أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال العبود - إصلاح العلاقة بين الدولة و المجتمع‏















المزيد.....

إصلاح العلاقة بين الدولة و المجتمع‏


نضال العبود

الحوار المتمدن-العدد: 1275 - 2005 / 8 / 3 - 07:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مفهوم الإصلاح في الثقافة العربية يدل على الإمكانية الوحيدة للتغيير و التبديل و التطوير و ما عداه من الكلمات و التعابير و ‏المصطلحات و المفاهيم يدل على أشياء مغايرة لا تقترب من مفهوم الإصلاح، لا على مستوى الجذر و لا على مستوى الدلالات. ‏
مع كل التحولات التي حصلت في العالم اليوم بقي مفهوم الإصلاح عندنا في موقعه الثابت الذي لا يتغير. إلا أن الفرق بين الدولة ‏‏"الحديثة" في العالم العربي اليوم و ما قبل واضح، فالدولة الحديثة و بحكم توجهها الذي يدعو إلى التحديث، تتقبل فكرة الإصلاح ‏أكثر من أي وقت مضى، و إن كانت ترفض أي فكرة غيرها. ‏
ذلك أن هذه الدولة و في أي بلد عربي جاءت باسم الإصلاح أولاً و لو على رؤوس الحراب لذلك فهي قابلة و باسم الإصلاح ذاته، ‏للتغيير و لكن ضمن إطار شرعية الدولة و مشروعية الحاكم و علاقة الحاكم بالمحكوم (الدولة و المجتمع) و هناك دول ظهرت ‏باسم الثورة و الثورة و بحكم طبيعتها و طبيعة تشكلها ترفض الثورة المضادة و تحاربها بالوسائل كافة باعتبار أنها تدعو إلى العودة ‏إلى ما قبل و لا يكون ثمة للإصلاح و المصلحين مجال أو رأي. ‏
لا وجود للإصلاح بدون حامل له و الحامل هنا، المجتمع الذي يتطلب الإصلاح، و المجتمع حالة واقعية تتطلب الإصلاح بذاتها في ‏المكان و الزمان. و لكل مجتمع حاجة إصلاحية مخصوص بها. والحاجة إلى الإصلاح في أوقات بعينها تتطلب الكثير من التغيير و ‏التطوير للعيش في قلب العصر وفق المتغيرات و المستجدات التي يجد المجتمع نفسه ضمنها، سواءً كانت نابعة من الداخل، بحكم ‏دينامية المجتمع و حركيته في تعامله معها و في ضرورة التكيف حسب مقتضياتها أو متأتية من الخارج بحسب مقتضياته بحكم هذا ‏المنطق المعولم الذي لم يترك أحداً على الحياد أو على الهامش، إلا أولئك الذين اختاروا العزلة أو الحياة خارج التاريخ. ‏
الإصلاح بهذا المعنى يتطلب إعادة نظر جذرية و متأنية في علاقة الدولة بالمجتمع، تبدأ بالإفساح في المجال لحياة أكثر مشاركة ‏على الأصعدة كافة، و خصوصاً المشاركة السياسية، و المشاركة في عملية التنمية، ليكون المجتمع أكثر قرباً من الدولة في الداخل، ‏و أكثر وعياً في التعامل معها، و أكثر تحسساً بالقضايا المصيرية في التعامل مع الخارج، و تعمل عن طريق التنشئة الوطنية و ‏التربية على خلق "المواطن" و بالتالي المجتمع المدني، بالتعاون و التنسيق، مع كل ما يتداخل و يختلط، من انسجام و ائتلاف أو ‏توتر أو معارضة، من المؤسسات و الروابط و الهيئات و النقابات و الأحزاب و إشراك الجميع في مشروع بناء الدولة الحديثة. ‏

