أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهى بطرس قوجا - رحل ولم يرحل ولن يرحل














المزيد.....

رحل ولم يرحل ولن يرحل


سهى بطرس قوجا

الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


رحل ولم يرحل ولن يرحل
سهى بطرس قوجا
تبقى الحياة تنبض بكل ما فيها، ولكن هل كل ما ينبض عليها باقيٌّ؟! بالتأكيد لكل ما يحيا عليها نهاية تكتب بحروف من الألم وإن أختلفت النهايات وتعددت أسبابها، لكن يبقى أصعبها وأشدها مرارة ما يُكتب على غفلة من الزمن وطيش من القدر! بالأمس كانوا ها هنا واليوم هم في طرقات البُعد راحلين لا عين تبصرهم ولا أذن تسمعهم، فقط قلبًا يحنّ لهم وينشد بأسمهم ويلمحّ شمس الصباح في كل يوم تشرق على جدران مسكنهم وتُحييّ الزهر الذي يستمد الحياة ممن كانوا كل الحياة ولا زالوا وسيبقون.
كانوا يسألون عن الرحيل والفراق وما بينهما من اشتياق وحنين، وكيف يكونان؟! ولكن ما من ردّ على السؤال، ألا بعد حين حينما أشار القدر بأصبعهِ الشؤم على ذلك الغصن اليافع وحكم عليهِ حكم نهائي، قائلاً بأن:" الحياة قررت أن توقف نبضها فيك"! فكان الرحيل ورائحة الفراق عالق بأذيالهِ والحنين والشوق يؤخز القلب .... غريبة هي الأمور؟!
حينما تستهويك فكرة أن تزرع بذرة صغيرة في حديقة بيتك، ومن ثم تسقيها كل يوم وتعتني بها لتراها بعد ذلك قد خرجت للحياة وكبرت وتكبر عن كل يوم يمضي عليها، ألا تشعر بأنك قد فعلت شيئًا عظيمًا وأنت تراقب وريقاتها الصغيرة تخرج بتحدي من بين ذرات التراب ومن ثم تشمخ في فضاء الحياة لتُعطي زهرها وثمرها؟ فما بالك بإنسان حين تعطيه كل اهتمامك وحنانك ويصبح هو التعود الجميل في سنينك، والعطر الزكي في أيامك، وبعد ذلك يذهب ذلك التعود ويجف ذلك العطر ويغيب ذلك الوجه عن البصر؟! زهرة كانت ما تزال تتفتح للحياة لتنشر عبقها فيها ولكن القدر كان مُبكرًا في قدومهِ وقطفها هو ورحل بها!
ها هو القدر لعب لعبتهِ الماكرة بإتقان وتفنن، لا سلطة لنْا عليه ولا منبّه يحمل ليرن ويُعلم بقدومهِ! لكنهُ أناني وماكر حينما يأتي على غفلة ليسرق ويرحل بما ليس لهُ! أنهُ بعد أن يسرق، يقتل كذلك ويُدمي النفوس إلى ما لا نهاية، أنهُ فعلها وسيفعلها حينما تأتيه رغبة الانتقام في أية لحظة.
نعم، لحظة حمقاء أقبلت وقلبت جميع الموازين وجعلت الشمس في شروقها وغروبها تلفح النفوس بالحرمان والألم والحسرة والغربة والفراق القادم من صمت الأيام، وتجعل العين تبصر واقعًا مريرًا وهي تذهب يمينًا وشمالاً تبحث عمن تريد رؤيتهم، علهّا تلمحهم قادمين أو جالسين في مكانهم المعهود! تنادي باسمهم بعلوّ صوتك ولكن لا تسمع غير صداه يفجر حصن فكرك حينما يصطدم بالحقيقة، وهي أنهم بالأمس كانوا هنا واليوم لا يوجد منهم غير الذكرى التي تدق ناقوسها الحزين.
رحلوا ولم يرحلوا ولن يرحلوا، وإن كانت العين قد أرهقها الدمع ولم تذرفهُ فإن القلب ما زال ينزف مرارًا وتكرارًا من أجلهم، أنهم يبقون كل ما في الحياة، يبقون اللحن الخالد فيها.
ضيف تكون في الحياة ولابدّ في يوم من الأيام أن تغادر الحياة باستعداد أو بدونهِ، ولكن يبقى صعبًا الرحيل باختلافه، تبقى به ومن دونهم مكسور الجناح، ضائع وتائه، الاستغراب يلبسك والدهشة توقظك والتساؤلات تأكل أفكارك والحيرة تضيعك في متاهات لا باب لها! كيف كانوا بالأمس نجمًا يُضيء سماءك واليوم ذكراهم جمرّ يشتعل في القلب؟!
أنهُ زمانًا يلبسهُ الغدر حينما يلتم لُؤم البشر، ليخرج خنجره ويضربه بمنْ الحياة تنبض به، كما تجرأ ومدّ خنجره ليقطع غصنًا يافعًا من شجرة ممدودة أغصانها تحت السماء! ولكن كما قلنا يبقى القدر وتكون مشيئة الربّ. كما هو المطر في قدومه في الصيف حينما يهطل بزغاته، ليخبرنا أن سقوطهِ ليس شرطًا أن يكون في الشتاء أو الربيع وحتى الخريف، وليخبرنا كذلك أن الحياة هي نابضة بكل من فوقها وتحتها وبه تحيا وإليهِ حاجتها، وهي هكذا مُستمرة.
للعمر بقية وللحلم بقية ولــ من ( رحل ) ذكراهُ التي هي ساكنة الوجود وساكنة الحروف، رحلت نعم ولكنك لم ترحل ولن ترحل ما زال نبض الحياة يُحييني.



#سهى_بطرس_قوجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور بالانتماء
- فاعلية عمل المرأة في الأعلام
- المتسلقين على الظهور
- نقشت له قبلة على الجبين
- وهمس لها همسة صغيرة في قلبهِ
- عقولا تمطر كلامًا
- أمي لا تحبني ... أمي تكرهني
- التصادم اللاحق
- نقشتْ لهُ قبلة على الجبين
- رحلتي إلى الخيال
- الشتائم حيلة المُفلس
- وكان لهُ ما أرادَ
- الرضوخ بين الممكن والمستحيل
- نسيم الأماكن
- تأملات في الإنسان
- الاسترقاق أو العبودية المعاصرة
- التحرر في العقل
- ناقوس الذكرى
- الحاضر المغزول بخيوط الماضي
- وكم من طيبات قبعنْ مثلها


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهى بطرس قوجا - رحل ولم يرحل ولن يرحل