أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - بهاءالدين نوري - العراق في مفترق الطرق















المزيد.....

العراق في مفترق الطرق


بهاءالدين نوري

الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 22:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


نحن اليوم في عراق جديد من حيث خارطته السياسية والإدارية، عراق منقسم إلى ثلاثة أقسام، كل قسم يدير نفسه بنفسه. وقد بقيت إدارة المالكي في القسم الأكبر من البلاد، ولكنها أصبحت إدارة خاصة بمناطق الشيعة، فيما استولى العرب السنة، بالتعاون مع داعش، على محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار - باستثناء جيوب فيها- ومناطق من محافظة ديالى، فيما دخلت وحدات البيشمرگة إلى كافة المناطق المتنازع عليها في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى. وهكذا فإن ما حذرنا وحذر الكثيرون رئيس الوزراء المالكي من أن سياسته تقود البلاد إلى مسير مجهول قد اصبح خلال أيام معدودة واقعا على أرض العراق. ويتراءى لي أن المالكي من القلائل الذين لم يفهموا حتى هذه اللحظة ما حدث في العراق ولماذا حدث ذلك. فهو لا يزال يتصور بأن بعض ضباطه قد تآمروا عليه وسلموا الموصل إلى داعش وان ذلك أمر طارئ ومؤقت وما عليه إلا أن يدبر ولاية جديدة لرئاسة الوزارة ويجند ألوف الشباب من الشيعة ليأخذهم إلى المناطق السنية المتمردة عليه وليؤدب العصاة ويعيد المياه إلى مجاريها.

لقد ساد الغموض مشهد الأحداث في نينوى وصلاح الدين خلال الأيام الأولى وتراءى للكثيرين أن داعش هو وحده الذي احتل تلك المناطق. لكن الأمور قد اتضحت تدريجيا وتبين أن جبهة مكونة من داعش ومن البعث العراقي وبعض المنظمات القومية السنية هي مشاركة فيما يحدث. وبالنظر إلى تنامي السخط لدى العرب السنة سكان هذه المناطق، فان الأطراف العربية العراقية في هذا التحالف مع داعش يمكن أن يكونوا اليوم شريكا مؤثرا و قادرا على التحرك. والبعثيون يملكون تجارب المناورة والتآمر على حلفائهم، كما فعلوا بعد انقلاب شباط ١-;-٩-;-٦-;-٣-;-، وبالأخص بعد انقلاب ١-;-٧-;- تموز ١-;-٩-;-٦-;-٨-;- حيث نكلوا بحلفائهم الضابط عبد الرزاق النايف مدير الاستخبارات العسكرية وإبراهيم الداوود آمر لواء الحرس الجمهوري وحردان التكريتي، الذين كانوا قد نفذوا الانقلاب وأوصلوا احمد حسن البكر وصدام حسين التكريتي إلى الحكم في ١-;-٧-;- تموز لينقلب البعثيون عليهم ويعتقلوهم في ٣-;-٠-;- تموز، وليقتل صدام لاحقا النايف وحردان. لكن التعامل مع داعش لن يمر بتلك السهولة. إن تصرفات نوري المالكي الخاطئة بكل المقاييس أنضجت الظروف أمام تحالف داعش والبعث الصدامي لكي يحقق هذا الانتصار الخاطف، على أن من غير المتوقع أن يطول عمر هذا التحالف كثيرا. واذا قدر لهما البقاء دون هجوم الآخرين عليهما فانهما سيشتبكان في صراع دموي بينهما. ومن الواضح أن إحراز هذا النصر السريع الكبير يعود إلى عدة أسباب هيأها المالكي بسياسته الطائفية الرعناء، وفي المقدمة منها:

- إعادة الضباط في الجيش البعثي، الذي حله بريمر عام ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;-، إلى الخدمة، والرهان عليهم في الدفاع عن النظام. وهاهم دافعوا عنه بالشكل الذي رآه الجميع
- النهج الطائفي الذي اتبعه المالكي أوصل التذمر بين المواطنين السنة من العرب والأكراد إلى القمة، وجعل العرب السنة مستعدين للتعاون حتى مع الشيطان ضد رئيس الحكومة، الذي وصلت به الحماقة إلى اعتبار طلب الفيدرالية لمحافظة نينوى تقسيما للعراق! علما أن كثرة من الدول فيدرالية، بينها أمريكا وسويسرا والهند وباكستان والإمارات العربية المتحدة، وهي اختارت النظام الفيدرالي لغرض تعزيز وحدتها.