هنا تظهر العلاقة المفصل بين الإصلاح و الهوية
ليس من جديد أن المجتمع بناسه و فئاته و مناطقه و طوائفه و عناصره المختلفة، ذو هويات متعددة و لن يكون واحداً في هويته إلا ‏إذا صنعت و الهوية الواحدة الموحدة صناعة. و الصناعة هنا إما أن تكون شمولية جامعة مقدسة بصرف النظر عن عناصره ‏المختلفة إلغاء أو جمعاً أو دفناً، أو صناعة هوية واحدة في إطار من التنوع يلحظ الاختلاف على أنه ليس سبباً للخلاف أو التشتت ‏أو الانقسام، و الوحدة هنا تظهر التنوع في إطارها الجامع المانع. و هو الإطار الذي يبرز تنوع العناصر و تنوعها و تفاعلها في ‏إطار من الغنى المحفز للعمل من أجل الوحدة المبنية على وعي المصالح المشتركة و المصير المشترك، و العمل من أجل ذلك ‏بالإرادة المشتركة، هذا على صعيد الداخل الذي تتحد فيه الهوية. فالهوية إما أن تكون طبيعية من العائلة إلى العشيرة القبيلة ‏فالعنصر وصولاً إلى الطائفية و الدين و إما أن تكون هوية الانتماء الاختياري إلى هذه الفئة أو تلك، إلى هذه الرابطة أو النقابة أو ‏المؤسسة أو الحزب و هذه هي الهوية المدنية.‏
الهوية المدنية لا تلغى الهويات الفرعية من أهمية النظرة المشتركة إلى الإصلاح و إلى دوره في عملية التنمية و النهوض ‏المجتمعي. فإذا كانت الديموقراطية مطلباً إصلاحيا فمن الضروري العمل على التنشئة الاجتماعية و على التربية الديموقراطية و ‏على ترسيخ الوعي بالعمل المدني و تحسس أهمية الحرية و أهمية ممارستها و تنمية الشعور بالمواطنية و ممارستها في القول و ‏الفعل، بهذه التربية يتمظهر الإحساس بأهمية الديموقراطية و يصير بالممارسة حساً مشتركاً يطول الناس على اختلاف انتماءاتهم ‏ليصيروا في وجهة مؤتلفة و منسجمة لا تلغي التوجهات الفرعية و المختلفة ضمن الإطار العام. ‏
لكن كيف يمكن إصلاح أحوالنا و تعزيز موقعنا في العالم؟ و كيف علينا النظر إلى هويتنا؟ ‏
إذا كانت سمة التقدم في العالم اليوم مبنية على العلم و الذهنية العلمية و التقدم التكنولوجي، فإن معرفة أحوالنا العلمية تحدد لنا ‏موقعنا في هذا العالم.‏
‏ فالتغيير لا يمكن أن يحصل إلا من خلال فهم الواقع الاجتماعي و نقده. و إذا ما علمنا أن ما يرصده العالم العربي للبحث العلمي و ‏التطوير التكنولوجي لا يتعدى 0.75% من الناتج المحلي، و نسبة الباحثين من لا يتعدى لا يتعدى 318 باحثاً لكل مليون من السكان ‏و هذا مقابل 2.8% من الناتج المحلي في الولايات المتحدة و 2.02% في الاتحاد الأوروبي، مع 3360 عالماً لكل مليون نسمة في ‏الولايات المتحدة و 4200 في الاتحاد الأوروبي ندرك تماماً ما نحن عليه. هذه الهوة فرضت على العالم العربي علاقة تبعية للبلدان ‏الصناعية المتقدمة.‏

إذا كان هذا هو وضع العالم العربي اليوم فكيف السبيل إلى الإصلاح الممكن؟‏
هل نأخذ ما يصل إلينا جاهزاً و ننصرف إلى قضايا التعبد و نشكر الله على نعمه و نكتفي؟
في عصرنا هذا يمكن القول أن المعرفة هي سبيل بلوغ الغايات الإنسانية الأخلاقية الأعلى: الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة ‏الإنسانية كما أن مجتمع المعرفة يعني اعتماد المعرفة ناظماً للحياة الإنسانية.‏
من هنا تظهر أهمية العلم و البحث العلمي كمثال لإصلاح الذات العربية، إلا أن هذا التوجه يتطلب قضية الوعي بالذات و بموقع ‏هذا الذات في العالم و في علاقة الذات بالآخر. ‏
إن التعاطي الايجابي مع العلم و البحث العلمي و اعتماد العقلانية في شتى أمور الحياة لا تأتي من فراغ، و لا تنبعث حية من ذاتها ‏و لذاتها بل هي نتاج نظام حكم و مؤسسات و جمعيات و روابط و نقابات و أحزاب و تعمل على صناعة المجتمع المدني و ‏المواطن و تنفخ في الحس الطبيعي للإنسان، لتحوله من حس أهلي إلى حس مدني يدرك ذاته و يعي موقعه في مجتمعه من خلال ‏إحاطته بكل ما يشكل واجباته أيضاً تجاه مجتمعه و تجاه الدولة التي ترعى شؤونه كمواطن. و بوعيه لحقوقه و واجباته يدرك أهمية ‏الحرية التي عليه تحملها لتأمين الصالح العام، و بلورة الإرادة المشتركة و المصير الواحد في هذا العالم المتعدد و المتضارب في ‏مصالحه.‏
بهذه الاعتبارات جميعاً تزداد ثقة المواطن بنفسه و تقوي قدرته على المعرفة و يملؤه الشعور باحترامه لذاته و لمجتمعه و حضارته ‏و هويته.‏
و بهذا التوجه يصبح من السهل على العقلانية و العلم و البحث العلمي أن تترسخ و تستوعب لتصير في خدمة المجتمع و عنصراً ‏من عناصر قوته على العيش في قلب العصر لا على هامشه، و بهذا المعنى يصير العلم و البحث العلمي داخل النسيج العربي و ‏يصير عنصراً فاعلاً في عملية الإصلاح و تثبيت الهوية بعد زرعها في العقل و انتقالها للممارسة العملية، وصولاً إلى التنمية ‏الحقيقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالتنمية الإنسانية الشاملة بما فيها تمكين المرأة و تنشئة الطفل و القضاء على الهجرة و ‏البطالة.



#نضال_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال العبود - إصلاح العلاقة بين الدولة و المجتمع‏