أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بالميرو - قصة قصيرة














المزيد.....

بالميرو - قصة قصيرة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 02:34
المحور: الادب والفن
    


بالميرو
قصة قصيرة
أحمد الخميسي

سافر إلي "محج قلعة " عاصمة داغستان ليحضر احتفالا بذكرى أحد كبار شعراء القوقاز. كان يكره السفر لكن الصحيفة أجبرته تقريبا. بعد سبع ساعات في الطائرة وجد نفسه في حجرة بفندق على بحر قزوين وقد تدلت من رقبته بطاقة "وفد أجنبي". كان برنامج الاحتفال مرهقا لم يفلت صغيرة ولا كبيرة بدءا من وضع الزهور على ضريح الشاعر مرورا بالندوات إلي اللقاءات وغيرذلك ، ثم انقلب مؤشر الإرهاق من تكريم الشاعر إلي تكريم الوفد الذي جاء لتكريم الشاعر.
يجلس يبحلق في المنصة التي توالى عليها الخطباء ورأسه يتساقط من التعب. ينعس. يفيق. تهتز بطاقة التعريف المدلاة على صدره كبطاقات المذنبين في ساحة العقاب. قال لنفسه والله لو أن الشاعر نفسه هو الذي يحتفل بذكراه ما تحمل كل هذا. لابدمن العثور على كافيه انترنت لإرسال المقال إلي الصحيفة. ندم على أنه لم يأخذ معه لاب توب. حزم أمره ونهض رافعا سبابته في الهواء كأنما يستأذن وخرج يبرطم.
الله على الشارع مشمس منير. سار يتلفت برقبته إلي أن شاهد على جدار بيت لافتة " كافيه بالميرو"،. إلي اليمين تحت اللافتة باب حديدي مشغول بالزهور وقف في حلقه شابان يثرثران. أخرج مافي جيبه من روبلات. تساوي ما قيمته عشرين دولار. المفروض أن تكفي فنجان قهوة ونصف ساعة انترنت. اتجه إلي الشابين "هل لديكم انترنت؟". أجابه القصير" سندبر ذلك". هز الآخر رأسه يودع صديقه وأولاهما ظهره مبتعدا. أفسح الشاب الطريق أمامه. دخل إلي ممر مسقوف بتعريشة عنب تدلت أوراقها. بمحاذاة سور قصير تراصت ثلاث مناضد من البلاستيك الأبيض. كان الكافيه فارغا إلا من رجلين يثرثران بألفة وهما يحتسيان الشاي. جلس إلي المنضدةالقريبة من باب الكافيه.
اختفى الشاب وعاد بعد قليل يحمل" لاب توب". وضعه وانحنى يسأله بود " ماذا تود أن تشرب؟".أجابه" فنجان قهوة تركي" وحدث نفسه" أدب الجرسونات جسر إلي جيب الزبون". فتح ملفا في اللاب توب. بدأ يكتب " محج قلعة مدينة صغيرة بين الجبال الشاهقة على بحر قزوين. ناعسة مثل خاطر هاديء. رست السفن العربية على شواطئها في القرن السابع ميلادي. سادت فيها اللغة والثقافة العربية حتى مطلع القرن العشرين". طقطق بلسانه غيرمستريح لمطلع المقال. تقدمت نحوه شابة طوقت خصرها بحزام ملون بالورد. وضعت أمامه فنجان قهوة وصحنا من شرائح الشمام وشطائر الجبن. ابتسمت تسأله "أي شيءآخر؟". شكرها. " لم أطلب سوى فنجان قهوة، فنجان واحد، لكنهم يضاعفون الحساب بأطباق إضافية. فتاة جميلة كهذه تصبح طرفا في عملية احتيال صغيرة".
