أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - روكو واخوته 1960 (لوكينو فيسكونتي):-عن الواقع الاجتماعي الذي من المستحيل تغييره او الهرب منه















المزيد.....

روكو واخوته 1960 (لوكينو فيسكونتي):-عن الواقع الاجتماعي الذي من المستحيل تغييره او الهرب منه


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 07:29
المحور: الادب والفن
    


روكو واخوته 1960 (لوكينو فيسكونتي):-عن الواقع الاجتماعي الذي من المستحيل تغييره او الهرب منه
قد يكون فيلم روكو واخوته1960 هو امتداد حقيقي لفيلم (الارض تهتز) مع رؤية سينمائية بعيدة عن التجريد والوثائقية الذي احاط فيسكونتي فيلمه المذكور بها،وان كان هذا الفيلم ينتمي الى السوسيولوجية-الاجتماعية-التي تلامس بشكل كبير المذهب الفني الايطالي الشهير (الواقعية)،ولكنه هنا بعيدا عن التزامات خالصة ويحمل رؤية فيسكونتية مختلفة خاصة ان فيسكونتي هو من كتب هذا الفيلم،واضعا تحليلا جميلا للشخصيات ومن عدة زوايا لرؤية هذا الفيلم.
الفيلم على اية حال لايناقش فكرة او مفهوم الانقلاب الاجتماعي بالقدر الذي يتحدث فيه عن فكرة الواقع الاجتماعي الذي من المستحيل تغييره او الهرب منه بمجرد الهرب من واقع اجتماعي مرير هو الآخر.
وبالرغم من المفهوم العام الذي يحيط بالفيلم ورؤيته الواضحة التي تحمل تلك الهموم والقضايا الكبرى إلا ان روكو واخوته من الممكن النظر اليه من خلال رؤية فردية ذاتية لكل شخصية من الشخصيات،وهذا شيء ملاحظ،ونعتقد ان فيسكونتي تعمد الاشارة اليه عندما يقسم فيلمه هذا الى اجزاء متعمدا ان يسمي كل جزء على اسم اخ من الاخوة الخمسة القادمين من الجنوب الايطالي الفقير يحملون آمالهم واحلامهم المتواضعة الى عاصمة الشمال الايطالي الصناعي (ميلانو)،ولكن المسار لن يكون كما خططوا او رتبوا له او ربما كما توقعوه لأنه سوف يحمل اشياء اخرى. كما قلنا فعائلة (بارندي) القادمة من الحنوب الايطالي بعد وفاة الاب بقيادة الام الى ميلانو...هذا العالم الجديد الذي انتقلت اليه هذه العائلة الايطالية الخالصة ليس بذلك العالم الأفضل...وليس تلك اليوتوبيا ىالموعودة،وهذه النقطة تحديدا تحمل النفس الواقعي بشكل قوي وواضح،وكما قلنا عن فيلم الارض تهتز بانه كان فيلما مجردا،فهذا الفيلم يبدو افضل وللعديد من الاسباب:
أولها انه يحمل العنصر المهم في التعبير السينمائي،فهو يمتلك كل العناصر من دون استثناء التي تجعل منه فيلما متكاملا،فهناك العقدة والحبكة المركزية ومن الممكن ايضا ان تبعد كل تلك الافكار الاجتماعية عن ذهن المشاهد تجعله فقط يشاهد فيلما سينمائيا وينظر اليه من اي وجهة شاء،وهذا مختلف عن التجريدية الوثائقية الواقعية في فيلم الارض تهتز،كما اننا في فيلم روكو واخوته مع ابعاده السينمائية الواضحة يجوز لنا ان ندمج فكرة الواقع الاجتماعي مع فكرة الواقعية أو التعبير الواقعي...
ومن ناحية اخرى فالفيلم يصور انكشافات هذه العائلة القروية البسيطة على هذا العالم الموعود المعقد،بحيث نكتشف احيانا الطبيعة الحقيقية لكل فرد منهم وهذا سيؤدي الى خلل وانقلاب في الرابط الاجتماعي بين هؤلاء الاخوة.
واذا كان لنا من مقاطعة فنحن نقول ان هناك اعجاب عربي عام بهذا المخرج المولع بتصوير واخرج الاوبرات المسرحية،ومما لاشك فيه ان فيسكونتي مفتاح مهم في اللعبة الادبية السينمائية الايطالية بشكل عام وخاص ايضا.
في لحظة القدوم ومع بداية الفيلم يستحضر فيسكونتي موسيقة نينو موريتي وهي موسيقى جنائزية حزينة،وهو بهذا يبدو بانه يستبق الاحداث من خلال تنبأه بمستقبل عاثر لهذه العائلة وهو في نفس الوقت يبدو بانه ينعى واقع ايطالي مرير برمته،فالفيلم يبدأ من لحظة القدوم و فيسكونتي يتعمد ان يروي حكايته من هذا التاريخ.
روكو وان كان هو المكتمل اخلاقيا ويمتلك حس عالي من التضحية من اجل اخوته،ولكنه ليس الشخصية المركزية للفيلم،وليس الاقوى ايضا في الحضور،فكل الشخصيات تمارس دورا دقيقا ومحسوبا لها بدقة بغض النظر عن مقدار ظهورها في الفيلم...هذا الفيلم لايحسب كذلك،فهو فيلم اخراجي يلعب فيه المخرج الدور الأول والاكبر.
فنشنزو(سابيروس لوكاس) الاخ الاكبر كان قد سبق اخوته الاربعة ليؤسس له حياة في ميلانو وهو يعيش حياة هادئة ولايطلب من الحياة سوى ان تسير في مسارها الطبيعي...انها ليست ميلانو الخاوية كما رآها أنتونيوني ذات مرة في (الصحراء الحمراء) ولكنها ميلانو القاسية كما يراها فيسكونتي هذه المرة.
تصل العائلة في يوم حفلة خطبة فنشنزو من جينيتا (كلوديا كاردينلي) حيث الارتباط بينهما يبدو طبيعيا من دون اي مغامرات طبقية اخرى من الممكن ان تسير في الفيلم صوب وجهة اخرى،ولكن الأم تؤكد خضورها لأنها ترفض هذا الموضوع فالعائلة كلها معتمدة عليه الآن.
