أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - الحلاج مأساة عاشق















المزيد.....

الحلاج مأساة عاشق


عزالدين بوركة

الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


اختلفت وتضاربت في الحلاج، كل الآراء (؟ - 309 هـ). فأتباع المذهب الحنبلي (مثلا) يرونه كافرا وزنديقا (سنأتي لهذا اللفظ لاحقا)، والمتصوفة يرونه شيخا متصوفا وعاشقا كبيرا.. وقد اتخذ منه الشعراء موضوعا لتجسيد العشق والألم في تجلياتهم الشعرية.
وُلد أبو المغيث الحسين ابن المنصور الحلاج(السنة غير معروفة). في مدينة فارسية مشهورة باسم بيضاء فارس، وجاء إلى بغداد أواخر القرن الثالث هجري. بغداد التي اشتهر سكانها بالغنى وبالبذخ الظاهر، وبالمكانة الدينية الرفيعة. تزامن قدوم الحلاج إليها ومحاولات القرامطة خلع الخلافة العباسية.
الحلاج الذي ذاع خبره بعد عودته من الهند، ومكوثه في موضع أمام الكعبة، لفترة طويلة وهو لا يتناول من الطعام إلا القليل. ملفتا إليه الأنظار. رجع إلى بغداد وهو يُنْظر إليه زاهدا من الزهاد الكبار. هذا الرجوع خلق له مشاكل مع بعض "الظاهريين"، الذين يرون بظاهر القول والشريعة. على عكسه، هو الذي يرى بأن في باطن الشريعة معانٍ خفية يجب الوصول إليه.
لم يتفاهموا (أي الظاهريين) والحال الذي يَتملَّك الحلاج وهو في حالة الوجد الصوفي. كقوله (ما في الجُبّة إلا الله..). و إصابتهم بالاندهاش وهم يسمعونه وهو يصرخ وسط الناس، متمنيا الموت. فالتزامهم بظاهر الشريعة، خلافا للحلاج الذي يرى بأن باطنها أدقّ وأحقّ وأشمل للحقيقة، الحقيقة التي لا يصلها ولا تختص إلا بخواص الخواص. وهو القائل: "أفهام الخلائق لا تتعلق بالحقيقة والحقيقة لا تليق بالخليقة".1. "الحقيقة دقيقة، طرقها مضيقة فيها نيران شهيقة ودونها مفازات عميقة".2. شكل عائقا لفهمه. وكان الدافع الرئيسي لهذا التخوف/العائق، خشية سقوط الدولة العباسية، واتهامه من قِبل البعض، أنه يدعي الولاية الثانية عشر (أي تشيعه).
1- الرمي بالزندقة:
عاش الحلاج في حقبة ازدهار الإسلام الفريدة، حيث تربّع المجتمع الإسلامي في بغداد على مصب ثقافتين، الآرامية واليونانية. وقد أصبحت هذه المدينة حاضرة العالم الثقافية. وكان للفكر العربي أساتذته الكلاسيكيون الحقيقيون من النظام وابن الراوندي إلى الباقلاني في علم الكلام. ومن الجاحظ إلى التوحيدي وابن سينا في الفلسفة، ومن أبي النواس وابن الرومي وإلى المتنبي والمعري في الشعر. ومن الخليل إلى ابن جني في اللغة. وكان الرازي بين الأطباء والبطاني بين الرياضيين. وكان الحلاج بين هؤلاء، علماء الكلام المتصوفة، أكثر عمقا من الأنطاكي والمحاسبي وأكثر صلابة وحزما من الغزالي، فقد أدرك أي الحلاج، القيمة التي لا تقدر بثمن لنهجٍ يعرض أسلوب حياة تتماثل فيه الأفعال الخارجية من النيات الباطنية[...]. لم يعتمد نهجه على فهم قواعد العربية وحسب بل على استخدام المنطق، كما صنّفه ونسّقه اليونانيون.3.
انتشرت مقولة فقهية لا يُعرف مصدرها، في أواخر العهد العباسي، تقول: "من تمنطق تزندق". هذه العبارة التي حمّلها الفقهاء غايةً وألصقوها بالمتصوفة ودارسي علم المنطق، ذريعة لمحاربتهم وقتلهم. أثرت في العقل العامي آن ذاك، رغم أن المنطق بمعانيه الاستقرائية والصورية/الرياضية والاستدلالية، لا يلتقي والزندقة.. "التي أطلقت [أي الزندقة]، كشكل من أشكال الخروج على التعاليم الدينية المركزية، في العصر الإسلامية المبكر، على أولئك المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام اسميا لكنهم ظلوا يمجدون في الخفاء المانونية وغيرها من الديانات الإيرانية القديمة".4. ونتيجة للمحن التي عمت في عهد الخلفاء العباسيين، المنصور (753- 775م) والمهدي (775- 786 م) والهادي (785-786م) توسع مفهوم الزندقة ليشمل جميع الناس الذين يدعون إلى أفكار غير تقليدية أو غير شعبية أو مشبوهة سياسيا. وفي وقت لاحق ألصقت تهمة الزندقة بكل شكل يتبنى أفكارا إلحادية أو رافضة لما وراء الطبيعة [...]. وتوسع استعمال التعبير ليشكل جميع المنحرفين عن الخط التقليدي، ثم صار يطلق بصورة متزايدة على أنصار المذاهب الشيعية والمدارس الصوفية.
وكان الحلاج في تاريخ الخلافة العباسية في بغداد ضحية قضية سياسية كبيرة أثارتها دعوته العامة. ورميه بتهم الزندقة التي كانت تؤدي، إلى الحكم بالإعدام على المتهم، في ذاك الحين. بعد صياحه في حالة وجد صوفي: (أنا الحق..).
2- الأسطورة الشعرية:
حُكم على الحلاج بالإعدام عام (922م)، وذكر الطبري، المؤرخ الشهير الذي عاصر الحلاج. والذي توفي بعد عام من مقتله، فقط في كتابه (تاريخ الأمم والملوك)، عن هذه الواقعة، أنه "أخرج من الحبس فقطعت يداه ورجلاه، ثم ضرب عنقه، ثم أحرق بالنار". وهذا التكتم كان نتاج محاربة لكل مؤلفات أو محدثين، آتوا بالذكر عن التصوف.
وعن إبراهيم بن فاتك قال:" لما أُتيَ بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة والمسامير فضحك كثيراً حتى دمعت عيناه. ثم التفت إلى القوم فرأى الشبلي بينهم فقال له: يا أبا بكر هل معك سجادتك. فقال: بلى يا شيخ. قال: افرشها لي. ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريباً منه. فقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى "لنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع" الآية، وقرأ في الثانية فاتحة الكتاب وقوله تعالى "كل نفس ذائقة الموت" الآية، فلما سلم عنها ذكر أشياء لم أحفظها وكان مما حفظته: اللهم إنك المتجلي عن كل جهة، المتخلي من كل جهة. بحق قيامك بحقي، وبحق قيامي بحقك. وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي. فإنّ قيامي بحقك ناسوتيّة، وقيامك بحقي لاهوتية. وكما أنّ ناسوتيتي مستهلكة في لاهوتيتك غير ممازجة إياها فلاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسة لها. وبحق قِدمك على حدثي، وحق حدثي تحت ملابس قدمك، أن ترزقني شكر هذه النعمة التي أنعمت بها علي حيث غيبت أغياري عما كشفت لي من مطالع وجهك، وحرمت على غيري ما أبحت لي من النظر في مكنونات سرك، وهؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصباً لدينك وتقرباً إليك. فاغفر لهم، فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي لَما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لَما ابتليت. فلك الحمد في ما تفعل ولك الحمد في ما تريد، ثم سكت وناجى سراً. فتقدم أبو الحارث السياف فلطمه لطمةً هشم أنفه وسال الدم على شيبه. فصاح الشبلي ومزق ثوبه وغشى على أبي الحسين الواسطي وعلى جماعة من الفقراء المشهورين. وكادت الفتنة تهيج ففعل أصحاب الحرس ما فعلوا".5.
هذا العشق للذات الإلهية من طرف العاشق/الحلاج في لحظة مأساة. جعل من الحلاج في الأسطورة الشعبية والإنسانية، عند الشعراء العرب والفرس والترك والهندوس والماليزيين، أنموذج "العاشق الكامل للإله. وهو القائل لحظة ضرب عنقه-عشقا- في محبوبه/الإله: حسب الواحد إفراد الواحد له.*

