أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل يعرف الداعشيون جبران؟














المزيد.....

هل يعرف الداعشيون جبران؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 13:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




حين هممتُ بكتابة مقالي الأسبوعي لمجلة 24AE، أرسل لي الشاعر اللبناني شربل بعيني من سيدني الأسترالية خبر فوزي بجائزة جبران خليل جبران العالمية لعام 2014.
كنتُ قد بدأت مقالا حول الدماء التي تُراق في فلسطين وفي العراق وفي سورية. حول الأطفال الذين تحرق إسرائيل أجسادهم النحيلة، والأعناق التي تنحرها سيوفُ داعش، والجماجم البشرية تُطيّرها نصالُهم ليلعبوا بها الكرة بأقدامهم، قبل أن يعلّقوها على صدور سياراتهم رافعين راياتهم السود التي تحمل اسم “الله”، حاشاه واهب الحياة، ويقطر منها الدم، وحول الأطفال الذين تيتّمهم رصاصاتُ السفاحين مع كل صبح جديد. والأمهات اللواتي اكتسبن لقب “ثكالى” بعدما عرفن طريق الثكل والمرار على يد غلاظ داعش، ليسكن الدمعُ مآقيهن إلى الأبد، وعن قرآن داعش الجديد الذي قالوا إنه يأمرهم أن يُقتّلوا العرب ولم يأمرهم أن يحاربوا بني إسرائيل! فوجدتُ نفسي أقف في الفراغ بين نقيضين. أقف على حبل يمينه حقلُ المحبة والعناق الإنساني تحت مظلة الله، ويساره حقلُ البُغضة والخسّة وبحار الدم مهراقةٌ قانية تأبى الأرضُ أن تشربها وتستر عوارها، كما يأبى كلُّ عقل أن تُرفع فوقه مظلة الله؛ لأن الله يحزن والسماء تبكي إن قتل إنسانٌ أخاه.
تنازعني شعوران نقيضان راحا يتصارعان في قلبي: شعورٌ أول بالحزن والخجل من الإنسانية إذ سمحت بأن يجري ما يجري لأبناء فلسطين على يد إسرائيل، وأن يجري ما يجري لأبناء العراق وسورية على يد داعش، وشعور ثان نقيضٌ بالفرح والفخر بالإنسانية التي أنجبت شاعرًا شفيفًا عذبًا مثل جبران خليل جبران.
وخشيتُ على شعوري الثاني من شعوري الأول!
فلو كانت روحي نقية ولا أحمل البغضاء لأحد، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كان قلبي صافيا لم تلوثه المصالحُ ولم يدنسه التلون، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كان الرفيقُ الأعلى يملأ كامل قلبي، فما ترك فيه مساحة عود ثقاب لكراهية مخلوق، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كانت جُملتي العربية سليمة دون لحن، وقصيدتي تحمل شيئا من عذوبة، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كنتُ مازلتُ طفلةً لا تبرح الدهشةُ عينيها، طفلة تطارد الفراشات وتنتظر العصفور على باب شُرفتها، وتراقب من وراء الزجاج زخات المطر فترقص على وقعها وإيقاعها، وتترقب نمو نبتة الحديقة كل يوم مليمترا فتفرح، وتوزع على أطفال الحي السكاكر وكسرات الخبز، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كان اللهُ يسكن قلبي، وأسكن في قلب الله، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كنتُ آكلُ مع قططي في صحن واحد، وأنام في دفء عيونها وتنام في دفء صدري، فلجبران سهمٌ في هذا. ولو كنتُ أنظر كل يوم نحو الغيم البعيد فأرى من ورائه شعاع شمس خجولا قادمٌ في وعد لا يكذب، فأؤمن أن الله هناك ينسج لنا ثوب الفرح ولا ينسى أطفاله الحزانى، فلجبران سهمٌ في هذا. أنا الجبرانية أتساءل: هل ترك جبران شيئًا في حياتي لم يصوب نحوه سهامه؟!
وهنا قفز إلى ذهني سؤالٌ موجع أعرف إجابتَه:
هل قرأ أبناء داعش حرفًا لابن رشد؟ هل عرفوا الحلاج وابن عربي والسهروردي وجلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي؟
هل قرأوا جبران يقول:
“وظلّ المصطفى، المختارُ الحبيب الذي كان فجرًا لذاته ينتظرُ سفينتهُ في مدينة أورفليس وفي السنة الثانية عشر، في السابع من شهر الحصاد، صعد إلى إحدى التلال ونظر صوب البحر، ورأى سفينته غافيةً، فصلّى في سكون نفسه، وقال في قلبه :"كيف أمضي عن هذه المدينة، وأعبر البحر من غير كآبة؟ وعندما دخل المدينة، استقبله الشعبُ، كانوا يهتفون: "لا تفارقنا، لا تفارقنا، فالمحبة لا تعرف عمقَها، إلا ساعة الفراق". حينئذٍ قالت الذكرى: حدّثنا عن المحبة، فقال:
إذا المحبة أومت اليكم، فاتبعوها/ إذا ضمّتكم بجناحيها، فأطيعوها/ إذا المحبة خاطبتكم، فصدّقوها/ المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حِنطة/ المحبة على بيادرها تدرسكم لتُظهر عُريكم/ المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء/ المحبة لا تُعطي إلا ذاتها/ المحبة لا تأخذُ إلا من ذاتها/ لا تملكُ المحبةُ شيئاً، ولا تريد ان احدٌ يملكها/ لأن المحبة مكتفية بالمحبة، بالمحبة..."
….
آهٍ لو كانوا قرأوا! آهٍ لو كانوا يقرأون! لتبدّل وجه العالم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف ضد المرأة
- الكاتب الداهية
- المجد للنباتيين يا آكلي اللحوم
- الفئران أول من يشعر بالخطر فتغادر السفينة قفزاً في الماء، يل ...
- متى ينام إبراهيم محلب؟
- ثاني رمضان، بلا إخوان
- المايسترو
- المتحرشون لم يفسدوا فرحتنا
- وجدي الحكيم، وحلم لم يكتمل
- الروث في مياه الشرب!
- أحمر باهت
- العذراء، وشمس الدين التبريزي
- المحاكمة داخل الكهف
- -فتحية العسال- وحصان عم محمد
- انتخبت بدمائها وطفلة تغني
- الخطاب الديني والتحرش، يا ريّس!!!!
- حكيم عيون
- بيان مهم من الكاتبة فاطمة ناعوت
- النور يعيد السيدة العجوز
- اليومَ إكليلُ الجميلة


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل يعرف الداعشيون جبران؟