اذا كان فيلم الفهد هو عن موت بطيء لطبقة ارستقراطية ففيلم روكو واخوته هو عن تاكيد لحضور طبقة اخرى.
تحولات سيموني:
كيف تحول سيموني-وهو احد الاخوة-من شخص خجول الى شخص عاشق للنساء،بل قادر على التقاط النساء بسهولة؟
للمجتمع الذي يعيشون فيه الآن دور كبير في هذه القضية،فهذا المجتمع جعل من شخصيات روكو واخوته تظهر على حقيقتها بعد كل هذا الانكفاء،والموضوع شبيه ولكن مع تحفظ كبير ب(معضلة الدكتور جيكل والسيد هايد).إذا يحدث انفصال مبدأي بين فنشنزو وخطيبته حيث يقرر هذا الاخير ان يقوم بواجباته اتجاه هذه العائلة،وحتى لو كانت الام لازالت تلعب دور القائد،ولكن لاحقا ستظهر امرأة اخرى في حياة كل شخص من هؤلاء الاخوة وهذا سينهي معه هذا الدور القيادي للأم مع بقاء الاحترام،حيث ان هذه البيئة الجدية لا مكان فيها للأم من هذه الناحية،وهذا انقلاب اجتماعي من ناحية وواقع اجتماعي من ناحية اخرى...
النقطة الأبرز من هذه الناحية هو التهكم الحاصل عندما يتعرف المجتمع الذين يعيشون فيه عليهم على انهم قوم من الجنوب الايطالي،وهو مكان بالنسبة اليهم لا يقوم فيه الناس بأي شيء،وهنا يشير فيسكونتي الى التفاوت الفكري والطبقي بين الشمال والجنوب وكيف ينظر اهل الشمال الى اهل الجنوب،وهنا نقول ان فيلم روكو واخوته فيلم كبير ويدرس من اكثر من ناحية،وهذا التفاوت يظهر من نواحي اخرى خاصة ومن ناحية شخصية بالعائلة هذه المرة.
هذه العائلة تفرح بقدوك الثلج...مشهد غريب...الثلج سوف يعلق بالارض هذه المرة..هذه الغرابة او الغربة الاجتماعية ستؤدي لاحقا الى الاندماج الاكيد والطبيعي...
تظهر الآن الشخصية التي ربما قد تكون ذات الحضور الأقوى في الفيلم ...العاهرة ناديا(آنيا جيراردوت)
فكرة حضور عاهرة ذات دور رئيسي في الفيلم لها دور كبير في التعريق بمجتمع والتعريف ايضا بانقلاب اجتماعي حتى لو كان دخولها الى اكناف هذه العائلة يبدو طبيعيا وبحسن نية.
تبدأ جزأية سيموني مع محاولة احتراف الملاكمة وتعرف تلقائي على ناديا...
فيسكونتي لايؤرخ لإيطاليا...هو يتحدث عن واقع حاصل ويبدو مشابها لواقع كل تلك الشعوب..
اذا سيموني يتحول تقريبا الى زير نساء ويخوض في حياة الليل اكثر،وهذه الحياة تشكل له مايسمى بالانقلاب الاجتماعي...سيموني يسرق قميصا من محل غسيل الملابس الذي يعمل به روكو،ويعوض ذلك بعلاقة غرامية مع ربة العمل ويسرق دبوسها الباهظ الثمن.
اذا مسار سيموني اصبح واضحا ونهاية الفيلم ستؤكد هذا المسار
في جزأية (روكو-الن ديلون) الذي سينتقل الى الخدمة العسكرية سيتحول مسار الأحداث قليلا،لأن الغرام سيقع بينه وبين ناديا بعد انقطاع عن سيموني لأكثر من عامين.
هل موضوع المرأة هو السبب في حدوث صراع بين الأخوة..؟!
في الحقيقة فنحن نرى بانه لايوجد صراع بين الاخوة لأن روكو سيعامل هذا الموضوع بكرم اخلاقي كبير من دوافع الأخوة تحديدا.
مشاجرة قوية ودامية بين سيموني وروكو يتخللها اغتصاب ناديا من قبل سيموني ونهايتها هو ان يتخلى روكو عن امرأة احبها بصدق،لتتحول فعليا الآن الى امرأة تعيش كعاهرة بين احضان اخية.
اذا الواقع الآن يقرر- على اي حال من الأحوال- ان الأخوة لن تعود كما كانت من قبل....
كانت لقطة رائعة تصور الانحدار الاخلاقي من قبل سيموني...الاستسلام اللاارادي للأخوة من قبل روكو...مسار ليس من الضروري قدريا ان يكون موجودا.
ناديا تعود مضطرة الى ذلك العالم...الى عالم سيموني...الى احضان سيموني ،ومع تقدم روكو في عالم الملاكمة ينتقل فيسكونتي الى عالم (سيدو-ماكس كاريتر)
استخدام فيسكونتي للجزئيات يؤكد على الرؤية الفردية الممكنة للفيلم،وان كل أخ من هؤلاء صاغ مسارا خاصا لن يكون هو المسؤول الوحيد في الوقوع فيه،ومع قصة الحب الذي يخوض فيها سيرو الآن لازال فيسكونتي يتابع المسار السيء لسيموني،بل ان ناديا اصبحت تعيش معهم في المنزل الآن،وروكو الشهير الآن من خلال الملاكمة يحاول المستحيل من اجل انقاذ اخيه سيموني.
في قمة لحظات يأسه يقتل سيموني ناديا،والأمور لن تعود مثل السابق ابدا..
نادية مستسلمة تريده ان ينهي هذا المسار مهما كان الثمن...مسار علاقته معها وليس مسارها الشخصي تحديدا حتى لو كان الثمن هو حياتها...
تموت بعدد كبير من الطعنات وهي تصرخ بانها لاتريد ان تموت..
نستطيع القول ان هذه العائلة حققت السعادة اخيرا،مع فوز روكو بالبطولة في الملاكمة، ويساهم في هذا الاستقرار ان يقع سيموني اسيرا في يد العدالة في نهاية واقعية مبشرة متفائلة ان الأمور يجب ان تأخذ مسارها الطبيعي وأن اي امر من الممكن تحقيقه لو اردنا فعلا تحقيق ذلك...
ومع تأكيد فيسكونتي باصوات خارجية تطلب من لوكا (الأخ الصبي)بالعودة الى الجذور،فهو يؤكد على التلاقي الحقيقي والاشتراك/ المصيري بين افراد المجتمع الايطالي كاملا وبذلك يكون فيسكونتي ذا حيز اوسع مما توقعنا كثيرا
بلال سمير الصدّر 8/3/2014

