أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد سعده - السِيسِي على خُطَى الشيطان.















المزيد.....

السِيسِي على خُطَى الشيطان.


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 18:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



بإشارةٍ لا تُخطيء، وبُسرعةٍ مُدوِّخَة؛ يَتجه قِطار الدولة نحو طريق الجَحِيم المَفرُوش بالنوايا الحسنة؛ فعقب اعتماد المُوازنة الجديدة للدولة أعلنت الحكومة عن خطة الأسعار الجديدة للطاقة، بعد أن رَفَعت أسعارها بشكلٍ يُهدد استقرار حياة المصريين بصورة لم تعرفها مصر على مدار تاريخها الحديث، ووصلت الزيادة على سبيل المثال لا الحصر إلى 175% زيادة في سعر الغاز الطبيعي، وزيادة بنسبة 78% على سعر "بنزين 80". والنَوايا الحسنة هنا بالطبع هي محاولات مُواجهة عجز المُوازنة، بدلاً من الاقتراضِ الخارجي الذي يُرَاكِم ديوناً إضافية تُعاني أعباءها أجيالاً لاحقة، أما طريق الجحيم فهو الغضب الشعبي "المحتمل" الذي لن تشفع معه شعبية السيسي، ولا قانون التظاهر الجائر، ولا ترسانة التبريرات التي سُرعَان ما تم تشييدها حول هذه القرارات.
مُخَصصات دعم الطاقة طبقاً لميزانية العام المُنصرِم بلغت حوالي 100 مليار جنيه، تتوجه النسبة الكبرى منها إلى الطبقة الرأسمالية ومصانعها المحلية والأجنبية، التي تلتهم 70% من هذا الدعم رغم أن منتجاتها تُباع في السوق المصري بالسعر العالمي وأكثر أحياناً، ومع ذلك أعلنت الدولةُ بمنتهى "الاستفزاز" عدم اقترابها من هذه الحصة كما جاء على لسان مسئول بقطاع البترول، واتجهت الدولة بشكلٍ ظالم وفج للعبث بحصة الطبقة المتوسطة والفقيرة التي لا تتجاوز في أعلى تقديراتها 30% من الدعم، ما يُهدد فعلياً باختفاء الطبقة المتوسطة وتَفاقُم نسبة فقراء الشعب. وأكدت الدولة عبر رئيس الجمهورية أن الهدف من رفع الدعم يأتي في سياق مسئولية الدولة إزاء مُواجهة أخطار عجز الموازنة العامة، وأكدت عبر رئيس حكومتها أنها استهدفت من القرار صالح الفقراء، وأنه لا مساس بهم، وأكدت أيضاً عبر وزير التموين أن القرار مدرُوس ولن يتم السماح بالتلاعب في أسعار السلع التموينية، ولا تزال تؤكد حتى هذه اللحظة عبر إعلامها أن ما سيتم توفيره من الدعم سيتوجه لتحسين خدمات الصحة والتعليم والعشوائيات، وأنا بدوري أؤكد أنهم "كاذِبُون" كذب الإِبِل، ولا يَكُفُّون!!.
ولا يُنكِر أي مُواطِن واعٍ يستشعر مسئوليته تجاه الوطن ضرورة اتخاذ الدولة لإجراءات وقرارات حاسمة لمواجهة المشكلة الاقتصادية التي تَراكمت عبر العُهود السابقة، غير أن الانحياز الطبقي الواضح في هذه القرارات يُشَكَّك في نزاهتها وجديتها؛ لأنها باختصار حَمَّلَت طبقات الشعب المتوسطة والفقيرة الفاتُورة كاملة دون المساس بطبقةِ رجال الأعمال ومصالحهم. وبافتراضٍ لا مناص منه في أن الدولة كأداةٍ للسيطرة تُمثِل فى المقام الأول مصالح الطبقة الحاكمة ورجالها، نَكون بالتالي أمام قرارات فَرَضَتها مصالح طبقية، وسيكون من النفاق جداً والابتذال والزيف ترديد شعارات أن الدولة تقف على "مسافةٍ واحدة" إزاء طبقات المجتمع دون انحياز؛ بل والادعاء زوراً وبهتاناً انحيازها لفقراء هذا الشعب كما كان يردد "السابقون".
على أن الدولة كان أمامها خياران لمُواجهة هذا العجز، اختارت أسهلهما وهو الضغط على المستضعفين في الأرضِ، ممن لا حيلة لهم ولا سند، تفادياً للخيارِ الثاني والأصعب مُتمثلاً في مُواجهة من العيار الثقيل مع مراكز القوى في السلطة والاقتصاد "ثورة تصحيح"، ولم تجرُؤ الدولة على الاقترابِ من مليارات أثرياء رجال المال والأعمال، بل وتراجعت الحكومة عن قرار وزير المالية الخاص بإقرار ضريبة 10% على أرباح البُورصة السنويَّة بلا مُبرر بعد انخفاض مؤشرات البورصة بفعل فاعل، وخضعت الدولة لابتزاز رجال الأعمال وهُجومهم الشَرس من خلال أبواقهم الإعلامية المَسعُورة ضد هذا القرار الذي يأتي خصماً على أرباحهم الفاحشة رغم كَونِها أرباحاً طُفيلية لم تأتي كثمرة مجهود مُباشر، مع أن الدولة اعتقدت ببراءةِ الأطفال أنها ستأخُذ قدراً من هذه الأرباح "بالحُب" بحسب الشعارات الرومانسية الساذجة للرئيس السيسي.
على أنَّ عجز المُوازنة كان يقتضي إقرار نظام ضريبي مُتعدد الشرائح يتناسب مع الدُخول الفلكية لألوف من رجالِ الدولة، غير أن الدولة أبقت على الشريحةِ الحالية التي تبلُغ 30% على الدخول التي تزيد عن مليون جنيه سنوياً، وكَأَنَّ قدر العامل والمُوظَّف "الناس اللي تحت" أن تُخْصَم منه الضريبة المقررة عليه قبل حتى أن يَتَسلَّم راتبه الشهري؛ في حين "يَتهَرَّب" ويَتَملَّص الأثرياء "الناس اللي فوق" من دفع ما عليهم، وكالعادة يستمر نفاق الإعلاميون وهجومهم الضاري على أي قرارات تمس الدخول المرتفعة، وهذا طبعا مفهوم ليس فقط في إطار رعاية مصالح أصحاب الفضائيات؛ بل لأنهم أنفسهم ممن تتعدى دُخُولهم المليون سنوياً؛ مع أن نسبة الــ30% التي تفرضها الدولة تتواضع كثيراً بالقياس مع ما يتم اقراره على نفس شريحة الدخل حتى في أعتى الدول الرأسمالية كاليابان التي تبلغ نسبة الضريبة فيها 50% على من يزيد دخله على 1.2 مليون جنيه سنويا، وبلغت 62% في الدنمارك على من يزيد دخله على 435 ألف جنيه، وبلغت 40% في فرنسا على من يزيد دخله على 650 ألف جنيه، وبلغت 40% في إنجلترا على من يزيد دخله على 460 ألف جنيه، وهكذا الحال لا يختلف كثيراً في أمريكا والصين وتركيا وجنوب أفريقيا وتايلاند وغيرها من دول تعتبر جاذبة للاستثمارات. (وفقاً لإحصائيات الخبير الاقتصادي أحمد النجار)
ورغم أنَّ مصر تقبع ضمن المراكز الأخيرة عالمياً في مُعدلات الادخار التي لا تتعدى 3% من الناتج القومي؛ فإنه لا معنى للإبقاء على الإعفاء الضريبي للأوعية الإدخارية والسندات، وتضييع إيرادات مُستحقة من فوائد هذه الودائع في حال فرض ضريبة ولو 2% يتحمل أصحاب الودائع 1% منها، وتتحمل البنوك نسبة الـ1% الأخرى، وهي نسبة معقولة مقارنة بدول نامية ومتقدمة أخرى، خصوصاً أن المستودعين يَجنُون أرباحاً سنوية من هذه الفوائد دون أدنى مشقة أو إدارة؛ بل أن فوائد ودائعهم تدفعها الطبقة المتوسطة والكادحة حينما تقترض من هذه الودائع لتمويل مشروعات متناهية الصغر ومواجهة أعباء الحياة القاسية.
وتبقى "الصناديق الخاصة" لغزاً يضع أمامنا مئات الأسئلة يومياً، ولم تُجِب الدولة يوماً على سؤال، ولو أنهت الدولة فوضى هذه الصناديق وضمتها ودمجتها في الموازنة العامة لأضافت إليها ما يقرب من 120 مليار جنيه "تقريبا"، خاصة أن هذه الصناديق لا يستفيد منها حالياً إلا جيش المستشارين بالجهاز الإداري للدولة، إضافة للحفلات والمجاملات والمكافآت التي تتبناها هذه الصناديق بعيدا عن دائرة سيطرة الدولة، تماما كأموال التأمينات التي تتعامل معها الدولة على أنها ملكية خاصة للمؤمن عليهم، وتماما كشركات ومصانع القوات المسلحة التي لا تخضع لإدارة الدولة؛ ليستمر مسلسل الفشل الإداري وإهدار الأموال المُستَحَقَّة.