إن نظاما يرأس حكومته سياسي طائفي ومستبد من قبيل المالكي، الذي تجاهل طلبات شعبه وتجاهل تحذيرات شركائه في الحكم من الشيعة والسنة والأكراد والتركمان وانفرد باتخاذ القرارات نيابة عن وزير الدفاع، وهو لا يعرف شيئاً من الأمور العسكرية، وعن وزير الداخلية، وهو لا يفهم من شؤون الإدارة والأمن العام شيئا سوى التشبث بالاتجاه الطائفي المتخلف الذي لم يعد يناسب ظروف هذا العصر. إن رجلا من هذا القبيل لن يقود بلده إلى مصير أفضل مما انتهى إليه العراق اليوم، بعد أن مرت السنوات الثماني المنصرمة من عهده برئاسة الوزارة في ظروف سلسلة متواصلة يوميا من دوامة التفجيرات المستمرة التي غدت ظاهرة اعتيادية منتظرة في كل لحظة في عاصمة العراق وشتى مدنه، وبلغت ضحاياها من المواطنين مئات ألوف القتلى والجرحى دون أن يستطيع الرئيس المالكي، المسؤول قانونيا وأخلاقيا عن أرواح وأملاك مواطنيه، عمل شيء لكبح جماح الإرهابيين ودون أن يتحمل المسؤولية بأسلوب حضاري ويقدم استقالته قائلا انه اخفق في عمله كرئيس حكومة ويترك كرسيه لشخص اكثر كفاءة! بل يصر على أن يبقى رئيسا لأربع سنوات أخرى، دون أن يتعظ بالعبر المأساوية. إن ما يشاهده العراق اليوم يذكر ببيت الشعر العربي القديم: «اذا كان الغراب دليل قوم سيهديهم طريق الهالكينا». والآن، وبعد أن حدث ما حدث، هل من حل لهذه المشكلة بالغة التعقيد التي قاد إليها المالكي؟ الحل عند رئيس الحكومة العراقية هو أن يتركه الآخرون وشأنه يبقى في منصبه ويعالج المشكلة - وقد تكون المعالجة بتسليم مناطق أخرى إلى المتمردين وهروب الرئيس إلى ايران.


ولاشك في أن هناك وجهات نظر مختلفة حول الحل، والحل من وجهة نظري كعراقي ديمقراطي مستقل هو التالي:
اتفق مع السادة المطالبين بتنحي المالكي فورا وتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق معه حول تصرفاته التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع، واتفق على اختيار شخصية توافقية كبديل عن المالكي الآن، وافضل رجلا مدنيا من قبيل د. احمد الچلبي العضو في كتلة ائتلاف المواطن بزعامة السيد الحكيم.

لكنني أرى ذلك حلا ترقيعيا موقتا ويمكن أن تتجدد المشكلة في أية لحظة طالما يظل الحكم قائما على الاتجاه الطائفي وما يترتب عليها من المحاصصة الطائفية والقومية. اذا ظلت التوجهات الطائفية هي المعتمدة في تحديد هوية رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان، كما هو سائد في العراق اليوم، فان الثقة بين العراقيين من المكونات المختلفة ستظل هشة بل مفقودة والوضع يظل قائما على براميل من المتفجرات الموقوتة.

