الفلسفة البعدية والتساؤلات العشر ح3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 03:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ستجد الفلسفة نفسها في عالم يريد منها أن تساير قبل أن تنتج الصيرورة الكاملة للفكر , تريد الفلسفة أن تتواءم مع واقعها الجديد وهي مسلحة بمساحة واسعة من اللا مكتشف واللا مدرك بما فيه الكافية وهذا يشكل مبرر حقيقي لأن تتدخل الفلسفة بدورها في العمل والاكتشاف والفهم ,لا بد أذن أن تكون محاطة بضرورات وضروريات تدفعها للولوج في عوالم الأفتراض الممتد من حدود الوهم والخيال لتنتهي في حدود قريبة حتى من الغرائبية واللا عقلانية بالقياس المعتاد طبيعيا في واقعنا هذا.
من إجابة السؤال الخامس نصل إلى نتيجة يثيرها السؤال السادس وهو لو أستجابت الفلسفة لهذه الحرية هل من ضامن أنها قادرة على أن تعطي غير ما جادت به سابقا ,أم سنجد أنفسنا أمام نفس النمطية النظامية العقلية طالما أن العقل هو هوَ وإن تحرر من سجن الواقع ؟.من المؤكد أننا أمام شقين للسؤال الأول والمعرف منطقيا أن نوعية المقدمات دوما تحدد صورة النتائج بما بينهما من علاقة جدلية ,فلا يمكن أن نتوقع أن الحرية التي ستنالها الفلسفة في عالمها الجديد بعيدة عن هذه القاعدة , سنكون بمواجهة طرح فلسفي له ذوقية ونمطية مختلفة تماما عن النمطية الكلاسيكية سواء في شكل المنتج أو في العوالم التي تخوضها , سنكون أمام فلسفة عابرة للواقع وعابرة لما تعودنا أن نتوقعه أو نتعامل معه في دراستنا الفلسفية الآن , سنشهد ولادة فلسفية مغايرة حداثية وليدة واقع أخر ستتكفل هي بنقلنا من واقعنا وعالمنا المحدود إلى واقع وعالم شبيه بالخيال والوهم .
أما الشق الثاني المتعلق بالعقل ونظامه لا يمكننا أن نتصور تغيرا ملموسا في هذا النظام إلا بالقدر الذي يمنح العقل مساحة أكبر وأكثر حركية , النظام العقلي الآن محكوم بتصوراتنا العقلية وبحدود الممكن والمعقول ومرتبط بها وعندما يتحرر من هاتين الركيزتين سنشهد حركية أكثر ومساحة أوسع في العمل المؤدي للنتيجة التي ستولد بشكل أعظم في ظل الحرية .
السؤال السابع كيف يمكن لواقع مسجون أن يقبل معرفة متحررة ؟, وهذا يستلزم أيضا توافق بين حرية الواقع وحرية العقل ؟.الفكر قائد للواقع وهو الذي يصنع أساس التحولات ويراقب مجرى السيرورة فيه والسيرورة إليه وبالتالي أي تطور فكري مهم وجاد وعقلاني لا بد أن يأخذ معه الواقع إلى ذات المنطقة التي أنتقل إليها , ومن هنا سوف نشهد تحولات دراماتيكية وأخرى طبيعية تنتج من تحرر العقل والفلسفة من الواقع ذاته لتعود وتمارس ذات الدور في تفكيك وتحويل المسارات الواقعية وتغير أنماط العمل الواقعي مما يخلق أسس لتحولات كبرى وجذرية قد تصل إلى ما يشبه التحولات المفصلية في التأريخ .
الواقع يستجيب دوما للتحولات الفكرية , نعم قد نجد بعض المعارضات ونجد بعض التأثيرات العكسية ولكن المحصلة النهائية ستقود الواقع الحالي والزماني أن يتوافق ويساير بل ويندمج مع حركة الفكر الحداثي المتحرر بثورة العقل ,الواقع هو صورة الفكر المجسدة وأثره وقوانينه المنشئة والتي نشأت نتيجة الوجود العقلي والطبيعي معا للإنسان وهذا يوصلنا إلى معادلة منطقية مفادها أن أي تطور أو تحديث أو تجديد لا بد له من سببان الأول عجز الواقع من أن ستوافق مع قوانين الحركة والثاني أن الفكر قادر على أن يقود عملية التحول ومستعد له ,مع توافر الشرطين سيكون هناك بالضرورة فتيل يشعل نار المراجل المحركة ويعلن بدء مرحلة التحول , فلا شيء ستوجس منه من عدم توافر الفكر والعقل والفلسفة البعدية من أنهال ستصطدم بممانعة الواقع وعدم قدرته على الاستجابة وإن أستغرق بعض الوقت لأن التحولات الحقيقية لا بد أن تغوص لأعماق الواقع وتلامس الجوهر وتقود تحركاته من الجذور .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات