أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - ثلاث حالات للحزن















المزيد.....

ثلاث حالات للحزن


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 4503 - 2014 / 7 / 5 - 22:07
المحور: الادب والفن
    


ثلاث قصص تابعتها عبر شاشة جهازي المحمول، عبر فضاء ازرق قالوا عنه افتراضي.

هناك شهدت ثلاث حالات للحزن وددت أن أكتب عنها لما وجدته فيها من غرابة أأحياناً و استهجان

من منا لم يختبر الحزن؟؟ من منا لم يفقد غاليا؟؟

ولكن هل حزننا جميعا متشابهاً؟

لكل منا طريقته بالألم، طريقته بالفرح، وطريقته بالحزن أيضا

القصة الاولى.

هناك في ذلك الفضاء الأزرق كانت القصة الأولى ومنذ زمن ليس بقليل، كنت أتابع احداهن، يعجبني ما تكتب وأترنم بما تشارك من روابط، تغير صورها بتغير المساء، تضع وردة في شعرها في الصباح وتغرد ليلا مع كل الطرب وكل العشق وكل الامنيات.

عندما يجافيني النوم أجد في صفحتها ملاذاً دافئا وكلاماً عميقاً بعيداً عن السذاجة أو السخف، لم أكن وحدي من أعجبت بهذه المرأة الفريدة ولم أكن وحدي من كنت اتابع تفاصيل يومها فهاهي تشرب القهوة بصحبة صفحتها وتضع صورة الفنجان مع دلة القهوة فأكاد أشم رائحة الهيل تصلني عبر الشاشة لدرجة أنني شككت يوما بأنفي.

لم تغب عن صفحتها أو عني ولا يوما واحدا، كنا نتحدث –كتابةً- يوميا تقريبا، ولا مرة تأخرت بالرد أو بالارسال تسأل عني وعن أبنائي وعن أسرتي وتسألني عن حالي ونضحك كتابة ونفرح كتابة، تحدثني عن طفولتها وأيام عشقها وعن زوجها حبيبها ومهجة روحها ،تخبرني كيف أنها لا تستطيع أن تقول له أحبك، لا تخرج الكلمة من بين شفتيها وتأبى أن تخرج مهما حاولت، حتى كاد يظن يوما أنها لا تحبه.

قالت لي لا أجيد التعبير عن مشاعري فما هو حقيقي لا يمكن اخفاؤه وما هو كاذب لا يمكن اثباته، احبه وأموووت فيه ولاداعي لأن أقول فمن أفعالي يعرف حبي ومن حرارة شوقي يعري قلبي ليقرأ ان لا اسما آخر دخله سواه.

غيرت صورة البروفايل مرة جديدة ووضعت صورتها تقف أمام نافذة وتنظر الى خارجها ….

وما المهم في الموضوع وهي التي تغير صورها ثلاث مرات في اليوم وكأنه قرص دواء على موعد محتوم !!!!

بعد عدد من الايام اتصلت صديقة مشتركة بيننا قالت لي هل تريدين الذهاب للعزاء؟

قلت: أي عزاء؟

قالت: عزاء الزوج…

أصبت بالصدمة زوجها توفي كيف ولماذا والأهم متى؟؟ متى؟؟؟

هذه الـ(متى )هي التي أرقتني فأنا معها يوميا تقريا لم تغب عن صفحتها او حديثنا سوى مرات قليلة بحكم الطبيعي ولم تغب عن صفحتها ولاحتى أكثر من ثلاث ساعات ..

هذه المرة لم أشأ أن أكاتبها، ولم أشأ أن أسألها حتى عن حزنها بل دخلت الى صفحتها وبدأت بالبحث مطولا عن اشارة أو كلمة أو حتى رمز يوحي بأنها فقدت عزيزا استمريت بالهبوط الى أسفل الصفحة كثيرا، لم أمل أبداً، أردت أن أعرف متى كانت الوفاة، فوفاة زوجها كما علمت لاحقا كان اثر حادث مروري يكاد يصل الى درجة الفجيعة فقد لملم من الطريق أشلاءً.

