أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أول من شخصن فقه التخلف















المزيد.....

مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أول من شخصن فقه التخلف


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 00:52
المحور: الادب والفن
    




لا يمكن للنتاج الثقافي أن يشكل بعده الفكري، بما يجعله متمايزاً عن سواه إلا إذا أتيحت له مقومات عدة، وهذا-تحديداً-ما يجعله ذا تأثير كبير في الحياة العامة، بما يمنح هذا النوع من الإنتاج مرتبة فريدة، تجعله مختلفاً عن المثقف الذي يتصف بإطلاعه على إنتاج سواه، بل ويتمايز حتى على الإبداع الأدبي الذي يلتقي فيه مقوما: الواقع والخيال، في آن، بينما لا يمكن أن يحمل أي خطاب سمة الفكرية، ما لم يكن فيه أرومة تعود إلى منتجها، وهو ما يجعل أعداد المفكرين قليلاً عبر التاريخ.

وإذا كان المبدع هو نافخ الحياة والجمال في الحياة، فإن المفكر ليعدّ عماد هذه الحياة، بل وإن في وجوده دليل معافاة المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه، باعتبار أن هذا المفكر لا يظهر إلا ضمن بيئة خصبة تتوافر فيها مقدمات الوعي، و شروط الحر، لاسيما أن أي خطاب فكري مستنسخ لسواه، لا جديد فيه، إنما هو خطاب ثقافي، واستقراء، بعيد عن الحوار الجدلي الواعي للواقع، ومن هنا، فإن مشروع المفكر إنما هو استراتيجي، بل إن ولادته تعني تجدد نسغ الفضاء الذي يبرز فيه، ولعل الكثيرين لا يدركون أهمية دور المفكر في الحياة العامة، وليس الثقافية، وحدها، إلا بعد رحيل هذا المفكر، ما يترك فجوة فعلية، وراءه، وإن كان من شأن خطابه أن تظل في حالة ديمومة، وليس أدل على هذا من أن بعض الأعلام المفكرين الذين رحلوا قبل آلاف السنين، لما تزل آراؤهم تظهر وكأنها ابنة اللحظة.


ضمن هذه الرؤيا، والتوصيفات، للمفكر، يمكن تناول اسم د. خلدون النقيب" 1941-2011" الذي ينتمي إلى هؤلاء المفكرين العرب الذين اشتغلوا، بشكل لافت، على ثلاثة محاور، هي: بلده الكويت، على نحو خاص، ومن ثم الخليج، بشكل عام، إضافة إلى المشهد العربي، وذلك تبعاً لطبيعة المجال الحيوي لدراساته التي كان يكتبها، لاسيما أن أية كتابة من لدنه، عن مسقط رأسه، كانت تعني الكتابة عن الخليج، جزئياً، أو كلياُ، ناهيك عن أن هاجسه العربي، العام، لم يكن ببعيد عن همومه، وهواجسه التي ظل يضعها على"طاولة التشريح" عبر عقود من رحلته مع عوالم الثقافة والفكر، وهي ترجمة لرؤى فكرية للرجل، حيث كان مسلحاً بالنظرية، ينطلق منها، ويعود إليها، ليس عبر العمى الأيديولوجي، إنما من خلال التفاعل الخلاق مع الموقف الذي يحمله، ووجد فيه أداة لابد منها لمحاكمة الواقع، لاسيما في ظل النكسات الروحية لإنسانه، حتى وإن كان يحقق على المستوى المنظور ما هو متعالق بما هو حضاري، وذلك ليقينه أن تطور الوعي هو أمر يتجاوز الشكلي، إلى ما يرقي روح إنسانه، ليصل المرتبة التي حلم بها له.


ويشكل الإنجاز المعرفي الذي تركه د. النقيب وراء مقاربة من روحه وطريقة تفكيره، عبر مكتبة ثقافية فكرية، تضم بين أرففها بعض أمَّات الكتب من أمثال: محنة الدستور في الوطن العربي: العلمانية والأصولية وأزمة الحرية- الصراع مع الغرب والتاريخ المستعاد: تأملات في نهاية الألفية الثانية للميلاد-المشكل التربوي والثورة الصامتة:دراسة في سوسولوجيا الثقافة- احتمالات التعاون والصراع بين العربي والغرب-الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر:دراسة بنائية مقارنة-ثورة التسعينات:العالم العربي وحسابات نهاية القرن العشرين-نحو إطار استراتيجي مقترح للتنمية العربية- المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العربية: من منظور مختلف-التنشئة الاجتماعية في عصر مضطرب-بناء المجتمع العربي:بعض الفروض البحثية-مدخل إلى رواق الهزيمة:دراسة أولية عن نتائج حرب يونيو1967-العقلية التآمرية عند العرب-التاريخ الجديد والحقائق الخطرة-الأيديولوجية والطوباوية,



