أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابح لونيسي - حل نهائي لمشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثورة الجزائرية















المزيد.....

حل نهائي لمشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثورة الجزائرية


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 03:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أولا- مشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام وتأثيراتها
كثيرا ما تلجأ شعوب البلدان الإسلامية- خاصة في العقود الأخيرة- إلى ما تطرحه بعض القوى السياسية والأيديولوجية من بدائل، والتي تدعي أنها تستمد مشروعها من المرجعية الإسلامية، ولا تدري هذه الشعوب أن ما تطرحه أغلب هذه القوى هو مجرد إعادة وتكرار لإٌستبداد أشد وأنكى، لأنه مغلف بالدين، وتتخذه لباسا وغطاءا لفرض إستبدادها وأخذ مكان المستبدين السابقين، ويقود الكثير من هذه المشاريع المطروحة ممن يعتبرون أنفسهم أنهم أوصياء على الدين وضمائر الناس، ويضيفون بتصرفاتهم تلك إستبدادا دينيا إلى الإستبداد السياسي والإقتصادي السائد من قبل، ويعرقلون في غالب الأحيان التقدم وحرية الفكر والإبداع، ويحولون الدين إلى مشكلة وعامل تفتيت وزرع للإضطراب في بلداننا بدل أن يكون عامل إستقرار ووحدة وتماسك وإنسجام، وأكثر من هذا فإن هؤلاء الأوصياء الجدد يسجنون المسلم في تراث الماضي وأثقاله التاريخية السلبية المثيرة للطائفية بدل النظر إلى المستقبل، كما يسجنه أيضا البعض من المعادين لأصحاب هذه الطروحات في التراث الأوروبي .
أليس ما يهدد البلدان الإسلامية اليوم من فتنة طائفية بين من يسمون أنفسهم بأهل السنة والذين يسمون أنفسهم بالشيعة هو مجرد صراع تاريخي وقع منذ أكثر من أربعة عشر قرنا حول السلطة بسبب عدم وجود ميكانيزمات عملية لحل هذه المشكلة العويصة سلميا كما حلتها أوروبا بأنظمتها الديمقراطية ؟، ولازالت مشكلة السلطة مستمرة عندنا إلى حد اليوم.
فما دخلنا نحن اليوم في هذا الصراع السياسي القديم بين أنصار علي بن أبي طالب وأنصار معاوية بن أبي سفيان الذي أتخذ طابعا وغطاءا دينيا، أليس من الأجدر بنا أن نبقيه تاريخا نتعظ به وكفى، وننظر إلى واقعنا ومستقبلنا بدل الجدال العقيم في قضايا وأمور قد تجاوزها الزمن ولافائدة ترجى من طرحها، وأكثر من هذا لماذا يستحضر المسلمون دائما هذا الماضي الديني والتاريخي المثقل عند مواجهة مشاكل الحاضر؟، أليس ذلك بسبب طغيان الخطاب الديني المتخلف والمنحط على عقل المسلم، والذي يسوقه الكثير من هؤلاء الأوصياء على الدين، والذي أصبح يلعب دورا سلبيا في حياتنا ومستقبلنا ؟، ألم يحن الوقت لتحرير المسلم من هؤلاء الأوصياء الذين يستغلون الدين ويأولونه حسب نزواتهم ومدى علاقتهم بالسلطة السائدة، ويقومون بذلك كله بدعوى أنهم يمتلكون علم الدين ويسمون أنفسهم ب"علماء الدين" ؟، ألم يتخذ البعض من المسلمين اليوم الكثير ممن يسمون أنفسهم بعلماء الدين أربابا من دون الله يحرمون ويحللون لهم حسب نزواتهم، شأنهم في ذلك شأن البعض من اليهود والنصارى الذين حط القرآن الكريم من شأنهم لأنهم " أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" ؟ ألم يحن الوقت للقضاء على أي وساطة بين المسلم وبين النص القرآني والتخلص من إحتكار أي كان لتأويل النص الديني كما فعل البروتستانت الذين قضوا على وساطة البابا بين الإنسان المسيحي والأنجيل في القرن السادس عشر؟ ألم يحن الوقت لإبعاد الدين عن النقاش والصراع السياسي والإبقاء فقط على الإستلهام من قيمه وأخلاقه ومبادئه الكبرى وعدم تجاوز الحدود أو المحرمات التي نص عليها القرآن الكريم صراحة والعمل في إطار هذه المباديء الكبرى دون أي تضييق على الفرد والمجتمع، مما يسمح لنا دخول الحداثة دون أن نتخلى عن هويتنا الحضارية ومبادئنا الإسلامية .
فما يمنع المسلم المعاصر أن يعيش مثل الأمريكي أو الأوروبي مثلا دون أن يتخلى عن عبادته لله وأركان وأخلاق الإسلام ودون أن يتجاوز حدود الله ويرتكب المحرمات الصريحة التي نص عليها القرآن الكريم، فما يمنع المسلم المعاصر أن يستلهم الحل لمشكلة التوفيق بين الإسلام والحداثة من الحل الذي طرحته الثورة الجزائرية التي قالت في بيان أول نوفمبر 1954 "إقامة دولة ديمقراطية وإجتماعية ذات سيادة ضمن إطار المباديء الإسلامية"، أي بمعنى أن نعيش في إطار تلك المباديء الكبرى المنصوص عليها في القرآن الكريم، وهذا ليس معناه النظر في كل قضية هل هي حلال أم حرام، لأن ذلك هو التضييق بعينه وإدخالنا في نقاشات عقيمة لا معنى لها، وندور في حلقة مفرغة، بل أكثر من هذا نضيق علينا ديننا مثلما ضيق بني إسرائيل على أنفسهم عندما أمروا بذبح البقرة، لكن للأسف يكرر الأوصياء على الدين ممن يسمون أنفسهم بالعلماء هذا المشهد القرآني يوميا علينا بتضييقهم على الإنسان المسلم وتحريم أشياء ما قال بها الله من السلطان، ووجدوا آذانا صاغية لها بسبب الجهل، فعرقلوا المسلمين من دخول الحداثة، فكرسوا فيهم التخلف والإستبداد بشكل أكبر ومركب .