بعد الكثير من الوقت وجدت عزاءً واحداً على الصفحة قبل حوالي شهر من تاريخ اليوم الذي كنا فيه ، بصراحة مطلقة وبدون رتوش غضبت منها، كرهتها لوهلة كيف تكون قادرة على فتح صفحتها والكتابة بطبيعية مطلقة وعدم الغياب عن صفحتها ابدا كيف يا الله كيف جبلتَ قلبها، عدت الى رسائلها أقرأ كلامها عن حبها لزوجها وتعلقها به .

غادرت صفحتها مقررة عدم عودتي مرة أخرى أبدا فأنا لا أستطيع أن أتعامل مع كاذبة الى هذا الحد كيف تكتب بكل هذه الروح ولاتحزن فأنا أؤمن بالحزن وأن الانسان بلا حزن ذكرى انسان.

بعد مدة ليست بالقليلة أرسلت تعاتبني بأني لم أزرها وكانت تتوقعني أولى المعزيات، ذهبت على مضض من باب الواجب لا أكثر فكانت دهشتي ، كانت صديقتي تعيش في المنزل كما لو أن زوجها مايزال موجودا لم تبك قط ولم ترتد الأسود، في يوم وفاته عادت الى المنزل ولم تشأ أن يواسيها أحد أو ينام عندها أحد من باب الشفقة، قالت لي يوم وفاته كنت مصرة ألا تمضي الليلة علي وأنا حية كنت أريد اللحقاء به بأية وسيلة تركت ابني عند والدتي وعدت الى المنزل وحيدة دخلت المطبخ وأخذت ماء الجافيل وهممت باجتراعها فجأة أحسست بوجوده، كان هنا في المنزل ينتظرني، أطفأت كل الأنوار، استحضرته يا مزن لا تضحكي مني نعم استحضرته كان معي وما يزال معي وسيبقى معي ،قال لي كيف ستموتين وتتركيني وحيدا.

عندها تذكرت ابننا، أي انانية مني ان أترك ابنه وحيدا مع طيف ابيه، لذلك قررت البقاء كي أكمل ما بدأناه معاً، قد يكون مات بالنسبة لكم أما بالنسبة لي فلن يموت الا يوم مماتي.

القصة الثالثة

القصة الثانية ليست قديمة بل لم تتجاوز أيامها الـ 370 يوما أي سنة وشهر وقليل من الأيام، طبعا لست أنا من حسبتها وأحيصتها بالأيام بل صاحبها هو من يؤرخ لها باليوم، وأشك أن عنده تقويم لمأساته بالساعات أيضاً ،هذه المرة بطلي رجل .

قد يكون الوفاء صفة النساء في الاحتفاظ بذكرى الزوج الراحل والافصاح عن الحزن بطريقة مباشرة ومبالغ فيها أحياناً.

أمأ ان يكون هذا الجهار بالحزن على فقدان شريكة العمر بهذه الصراحة وبكم هذا الحزن العميق الواضح فهو ما استدعاني متابعة الحالة، تعودنا تداول قصص مختلفة عن الرجال اللذين يفقدون زوجاتهم

فتروي قصص مثلاً عن رجل انتقى زوجته الجديدة في يوم دفن شريكة عمره، وأمثال شعبية كثيرة مثل: ( موت الزوجة مثل طرقة الكوع تؤلم كثيرا لكنها تنسى سريعاً) ولا ادري ان كانت هذه الحوادث فردية ام تنطبق على جنس الرجال أجمع، ما يهمني اليوم هو هذا الشاعر الشجي الذي تندى صفحته بكلمات حب غامرة للميسه التي غادرت على حين غرة، تاركة فراغاً في قلبه قد لا تملؤه سواها، كلماته كانت تبكيني بالرغم من أنني لا أعرفه لا أعرف لميسه الراحلة لكنني أحببتها وأحببت أولادهما واحترمت هذا الرجل الذي لا يحمل ضيراً من التصريح بحب عاش فيه وموت أبكى قلبه وحزن اجتاح حياته فجأة .

وأكثر ما لفتني هذا الصدق الجارف الجارح في وصف محبة كانت وما تزال لامرأة شاركت الحياة وصنعتها في قلب رجل.

