أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الكستيس، ليوريبيديس - هل يمكن أن تفدي الزوجة زوجها بحياتها؟















المزيد.....


الكستيس، ليوريبيديس - هل يمكن أن تفدي الزوجة زوجها بحياتها؟


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 11:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المسرحية عن الملكة الكستيس، الزوجة الحبيبة التي تطوعت لكي تموت بدلا من زوجها، الملك أدميتوس. هذا موضوع ليس له مثيل في عالم الدراما قديما أو حديثا. تضحية الكستيس، والدور الذي لعبه هرقل، رجل الإغريق القوي الأسطوري، يدعو للدهشة. كما أن المسرحية تبين العلاقة الغير متكافئة بين الرجل والمرأة عند الإغريق، وتوضح أيضا الفرق بين الروابط العائلية والصداقة، وكيف تتعارض التضحية مع المصالح الشخصية.

المسرحية بأسلوب مبسط.

شخصيات المسرحية:
أبوللو، إله الشمس عند الإغريق
الموت، إله العالم السفلي
أدميتوس، الملك
الكستيس، الملكة وزوجة أدميتوس
الطفل، ابن أدميتوس والكستيس
الطفلة، ابنة أدميتوس والكستيس
فيريس، أبو أدميتس
هرقل، صديق أدميتوس، رجل ذو قوة هائلة
رئيس الكورس
الكورس
الخدم
***

أبوللو: أنا الإله أبوللو، قمت بخداع الموت في بيت أدميتوس! أنا الإله أبوللو، قد جلبت الحظ لهذا البيت. لقد وجدت أدميتوس يخاف الآلهة، لذلك أنقذت حياته. قمت بخديعة إله الموت، وجعلته يوافق على هروب أدميتوس من الموت، إن استطاع أن يجد بديلا له ليحل محله.

ذهب أدميتوس يسأل كل أصدقائه ويرجوهم أن يأخذوا مكانه، لكنهم رفضوا جميعا. ذهب إلى أمه وأبيه، لكنهما أيضا رفضا اسداء هذا المعروف. لم يجد سوى زوجته المخلصة، الكستيس، التي قبلت بشجاعة أن تتنازل عن بهاء الشمس والصباح المشرق الجميل كل يوم من أجله.

أنظر! ها هو إله الموت يأتي بنفسه. في تمام الإنضباط والدقة. جاء لكي يأخذها إلى عالم الأموات. الكستيس وحدها، هي التي وافقت على أن تأخذ مكان زوجها وتموت عوضا عنه.

(يدخل إله الموت، موشحا بالسواد)

أبوللو: لقد حضرت أخيرا، أيها الموت. إنك تتذكر دوما يوم الوفاة.

الموت: أيها الإله أبوللو، هل لازلت هنا؟ ألم تكتف بخديعتي، فقد جعلتني ألغي موت أدميتوس، وآخذ الكستيس بدلا منه؟ فهل هي لا تزال باقية على العهد، مستعدة للتنازل عن حياتها؟

أبوللو: لا تخف. ومع هذا، يمكنني أن أغريك بأن ...

الموت: أبدا.

أبوللو: اسمح ل الكستيس بأن تصل إلى أرزل العمر.

الموت: أبدا! وظيفتي هي أن آخذ كل شخص حان أجله.

أبوللو: هذا يعني أنك ترفض تحقيق رغبتي؟

الموت: يا أمير الضياء، هل أتيت لكي تتشاجر معي في هذا البيت مرة ثانية؟

أبوللو: يعني هذا أنك لن تسمح ل الكستيس بأن تعيش بعد اليوم؟

الموت: نعم! أنت تعرف من أنا.

أبوللو: أعرف جيدا من أنت. أنت المكروه من الرجال والنساء والمبغوض من الآلهة.

(يخرج أبوللو)

الموت: (يخاطب المشاهدين) اليوم، هذه المرأة، الكستيس، يجب أن تمتثل لأمري وتدخل مملكتي.