المراجع:
1- الحلاج الطاسين
2- المصدر نفسه.
3-آلام الحلاج-ماسنيون
4-عبدالله القصيمي من أصولي إلى ملحد- يورغن فازلا
5- أخبار الحلاج- ابن الساعي
* في بعض الروايات: حسب الواجد...إلخ



#عزالدين_بوركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الثقافة وتدبيرها: الرمزي والتنموي في المجتمع المغربي *
- أوثار بور
- الأثر الفكري للمهدي المنجرة
- المثقف و الحركة والصورة الكاذبة : ردا على صورة
- قاتل هليودي
- قفطانك محلول:
- حزن عمودي
- جينالوجيا الأخلاق : دراسة في أصل الأخلاق و قلب القيم
- جيهان
- مشهد لا يتوجه اللوفر
- على باب الجامعة
- الجدار
- يغادرني العالم
- شعر الشمس
- تصفيات صغيرة
- جدتي
- حضرة
- دم بارد
- محمد عرش: مُبعث هيباتيا ديك الجن*
- فعل التقدم : بين المفهوم الفلسفي والديني والبرجماتي والماركس ...


المزيد.....




- السجن 18 شهراً لمسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-
- رقص ميريام فارس بفستان جريء في حفل فني يثير جدلا كبيرا (فيدي ...
- -عالماشي- فيلم للاستهلاك مرة واحدة
- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - الحلاج مأساة عاشق