ثانيا- مشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثورة الجزائرية
تحمل الثورة الجزائرية مشروعا متكاملا يستهدف بناء مجتمع ونظام جديد، وتتمثل مباديء وأسس النظام الجديد كما وردت في بيان أول نوفمبر1954 التي انطلقت على أساسه الثورة الجزائرية في "إقامة دولة جزائرية ديمقراطية وإجتماعية ذات سيادة ضمن إطار المباديء الإسلامية" مع "إحترام الحريات الأساسية دون أي تمييز عرقي أو ديني" .
لكن عجز الجزائريون في إثراء الوثيقة، ويمكن أن يفسر ذلك بتركيز الجزائريين على العمل السياسي والعسكري على حساب الإثراء الإيديولوجي والتفكير فيما بعد الاستقلال، بالإضافة إلى تهميش المثقف والمفكر الذي بإمكانه القيام بهذه العملية، والذي أصبح مجرد موظف لدى صناع القرار سواء أثناء الثورة المسلحة أو بعد استرجاع الاستقلال. وتعقد الأمر أكثر بفعل الصراع السياسي الذي عرفته البلاد عشية الاستقلال حيث تحولت تلك المبادئ والأفكار إلى مجرد شعارات ترفعها كل الأطراف المتصارعة لإعطاء الشرعية الثورية لنفسها مما أدخل الغموض حول مفهوم ومضمون هذه المبادئ، فأصبح كل طرف من الأطراف المتصارعة يعطي مضمونا ومفهوما لتلك المبادئ حسب مصالحه الإيديولوجية والسياسية والطبقية.
ومن هؤلاء نجد بعض التيارات الدينية التي أرادت حتى هي أن تستولي على البيان وتستخدمه لصالحها بصفتها رأسمالا رمزيا يوصلها إلى السلطة، وأرادت أن تكرس في الأذهان أن البيان بقوله" ضمن إطار المباديء الإسلامية" معناه دولة إسلامية، لكن في الحقيقة ليس كذلك، فمعناه بإمكان المسلم أن يمارس حياته بكل حرية شريطة عدم مناقضة تلك المباديء العامة للإسلام، كما أنه بإمكانه الإستعانة بالمنظومات القانونية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية التي انتجها عقل الإنسان أينما وجد، لكن شريطة أن تكون فعالة ولا تناقض المباديء العامة للإسلام، لكن هذه المباديء العامة اليوم قد توصل لها العقل البشري، ولهذا نكون بإمكاننا الإستفادة من تجارب ومؤسسات العالم المعاصر، فيدخل المسلم بذلك العالم العاصر بمؤسساته ومنظوماته .
إن هذا المبدأ الذي أتت به الثورة الجزائرية هو مبدأ جديد، لكن له جذور فكرية في تراثنا الفقهي الإسلامي المغاربي، الذي طمست الكثير من أفكاره النيرة لصالح أفكار ظلامية وإنحطاطية، وردت إلينا أغلبها من المشرق العربي، ووصلت اليوم أوجها بإنتشار الوهابية التي حطمت أوطاننا وأصبحت أداة في يد القوى الأمبريالية لتفتيتنا وتعقيد تخلفنا أكثر، فهذه الفكرة التي أوردها بيان أول نوفمبر، هي نفسها فكرة الظاهرية التي طرحها ابن حزم الأندلسي في القرن الحادي عشر ميلادي، والتي أسيء فهمها اليوم، فتنطلق الظاهرية لأبن حزم من فكرة مفادها أن الحلال والمباح هو الأصل في كل شيء، وما لم يكن نص صريح بتحريم أمر ما فهو مباح وحلال للمسلم، ولو يطبق هذا المبدأ الذي يشبه ما طرحه بيان أول نوفمبر، فمعناه يتخلص المسلم نهائيا من فكر وفقه جامد يعرض كل ما يطرأ من جديد على المسلم على ميزان الحلال والحرام، والذي تتحكم فيه عادة عقلية الفقيه وثقافته التقليدية، فندخل في نقاش ديني عقيم، فكم حرمت من أمور تبين لنا بعد زمن أننا كنا مخطئين فيها، ولهذا لو أخذنا بالمبدأ كما ورد في بيان أول نوفمبر لأصبح المسلم متفتحا على العالم المعاصر دون أي حذر أو عقد، ويمكن لنا القول أن بيان أول نوفمبر قد أوضح وبسط أكثر فكرة الظاهرية للمسلم المعاصر .
لكن ما يؤسف له أن هذه الفكرة التي أتت بها الثورة الجزائرية، لم تلق صدى في العالم الإسلامي، الذي لا زال إلى حد الساعة يتخبط في نفس المشكل، مما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا غيبت هذه الأفكار والمباديء، خاصة بالنسبة للعالم الإسلامي؟ .


البروفسور رابح لونيسي
البريد الإلكتروني:[email protected]



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد عابد الجابري وتنظيره اللاشعوري للقومية المغاربية
- ردا على طروحات عثمان سعدي-من أجل نقاش علمي وهاديء حول المسأل ...


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابح لونيسي - حل نهائي لمشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثورة الجزائرية