أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - حينما تنزف التراتيل انفاسه يتجذر الاسى ... قراءة في مجموعة ( تنزف التراتيل انفاسه ) لمحمد طاهر














المزيد.....

حينما تنزف التراتيل انفاسه يتجذر الاسى ... قراءة في مجموعة ( تنزف التراتيل انفاسه ) لمحمد طاهر


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 17:04
المحور: الادب والفن
    


تتهافت الاحداق على امواجه .. أهو يهزأ بها ؟ ام يرثيها ؟
وبين الحزن المعاش والموت المرتقب قد يكون الإبداع وقد يكون اليأس وفقدان الأمل، أما محمد طاهر محمد فقد اختار الإبداع على الرغم من عدم اطمئنانه لطرفي المعادلة.
في مجموعته الشعرية (تنزف التراتيل أنفاسه) نقرأ نفْساً تكاد تزهق في كل لحظة وفي ثنايا الكلمات نسمع أنيناً لا يحسبه الذي يقرأ للشاعر محمد طاهر بتفاؤله أنه صادر منه، حيث يظهر صوت الحزن واضحاً حتى كأن شاعرنا يتكئ على آلامه ليكتب كلماته، أو أن كلماته تعبير لحزن دفين كلما أراد أن يختفي خلف الموسيقى الشعرية أظهره الشاعر وكأنه مجبول على تعاطي مفردات الألم والغربة مثل قوله: (يرتق اسمال القناديل دمعه) وقوله: (حملت شرارة الاضلاع حتى نظرت الى السحاب فكان دوني) وقوله: (الجرح يورقه على ظمى .. صهيل) وقوله: (الليل يقعي بالجراح مكبلا ) وقوله: (الافق ذئب ، والرياح عواء والارض جرما ، والسماء قضاء) وقوله: (الليل يكتب لافتته السوداء يلملمها الفجر بعيون الاشباح) وحتى العناوين التي صدّر بها الشاعر قصائده لم تخرج عن إطار الحزن والغربة نحو: (غربة داخل الجسد ، دموع القناديل ، الوليمة الجائعة ، شبح ، كابوس ، ذاكرة القبور ، عتمة ، قبر ، يحفر قبرا للظل).
فإذا عرفنا بأن عدد نصوص المجموعة حوالي ثلاثون نصاً تبين لنا الى أي مدى ينهل الشاعر من لغة المعاناة، فهل هي معاناة الشعر ومخاضاته أم معاناة الوجود الذي يشكل المعادل الموضوعي لأنا الشاعر؟...
أم أن الشعر عند محمد طاهر تحوّل الى تجربة وجود فعاشه بكل ما يملك؟ ربما لا نجد أجوبة في قصائد المجموعة بوصفها مسكونة بهاجس المعاناة مما يجعل القارئ يدور في دائرة مغلقة، الى الحد الذي نجد الشاعر حتى في لحظات انفلاته من حزنه يحن الى العودة إليه بأي وجه من الوجوه.
ففي إحدى قصائد مجموعته نجد نفساً متفائلاً وروحاً مشرقة وألفاظاً ذات دلالات بهيجة، مثل: (كان ابي يقشر الريح ويطعمنا لحاء الظلام ... كان يغرس اساطيره في عيوننا ... فراشات طفولتنا ... ) لكن الشاعر وبالرغم من ذلك لم يستطع التخلص من طابع التشاؤم فكان أن وقّع القصيدة بعنوان (رمق يعزف المطر) ما جعل القصيدة غير متوافقة مع العنوان، فالرحيل يقترن دائماً بالحزن والألم والمعاناة وحتى الموت، اللهم إلا إذا كان الشاعر يريد الرحيل الى عالم الموت بنفس متفائلة، وإن الظروف الزمانية التي تكررت كثيرا في النص لا يعود الى الشاعر بل الى شخص آخر افتقده وفي كل الأحوال فإن القصيدة تكاد تخلو من أية دلالة للحزن سوى العنوان إذا سمحنا لأنفسنا بأن يكون جزءاً منها.
أما الصورة الشعرية في مجموعة (تنزف التراتيل انفاسه) فقد كان لها حضور واضح لكن الأوضح من ذلك أن الشاعر يميل في أغلبها الى الصور المجردة وهو ما يحسب للشاعر نحو قوله: (يا نسيجا من ترابي ... ومزيجا من عذابي) كما نجد لدى الشاعر صوراً تدلّ على شاعرية فيّاضة نحو قوله:
رسمت من التمرد وجه صبحي ... وصارعت التأقلم في شجوني
أما الموسيقى الشعرية فكانت واضحة التأثير ومنسجمة مع الألفاظ وفيما يخص القوافي فإن الشاعر اعتمد اعتماداً كبيراً على القوافي المُشبعة بحروف المد نحو: (إهابا، رضابا، مشابا، أوجاعي، الناعي، ترابي، أمانيا، احساسا.... إلخ) وقد يدل ذلك على حاجة الشاعر لبث أحاسيسه وكأن حروف المد تنفس عما يعتلج في صدره.
وبالعودة الى الموسيقى الشعرية نجد أن الشاعر استعمل من الأوزان ما كثر استعماله مثل: (البسيط والكامل والمتقارب والطويل والسريع والخفيف ) لكنه كان أميل الى بحر الكامل لما فيه من حركات كثيرة ساعدت الشاعر على التحرك في مساحة شعرية أوسع وقد استعمل مجزوء الرمل في قصيدته (ابني علي... نبوءتي) بالرغم من أن العنوان كان موزوناً على تفعيلة البسيط (مستفعلن/ متفعلن) أما إسلوب الشاعر في النظم فكان يرقُّ أحياناً حتى تكاد الكلمات تطفح بالأحاسيس نحو قول الشاعر (السر بوح ، والسجى ناقوس والحلم ، اوقد ليله الكابوس). أما المعجم الشعري الذي نهل منه الشاعر فكان منوّعاً فقد كان ميّالاً الى استعمال الألفاظ المأنوسة لكنه قد يتصرف بهذه الألفاظ بطريقة قد لا ترضي أهل اللغة مثل جمع زمان على أزمن وهو غير شائع والمعروف أزمنة وجمع وباء على أوباء وهو غير شائع أيضاً والأحسن أوبئة وقد يلجأ الشاعر الى الغريب كقوله: (ناجيت فيك سرائر الاثباج ... افهل يعي فيك الزمان الساجي ). أما سلامة اللغة عند الشاعر في هذه المجموعة فقد كانت تدل على معرفة نحوية جيدة.
ولا بد من الإشارة الى أن المجموعة ضمت قصائد وأبياتاً تنم عن احساس مرهف ورقة في الأسلوب وجزالة في التعبير وترتيب في الأفكار كما نجد في قصيدة (غربة داخل الجسد) التي غاب فيها ضمير (أنا) الشاعر مما زادها إيحاء وجمالاً ...
واخيرا يمكن القول ان مجموعة (تنزف التراتيل انفاسه) قد حفلت بسحر نصوصها لاسيما ان هذه المجموعة ضمت ثلاث ضرائر فهذا مدعاة للتنافس بينهن ، فالضرة الاولى : (القصيدة العمودية) ابنة العم ، وسليلة المتنبي لا تزال تحتفظ بجمالها ، وعذوبة موسيقاها وهي تتبوا عرشها السرمدي على شرفة القلوب ، اما الضرة الثانية : (القصيدة الحرة) فلها من ابيها السياب وامها نازل الملائكة وملامح الانصهار في الروح ، ورغم انها اضاعت سوارها الذهبي في زمن لبست (نساء القصائد) اساور من حديد صدئ لندرة الصاغة الاكفاء ...



