أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن محسن رمضان - الفقه اليهودي والمبادئ الإنسانية الليبرالية















المزيد.....

الفقه اليهودي والمبادئ الإنسانية الليبرالية


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4514 - 2014 / 7 / 16 - 23:49
المحور: القضية الفلسطينية
    



ملاحظة: كتبت هذه المقالة، في خطوطها العريضة، في يناير 2009 أبان الهجوم الهمجي للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة آنذاك.


تدور المبادئ الليبرالية حول نقطة محورية وأساسية: "الحرية". فالفرد، وبالتالي المجتمع، لا يقيد قناعاته وخياراته، وبالتالي تصرفاته، إلا ما يشاء هو أن يتم تقييده به وذلك عن طريق القانون الذي يتم إقراره ضمن البرلمان المنتخب انتخاباً حراً. فالقانون في المجتمعات الليبرالية هو انعكاس مباشر لرغبة الأمة ومشيئتها الممثلة بواسطة البرلمان المنتخب. فالشعب هو من يختار أن يقيد جوانب محددة من حريته عن طريق ممثليه في البرلمان. وبالتالي، فإن التقيد بنصوص القانون في المفهوم الليبرالي ما هو على الحقيقة إلا تجلي بارز لحرية الأمة في جوانبها المتعددة. ومن هذا المنطلق جاء في إعلان الحقوق الفرنسي للحرية ما معناه:

"يصبح الإنسان حراً إذا كان سيد نفسه، يقيدها بإرادته الذاتية داخل الحدود القانونية للنظام الذي يعيش فيه. وهي القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالآخرين، ولا تُحَد ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان إلا بالحقوق التي تُؤمن للأعضاء الآخرين في المجتمع، ولا يجوز أن تحدد هذه الحدود إلا بقانون. وليس للقانون أن يحظر إلا الأعمال المضرة بالمجتمع. وكل ما هو غير محظور بأحكام القانون لا يمكن أن يُمنع. ولا يُجبر أحد على عمل شيء لم يأمر به القانون".
(انظر: النظم السياسية، د. عبد الغني عبدالله، الدار الجامعية، بيروت 1984)

فالحرية هي المحور الرئيس في القناعات الليبرالية. ولا يجب أن يتخذ الفرد الليبرالي، من حيث المبدأ، أي موقف عدائي من تعدد الأديان والمذاهب والأفكار والقناعات. فأصل ثراء وتميز المجتمعات الليبرالية هو تعدد مصادر الثقافة والقيم، وهذا يدفعها بدوره نحو الارتقاء بالإنسان والمجتمع.

منذ أن بدأت الحرب الوحشية الهمجية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، برزت محاولات متعددة لفهم هذا الطابع العدائي الشرس الذي لا يميز بين المقاتلين وبين الأبرياء، ولا يميز بين الأطفال والنساء والشيوخ وبين من يحملون السلاح، الذي يتبناه اليهود في حروبهم المتعددة التي يشنونها شمالاً وجنوباً. فعندما يُفتى مجلس الحاخامات الإسرائيلي (Yesha Rabbinical Council) بأنه: (في القانون [الفقه] اليهودي، في أوقات الحروب والمعارك، لا يوجد مصطلح يُسمى "أبرياء" عندما يتعلق الأمر بالأعداء)، وعندما يؤكد رئيس معهد تسوميت وأحد أهم مرجعيات الإفتاء اليهودية بأنه (يتوجب تطبيق حُكم عملاق [يقصد قتل كل ما هب ودب وكل إنسان صغيراً أو كبيراً] على كل من يحمل كراهية إسرائيل في نفسه) ثم يُضيف بأن (حكم التوراة ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز، وحتى سحق البهائم)، وعندما يتعدى الأمر إلى أن الحاخام الأكبر لمدينة صفد لا يرى بأساً إطلاقاً في قتل (مليون فلسطيني) [لمصادر جميع هذه الاقتباسات، انظر الهامش رقم 1]، فإنه ولابد من تقصي هذه النزعة العدوانية الوحشية في المصادر العقائدية لهذا الشعب. إذ أن (العقيدة تُشكل عاملاً اساسياً في إعادة تشكيل الضمير الإنساني)، هذا مما لا شك فيه إطلاقاً، ويحمل دليلاً في نصوص التاريخ ووقائع محيطنا المعاصر.

ولكن، وفي نفس الوقت، هذه المحاولات للفهم قد يتم مهاجمتها على أنها تتبنى العداء للأديان والعقائد، وبالتالي فإن تلك المحاولات تسعى إلى التمييز ضد معتنقي تلك الأديان، وهذا يعارض بالتأكيد المبادئ البديهية للموقف الليبرالي كفلسفة ترى الحرية بشكلها المحايد مبدءاً شاملاً. فالليبرالية يجب أن تأخذ موقفاً حيادياً من القناعات العقائدية للفرد أو للمجموع. وبالتالي، فإن انتقاد الدين أو العقيدة كمدخل إلى انتقاد الفرد أو المجتمع هو أمر يجب أن يتفاداه السياق الليبرالي منعاً لأي إحتمال لتهديد "الحرية" التي يقوم على أكتافها المبادئ الليبرالية.