(يدخل الموت إلى البيت، وأيضا يدخل الكورس)

الكورس: البيت صامت صمت القبور. لا أحد هنا يخبرنا هل نبدأ الندب على الكستيس. لا يوجد خدم على الأبواب نسألهم!

رئيس الكورس: هل يسمع أحد بكاء أو نواحا؟

الكورس: لابد أنها قد ماتت. اليوم هو ميعاد ذهابها إلى العالم السفلي. لابد أن الأمر كذلك.

رئيس الكورس: مجرد التفكير في الأمر، إهانة للنفس. شئ مقزز.

الكورس: لابد أن الأمر كذلك. عندما يموت الخير، يعاني كل الناس الطيبين.

رئيس الكورس: لا أدري على أي مذبح، يمكننا تقديم القرابين لإنقاذها؟

الكورس: الأمل ضئيل. كل التضحيات لتجنب الشر، عديمة الفائدة.

رئيس الكورس: أنظروا! الخادم الواقف عند الباب يبكي.

الكورس: أخبرنا أيها الخادم، هل هي حية أم ميتة؟

الخادم: هي حية وميتة في نفس الوقت.

الكورس: كيف يتثنى ذلك؟

الخادم: روحها تقف عند الحافة.

الكورس: أيها الملك المسكين أدميتوس، مؤسف حقا أن تفقد مثل هذه الزوجة الوفية.

الخادم: إمرأة نبيلة بدون شك، لكن أدميتوس لن يتيقن من ذلك إلا بعد أن يفقدها إلى الأبد.

الكورس: هل يمكن عمل شئ ما لإنقاذها؟

الخادم: الزمن لا ينتظر أحدا. لقد حان الأجل واقتربت الساعة.

الكورس: الكستيس زوجة، ليس لها مثل تحت الشمس.

الخادم: يا لها من تضحية عظيمة، أن تموت عوضا عن شخص آخر. في عالم التضحيات، ليس هناك أجل وأعظم من ذلك.

رئيس الكورس: لابد أن أدميتوس في محنة كبيرة.

الخادم: إنه لا يكف عن البكاء. سأدخل لأعلمه بقدومك.

(يخرج الخادم ويدخل في البيت)

أدميتوس: (من الداخل) أيتها الآلهة، هل هناك مهرب من هذا الشر؟

الكورس: أيها الإله زيوس، هل من شفاء لهذا الداء؟

أدميتوس: (من الداخل) ألا توجد مساعدة؟

الكورس: صلوا للآلهة. فلهم قوة هائلة.

رئيس الكورس: ها هي الملكة الكستيس، تأتي ومعها الملك أدميتوس.

(تدخل الكستيس مسنودة بزوجها الملك أدميتوس وطفلين يمسكان بطرفي ردائها)

الكورس: ابكي يا أرضنا، ابكي يا مدينتنا. ابكي، ابكي فراقها لنا.

الكستيس: أيتها الشمس، أيها السحاب الناصع البياض، حالا ستختفيا معا.

أدميتوس: هل آذينا الآلهة؟ لماذا تموتين؟ (تترنح الكستيس وتكاد تسقط على الأرض) لا تيأسي، الآلهة عظيمة القوة وربما تكون رحيمة.

الكستيس: اسمع هاتفا ينادي. لماذا تتردد؟ وما فائدة التأخير؟ تعال! ألآ تسمع الصوت، يا زوجي الحبيب؟ أنه غاضب مني!

أدميتوس: أنت تمسين شغاف قلبي وتمزقين مشاعري عندما تتحدثين هكذا.

الكستيس: أشعر أن يدا تلمسني. ألا ترى؟ الموت ينظر إلى شذرا.
(أدميتوس يمسك بيدها ويجذبها إلى الخلف) لماذا تمسك بي؟ دعني أذهب! يجب أن آخذ هذه الرحلة الغريبة.

