أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - الإرهاب في مواجهة الحداثة















المزيد.....

الإرهاب في مواجهة الحداثة


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1273 - 2005 / 8 / 1 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحولت العمليات الإرهابية المتفرقة إلى حرب عالمية تهدد البشرية جمعاء إثر هجوم نيويورك2001، بحيث أصبح ممكناً توقع ضرباتها في أي مكان من العالم، فهل اتخذ العالم ما يكفي من الإجراءات للانتصار فيها؟
قد تبدو حالياً الكفة راجحة لصالح جبهة مكافحة الإرهاب في مواجهة إرهابيين أفراد موزعين في خلايا سرية في مختلف بقاع الأرض، إلا أن ذلك لن يستمر طويلاً إذا حصل الإرهابيون على أسلحة دمار شامل كيماوية أو بيولوجية أو نووية, وهو أمر ليس مستحيلاً، عندها سيصبحوا قادرين على تحقيق انتصارات على المجتمع البشري بقتل أعداد كبيرة منه، مما سيضطر أنظمة عديدة لتقديم تنازلات رغم قواتها العسكرية الجاهزة.
ففي حرب عصابات إرهابية طويلة الأمد لا يهتم الإرهابيون بتشكيل جيوش نظامية، فأهم أسلحتهم قنابل بشرية من انتحاريين مستعدين لتفجير أنفسهم وقتل المئات ومستقبلاً مئات الآلاف بلا تأنيب ضمير. ففي حديث للقيادي الإرهابي أبو مصعب السوري "يأسف لعدم وجود أسلحة دمار شامل في الطائرات التي ضربت نيويورك للتخلص من أكبر عدد ممن انتخب بوش لولاية ثانية"!!
يشكل المتشددون الإسلاميون الغالبية الكاسحة للإرهابيين الحاليين، بعد أن هدأت بؤر العنف في العالم, فلم يعد هناك ألوية حمراء أو بادرماينهوف أو جيش أحمر ياباني أو جيش جمهوري أيرلندي...، لتفسح المجال للإرهاب الأصولي الإسلامي العالمي- الأديان الأخرى مرت بمثل هذه المرحلة فالكنيسة الغربية مارست إرهاب محاكم التفتيش إلى أن هزمت ورضيت بالمصالحة مع العصر- مما يفترض البحث عن أسباب الإرهاب في العالم الإسلامي الأكثر تخلفاً والأقل ديمقراطية والأقل احتراماً لحقوق الإنسان، ولحقوق المرأة بشكل خاص.
التخلف الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والاستبداد السياسي أفضل حاضنة للإرهاب، بالاستناد إلى تفسيرات للنصوص الدينية وفتاوى ترفض الآخر المختلف دينياً وطائفياً وإثنياً وتحلل قتله أينما وجد، ففي المجتمعات المتخلفة تتحول الاختلافات بسهولة إلى القتل، بينما المجتمعات المتقدمة، بعد حروب مدمرة, اعتادت على تحويل الاختلافات إلى تعايش مع الآخر واحترام الرأي المخالف والقبول بالاحتكام لصناديق الاقتراع.
وبسبب التخلف فإن الدول التي نشأت في العالم الإسلامي تخفي تحت قشرة مؤسساتها وقوانينها الحديثة مجتمعاً محكوماً بمفاهيم دينية متوارثة منذ القدم. وبناء على مفهوم الجهاد الذي تجاوزه الزمن, يمكن تجنيد انتحاريين لتدمير الحضارة الحديثة المتناقضة مع التصورات الذهنية لقطاع واسع متخلف من المجتمع، حيث تلقى القبول الفتاوى الصادرة عن علماء دين لم يقتنعوا بعد بضرورة إصلاح ديني يفتح باب الاجتهاد لتفسير للنصوص يتلاءم مع العصر. لكن في عصر المعلوماتية وغزو الفضاء من المستحيل العودة للجهاد والسيف للهرب من عالم الحداثة، والجهاد الراهن هو جهاد التنمية والبناء وتطوير العلوم لتحسين أوضاع الناس وتوسيع حرياتهم وتمتعهم بالحياة.
