أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - سرقوا التلاجة يا محمد














المزيد.....

سرقوا التلاجة يا محمد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4515 - 2014 / 7 / 17 - 23:46
المحور: المجتمع المدني
    


كتبت الجرائدُ المصرية عن الأم الأربعينية (ص.م) التي قتلت ابنَها (15 عامًا) في نوبة غضب لأنه اعترض على نصيبه القليل من أرغفة الخبز (الحاف) التي وزعتها الأمُّ عليه وعلى أشقائه. حيث أبدى سخطه وصرخ في وجهها فرمته، دون قصد، بسكين كانت في يدها، فانغرست في قلبه وسقط صريعًا، لتسقط الأمُّ بعده في نوبة انهيار تام غير مصدقة ماذا فعل بها جوعُ أطفالها الكافر وضيق ذات اليد! وطفقت تردد بهيستيريا عبارة واحدة لا تتغير: "كنت مغلولة من ضعفى.. يا حبّة عين أمه كان جعان!”.
في مدينة "كيب تاون" بجنوب أفريقيا، خصص المواطنون شارعًا بالكامل من أجل الفقراء. لا يسكنه الفقراء، إنما يزورونه من وقت لآخر لكي يأخذوا حاجتهم من الملابس النظيفة المكوية. على شماعات نظيفة، يعلّق المواطنون ما يفيض عن حاجتهم من ملابس، وعلى حوامل سفلية يضعون ما لا يحتاجون من أحذية. فيمرُّ المحتاج وينتقي ما يناسبه، وما يحتاج إليه (فقط)، ليترك لغيره من المعوزين ما يتبرع به الناس من فائض كرم الله. وشاهدتُ بعيني في عدة ولايات أمريكية فناءاتٍ واسعةً مكتوبًا على بواباتها: (Meal on Jesus)، أي: الوجبة على السيد المسيح، عليه السلام. حيث يدخل الجائع ليتناول وجبة طعام جيدة في صحون أنيقة، يدفع ثمنها مجازًا رسولُ السلام، وفعليًّا البررة الأتقياء الذين يعلمون أنهم وما يملكون؛ من الله ولله يعود.
لدينا مثل هذه الأعمال الخيرية في مجتمعنا المصري. لكن ثمة فروقات. هناك، هذه التبرعات دائمة طوال العام، وليست في المناسبات الدينية فقط. هناك، لا يعرف الفقيرُ اسم المتبرع، ولا يعرف المتبرعُ اسم الفقير، فيتم الأمر بكامل الكبرياء والتعفف. هناك، يأخذ المحتاج حاجتَه (فقط)، فلا يجور على حقّ أخيه الفقير بأن يأخذ أكثر من حاجته، ولا يجور على حق المتبرع بأن يأخذ الأشياء ويبيعها! هناك، يتم كل شيء بأناقة ونظافة وهدوء دون جلبة ولا متاجرة ولا طمع ولا مزايدة ولا تباهٍ، لأن الجميع يعلم أنهم على شرف مائدة الله حيث حتمية التحضّر والرقيّ والجمال والأدب.
***
وفي مدخل إحدى العمارات بالقاهرة نقرأ هذه الكلمات مطبوعة على لافتة:
[سكان العمارة الأفاضل
تم وضع ثلاجة عند باب الطوارئ لوضع الفائض من الطعام للمحتاجين. الرجاء من لديه فائض طعام تجهيزه بطريقة مرتبة ووضعه في الثلاجة، مع وضع ورقة بتاريخ الطعام، ضمانًا لصحة المحتاجين. وشكرًا.]
***
بعد أسبوع، نقرأ هذه اللافتة في نفس مدخل العمارة:
[سكان العمارة الأفاضل
رجاءً حارًّا، اللي أخذ الثلاجة يرجعها. الثلاجة عليها أقساط.]
***

لو علم سارق الثلاجة ماذا صنع! إنه لم يسرق عدة آلاف من الجنيهات؛ إنما قتل "المروءة" بين الناس، كما حدث مع الأعرابي القديم.
يُحكى أن أعرابيًّا كان يقطع الصحراء على حصانه، فشاهد رجلا مُنهكًا يسير على قدميه يهدّه التعبُ والظمأ. فتوقف وسقاه وعرض عليه أن يوصله بحصانه إلى العمران، فشكره الغريب وركب. ولما تعب الحصان من حِمل الرجلين، ترجّل صاحبُه عنه وترك فوقه الغريب المنهك، الذي طار بالحصان مثل أي نذل جبان. فتهتف فيه الأعرابي قائلا: “أرجوك، لا تقصّ قصتنا على الناس”. فضحك اللص قائلا:"لكيلا يُعيّروك؟"، فأجاب الإعرابي: “’كلا، بل لكيلا تموتَ الشهامةُ بين العرب. لأن الناس لو علموا سيعزفون عن مساعدة المحتاج، وتنتهي المروءة للأبد.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دريّة شرف الدين.. شكرًا
- -الشاعر- هاني عازر
- هل يعرف الداعشيون جبران؟
- العنف ضد المرأة
- الكاتب الداهية
- المجد للنباتيين يا آكلي اللحوم
- الفئران أول من يشعر بالخطر فتغادر السفينة قفزاً في الماء، يل ...
- متى ينام إبراهيم محلب؟
- ثاني رمضان، بلا إخوان
- المايسترو
- المتحرشون لم يفسدوا فرحتنا
- وجدي الحكيم، وحلم لم يكتمل
- الروث في مياه الشرب!
- أحمر باهت
- العذراء، وشمس الدين التبريزي
- المحاكمة داخل الكهف
- -فتحية العسال- وحصان عم محمد
- انتخبت بدمائها وطفلة تغني
- الخطاب الديني والتحرش، يا ريّس!!!!
- حكيم عيون


المزيد.....




- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...
- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - سرقوا التلاجة يا محمد