أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - هكذا تكلمت إيزيس














المزيد.....

هكذا تكلمت إيزيس


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1273 - 2005 / 8 / 1 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم أكن أدري وأنا أدير قرص التليفون لأتبادل مع المفكر والصديق د. سيد القمني، حديث العقل للعقل كما اعتدنا، رغم المعاناة والمرارة في تبديها الفكري، ما كنت أظنه الأقسى والأكثر لوعة، أقول لم أكن أدري أنني على موعد مقدر لا مسبق، مع حديث يدمي القلب والعقل معاً!!
كان الصوت على الطرف الآخر رقيقاً وغضاً كنسمات صبح يبزغ على استحياء، بدأ متحفظاً وهو يخبرني أن الوالد نائم، وبدا مصراً على التحفظ رداً على محاولاتي التبسط متسائلاً عن اسمها، وعن تأخر والدها في النوم إلى هذه الساعة، هنا وجدت أن اللياقة تقتضي أن أذكر لها اسمي، وحين فعلت وجدتني في مواجهة المفاجأة التي ألجمت لساني، وكان علي بعدها أن أصمت طويلاً لأتفرع للإنصات، ثم لأجلس أسطر تلك الكلمات، ليشاركني القارئ - ولو لبعض الوقت - مشاعر لن أقوى على نسيانها فيما تبقى من سويعات العمر، وليستمع أيضاً إلى ما قالته "د. إيزيس سيد القمني"!!
كان تحفظها الأول قد انقلب إلى ترحيب سرعان ما تحول إلى عبرة من يوشك على البكاء، وبسرعة حاولت تلافي الوصول إلى تلك النقطة، متصوراً أن الأمر هو خوف الابنة على أبيها إلى درجة الهلع، وهنا كانت في انتظاري المفاجأة الثانية!!
لم يكن الخوف على حياة والدها أو الإشفاق على مستقبلها وأختيها، وهي تخطو خطواتها الأولى في عقد العشرينات، ولم يكن تصورها لمرأى خفافيش الظلام وهي تقتحم دارهم الصغير الهادئ، لم يكن أي مما خطر للوهلة الأولى ببالي هو الذي يخنقها بالعبرات، كان ما هو أقسى وأشد مرارة ولوعة!!
إنه الإحساس بالعزلة والجحود والنكران!
قالت: قال أبي أنه يكتب من أجل الناس، يقاوم المرض من أجلهم، يفتش الكتب من أجلهم، يمضي الليالي مع آلام المرض وجهد الكتابة المضني من أجلهم، فأين الآن هؤلاء الذين فضلهم علينا دائماً، وتحملنا قدرنا من أجله ومن أجلهم؟!
قالت: كان يكتب في روز اليوسف، أليست مؤسسة عريقة، أليست شريكة له في كل أو بعض ما كتب، هل بهذا الشكل تتصرف المؤسسات الجديرة باحترام الكتاب والقراء، أيكفي تغيير رئيس التحرير لتنقلب مؤسسة محترمة بحق على أبرز كتابها، لتلعب دور الخصم، بدلاً من دور المساند، على الأقل حرصاً على مصداقيتها، أم هو ميراث الفراعنة الذين كانوا لا يألون جهداً في تحطيم ما أشاده أسلافهم، ولو على حساب أبسط مبادئ الشرف الصحفي، ناهيك عن أوليات التعامل الإنساني . . . .!!
قلت: يا ابنتي تعرفين هذه الأمور يختلف فيها الناس . . .
قاطعتني وقد تحول صوتها إلى نبرة حازمة:
قالت: أين نقابة الصحفيين لتقيم موقف الجريدة من أبي، تستطيع النقابة أن تتبين الحقائق من الادعاءات الكاذبة، تستطيع أن تتأكد إن كان أبي قد فبرك الرسائل الإلكترونية أم لا، وتستطيع أيضاً أن تتأكد إن كان هو الذي وضع البيان على موقع المجلة الإلكتروني أم لا، واجبهم أن يحاكمونا مع رئيس تحرير روز اليوسف، يحاكمونا بتهمة إزعاج جميع السلطات، الرسمية وغير الرسمية، ويحاكموهم بألف تهمة وتهمة!!