وإن كانت تلك التقريرات أعلاه في خطوطها العريضة تحمل الشيء الكثير من الصحة، إلا أنها وقعت فيما كانت تُحذّر منه وتخشاه وبشكل سافر. فـ "الحرية الليبرالية" هي ليس حرية مطلقة، ولكنها حرية مقيدة. هي ليست مطلقة لأنها محددة بمبدأ، ومقيدة بقانون، وتقف عند حدود الفرد الآخر المختلف المقابل للفرد الليبرالي. فكما أشار إعلان الحقوق الفرنسي للحرية، فإن (الحرية) هي "القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالآخرين"، أياً كان هذا الضرر، معنوياً كالحط من الكرامات أو حسياً كاستهدافهم بالأذى الجسدي. هذا الضرر هو الحد الفاصل بين الرفض والقبول لمعايير الحرية التي يتبناها أي مجموع أو أي فرد. فمن غير المعقول أن يسمح أي مجتمع ليبرالي لقطاع من أفراده، تحت دعوى الحرية، بتبني مثلاً قناعات فكرية أو عقائدية تدعو صراحة إلى التمييز بين أفراد المجتمع، أو هضم حقوقهم، أو وضع تقسيمات عنصرية عن مدى قيمة حياة إنسان في مقابل حياة إنسان آخر. هذا لا يقبل به أي مجتمع معاصر اللهم إلا المجتمعات التي تقوم على أسس دينية أو مذهبية أو عنصرية. ومن هذا المنطلق فإن (الرفض لبعض نصوص الفقه اليهودي نشأ أساساً من نظرة عنصرية تجاه الآخر المختلف) والتي تعارض كل مبدأ ليبرالي وعلى أي مفهوم يتبناه القارئ. فالمعارضة هنا لهذا الفقه اليهودي وما قاد إليه من أفعال وحشية ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية (نشأت من المبدأ الليبرالي الذي ينتصر للحرية وما يتفرع عنها من متطلبات المساواة والعدالة).

إن معارضة نصوص ذلك الفقه اليهودي الذي يقسم (الإنسان) إلى بشر وحيوانات، لا يعني أبداً أننا نستهدف "الإنسان" اليهودي، ولكنه يعني، تحديداً، أننا نستهدف مبادئ فكرية وعقائدية عنصرية تهدد القناعات التي تؤمن بتعالي (الإنسان كقيمة مطلقة في ذاته) بالدرجة الأولى. فكما هو الحال في معارضتنا للتوجهات السلفية الإسلامية والشيعية المتطرفة بسبب هذا الموقف من الآخر المختلف، والذي يهدد مبدأ الحرية الليبرالي، فإننا أيضاً نقف الموقف ذاته من هذا الفقه اليهودي. (فنحن لا نعادي "الإنسان" ولكننا فقط نعادي من يعاديه، بغض النظر تماماً عن معتقده أو دينه أو عرقه أو لونه). ويقع على عاتقنا كشفه وتعريته ومهاجمته ورفضه، حتى نضطره إلى مراجعة أفكاره ومواقفه وفقهه. وكل ذلك ينبع من موقفنا المبدئي من حرية "الإنسان" وما يستتبعها من مساواة في حق الحياة نفسها.

ليس "الإنسان" اليهودي هو المقصود، ولكن (الفقه الذي يجيز له أن يتحول إلى قاتل عنصري لا يُفرق بين النساء والأطفال والأبرياء، ويتبنى كعقيدة تبرير العقاب الجماعي كمبدأ أخلاقي)، هو الهدف.



هــــــــــــــــوامـــــــــــــش:

1- نصوص التوحش الإسرائيلي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=423950



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص التوحش الإسرائيلي
- منطق السقوط المعكوس
- جرائم الحرب الإسرائيلية يا أيها الغثاء
- يسوع والمرأة السورية – 6
- أكره أن أودع أحداً
- حتى نفهم التطرف السلفي المسلح
- يسوع والمرأة السورية – 5
- أنتم صنعتم داعش
- يسوع والمرأة السورية – 4
- يسوع والمرأة السورية – 3
- يسوع والمرأة السورية – 2
- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي
- السلفية المسيحية
- مقدمة في مفهوم السلفية
- لم يكن سعيداً، ولكنني فخور به - تعقيب على الدكتور القمني
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 9
- في جريمة اختطاف الفتيات النيجيريات
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 8
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 7
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 6


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن محسن رمضان - الفقه اليهودي والمبادئ الإنسانية الليبرالية