أدميتوس: نحن محبيك، تتمزق قلوبنا.

الكستيس: لا أقوى على الوقوف. يجب أن أرقد، فأنا على وشك الموت. آه يا أطفالي، اسعدوا بجمال أشعة الشمس كل صباح.

أدميتوس: عذاب كلمات وداعك أشد علينا من الموت نفسه. لا تتركيني أنا وأطفالك. قومي وعيشي. كيف يمكنني الحياة بعدك؟

الكستيس: أدميتوس، أنت تعلم أنني يجب أن أموت! قبل أن أذهب، استمع إلى رغباتي. أحب أطفالنا كما أحبهم أنا.

الكورس: لا تخشي يا الكستيس، فأدميتوس رجل طيب. سيحترم رغباتك.

أدميتوس: أنت ملكتي الوحيدة. سأحمل أحزاني، لا عام واحد، ولكن بقية عمري. كرهي سينصب على أمي وأبي وكل أصدقائي، لأنك وحدك التي قبلت أن تهبني حياتها حتى أعيش.

الكورس: حزنك هو حزننا.

الكستيس: عليك أن تكون أباهم وأمهم الآن.

أدميتوس: أنا آخذهم منك، لكن ما عساي أن أفعل؟

الكستيس: الزمن كفيل بتضميد الجراح.

أدميتوس: خذيني معك.

الكستيس: يكفي موتي أنا.

أدميتوس: أيها الموت، إنه شئ مقيت أن تسرق زوجة من زوجها وأطفالها.

الكستيس: عينان ثقيلتان. حل الآن الظلام.

أدميتوس: لا تتركيننا!

الكستيس: أنا الآن لاشئ.

(تموت الكستيس)

أدميتوس: الكستيس! الكستيس!

الكورس: ماتت الكستيس، لقد ذهبت!

الطفل: ماذا نفعل؟ لقد ذهبت أمي إلى العالم السفلي.

الطفلة: عيناها مغمضتان. يداها مشلولتان. لقد تركتنا إلى حياة الوحدة.

الكورس: أدميتوس، عليك تحمل هذه المأساة. فلست أول من فقد زوجته. الموت يزورنا جميعا.

أدميتوس: أعرف ذلك. ليلبس كل مواطن السواد. لمدة عام، أنا أمنع عزف الموسيقى في المدينة. إنها تستحق أن تتوج بأسمى آيات الفخار، فقد رضت وحدها أن تأخذ مكاني في الموت.

(يحمل الخدم الكستيس إلى البيت، يتبعهم أدميتوس والطفلان)

الكورس: أه يا الكستيس، نشيعك بقلوبنا. فليتذكر الموت، أنها أشجع إمرأة عبرت معه شاطئ الصمت. فهل كان في مقدورنا إنقاذك من عبور المياه السوداء؟

(يدخل هرقل)

هرقل: يا أصدقائي الطيبين، هل أدميتوس بالبيت؟

الكورس: ما الذي أتي بك إلى مدينتا الطيبة؟

هرقل: مهمة صيد أربع أفراس برية.

رئيس الكورس: كتب عليك الكفاح والمعاناة.

هرقل: لم أتعود الهروب من الصعاب والنضال.

(يدخل أدميتوس)

أدميتوس: مرحبا بك في بيتي، هرقل.

هرقل: أنت تلبس السواد، فهل أنت في حداد؟

أدميتوس: قمت بمراسم دفن اليوم.

هرقل: هل هو أحد أطفالك؟

أدميتوس: بلى، أطفالي في الداخل.

هرقل: أحد والديك؟

أدميتوس: لا، كلاهما بخير.

هرقل: قطعا ليست زوجتك الكستيس؟

أدميتوس: لقد ماتت، ولم تمت. إنها تمزق قلبي.

هرقل: هل هذه فزورة من نوع ما؟

أدميتوس: ألا تعلم بمصيرها؟

هرقل: أعلم أنها قد وعدت أن تموت عوضا عنك.