لا أدري هل يخفف البوح من الحزن أم يزيده، لا أدري ان كان لنا الحق في ملاحقة مشاعر الآخرين ومراقبتها يقول مرةً: كل الدروب مشيناها معا وعدنا معا الا درب المقبرة مشيناه معا وعدت وحيدا.

حتى هذه اللحظة أبكي كلما قرأت له كلمة ترثي تلك المرأة التي لو لم تكن تحمل حب الدنيا في قلبها لما تركت كل هذا الفراغ، وما يزال عداد أيام فراقها يشتغل في صفحة صديقي المخلص ولا أدري ان كان سيأتي يوم ألحظ فيه أنه تواسى وأنه بدأ يعيش من جديد وكم أتمنى أن يكون ذلك قريباً.

القصة الثالة

قصتي الثالثة مختلفة فالحزن على فراق أخ وليس زوج أو زوجة.

أستذكر قصة من التراث العربي عندما قبض أحد السلاطين على ثلاث رجال هم أقرباء لامرأة واحدة وقرر اعدامهم، أحدهم زوجها ،الثاني ابنها والثالث اخاها، توسلت المرأة وبكت فقرر السلطان ان يفرج لها عن واحد فقط فقالت له الزوج موجود والولد مولود أما الأخ فانه مفقود وهو من اختارت الاعفاء عنه مضحية بالزوج والابن.

لم أختبر في حياتي شعور محبة الأخ أو الأخت ولكنني اقدر بأته حب عظيم، وعلى هذا الفضاء الازرق تأكدت كم تحب صديقتي شقيقها الذي قضى في أحداث البلاد وأدركت كم كانت تربطها به علاقة فريدة من الصداقة والتفاهم والحب.

وفي مثل هذه الحالة يكون الألم أكبر والفقد أكبر والحزن أيضاً قد يكون أكبر.

صديقتي أغلقت صفحتها على شبكة التواصل لأكثر من شهرين لم يعد يسمع أحد منا اخبارها فقد غرقت بحزنها، تساءل أحدهم: ( وهل التواصل الاجتماعي يلغي الحزن) أجبت : لكل منا طريقته المختلفة بالتعبير

قد لا يستطيع احدنا على فعل ما يقدر عليه سواه.

عادت الصديقة تتواصل بكل ود مع الجميع فجأة وجدتها تكتب عتبا لأحد زملائها اللذين نعوا قريبا لهم على صفحتهم على الفيس بوك وتلقوا التعازي والسلوان والتصبر، لامته واعتبرته يستغل موت قريبه ليحصد عددا من اللايكات وذكرته بأنها أغلقت صفحتها لشهرين متواصلين فهل هي تمن على متابعيها وأصدقائها بهذا التصرف، وللآن لم اعرف مغزى اللوم.

في النهاية لكل منا طريقته بالتعبير ولكل منا درجة تحمل، ولكل منا حزنه الخاص، حزن قد يستطيع الافصاح عنه وقد لا يستطيع.

فمن نحن لنقيم الاخرين ومن نحن لنفرض قواعداً ثابة للحزن

ما نحن الا بشر فطرنا على الحب والالم والحزن معاً



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الحرص والمواطن
- انتبه... أنت مؤقت !
- الصحافة السورية .. لاممنوع ولا مسموح
- الى السيدة فيروز.... لأننا نحبك
- دمشق عاصمة للثقافة حوار مع الامين العام للاحتفالية الدكتورة ...
- حوار مع د. عبد الرحمن منيف قبل وفاته بسنة
- خطايا امرأة
- فضاءات نسائية
- سندريلا الحلم
- أطفال عروبيون
- عداوة النجاح.. معركة بلا قواعد
- ثقافة الفساد ..... ابن شرعي لسفاح محرم
- الرأي من ذهب والصمت من صدأ
- نتواطأ مع المجتمع ضد انفسنا
- كاسك يا فساد
- المرأة في المجتمع بين العولمة والتاريخ
- الصناعيات السوريات: نتحدى الواقع من خلف الالة
- معه
- ثلج
- هدباء نزار قباني


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - ثلاث حالات للحزن