنا ذاهب إلى المطعم . جلست على المائدة ولم يأتني أحد ، بقيت أنظر إلى الثلج وهو يتساقط متناثرا وساطعا مثل ندف القطن ، وبينما كنت سارحا في أفزعني صوت النادل ، قال لي (ماذا تأكل ) طلبت العشاء ثم ذهبت إلى الفندق مسرعا . جلست في غرفتي على السرير وأحسست بدفء المكان فتحت الستائر لأرى المنظر من الخارج واتامل كيف قضيت الأيام والسويعات المختزلة من عمر الزمن .
وفي الساعة السابعة صباحا حزمت حقائبي وقررت العودة إلى وطني وقبل السفر نظرت من الشرفة على الساحل الجميل ورأيت قطرات الندى قد دب الفجر بها وطائر النورس يمارس عمله بنشاط وهو يطير بحريه كاملة ، قلت : سأحلق كطائر النورس وأعود بإدراجي وأحلامي إلى بلدي!!

سالم الخياط الساعدي



#سالم_الخياط_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الخياط الساعدي - مذكرات على بحر أيجة