ل



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليالي البيضاء 1957(لوكينو فيسكونتي):شخصيات تقبع في مناطق ذ ...
- نحن النساء 1953 لوكينو فيسكونتي:عن الحب والحياة
- قصة جندي1958(للمخرج الروسي Grigori Chakhraj):مقدمة نقدية لأي ...
- الأجمل 1951(لوكينو فيسكونتي):عندما يحقق فيسكونتي فيلما وعظيا
- الأرض تهتز 1948(لوكينو فيسكونتي):الوثائقية كافضل حل لتصوير ا ...
- عن لوكينو فيسكونتي وفيلم استحواذ والواقعية الجديدة مرة اخرى
- المرأة خلف الباب 1981(فرانسوا تروفو): السينما هي اسلوب سمي ب ...
- المترو الاخير 1980(فرانسوا تروفو):فيلم عن كل شيء
- الحب الهارب1979(فرانسوا تروفو):عن فيلم بطله الاسترجاع
- الغرفة الخضراء 1978 فرانسوا تروفو:تروفو والقدرات الأخرى
- الرجل الذي احب النساء1977(فرانسوا تروفو):تروفو والاحتفاء الع ...
- قصة اديلا1975 فرانسوا تروفو:لعبة الكبار
- النهار من أجل ليلة 1973(فرانسوا تروفو):قطع مونتاجي
- فتاتان انجليزيتان1971(فرانسوا تروفو):عن جولي وجيم وفيلم خارج ...
- رواية الضائعون
- طريق مولهولاند2001ديفيد لينش:ديفيد لينش مخرج أدق التفاصيل
- سرير ولوح 1970 فرانسوا تروفو:استكمال اخير لمسيرة انطوان دوني ...
- الطريق المفقود1997:فيلم من كتابة واخراج ديفيد لينش: بين حبكة ...
- -رأس ممحاة 1977(ديفيد لينش): قصة عن عوالم غير مكتملة والمكتم ...
- طفل الطبيعة(الطفل المتوحش) 1970(فرانسوا تروفو):فيلم خارج الن ...


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - روكو واخوته 1960 (لوكينو فيسكونتي):-عن الواقع الاجتماعي الذي من المستحيل تغييره او الهرب منه