أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - المجد للنباتيين يا آكلي اللحوم














المزيد.....

المجد للنباتيين يا آكلي اللحوم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 16:20
المحور: حقوق الانسان
    


خلقك اللهُ نباتيًّا خفيفًا نظيفَ الأحشاء رشيقًا فاتنًا نشطًا. لكنك اشتهيتَ ما ليس لك؛ ونصبت المذابحَ ونحرت الأعناق وأرقت دماء الفرائس والطرائد ونشبتَ في لحومها أنيابًا (لا تملكها) لتمزّقها وأعملتَ قواطعك وأضراسك وطواحنك لتقطّع أليافها وتطحن نسيجها، بعدما شممت رائحة شوائها المحترق على مجامر النار بمجرد أن اكتشفتها وروّضتها! فماذا جنيتَ بتركك ثمار الفاكهة وألوان الخضر الفاتنة وأوراق الشجر الحاشدة بالكلوروفيل لون الحياة والصحة؟ ترهّل جسدُك الممشوق، وضعفت عظامك وتعلمت الكسل والرخاوة والبلادة وقلّ ذكاؤك الفطري ووهن قلبُك واكتسبتَ أمراضًا تلو أمراض أورثتها لأطفالك الذين تناقلوها جيلا من بعد جيل. أيها الإنسان!
مَن أخبرك أنك منذورٌ للحوم، وأن اللحوم منذورة لك؟! لو كان الله قد رسمك وصوّرك آكلا للحم الحيوان لأنبت لك أنيابًا مدببة معقوفةً مثل تلك التي منحها للأسد والذئب والضبع والق والكلب. إنما كرّمك العالي العليُّ ومنحك أسنانًا مستوية نسميها "قواطع" لتقطع ثمرة الفاكهة وضروسًا طواحنَ لتطحن أليافها الهشّة. لكنك استطعت السيطرة على النار قبل أربعة آلاف قرن من الزمان، فطاب لك شكل الفريسة بعد شيّها وتحوّل جلدها الأبيض الوردي إلى لون الذهب ثم لون الفحم، وطابت لك رائحتها فتحولت من نباتيّ نبيل، إلى لاحم حيوانيّ متوحش!
هذا عن "الكيف" في طعامك. فماذا عن "الكم"؟ حدّث عن كم ما تلتهمه في يومك من طعام، لا تحتاج إليه، دون أن تشعر بحرج. يكفيك ألف سُعر حراري في اليوم، تحصّله من ثمرتي تمر صغيرتين، لكي تمارس كافة وظائفك الحيوية الشاقة فتزرع وتحصد وتحمل الأثقال وتبني بيتك وتحمل زوجتك إلى كهفك الذي بنيته لها بساعديك، وتنجب أطفالك وتعلمهم الزراعة والحصاد. فهل اكتفيت بثمرتي التمر؟ هل تمنح جسدك الألف سعر التي تكفي يومك وتفيض؟ لا، بل أعملت "خاصية" الشراهية والطمع فغدوت أكولا "بطونًا" تعيش لتملأ هذا الوعاء الأشرّ: “ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنه"، حديث شريف. يكفيك عُشر ما تأكل، لكنك تتبع شهواتك فتترهل ثم تدفع الآلاف لتتخلص من ترهلات الشحم واللحم الزائد. يكفيك 1000 سُعر، فتلتهم عشرين ألفًا ثم تندم، وفي اليوم التالي تعاقب نفسك بالتهام المزيد!
سألني بالأمس الإعلاميُّ "مصطفى ياسين" في برنامجه الإذاعي "حصل ونسينا" الذي سيذاع في شهر رمضان الراهن: “ما الذي ينساه المصريون في شهر رمضان؟"، فأجبته: “ينسون أن يصوموا!”. هل ما نفعله في هذا الشهر الزاهد العابد يُسمّى "صومًا"؟ هل السُّفرات العامرة بالمحمر والمشمّر وألوان المحاشي والصواني المفخخة بالخضروات واللحوم والمكسّرات والحلوى والحبوب، هل هذا طعام زهد وورع وتقشّف، حتى نشعر بأحزان الفقير ونشارك الجائع جوعه؟ هل كمية المُلقى في صناديق القمامة بعد هذه المذابح الطعامية، يشي بأننا مسلمون لا ننام شبعانين وجارنا جائع، كما أمرنا الإسلام؟!