وإذا كانت العناوين المشار إليها، مجرد جزء من التراث الفكري الذي أنتجه د. النقيب، حيث هناك كتب أخرى للرجل، بالإضافة إلى مئات المساهمات الأخرى، من محاضرات، وندوات، و حوارات، بل ومقالات، ودراسات، أنتجها بموازاة مع عمله كأكاديمي أشرف على تخريج أجيال من طلبة العلم، فإن ما قدمه عبر تجربته في المختبر الفكري، يعد ذا خصوصية، إذ أن لآراء الرجل بعدها العلمي، ولها ملامحها، وعلاماتها الفارقة التي تميزها، وهو تحديداً ما وسم خطابه، وجعله ذا تأثير كبير، حيث أنه إثر أي إصدار جديد له، ثمة عاصفة من ردود الفعل تتم في المشهد الثقافي، على اعتباره يعي فحوى خطابه، بما يجعله يمتلك ترسانة متكاملة من الأدوات الفاعلة.



وحقيقة، يعد المفكر الكويتي خلدون النقيب أحد أبرز هؤلاء التنويرين العرب الذين لم يفتؤوا يضعون أصابعهم على القضايا الإشكالية، ليس نتيجة ولع بها، كما قد يخيل لأول وهلة، من قبل من لم يتابع تجربة هذا الكاتب الاستثنائي، وإنما من خلال فهم ثقافي واسع، ورؤى ثاقبة، عميقة، وقد تتجلى أهميته انطلاقاً من حساسية المتناول، وانطلاقه مع ما هو غير مسبوق، وهي سمة تتطلب إضافة إلى التجربة، والثقة بالذات، جرأة كبرى، لاسيما أن هناك الكثير الذي يترتب على صاحب الرأي الذي ينحاز للحقيقة، من دون أن يتقاطع مع ما هو مسلم به، مكرور.

السِّمة التي ميزت طروحات النقيب، هي نزوعه إلى التجديد، وإخضاع الظواهر التي يدرسها في مختبره للقواعد العلمية، وهي ذاتها من سمات طبيعة البحث الذي دأب على تقديمه على امتداد عقود من عطائه المعرفي، ما جعله مثيراً، تارة، استفزازياً، تارة أخرى، وهو يضع الدارس-عادة-وجهاً لوجه أمام ردود الفعل المتباينة، سواء أكان ذلك، من قبل المشتغلين في الشأن الثقافي، أومن قبل العوامّ، من متلقي خطابه، وهو ما جعل خطابه على بساط الحوار، المتواصل، بين من يرفضه، ومن يقبله.


خصوصية المفكرالنقيب:



سجل د. النقيب أعلى درجة تفاعل مع رؤيته التي انطلق منها، وهو ما تجسد في التقاطه للقضايا المتناولة، لكي تتمتع بفرادة نكهتها، وعدم تواردها مع ما هو شائع، لاسيما في الفضاء المكاني الذي كان لما يزل ينطلق في معالجاته من معين الثقافة السائدة، حتى وإن كان بعض الآراء التي تتأسس عليها، تلتقي مع النتائج التي يتم التوصل إليها من لدن د. النقيب نفسه، من قبيل المصادفة، أو الفطرية. وقد أكد د. محمد الرميحي في ندوة تأبينية للنقيب* أتيح لي حضورها، وتغطية فعالياتها صحفياً، أن النقيب كان متأثراً بالفكر الماركسي التحليلي، من خلال الاقتراب من الإشكالات المطروحة، وحتى على نطاق استخدام المفردات والمصطلحات، كالطبقة-فائض القيمة..إلخ، وقد أزاد د. الرميحي خلال شهادته عن الرجل، بثقة النقيب برؤاه، رغم استفزازيتها، كما يخيل إلي، فيما إذا انطلقنا من المفاهيم المهيمنة، ذات السطوة، حيث بين أن د. النقيب لم يكترث ببعض رؤى ومصطلحات القوميين العرب، ورأى أن د. النقيب كان دائم الاستشهاد بأسماء مفكرين، ضمن هذا الميدان الفكري ذاته، وفي طليعتهم: غرامشي- سمير أمين-هشام شرابي، بيد أنه، وبحسب تعبير د. الرميحي كان يحذر دائماً من الأنموذج الغربي، ويرى أن العرب أسرى هذا النموذج، ولابد من أن يجروا قراءات معمقة لهذه المفاهيم.




الدولة والمجتمع:

عالج د. النقيب الكثير من القضايا الإشكالية، انطلاقاً من فهمه كعالم اجتماع، ذي إمكانات عالية، ولعل الحديث عن الدولة، وأدوات سلطتها،بالإضافة إلى الواقع الاجتماعي من عداد دائرة الاهتمام الواسعة من لدن هذا المفكر، وهي بحكم حساسيتها العالية، إشكالية، لأنها تشرح ذلك البون الواسع بين الحاكم والمحكوم، بما ينطوي عليه من توتر مفتوح، بحكم التناقض الذي ينجم، وعلى نحو خاص، تحت هيمنة الاستبداد. ولقد اندفع د. النقيب تحت الشعور الفريد بالمسؤولية، ليكون أحد هؤلاء المشتغلين في الحقل السوسيولوجي، بمهنية، وفهم، وإدراك، مسلحاً بإمكاناته كأحد الأكاديميين البارزين في هذا الحقل.


