أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - 30 يونيو... كنت هناك... وهناك أيضًا...















المزيد.....

30 يونيو... كنت هناك... وهناك أيضًا...


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4498 - 2014 / 6 / 30 - 16:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عندما سألتني إحدى الأخوات العاملات في مجال الصحافة في مغرب يوم الأحد 30 يونيو 2013 عبر الهاتف المحمول عن انطباعي عن الوضع في ضاحية شبرا الواقعة شمال القاهرة مع انطلاق المظاهرات الرافضة لحكم الإخوان المسلمين والرامية للإطاحة بالرئيس آنذاك الدكتور محمد مرسي، جاءت إجابتي غير متوقعة لها؛ حيث قلت: "الناس هنا لم يخرجوا للمطالبة بالإطاحة بمرسي، ولكن خرجوا للاحتفال بالرئيس الجديد".
بالفعل كان يبدو جليًّا أن الأمر ممنهج ومخطط، وأن الواقفين خلف الأستار قرروا أن الإخوان المسلمين لم يعد لهم مقام في المشهد السياسي المصري؛ فقد كانت الهتافات التي سمعتها في أول أيام تلك المظاهرات — التي أدت في النهاية لعزل مرسي والإطاحة بالإخوان المسلمين خارج المشهد السياسي إلى ما وراء القضبان أو في القبور — تنادي الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرًا للدفاع آنذاك وتدعوه للتدخل وهو المطلب الذي لم يكن على قائمة مطالب حركة تمرد التي مثلت رأس الحربة في عملية الإطاحة بمرسي.
كانت الصحفية تنتظر مني أن أقول ما يرغب الإخوان في سماعه في تلك الفترة من أن المظاهرات قليلة العدد أو أن غالبيتها من الأقباط وبالتالي هي ذات طابع طائفي أو غير ذلك مما كان الإخوان يريدون سماعه سوى الحقيقة وهي أن هناك بالفعل قطاعًا كبيرًا يرفض وجودهم وأن هذا القطاع سقط في يد العسكر، وبالتالي بات عليهم أن يتحركوا لانتزاع هذه الفئة الرافضة لهم من يد العسكر وكسبها في صفهم. كانت محادثة هاتفية طويلة استمرت حوالي ساعة إلا الربع كنت أتنقل خلالها في مختلف أنحاء شبرا بينما كانت تنقل لي هي الصورة من منطقة الجيزة.
لم تكن الصورة التي نقلتها لي مطمئنة للإخوان وكذلك كانت الصورة التي نقلتها لها، ولكنها أبت الاعتراف بأن الأزمة قد تطيح بالإخوان المسلمين إلى السجون وتعيد الجماعة إلى وضع المحظورة مجددًا، وبدت في نقاشها نموذجًا مصغرًا لسوء التقدير الإخواني للوضع، وعندما وصل بنا النقاش لنقطة الإجراءات التي سوف يتخذها الإخوان المسلمون للتصدي لهذه الموجة العاتية، قالت إن المعتصمين في رابعة سوف يزداد عددهم وبالتالي سوف يستطيعون إعادة الأمور لنصابها. وعندما سألت عن الوسيلة، قالت إنه "اعتصام رباني"، والله تعالى سوف يساعدهم. وقتها أيقنت ألا سبيل لإكمال النقاش، لأنني أدركت بالفعل أن الإخوان المسلمين ليس لديهم خطة للتعامل مع ما هو قائم، وأنهم بالفعل لم يظنوا أن الأمور أكبر من قدرتهم على التصرف، وكانوا لآخر لحظة يعتقدون أن "فئة" من الشعب ثارت ضدهم مدفوعة بـ"فلول" النظام السابق، وأن "الشعب" الذي انتخب مرسي قبل عام "سوف يتصدى" لهم.

