أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - اسمعوا الحكيم!














المزيد.....

اسمعوا الحكيم!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


كنا في سهرة أصدقاء ضيّقة. أصدقاء من أيّام المدرسة البعيدة: "المتشائم" المزمن، "الحكيم" البعيد النظر، و"الواقعي" كاتب هذه السطور؛ سكرتير الجلسة وضابط النظام، حين تحمى الأمور، فلا يُراعى النظام في الكلام! نلتقي مرّة كلّ عشرين ثلاثين يوما، لكن نبدو لمن يراقبنا، أو يتابع نقاشاتنا، كأنّما كنّا معا أمس في سهرة سابقة. دائما نفس النقاش، ونفس المواقف إلى حدّ بعيد.
النّساء في السهرة يتناولْنَ في أحاديثهنّ كلّ نواحي الحياة. حتّى السياسة أحيانا. لا أعرف لماذا لم يُصَبْنَ مثلنا بداء السياسة، ولا بداء كرة القدم: هل "الأمراض" هذه، تُرى، هي أمراض "رجّالية" فحسب؟ هل النساء ألصق منّا، نحن معشر الرجال، بالواقع؟ لماذا نحرق دمنا، نحن الرجال، في السياسة وكرة القدم، ويتناولن هنّ الأمور بواقعيّة، وبرود حتّى؟ على كلّ حال، هكذا نحن دائما. متى نبرأ من السياسة وكرة القدم، الله أعلم. وقد لا نبرأ حتى يومنا الأخير أيضا. فقد بلغنا من العمر عتيّا، وما زلنا على ما فُطرنا عليه ماضين!
في اللقاء الأخير كانت عيني صغيرة. أنا الذي هلّل وكبّر للثورات العربيّة الأخيرة، بما فيها الثورة السوريّة طبعا. الحكيم كان دائما يهدّئني ويطالبني، في كلّ لقاء، بطولة الروح. الأمور بخواتيمها، كان يردّد على مسامعي دائما؛ ننتظر ونرى. لذلك، آثرت الصمت والإصغاء بالذات في اللقاء الأخير . لا أريد التذكير بمواقفي العاطفيّة الفطيرة، غير المختمرة يعني، من الثورات العربيّة في البلاد العربيّة، وفي سورية بالذّات. كانت فرحتي لا توصف حين افتتح الحكيم نفسه الحديث في هذه السهرة، وعن الوضع حولنا في إسرائيل بالذات، بعيدا عن العرب وثورات العرب أيضا.
لماذا تسمّي إسرائيل من خطفوا الفتيان الثلاثة "مخرّبين"، بدأ الحكيم النقاش بالتساؤل. لأنّهم فلسطينيّون؟ كلّ فلسطيني يقاوم الاحتلال مخرّب دوز دوغري؟ فرحت طبعا بافتتاحه النقاش في هذا الأمر بالذات. لا في الثورات العربية المجهضة. انبريت إلى الجواب بثوب السياسي المنظّر: كل ّ من يُشهر سلاحه ضدّ المدنيّين، أو يخطف أحد المدنيّين هو إرهابي طبعا، عربيّا كان أو يهوديّا. ظننت بحكمي الصارم هذا أنّي اهتديت إلى تعريف الإرهاب. نجحت، قلت في نفسي، في تعريف الإرهاب. نجحت حيث فشل كثيرون، هكذا حسبت. لكنّ الحكيم لا يرتجل. لا يرمي الكلام دونما تفكير. كأنّما انتظر ملاحظتي تلك. كأنّما طرح هذه المسألة ليقول ما عنده. أخذ يشرح دونما فاصلة أو نقطة، ونحن جميعنا، الرجال والنساء، نُصغي صامتين.
هل في العالم كلّه حركة تحرير، ردّ عليّ الحكيم، "نظيفة" من الإرهاب تماما كما تحدّد في تعريفك النظري هذا؟ دعك من منديلا؛ هو الاستثناء الذي يؤكّد القاعدة! ماذا سمّى الفرنسيّون ثوّار الجزائر حين هبّوا يطالبون بالاستقلال؟ ألم يعترف بهم ديجول، الواقعيّ الشجاع، ويفاوضهم في آخر الأمر لتنال الجزائر استقلالها: دولة مثل كلّ الدول، عضو في الأمم المتّحدة، ولها سفيرها في باريس حتّى؟ والثوّار الكاثوليك في إيرلندا الشماليّة، ألم يكونوا "إرهابيّين" قبل جلوسهم إلى مائدة المفاوضات مع بريطانيا العظمى ليوقّعوا معها اتّفاقيّة لوقف النار؟
ولماذا نبعد ونقطع البحار، أردف الحكيم بصوت خفيض واثق ممّا يقول. منظّمة التحرير الفلسطينيّة، ألم تكن "إرهابيّة" قبل جلوس الإسرائيليّين معها، ليفاوضوها ويضحكوا عليها بما أسموه يومها "الحكم الذاتي"؟ بيجن نفسه ألم يسمِّه الإنجليز "إرهابيا" قبل 48؟ وماذا نسمّي دخول إسرائيل لبنان، تحت ستار الظلام، واختطاف الشيخ عبيد، من غرفة نومه، وإحضاره ليقضي في سجونها سنوات؟
التسميات من صنع الناس ، تابع الحكيم في تلخيص موقفه ، و"إرهابي" اليوم قد نتعرّفه رئيس دولة في قابل الأيّام، يُستقبل في كلّ المحافل، ويخطب على كلّ المنابر، بما فيها الأمم المتّحدة في واشنطن أيضا. بذلك ختم الحكيم أقواله، ونحن نهزّ رؤوسنا معجبين، صامتين: أنا "الواقعي"، وصديقنا "المتشائم" المزمن، والنساء اللواتي شاركن في النقاش السياسي، بهزّ رؤوسهنّ دونما كلام!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فإن تهدموا بالغدر داري..
- سليمان جبران: إنّا نغرق.. إنّا نغرقِ!!
- -بعيد استقلال بلادي-!
- -لحن الخلود المقدس- في غنى عن التغيير والتطوير!
- عناصر كلاسيكية في شعر المهجر*
- الصمت رصاص!
- -شبه نظريّة- للإيقاع وتطوّره في الشعر العربي
- تحوّلات الأب في شعر محمود درويش*
- إذا اتفقنا في الجوهر فلا بأس إذا اختلفنا في الأسلوب!
- كيف تصير، في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقلّ جهد!!
- كيف نقول -موتاج- في العربية؟!
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – (الحلقة 4 ...
- 3- مقاومة أم معارضة أم ماذا؟ (المقالة الثالثة)
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – القسم الث ...
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967
- من جديد مسلسل الاجرام في سوريا
- المؤامرة مستمرة
- مصنع للجرائم، والأكاذيب أيضا!
- لماذا التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!
- النظام السوري يتعهّد بالإصلاح!


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - اسمعوا الحكيم!