أدميتوس: إذن، كيف يمكنني القول أنها تعيش؟

هرقل: لا تحزن الآن. انتظر حتى يحين الأجل.

أدميتوس: (لا يرغب في إخبار هرقل بأن الكستيس قد ماتت فعلا)
الذي كتب عليه الموت، قد مات.

هرقل: معظم الناس ترى أنه هناك فرق بين الحياة والموت.

أدميتوس: أجد صعوبة في التمييز بينهما.

هرقل: تعال الآن. من تلك الصديقة التي تقيم الحداد عليها؟ هل هي من العائلة؟

أدميتوس: لا، ولكن تجمعنا رابطة مقدسة.

هرقل: كيف ماتت في منزلك هذا؟

أدميتوس: جاءت لكي تعيش هنا عندما مات والدها.

هرقل: وددت أن أراك في ظروف أسعد من هذه. ( يستعد للمغادرة)

أدميتوس: إلى أين العزم؟

هرقل: سأبحث عن إقامة عند صديق آخر.

أدميتوس: لم أسمع ما قلت. إذا لم تقم في بيتي، سيؤلمني هذا بشدة.

الكورس: الضيف عبء ثقيل في بيت به حداد.

أدميتوس: من مات قد مات. تعال، مرحبا بك في بيتي. لن أسمح لك بالاستضافة في بيت آخر. تعال.

(يدخل هرقل البيت)

الكورس: أدميتوس، هل فقدت عقلك، لكي تحتفل بضيف وأنت في حداد على زوجتك؟ ماذا يدور بخلدك؟

أدميتوس: رفضي له، لن يحل مشكلتي. كما أنني سأفقد صديقا. ولن يخفف هذا من حزني على زوجتي. أن يوصم منزلي بأنه ليس بيت ضيافة، سيزيد من متاعبي ويضيف إليها مصيبة جديدة.

الكورس: كيف يتثنى لك إخفاء السبب الحقيقي لحزنك عن صديقك هرقل؟

أدميتوس: إذا علم حقيقة مصيبتي، لن يقبل استضافتي. أنا أعرف أن ما قد فعلته قد يفهم خطأ، لكن منزلي لا يجب أن يوصد في وجه ضيف.

(أدميتوس يدخل البيت)

الكورس: إنه بيت كريم، صديق الغرباء ومنزل الأصدقاء.

رئيس الكورس: يبكي، عيناه مغرورقتان بالدموع، يبكي على زوجته، ومع هذا يفتح بابه على مصراعيه للضيوف.

الكورس: عندما يخلص القلب، قد تأتي الحكمة وسط أحمق الأعمال. ومن يخاف الآلهة، ينعم بالخير.

(يدخل أدميتوس والخدم يحملون جثمان الكستيس)

أدميتوس: يا أصدقائي، نحن مستعدون لمراسيم الجنازة.

قائد الكورس: أنظر، والدك العجوز يأتي سائرا على قدميه. خدمه خلفه تحمل القرابين للميت.

(يدخل العجوز فيريس وخدمه)

فيريس: يا ابني، لقد أتيت لكي أشاركك بعض أحزانك. لا أحد ينكر أن الكستيس كانت زوجة نبيلة. لقد صبغت بسلوكها وتضحياتها النساء بكل ألوان العزة والكرامة. تقبل مواساتي، يا بني. لعل زوجتك تذهب في سلام إلى عالم الظلال الرمادية.

أدميتوس: يا أبت، أنت لست أحد أصدقائي، ولم أدعك إلى الجنازة. زوجتي المتوفية لن تقبل قربانك. أنت، أيها العجوز المتهالك، لم تأت لمساعدتي، عندما واجهت الخطر. لقد تركتها لكي تموت! لقد كنت خائفا من الموت، مع أنه لم يتبق لك إلا القليل من الزمن. أنا أرفض أن أنتسب إليك وأكون ابنك. أنا بالنسبة لك، ابن ميت.