مخطط؟! نعم مخطط!!
نعود إلى المظاهرات التي شهدتها مصر في تلك الأيام. تجولت بين المتظاهرين في منطقتي وسط البلد وشبرا بالإضافة إلى الشهادات التي كانت تأتيني من مناطق مختلفة في مصر عبر الهاتف. ومن هذه الجولات والنقاشات، توصلت إلى استنتاج نهائي مفاده أن هذه المظاهرات لم تكن عفوية بأي شكل من الأشكال. حقا كان هناك من يرفض الإخوان المسلمين، وكان يريد الإطاحة بهم، ولكن هذه الفئة لم تكن الدافعة لهذه المظاهرات.
هل أنا على هذا القدر من التأكد؟!
نعم، ولدي بعض الأدلة والشواهد والمؤشرات.
من بين (الأدلة) على أن هذا الأمر كان مخططًا له وممنهجًا هو التصريحات التي أدلى بها المحلل العسكري اللواء سامح سيف اليزل قبل 30 يونيو والتي أشار فيها إلى أنه ليس من المستبعد أن تشهد مصر انقلابًا عسكريًّا لـ"إنهاء الأزمة السياسية الراهنة". وسيف اليزل من الأبواق الإعلامية التابعة للمؤسستين العسكرية والأمنية في مصر بحيث يتم على لسانه تسريب الأخبار التي لا يرغب الكبار في التصريح بها بشكل مباشر، وهو ما تحقق أكثر من مرة.
كذلك كانت هناك تصريحات قبل 30 يونيو على لسان اللواء محمود زاهر، وهو كذلك من بين الأبواق الإعلامية مثل سيف اليزل وإن كان بدرجة أقل قال فيها إنه من سابق عمله في المخابرات العامة وكذلك الحربية يستطيع أن يقول إن المخابرات العامة سوف تنطلق وراء الإخوان المسلمين، بسبب عملية ضبط أقمشة عسكرية في حوزة قيادي إخواني في محافظة المنوفية شمال مصر، وهو التصريح الذي جاء في برنامج حواري على قناة النيل الإخبارية.
هذان التصريحان وغيرهما من التصريحات التي انطلقت في أكثر من منبر إعلامي على لسان خبراء عسكريين — بل عن مصادر أمنية رسمية مُجَهَّلَة كذلك في بعض الأحيان — جاءت تمهيدًا لما تحقق بالفعل من تدخل المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية في الوضع السياسي المصري، وهو التدخل الذي لعب فيه الإعلام دورًا أساسيًّا بتوجيهه للمواطن ضد الإخوان المسلمين (الذين كانوا بالفعل قد ارتكبوا من الأخطاء ما يجعلهم القوة السياسية الأكثر غباء في تاريخ الممارسة السياسية المصرية!!) وحشده في صف الرافضين للجماعة.
كذلك فإن الضربات الأمنية التي وجهت إلى الجماعة بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة يوم الأربعاء 14 أغسطس من العام الماضي تشير إلى أن المخطط كان جاهزًا بالفعل لضرب الإخوان الذين ساهموا بكل كفاءة في إنجاح هذا المخطط الذي كان شاملًا لكل عناصر الإطاحة بالجماعة سياسيًّا وشعبيًّا وأمنيًّا، والذي لم يقتصر على مصر فقط وإنما شمل الإخوان المسلمين في مختلف البلاد التي شهدت ثورات أطاحت بالنظم طويلة الأمد.

مبارك في شارع محمد محمود!!
عندما وصلت إلى ميدان التحرير في الحادية عشرة من ليل 30 يونيو، توجهت أنظاري بشكل تلقائي ناحية شارع محمد محمود الذي شهد في منتصف نوفمبر 2011 اشتباكات وقعت بين قوات الأمن وبين شباب رافض لمماطلة المجلس العسكري، الذي كان يحكم البلاد في أعقاب ثورة يناير، في عملية تسليم السلطة، وكذلك للتفاهمات التي كانت جارية بين الإخوان المسلمين والمجلس لتهدئة الوضع في البلاد تمهيدًا لإجراء انتخابات.
في هذا الشارع، بكل ما يحمله من رمزية ثورية، كان يقف بعض من شباب الحزب الوطني السابق يحملون صور الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك؛ كانوا يقفون في هذا الشارع ربما بشكل مقصود. كانوا يقفون حاملين صور مبارك دعمًا لمظاهرات 30 يونيو الرامية — بزعم من أطلقوها — لتصحيح مسار ثورة يناير التي أطاحت بمبارك نفسه!! إنه العبث في أجلى صوره... والغريب أن هناك من صَدَّق!

ديمقراطية مرسي
هناك من يريد من المواطنين المصريين الجهلاء من أمثالي أن يصدقوا أن حركة تمرد هي التي حملت عبء الحشد للمظاهرات التي أطاحت بمرسي. حسنًا، لنسر خطوة فخطوة مع أصحاب هذا الزعم.
إذا كانت حركة تمرد قد نجحت في صنع شبكة العلاقات القوية التي مكنتها من الانتشار والتحرك في مختلف أوساط الفئات الشعبية المختلفة، وكذلك في حشد المواطنين المصريين بهذه الكثافة للإطاحة بالإخوان المسلمين في ظل حكم الإخوان أنفسهم ودون أن تلقى أي دعم من أية مؤسسة رسمية في البلاد، فهذا يعني أن الإخوان المسلمين كانوا على أعلى قدر من الديمقراطية؛ لأنهم سمحوا لـ"هؤلاء الشباب" بالتحرك بكل حرية والدعوة لأهداف ثورتهم الرامية لإسقاط الإخوان!
إذا كانت حركة تمرد هي فقط من حشد المواطنين، فلماذا كانت المظاهرات التي خرجت في ضاحية شبرا، تشبه تمامًا في تنظيمها والأساليب المستخدمة من المتظاهرين للتعبير عن آرائهم تلك التي خرجت في وسط البلد وكذلك في العباسية وفي السادس من أكتوبر؟! تستحق حركة تمرد أن تحل محل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لنجاحها في إخراج المظاهرات بهذا الشكل النمطي.
البطاقات الحمراء المرفوعة في وجه مرسي، وأبواق الفوفوزيلّا التي لا تأتي إلا بالاستيراد، والهتافات الواحدة، والحافلات الكبيرة والصغيرة التي كانت تنقل المواطنين لأماكن التظاهر... إنه جهد دولة يا سادة وليس مجرد حركة شبابية يقودها نكرة يدعى "محمود نور الدين".
لقد كان الفارق كبيرًا بين ما جرى في 25 يناير وما جرى في 30 يونيو؛ فما حصل في يناير كانت مظاهرات صغيرة انقلبت كبيرة بسبب غباء النظام الحاكم في التعامل مع ما جرى، بينما ما جرى في 30 يونيو بدأ بمظاهرات كبيرة رئيسية ممنهجة محددة الاتجاه والهدف... رائعة أنت يا تمرد!!
قد يقال إنني أؤكد على واقع وهو أن الأمر مخطط ومدبر ولا جديد في ذلك. لكن ليس هكذا تسير الأمور؛ فلا يزال هناك الكثيرون في أوساط المصريين من يعتقدون أن 30 يونيو كانت ثورة بالفعل وأن تمرد هي من خطط ونفذ ودبر لكل ما جرى في البلاد، بل نسقت كذلك مع قوات الأمن لتحمي أماكن تظاهر المواطنين الرافضين لحكم الإخوان!!
لقد استعرضت مجموعة من المؤشرات والشواهد والأدلة التي تشير إلى أن القائمين على 30 يونيو لم يهدفوا إلى تصحيح مسار ثورة قامت ضدهم بالأساس!! ولكنهم كانوا يهدفون إلى تصفية الخصم الأقوى في الساحة السياسية المصرية وهو الإخوان المسلمين، بما يشمل توجيه ضربات لتنظيم الإخوان المسلمين تجعل التنظيم مشلولًا وعاجزًا عن اتخاذ القرارات السليمة سواءً ميدانيًّا أو سياسيًّا، وهو ما تحقق بسبب الجهل الذي اتسم به أداء الإخوان فيما يخص مكونات المشهد السياسي في مصر.

حسنًا، مر عام على 30 يونيو لم تحصد فيها مصر أي شيء، وخسر الكل؛ حتى أولئك الذين سطوا على البلاد من عسكر يمثلهم كواجهة الرئيس عبد الفتاح السياسي. نعم، حتى أولئك لم يحققوا المكاسب كاملة؛ لأن الواقع في مصر أصعب من أن تتم السيطرة عليه بخاصة على المستوى المعيشي، وأي تحرك خطأ قد يفجر المشهد بكامله، مثل ذلك التحرك الخاص برفع أسعار الوقود، والذي يعني رفع أسعار السلع والخدمات في مصر.
هل يصل الأمر لمستوى الثورة أو حتى الانتفاضة؟! ليس من المتوقع في المدى المنظور، ولكن ليس من المستبعد كذلك؛ فالواقع في مصر يشبه إناء به ماء يغلي... من الصعب أن تحافظ فيه قطرة ماء على موقعها لأكثر من جزء من الثانية!!



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا قال لي أبي...
- فلينزع الحجاب... هل حقا الحجاب مرارة؟!
- -وَدِّينِي لماما-
- العرب والمسئولية الأخلاقية عن الفعل... وتداعياته
- الهزيمة كان اسمها فاطمة... عن الإنسان الرخيص
- البطولة... هل نحن في عصر الإنسان -العادي-!؟
- هو لص... وهم كلاب... فماذا عنها؟!
- العقل إذ يستقيل... ثم يحيل
- عندما تتكلم شهرزاد... ليصمت أصحاب الشوارب!!
- عزازيل... الشيطان يكمن في هيبا
- العزلة سبيلًا للحرية... والحفاظ على الهوية!!
- يسقط حكم العسكر... ما حكم العسكر؟!
- المأزق الراهن... كيف صرنا إلى ما صرنا إليه؟!
- بين كنفاني وموريس... التوثيق الروائي والزيف الوثائقي!!
- جيل النكسة وإحباطات الشباب... الحل العكاشي!!
- التاريخ... بين ابن خلدون وسان سيمون
- بعد حبس الفتيات وإقرار مسودة الدستور... الشارع هو الحل!!
- وسط البلد من جديد... حكايات المصريين
- إلى مصر مع التحية... هل عاد المد الثوري؟!
- أبو بلال... التغربية أو ربما الشتات... هل من فارق؟!


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - 30 يونيو... كنت هناك... وهناك أيضًا...