ستبقى الفتاوى المتطرفة مؤثرة إلى أن يبدأ الناس نتيجة تقدم تفكيرهم بالشك فيها وتدويرها في عقولهم ومقارنتها بمنطق العصر, وعندها ستتقلص مجالات تجنيد الانتحاريين وتتغلب الحياة على الدعوة لتعميم الموت الهمجي، ويمكن حتى ذلك الوقت لأنظمة ديمقراطية أن تمنع صدور أية فتوى وبرامج تعليم ديني قبل تحديد مدى توافقها مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية, بعكس ما يسعى إليه الإسلاميون بملاءمة القوانين للشرع, وإلا فإن دعوة أفراد للانتحار ستتحول مع الزمن إلى دعوة لانتحار جماعي لشعوب بأكملها رفضت الحداثة وتمسكت بأسلوب الحياة القديمة وفشلت في فرضها على البشرية، والفشل برأينا مؤكد, فستظهر أسلحة جديدة مضادة للقنابل البشرية تجعلها فاقدة الفعالية.
التخلف والأمية والفقر والجهل والتطرف الديني والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان.. عوامل متداخلة توفر المناخ الملائم لنمو الإرهاب، تتم مواجهتها بحرب شاملة على كافة الجبهات, تشارك فيها الأنظمة والشعوب في أرجاء العالم، إذ لا يفيد التقليل من شأن الإرهابيين واعتبارهم مجرمين عاديين يواجهوا أمنياً، فالمجرمين العاديين لا يمكن أن يفكروا بالانتحار أو استخدام أسلحة دمار شامل. وهي حرب لتغيير الأوضاع المولدة للإرهاب، وضد كل من يدعمه أو يموله أو يوفر الأجواء لنموه أو يقدم الملاذات الآمنة له أو يبرره.
الإرهاب حدد أهدافه وأعداءه: البشرية من كل القوميات والأديان والطوائف والطبقات والأعمار، لكن العالم المهدد لم ينتظم بعد في جبهة عالمية شاملة لمكافحته, لقد صدر عن مجلس الأمن القرار /1373/ لعام 2001 ثم القرار /1566/ لعام 2004 لتنظيم التعاون الدولي في مواجهته, ولإدانة أعماله مهما كانت دوافع مرتكبيها فجرائمهم لا يمكن تبريرها بأية ذرائع سياسية أو فكرية أو دينية أو عرقية، ولفرض عقوبات على الدول والمؤسسات التي تساعده. لكن المطلوب أكثر لإيقاف أعداء البشرية عند حدهم.
هل تشارك دول المنطقة في الحرب على الإرهاب الذي ينبع منها ويصدر إلى العالم؟ فالأنظمة تعالج كل عملية إرهابية كحادثة معزولة، فلا يمكن توقع أن تسعى الأنظمة لمواجهة أسباب الإرهاب التي يقف الاستبداد الذي تمارسه على رأسها، وهي تفضل عدم التعرض لمطلقي فتاوى الجهاد والقتل حتى لا تستفز قطاعات المجتمع القابلة لها, وتفضل إرجاع انتشار العمليات الإرهابية لعدم حل المشكلات السياسية في المنطقة مثل الوجود الأجنبي في العراق والاحتلال الإسرائيلي لأراض عربية، وهي حجج متهافتة إذ أن منظمات الإرهاب العراقي لم تسأل عن موقف الأنظمة المعارضة للحرب على العراق وللوجود الأجنبي فيها عندما قتلت الدبلوماسيين المصريين والجزائريين، وأرجعت ذلك إلى أنهم من أنظمة "لا تحكم بما أمر الله"!!
يبدأ دور دول المنطقة في مواجهة الإرهاب في العراق تحديداً، بالكف عن سياستها قصيرة النظر لتبرير ما يسمى "مقاومة" لموازنة الضغوط الدولية لإجراء إصلاحات سياسية في بلدانها. فالإرهاب إذا لم يتم القضاء عليه في العراق بتعاون جميع دول المنطقة سينتشر ويشكل تهديداً خطيراً للدول المجاورة. ولو كانت هناك أنظمة تهمها مصالح شعوبها لشاركت في المعركة ضد الإرهاب بإرسال قواتها إلى أن تستطيع السلطة العراقية السيطرة بقواها الخاصة، وتكون مشاركتها دليلاً على الجدية في دعواها لإنهاء الوجود الأجنبي، باستبداله بقوات من دول المنطقة. ويمكن جدولة خطة الإسناد هذه في مؤتمر القمة العربي القادم, ليتحول من مؤتمر خطابي احتفالي إلى "مؤتمر التخطيط للحرب على الإرهاب"، وهو حلم يقظة مستحيل إلا أنه الحل الوحيد الباقي أمام أنظمة المنطقة المتداعية.