وكان يُمكن أيضا للدولة أنْ تُعدد من البدائل لتنمية مواردها وسد عجز الموازنة بعيدا عن الاستسهال والتسرُّع، وبجرأةٍ تفتقدها الدولة المصرية التي لا تتجرَّأ إلا على مواطنيها المعدمين، كان ولا يزال بالإمكان ليس فقط سد عجز الموازنة؛ بل وتحقيق نتائج إيجابية هائلة لإصلاح الاقتصاد لو تم إعادة هيكلة أسعار المواد البترولية الأولية، بحيث يتم رفع سعر الزيت الخام ليتناسب مع السعر العالمي الذي يتجاوز 100 دولار للبرميل بدلاً من السعر الحالي المتدني جدا والذي يبلغ 17 دولار للبرميل كأسعار تم الاتفاق عليها في تسعينيات القرن الماضي دون تغيير، وهي خطوة سبقتنا فيها دول مُشابهة وحققت نموا ملحوظا كالجزائر على سبيل المثال، وبنفس الطريقة إعادة هيكلة خطة أسعار تصدير الغاز المصري لأسبانيا وتركيا والأردن، ووقف التصدير لإسرائيل أو بحد أدنى تعديل اتفاقيتة خاصة وأن رد الفعل الإسرائيلي لن يتجاوز أكثر من بعض المحاولات القانونية الدولية، وإنهاء هذه المذَّلة والإهانة في حق الشعب المصري.
وبقليل من الاجتهاد وإعادة النظر في إدارة موارد مصر الحَجَرِيَّة يُمكن لمصر توفير ما يقرب من 25 مليار جنيه سنوياً، كعائدات مُتوقَّعَة في حالةِ إعادة هيكلة رسوم استغلال الثروة الحجرية، ومن غير المعقول أو المقبول أن تظل رسوم طن الطَّفْلَة أو الحجر الجيري "قرشان"، وطن الجرانيت "عشرون قرشاً" في هذا الزمن الذي لم يعُد يعرف فيه أبناؤنا إلا "قرش البَحر"، وهي رسوم تم تحديدها منذ أكثر من خمسين سنة ولم تتغير؛ ليستمر وقوف الدولة مكتوفة الأيدي أمام هذا الإهدار الفاضح، وتتواصل معاناة وشقاء المُوَاطن المصري الفقير الذي يبقى يَرقُص المستحيل على سلم الحياة.
ومنذ اندلاع الثورة تعمل الطبقة الرأسمالية التابعة على قدم وساق من أجل استعادة وترسيخ استقرارها، مُستَغِلَّةً في ذلك كل أدواتها السياسية وصحافتها وإعلامها وأموالها التي تلعب بعقول وأهواء الطبقات الكادحة والفقيرة، وتعمل بصورة منهجية على تضليلهم، وأحياناً رشوتهم وإبعادهم عن روح مصالِحهم الحقيقية كجماهير شعبية قَدَرُهَا دائما أن تكون المُطالَبَة بشد الحزام، والتحلي "بالمثالية" وإنكار الذات من أجل "مصر"؛ غير أنه ليس من الحضارة أو المثالية في شيء الاستكانة والخضوع لهذه السياسات الليبرالية المُتَوحِّشَة التي تزيد من إفقار وحرمان المواطن المصري في سياق علاقات القهر والاستغلال؛ وإن لم تتراجع الدولة في هذه القرارات فلتستعد إذن لسلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات الغاضبة "المتوقعة" في المدى القريب، والتي قد تكون بمثابة "حصان طروادة" لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي سَتُحاول استثمار هذه التعبئة الشعبية وتوظيفها في سبيل إشعال حربها من جديد ضد الدولة وضد المجتمع.



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل صليت على النبي اليوم؟!!
- عنف ذكوري بشع في الشارع العام ضد الصحفية سارة سعد
- تحرش
- مصر .. كابوس الانهيار!!
- تعريف موجز بفيلم الخروج للنهار.
- قراءة في مستقبل مصر ما بعد الانتخابات الرئاسية.
- انتبهوا .. مصر على أعتاب جهنم
- أُمي الغالية, أفتقدك جدا .. وسأظل أفتقدك للأبد.
- النساءُ .. الجاريات المعتقات
- المعطف الأحمر (قصة قصيرة)
- مسجد الرحمة
- الديمقراطية .. الكنز المفقود
- رسالة إلى امرأة غائبة
- مِنَ العشيرةِ إلى الدولة... استغلالٌ لا ينتهي.
- حتى لا تصبحَ الثورةُ المصريةُ في ذمّة التاريخ
- الانقلاب العسكري
- مصر الدولة .. أم الثورة!! ؟
- النقابة العامة للبترول تعتمد اللجنة الإدارية لشركة ابسكو
- أسطورة الجيش والشعب أيد واحدة
- - حبيبتي -


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد سعده - السِيسِي على خُطَى الشيطان.