الكورس: لا تقل أكثر من ذلك، أدميتوس. قلبك به من الأسف الكثير.

فيريس: ابن وقح! إلى من توجه مثل هذا الكلام، إلى عبد من عبيدك؟ أنت تستعذب الحياة، فهل تعتقد أنني لا أفعل ذلك؟ ليس هناك قانون عند الإغريق، يقول بأن الأب عليه أن يموت بدلا من الابن. تتحدث عن جبني، فماذا عن شجاعتك؟ أي بطل هزيل أنت؟ رجل يترك زوجته لكي تموت بدلا منه!

الكورس: كفا توبيخ كل منكما للآخر. لا تقولا المزيد.

أدميتوس: الموت بالنسبة للعجوز شئ مختلف. أنا لازلت صغيرا.

فيريس: الإنسان له حياة واحدة يعيشها، حياته هو نفسه.

أدميتوس: قبرها سوف يصير رمزا لجبنك.

فيريس: هل أنا الذي قتلتها؟ أتقول أنني قتلتها؟

أدميتوس: لا تلجأ إليّ عندما تحتاج إلى مساعدة.

فيريس: خذ دستة زوجات، واجعلهن جميعا يمتن من أجلك.

أدميتوس: اخرج من بيتي حالا. دعني أدفن الكستيس. إذهب. إمش.

فيريس: أنا ذاهب. أنت الذي تسببت في موتها، أرجوا تعرف كيف تدفنها!

(يخرج فيريس مع خدمه)

أدميتوس: (يصرخ مناديا) إذهب إلى زوجتك، هي أيضا تعرف بأمي. أنا أنبذكما معا. لن يدخل أيكما منزلي مرة ثانية. أبدا! يا خدم، دعونا نكمل مراسم دفن النبيلة الكستيس.

الكورس: وداعا، الكستيس! وداعا!

(أدميتوس، الخدم، والكورس يحملون الكستيس إلى المدافن. يدخل الخدم من المنزل)

خادم: هذا الهرقل، هو أسوأ ضيف رأيناه. لقد رأى الملك وهو في حداد، ومع هذا لايزال هنا. يغني أغاني سخيفة وهو يأكل. يكلل رأسه بأوراق عطرية ويتصرف مثل المهرج. يقوم بالزعيق بصوت عال، دون أن يراعي مولانا الملك. يشغلني دائما بطلباته، ولا يعطيني فرصة أودع فيها ملكتنا. كم مرة قامت الكستيس بإنقاذنا من العقاب، عندما كان يغضب إدميتوس. كم أكره هذا الضيف، الذي حل على هذا البيت وحلت معه المتاعب.

(يدخل هرقل، متوجا بأوراق الشجر العطري، يحمل طاسة كبيرة.)

هرقل: أيها الخادم، تعال هنا! ما هذه الرسميات؟ لا يجب أن تكشر في وجه الضيف. يجب أن تكون بشوشا أنيسا. تخصل من كل هذه الأحزان.

الخادم: أنا لا أميل للبهجة.

هرقل: المرأة التي ماتت كانت غريبة، أليس كذلك؟

الخادم: كرم ضيافة سيدي فاق الحد.

هرقل: هل هناك حقا متاعب يخفيها الملك عني؟

الخادم: لقد فقد زوجته الكستيس!

هرقل: ماذا؟ ماتت الملكة، وهو يقوم بواجبات الضيافة نحوي بالرغم من ذلك؟

الخادم: أنه لشئ مشرف أن يمنحك حق الضيافة بالرغم من ذلك.

هرقل: مسكين أيها الملك أن تفقد الكستيس.

الخادم: نشعر كلنا أن حيتنا قد انتهت أيضا.

هرقل: أين يقومون بدفنها؟

الخادم: نهاية الطريق.