جلس الشاب على حافة السورالملاصق للمنضدة. سدد نظرة إلي شاشة اللاب توب. قهقه" هل ترسل معلومات سرية؟". أجابه مبتسما " نعم. أفشي أسراركم". قال الشاب " لعلك كتبت أن لدينا أشهى لحم ضأن وألذ سمك في القوقاز". حدق بالشاشة " أليست هذه هي اللغة العربية؟". أجابه " نعم" وزر عينيه مستريبا متشككا "من أين له أن يعرف ذلك؟". استرسل الشاب " جدي كان يقرأ ويكتب بالعربية. كان يعدني كل صباح أن يعلمني إياها ويسكر في المساء وينسى"." أكان يسكر كثيرا؟". أجاب" يوميا. ذات مرة رأيته على غير العادة متجهما، فسألته مابك اليوم ياجدي؟ أجابني اليوم أنا في كامل وعيي"! قهقه الشاب وسأل متوددا" ما رأيك في قدح شاي بالنعناع؟ ". قال"جميل". ضاعفوا الحساب والآن يخططون للحصول على بقشيش كبير. عاد إلي المقال"يعشق الداغستانيون السيوف المنقوشة والأزياء الموشاة بألوان كبرياء الجبال. الرصاص عندهم أعز من الخبز. لا يخلو بيت من بيوتهم من صور الإمام شامل على حصانه وتحتها صيحته" قدسوا الحرية يا أهل الجبال، كأنها أمهاتكم، ولا يغرنكم ذهب ولاثروة".
عاد الشاب بفنجان شاي.ارتشف رشفة فوجد سكره قليلا." يسرقونك ويستخسرون فيك ملعقة سكر". صاح في الشاب"سكر لو سمحت". "هل تكفي النقود التي بجيبي أم سيتحتم علي تبديل دولارات إلي روبلات؟. أُف! ". أنهى المقال وأرسله إلي ايميل الصحيفة. نهض ولسبب ما وقف الرجلان الآخران وتقدما إليه. راح كل منهما يصافحه بحرارة ويهز يده في الهواء عدة مرات. استفسر من الشاب " كم الحساب؟ ". أجاب " لاشيء". قال "أشكرك. هذا كافيه ولابد من المحاسبة".أجابه" هذا بيت ليس كافيه". حلت عليه الدهشة " أي بيت؟ هناك لافتة ضخمة مكتوب عليها كوفي شوب بالميرو؟". قال الشاب " نعم، لكن مدخل الكوفي شوب على الناحية الأخرى من الشارع". تعجب " الله ! والجرسونة الشابة؟".رفع الشاب رأسه ضاحكا" أتقصد زينب؟ زوجتي!". قال" والزبائن؟!".أجابه"أي زبائن؟ هما عمي وإبنه في زيارة لنا". تمتم " لكن؟!".قال الشاب"أنت سألتني عن انترنت وأنا عندي. الشاي وغيره واجب ضيافة".استفسر متشككا مستريبا " بذمتك بالميرو أم لا ؟". قهقه الشاب يدق كفا بكف "والله بالميرو من الناحية الأخرى"!

***
أحمد الخميسي . كاتب وقاص مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدباء من معسكر القتلة .. على سالم ونصار عبد الله
- وحشة - قصة قصيرة
- التحرش بالنساء في مصر
- مهام صعبة أمام السيسي والمعارضة
- الثقافة والرئاسة في مصر
- البربشة الفكرية للأحزاب السياسية المصرية
- الأخلاقي وغير الأخلاقي في الفن
- تحليل المشاعر بالطريقة الأمريكية !
- أطلع لك القمر .. كل تقدمنا العلمي !
- سماء مفقودة - قصة قصيرة
- النوبة موقفان في السياسة والأدب
- اللعب بورقة النوبة
- المركز النومي للترجمة بالقاهرة !
- تكذيب من أحمد الخميسي لما نشرته بوابة نيوز على لسانه
- نادين شمس والموت المتجول !
- أما زلنا نسجن الأدباء ؟
- حرب باردة على القرم الدافيء
- خلطة حكومة - محلب - الجديدة
- سنة أولى إخوان لسعد القرش
- مصر وروسيا .. البحث عن الذهب !


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بالميرو - قصة قصيرة