هنا أتكلم عن "الهَدْر". ومن مضحكات العالم المُبكيات أن الشعوب الأكثر فقرًا هي الأكثر إهدارًا. نمارس الهدر في الطعام وفي الطاقة وحتى في الكلام والثرثرة دون مبرر! اذهب إلى الفكهاني وجرّب أن تشتري ثمرتي موز وثلاث حبّات طماطم وتفاحة! سيرمقك البائعُ بازدراء كأنك تلعنه بنظرة تحمل كلامًا صامتًا يقول: “أيها الفقير. أيها البخيل. أيها الكلب، لماذا تضيع وقتي مع تفاهتك؟!” فتتعلم في اليوم التالي أن تطلب منه: “خمسة كيلو موز، وعشرين كيلو عنب، وقفص طماطم؛ لكي تثبت له أنك رجل "ملو هدومك" جيبك عمران، وتمضي محملا بالأكياس بينما جيبك خاوٍ إلا من قروش تكفي ركوبة التوك توك. أخوك في البلاد "الكافرة" في أوروبا والشرق الأقصى لا يخجل من شراء ثمرة تفاح واحدة، وعنقود من العنب، رغم أن راتبه في شهر يكافئ راتبك في خمس سنوات. ثم لا يكتفي بالتقشف في الطعام، بل يقرن هذا بالسير مسافات طويلة والركض في الطرقات والذهاب إلى عمله بالدراجة (التي تخجل منها جنابك). لهذا يصل للسبعين من عمره وهو أكثر صحة وشبابًا منك وأنت في الثلاثين.
هذا ما حاول أن يعلمه لنا رئيسنا المستنير عبد الفتاح السيسي الذي تحرر من الصندوق البالي الذي نرزح داخله من قرون.
أيها المصريون الأحبة، دعونا نتعلم ثقافة جديدة. نغلق أفواهنا قليلا، ونحرّك سيقاننا كثيرًا، لنغنم غنيمتين: صحتنا، ومالنا، وتفرح بنا مصر الطيبة.
كل سنة وأنتم بألف خير وفرح وصحة وزهد، ورمضان كريم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفئران أول من يشعر بالخطر فتغادر السفينة قفزاً في الماء، يل ...
- متى ينام إبراهيم محلب؟
- ثاني رمضان، بلا إخوان
- المايسترو
- المتحرشون لم يفسدوا فرحتنا
- وجدي الحكيم، وحلم لم يكتمل
- الروث في مياه الشرب!
- أحمر باهت
- العذراء، وشمس الدين التبريزي
- المحاكمة داخل الكهف
- -فتحية العسال- وحصان عم محمد
- انتخبت بدمائها وطفلة تغني
- الخطاب الديني والتحرش، يا ريّس!!!!
- حكيم عيون
- بيان مهم من الكاتبة فاطمة ناعوت
- النور يعيد السيدة العجوز
- اليومَ إكليلُ الجميلة
- الصخرة والسراويل الساقطة
- نوبل السلام لأقباط مصر
- ليندا جورج سيدهم...... ثمنُها يفوقُ اللآليء


المزيد.....




- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين
- بعد إدانتهم بـ-جرائم إرهابية-.. إعدام 11 شخصا في العراق
- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...
- إعلام عبري: مجلس الأمن الإسرائيلي بحث سرا سيناريوهات اعتقال ...
- ذياب: يطالب بالافراج عن المعتقلين والنشطاء فورًا، ويقول سياد ...
- الخارجية الإسرائيلية: قرار ألمانيا تجديد التعاون مع -الأونرو ...
- بعد أنباء عن خروج السنوار من الأنفاق.. عائلات الأسرى تتظاهر ...
- تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟
- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - المجد للنباتيين يا آكلي اللحوم