على قادة الأحزاب الإسلامية كلها في العراق أن تراجع تجربة السنوات العشر المنصرمة التي مارست فيها الحكم. فماذا توضح هذه التجربة؟ ألم تكن سنوات التخبط في ميادين العمل السياسي والاقتصادي - الخدمي والاجتماعي والأمني، باستثناء إقليم كردستان الذي لم يحكم من قبل أحزاب إسلامية، رغم عدم رضا الجماهير عن أداء الحكام؟ هل استطاع الحكام من الشيعة والسنة العرب إيقاف التدهور الأمني والتفجيرات الدموية اليومية في العاصمة وفي شتى المدن الشيعية والسنية؟ الم تكن كثرة من التفجيرات والاغتيالات من صنع الميليشيات التابعة للطرفين انتقاما من بعضهما البعض في مجرى الصراع الطائفي؟ ألم يعان المواطنون اشد المعاناة من نقص الخدمات الحيوية في الكهرباء ومياه الشرب ووسائل المواصلات وغيرها؟ ألم يكن الصراع الطائفي هو السبب الأساسي لكل هذه المشاكل؟ لا وجود لدين أو مذهب يبيح التفجيرات والاغتيالات وقتل الأبرياء أثناء أداء طقوسهم الدينية في الجوامع أو الحسينيات أو الكنائس... لكن الصراع الطائفي أباح للمتصارعين جميع الوان الجرائم ضد الأبرياء على أساس الهوية! وقيادات الأحزاب الإسلامية - الطائفية هي المسؤولة عن ذلك لأنها أسست منذ البداية على أساس طائفي ولخوض الصراع الطائفي. وهذا الصراع ليس إلا رمزا للتخلف ولونا من الوان الصراعات القبلية في المجتمعات القبلية الباقية للآن في بلدان أفريقية وآسيوية. وقد ضعف الطابع القبلي للمجتمع العراقي بعد الإصلاح الزراعي في عهد عبد الكريم قاسم، لكن صدام التكريتي وحكام إقليم كردستان حرصوا على بعث التقاليد العشائرية بإنفاق الملايين عليها لغرض كسب البعض ضد البعض الآخر. وواصلت الأحزاب الدينية - الطائفية، الشيعية والسنية على حد سواء، نفس المنهج في السنين العشرة الأخيرة التي أعقبت سقوط صدام. ويتراءى لي أن حزب البعث الصدامي الموجود في المناطق العربية السنية من العراق لايزال متمسكا بنفس النهج الموروث من صدام إذ يتخفى باسم «المجلس العام لثورة العشائر». إن التمسك بالعقلية الدينية - الطائفية من لدى أي رئيس للحكومة كبديل عن نوري المالكي سيقود إلى نفس ما انتهى إليه المالكي. والحل الجذري المؤدي إلى صيانة وتعزيز وحدة العراق وإشاعة الأمن والاستقرار والازدهار فيه لن يتحقق إلا في ظل نظام ديمقراطي حضاري حديث لا مكان فيه للعنعنات الدينية والطائفية.

واذا أرادت الأحزاب الدينية - الطائفية أن يواكب التطور الحضاري المعاصر فان أمامها طريقا واحدا هو عصرنة نفسها واتخاذ قرار شجاع يتقبل الديمقراطية الحقيقية المعاصرة في الحكم. وبغير ذلك لن يمكن لاحد إعادة لحمة العراق ولن يكون هناك مناص من تقسيم العراق إلى دول ثلاث كما ذكر نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن. إن تعايش مكونات العراق في اطار دولة ديمقراطية حضارية أمر ممكن، كما تتعايش المكونات الثلاثة في أمن وتآخ ورفاه داخل سويسرا... لكن ذلك قد يكون مستحيلا في ظل التناقضات والصراعات الطائفية والمذهبية. .



#بهاءالدين_نوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الوحيد للخروج من مأزق الطائفية
- يا من تكرهون الدكتاتورية: ساعدوا ثورة الشعب السوري
- هل سُرقت الثورة المصرية من أهلها؟
- تطورات الثورة السورية وما يعترض طريقها
- المخرج من مأزق مصر
- رسالة مفتوحة الى الرئيس الامريكى براك أوباما: حول النزاع الع ...
- من اين بدأت الثورة المصرية والى اين تسير؟
- مشروع مقترح لحل النزاع بين بغداد والاقليم
- رسالة من العراق.. الى سكرتير حركة حماس خالد مشعل
- طريق العراق الى الديمقر اطية والاستقرار والازدهار
- بعد الانتخابات الرئاسية في مصر هل تحول الربيع العربي الى خري ...
- انا وملا على في مذكراته - القسم الثالث والاخير
- انا وملا على في مذكراته - القسم الثانى
- انا وملا على في مذكراته - القسم الاول
- اليست الفيتوات اللامعقولة في مجلس الأمن دليلا على ضرورة الاص ...
- العراق بعد الانسحاب الأمريكي
- عاصفة الثورة تجتاح العالم العربي - الحلقة الرابعة-
- عاصفة الثورة تجتاح العالم العربي- الحلقة الثالثة
- المالكي وعلاوي عرقلا تطور العملية السياسية
- عاصفة الثورة تجتاح العالم العربي - الحلقة الثانية -


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - بهاءالدين نوري - العراق في مفترق الطرق