(يخرج الخادم ويدخل البيت وهو يبكي)

هرقل: من أجل أدميتوس، يجب أن أقوم بإحضار الكستيس من عالم الأموات. سأقوم بمصارعة إله الموت نفسه. سأرجع الكستيس ثانية لكي ترى ضوء الشمس. أدميتوس لا يجب أن يقول أن ضيافته قد ضاعت على وغد عديم المروءة.

(يخرج هرقل. يدخل أدميتوس والكورس)

أدميتوس: أيتها الآلهة، أصبحت أكره رجوعي للبيت. أيها البيت المليء بالأحزان، كيف أستطيع أن أخطي عتبتك؟ كل اللغات لا تصلح للتعبير عن حزني وأسفي. لم يعد في إمكاني التمتع بدفء الشمس. يا ليتني كنت من الأموات.

الكورس: عليك أن تدخل بيتك الحزين. بين جدرانه، اشكي لوعتك. روض نفسك على أنك لن ترى الكستيس مرة أخرى.

أدميتوس: أنتم لمستم جرحي الغائر. أنا أحسد من لم يتزوج أبدا، فقد رفيق مخلص شئ لا يحتمل.

الكورس: تجرع كأس آلامك حتى الثمالة، فأنت لا تستطيع تغيير المكتوب.

أدميتوس: كان عليكم أن تتركونني أقفذ إلى قبرها العميق كي أموت معها. وليقبض الموت روحين بدلا من روح واحدة. أصدقائي، ماذا تبقى لي لأعيش من أجله؟

الكورس: القدر يمسك بتلابيبك بقبضة لا تلين. بكاؤك لن يرجع الكستيس. حتى أنبل النساء، لا يعدن من الموت.

رئيس الكورس: مولاي الملك، أنظر! عاد هرقل.

(يدخل هرقل تتبعه إمرأة منقبة)

هرقل: عندما حضرت إلى بيتك، كنت تقاسي المتاعب، التي لم تشاركها مع صديقك. لكنني لن أضيف عتابي هذا لما تحمله من آلام. أنظر إلى هذه المرأة؟ اعتني بها حتى أعود. علي أن أمسك أربع أحصنة برية. سيأتي اليوم لكي تشكرني بسببها.

أدميتوس: عندما أخفيت خبر زوجتي عنك، لم أكن أعني شيئا يمس مشاعرك. إذا ذهبت للضيافة في بيت آخر، كانت آلامي ستتضاعف. بالنسبة لهذه المرأة، خذها إلى بيت آخر. الكستيس فقط هي التي يجب أن أظل أتذكرها. ومع هذا، هي تقف مثل الكستيس. لماذا تعذبني، يا هرقل؟ وجودها معي يجعلني أشعر بأنني مع الكستيس. أية مصيبة لا توصف قد حلت بي؟ إنني أتجرع مرارة الحزن على من فقدت.

الكورس: الإنسان عليه أن يقبل ما كتبته الآلهة.

هرقل: تشجع. لا أمل في الحداد الدائم.

أدميتوس: لا أمل لي في أي شئ.

هرقل: الزمن كفيل بمحو أحزانك.

أدميتوس: نعم، إذا كان الزمن هو الموت نفسه.

هرقل: ربما زوجة جديدة تنجح في ذلك.

أدميتوس: أبدا.

هرقل: ألن تتزوج إمرأة أخرى؟

أدميتوس: لن أصبح عريسا مرة أخرى. لتصعقني السماء إذا تزوجت مرة ثانية.

هرقل: أري حبك لزوجتك الكسيس ثابت لا يتغير.

أدميتوس: أقسم بزيوس! أن هذه المرأة لن تبقى هنا، فلتذهب إلى مكان آخر.

هرقل: أتوسل إليك أن تسمح لها بدخول البيت.

أدميتوس: إلحاحك يؤلمني.

هرقل: ستشكرني فيما بعد. خذها في بيتك.

أدميتوس: لن ألمسها! أيها الخادم، خذها إلى البيت.