ويرى متابع التراث النقيبي أن هناك تركيزاً واضحاً، على المجتمع المدني، بمؤسساته، المفترضة، ضمن هذا التراث، وهو ما توالد نتيجة استشعاره لمدى الخطورة عليها، في ظل أدوات الدولة، غير المراقبة من قبل هذه المؤسسات، أو الدولة التي تلغي أدوار هذه المؤسسات، حيث أنها تعزز من دور الفرد، ضمن منظومته الاجتماعية، بل إنها تضمن حسن سير أداء الدولة، بعيداً عن أي خلل ممكن. هذه الخلاصات، يمكن متابعتها في أكثر من مرجع من آثار الكاتب، وإن كانت الكتب التالية، تجيء، بكثير من التوسع، وتلمس الظواهر المتناولة.

ثنائية الكويت/الخليج:




لقد صب د. النقيب جل اهتمامه بمنطقة الخليج، بشكل عام، والكويت، بشكل خاص، منطلقاً من عدد من القضايا ذات الأهمية، من بين مفرداتها:الهوية-التخلف-الانتخابات...إلخ، ولعل في مقدمة الأخطوطات اللافتة، هنا، هو حديثه عن أن درجة التخلف لا تقاس* ب"الدخل" ومستوى استهلاك المياه، ولا بنوعية الحياة، بل أنه مضى أعمق، عندما تحدث عن ثقافة التخلف، وهو مصطلح إشكالي، لأن الثقافة نقيضة التخلف، بل أن التخلف هو اللاثقافة، كما هو معروف لدينا.

وتظهر"الكويت" كمسرح، أو ميدان اختباري لدراساته، وهو من حقه عليه، ما جعله يتحدث عن كل صغيرة وكبيرة تهم إنسانه، وسبل معيشته، وواقعه، ومستقبله، بل ونقد آلية الانتخاب، والسعي لإيجاد علاقة متوازنة بين الطرفين: الفرد والدولة، الأمر الذي لا يتحقق إلا عبر نقد ما هو قائم، للوصول إلى ما هو محلوم به.

ومن خلال هذه المعاينة الجزئية، يستبصر د. النقيبي أبعد مما هو مرئي، وإن كان سيراعي خصوصيات الأمكنة المتناولة، ضمن الدائرة الأوسع، فالأوسع. حيث أن مثل هذا التدرج يأتي من صميم نظريته التي ينطلق منها، أي البدء بالذات إلى العام، من أجل إحداث التغيير المطلوب للطرفين، في آن.


وبعيداً عن أي تقويم لمثل هذا الأنموذج من الخطاب الاستناري، فإن من أولى مزاياه، عبر لعبة تواصله مع متلقيه، فهو قد أسس لقارىء جديد، يشكُّ حتى بهذا الخطاب، ما يدفع لإعمال العقل، والتفاعل مع النص، بتجرد تام من الأدوات المسبقة التي يتسلح بها المتلقي الببغاوي. ويمكن إدراك البعد الإيجابي لهذا الخطاب، عندما يتم استقراء مدى حضور النص المهادن، الذي ينتج دواعي الكسل المعرفي، والانقياد وراء سلطة المدونة التقليدية التي تأسر منتجها، في دوران ما سمي ب"الحراك المشروط لحصان"الغرافةالأمرالذي ينعكس، في المقابل، على متلقي النص الذي لا يتعدى تفاعله مع أدوات النص، إلا عبر تحقيق التجاوز "الثؤبائي"بلغة د. عامرالأخضرو الذي يبقي العقل في حالة خدر سكوني، هو في عمقه من مستلزمات كتابة العطالة والنكوص.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارجومنكم نشرهذه بدلا عن المنشورة وشكرا
- داعش ترحب بكم.....!:
- أستعيدُ أبي......!
- وحدة الخير وحدة الشر
- طفرة داعش: الواقع والآفاق
- بعد أن طرق بوابات الكرد بيده الملطخة بالعار والدم هل تكون كر ...
- ميشيل فوكو ثلاثون عاماً على الرحيل
- بعدأن طرق بوابات الكردبيده الملطخة بالعاروالدم: هل تكون كردس ...
- ماقبل الجاهلية:
- استبصارالعماء:
- تهويمات المثقف الزائف
- من قتل الكواكبي؟:
- نحومواجهة فقاعات داعش:
- مركزية الثقافي:
- خاتيرا xat îra*........!
- قصيدة تل معروف
- لالمن يشاركون في مهزلة الانتخابات
- القرية....!
- سورة محمد الكردي
- بويربرس في حوارصريح إبراهيم اليوسف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أول من شخصن فقه التخلف