كما أن هيئات سياسية وإعلامية واجتماعية وثقافية من اتجاهات قومية ويسارية وإسلامية معتدلة، لا تزال غير متنبهة لنتائج الإرهاب الكارثية المتوقعة، فرغم تنديدها اللفظي بالعمليات الإرهابية تبررها بأن أميركا تعمل تحت ستار مكافحة الإرهاب للهيمنة على المنطقة، أو أن احتلال العراق وفلسطين يجعل المنتحرين أصحاب قضية, وهي مبررات ينقضها هدف الإرهابيين الأصوليين: إقامة دولة دينية من نموذج إمارة طالبان المنقرضة، المتعارض مع مصالح الأنظمة والشعوب والمؤسسات والأفراد من نساء ورجال، فحتى بعض الفضائيات التي تبرر الإرهاب لن تظل قائمة، فالصور الثابتة والمتحركة ممنوعة في الإمارة!!
الجهات التي تقدم ذرائع واهية وغير مقنعة للإرهاب، من هيئات وفضائيات وصحف وكتاب متطرفين وخطباء مساجد و"لجان لنصرة الإرهاب" هي شريك غير مباشر له أن كانت تدري أو لا تدري, "سيتغذى" بها إذا قيض له أن ينمو وينتشر فنجاحه يعني مذابح شاملة لجميع مخالفي نهج الإمارة، وتقويض لكل ما هو حداثي في مجتمعات المنطقة، وهو ما سيحصل في حالة استمرار تجاهل خطر الإرهاب, وخاصة العراقي.
تخطت البشرية في تاريخها الطويل مخاطر أكبر وهي تستطيع أن تزيل الإرهاب بتكاتفها وتضافر جهودها. وربما يكون العنف الموجه للإرهاب, الاستعمال الأخير له كوسيلة لحل الخلافات الدولية, ليوضع في متحف التاريخ إلى جانب الفأس الحجري والمحراث، ليتم التحول للطرائق السلمية. ويمكن تسجيل أن العالم قام بخطوات في هذا الاتجاه كانت إحداها "الانتفاضة الشعبية العالمية" ضد الحرب على العراق التي لم تكن تأييداً للنظام العراقي الفاشي أو معاداة لأميركا, بقدر ما كانت دفاعاً عن السلام العالمي ورفضاً للعنف كوسيلة لحل المشكلات الدولية.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تريد حماس من هجماتها المسلحة على السلطة الفلسطينية؟
- حزب الله، ماذا يقاوم؟
- الازدواجية في ديمقراطية جماعة الإخوان السورية
- فصائل فلسطينية ترفض مشروع -سيفيتاس-
- حركة -كفاية- المصرية تتجاوز الأحزاب الأيديولوجية
- حقوق الأقليات في رؤية الإخوان المسلمين السورية
- نقد بقايا الأيديولوجيا ومفاهيم الحرب الباردة في وثائق حزب ال ...
- الهولوكوست اليهودي : حقيقة أم أسطورة
- حتى لا يكون المؤتمر القطري الأخير
- المجزرة الأرمنية المنسية في ذكراها التسعين
- هل يتسارع الإصلاح السوري السلحفاتي؟
- هواجس معارضين سوريين وعقدة عدم الاستقواء
- انعطافات هامة في حياة الأيزيديين
- الربيع السياسي السعودي
- الزلزال اللبناني - كرة الثلج الديمقراطية
- لكي لا تتكرر أحداث القامشلي
- المستقبل للليبرالية: سمة العصر
- أيمن نور بعد رياض سيف
- هل تنبع السياسة من صندوق الاقتراع أم من فوهة البندقية؟
- انتصاران عربيان للديمقراطية والسلام والتنمية


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - الإرهاب في مواجهة الحداثة