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختلاف المرْجيء بين الصوت والصمت
- من تمثلات الشعر الكربلائي المعاصر
- الشعرية العراقية المعاصرة وحساسية القراءة المطلوبة
- حينما تبوح ذاكرة البيدق باعترافاتها , قراءة في رواية من اعتر ...
- الذات في خطاب الشكل الشعري المعاصر ... قراءة في النص الشعري ...
- الكشف الشعري والنفاذ الى حقائق الاشياء ..... قراءة في نصوص ع ...
- المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدك ...
- مشكلة السوابق واللواحق في ترجمة المصطلح
- ازمة الخطاب الموجه في الفضائيات العراقية
- غياب الإفادة من التطورات الحاسوبية لخدمة اللغة العربية
- المعجم العربي وازمة الدقة المصطلحية
- حلم ... (قصة قصيرة )
- جدل التراث والحداثة في النقد العربي ... ادونيس نموذجا
- في نقد العقل العربي التنظيري
- استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة ...
- الحداثة وما بعد الحداثة والتداخل المفاهيمي بينهما .
- الممارسة النقدية العربية ومشكلة التنظير
- من البحث عن النقد الى البحث عن الهوية المنهجية
- النقد والآيديولوجيا ... في النقد العربي المعاصر
- قراءة في كتاب نظرية البنائية في النقد الادبي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - حينما تنزف التراتيل انفاسه يتجذر الاسى ... قراءة في مجموعة ( تنزف التراتيل انفاسه ) لمحمد طاهر