قلت: أراك قوية يا "إيزيس"، ولا أثر للخوف في صوتك!!
قالت: ربما الآن فيما تتملكني الحسرة والشعور بالظلم العظيم والجحود، لكنك لم تر ما مر بنا في الأيام السابقة من رعب، أبي هذا الذي يصارع المرض بقلب أسد، ليس لنا في الدنيا سواه، هو الأب والأم والعم والخال، هو كل ما لنا في هذا العالم الموحش والمظلم والبارد إلى حد الصقيع، إذا كان الناس يطلبون من أبي أن يكون بطلاً، فأي عدالة أن يطلبون مني ومن أخواتي أن نكون أبطالاً كذلك، ومن أين تأتينا البطولة ومعنا أبونا وكل من حولنا كالفئران المذعورة؟!!
قالت: هل أفنى أبي عمره من أجل هؤلاء الناس؟ هل هؤلاء هم أهل الفكر في بلادنا؟
قالت:هل يكفي ما حدث من تفجيرات في شرم الشيخ، لكي يخجل من أنفسهم من تباروا في التحليلات المكذبة لوالدي ، أم أن الخجل أو حتى مراجعة الذات لا مكان لها في قاموسهم؟!!
قالت: أعرف أن خصوم أبي كثيرون، لكن أين الأصدقاء، أين من كان يناديهم ليصنعوا معاً ما يسميه فجراً جديداً لبلادنا، هو دائم الحديث عن أحفاد لم يرهم بعد، فأي فاجعة أن يقدر للأحفاد الحياة وسط هؤلاء الناس، أي عبث، أي لا جدوى، أي مصير مظلم ينتظرنا؟!!
كانت الأسئلة تتلاحق، والصوت يرتعش مختنقاً أحياناً، قوياً ومتحدياً أحياناً، وأنا في الحالين لا أدري ماذا أقول أو ماذا أفعل . . . كنت في بعض اللحظات أحس أنها تصيح في وجهي أنا، تتهمني بالتقاعس مع المتقاعسين، تتهمني بالجبن والتواطؤ ولو بالصمت المهين!!
لمست "إيزيس" أوتاراً كثيرة حساسة، وأثارت الكثير من المشاعر والتساؤلات، ربما لن يجد أحد إجابة عليها، وربما نعجز عن مواجهتها إذا ما وجدناها، لكن طلباً بسيطاً لابد أنه من حقها كابنة للدكتور سيد القمني، الذي تبارى العشرات أو المئات في تسفيهه والتشكيك فيه، من حق "إيزيس" وأخواتها أن يعرفوا حقاً ويقيناً، إن كان أباهم إنساناً شريفاً وكاتباً حراً، سواء اختلفنا معه أم اتفقنا، أم أنه كما حاول الكثيرون أن يصورونه؟!!
قلت: أظن أن نقابة الصحفيين لن تترك الموضوع دون تدقيق ومحاسبة.
قالت: حين يستيقظ أبي سأخبره عن اتصالك!!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصفور الشرق المغرد في لندن - صنديد العروبة الذي لا يخجل
- معضلة المرض العقلي
- السباحة في بحر الظلمات إهداء إلى د. سيد القمني.
- د. سيد القمني لا تحزن من سفالتهم
- العظيم سيد القمني والبيان القنبلة
- الليبرالية الإنسانية-دعوة إلى صرخة في واد
- ألف باء ليبرالية
- د. شاكر النابلسي عفواً
- الإخوان المسلمون والإخوان الحالمون
- الليبراليون الجدد في مواجهة خلط الأوراق
- العلمانية ومفهوم الوطنية
- الخصوصية والذاتية وجذور الليبرالية
- رسالة مفتوحة إلى د. أحمد صبحي منصور
- العلمانية ومفهوم الهوية
- العلمانية وجذور الصراع مع الغرب
- شعوب الشرق وخيار شمهورش
- الغرب والقفز إلى المجهول
- هل يُلْدغ الغرب من جحر مرتين؟
- البرجماتية غائبة. . ولكن
- وطنية نعم، فاشية لا


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - هكذا تكلمت إيزيس