هرقل: أنا لن أسلمها إلى الخدم.

أدميتوس: لن ألمسها بيدي. هذا هو البيت.

هرقل: اعطني يدك اليمنى!

أدميتوس: ضغطك على صديقك تعدى الحدود.

هرقل: يدك، يدك اليمنى أدميتوس!

أدميتوس: (ينظر بعيدا وهو يمد يده للمرأة) ها هي يدي.

هرقل: امسك بيدها جيدا. الآن، أنظر إليها أدميتوس. أنظر!

(الكسيس ببطء تكشف عن وجهها)

أدميتس: هل هذه نكتة أم تريقة من الآلهة؟ هل هذه خدعة سخيفة؟

هرقل: هذه السيدة التي أمامك هي الكستيس بعينها. كلمها.

أدميتوس: الكستيس، اعتقدت أنني فقدتك إلى الأبد.

هرقل: أرجو أن لا تحسدك الآلهة على بهجتك وسعادتك.

أدميتوس: أيها الصديق، حفظتك الآلهة وابقتك بصحة وسلامة أبد الدهر. أنت يا هرقل، الوحيد الذي أنقذني وأنقذ بيتي من الضياع. لكن، كيف أنقذتها من الموت؟

هرقل: صارعت الموت نفسه وانتصرت عليه.

أدميتوس: لماذا هي صامتة لا تتكلم؟ هل ستتكلم مرة ثانية؟

هرقل: لن يكن في مقدورك سماع صوتها لمدة ثلاثة أيام حتى تتطهر.
أدخلها البيت صديقي العزيز أدميتوس. الآن على أن أغادر لكي أنجز مهمتي.

أدميتوس: ابق، هرقل، ابق. شاركنا احتفالنا وفرحتنا وأعياد الشكر.

هرقل: سأعود لاحقا إلى هذا البيت الذي أبدى كرما بالغا.

(يخرج أخيل)

أدميتوس: لازمتك السعادة والتوفيق. الآن، أيها المواطنون، أحيوا الأفراح والليالي الملاح، غنوا وارقصوا، وأقيموا المآدب. حياتنا بدأت من جديد! أنا أسعد مخلوق على وجه الأرض.

(يأخذ الكستيس إلى المنزل)

الكورس: الآلهة تظهر في صور عديدة. السماء تضع الأحاجي والعراقيل في الظلام والخفاء. ما لا يمكن توقعه قد يحدث. هذا هو أسلوب الآلهة في التعمل مع البشر! وهذا ما قد شاهدتموه اليوم.

(يخرج الكورس ببطء. تسقط الستارة على مسرح خالي)

تمت



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء طروادة، ليوريبيديس - صرخة ضد الحرب والعبودية
- إفيجينيا، ليوريبيديس - التضحية بالأبناء إرضاء للرب
- إلكترا، لسوفوكليس
- أنتيجون لسوفوكليس، أقدم صرخة في وجه الدكتاتورية
- الدراما الإغريقية
- بروميثيوس مغلولا لأسخيلوس
- هل يمكن أن نقتدي بعصر النهضة الأوربية
- إراسموس – من رواد عصر النهضة
- قصة الموسيقى الغربية – ديفورجاك-تشايكوفسكي-آخرون
- في عيد أمنا الأرض
- قصة الموسيقى الغربية – فاجنر
- قصة الموسيقى الغربية – ميربير-ليست-برامز
- قصة الموسيقى الغربية – مندلسون
- قصة الموسيقى الغربية – شومان
- من نحن – أصل الإنسان
- من نحن – الجانب المظلم
- من نحن – مخ الإنسان، نعمة أم نقمة؟
- من نحن – الدين والتدين
- قصة المماليك – الظاهر بيبرس (3 / 3)
- قصة المماليك – الظاهر بيبرس (2 / 3)


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الكستيس، ليوريبيديس - هل يمكن أن تفدي الزوجة زوجها بحياتها؟