أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص -طقوس-لنجية نميلي /إنجاز :محسن حزيران لفقيهي















المزيد.....

قراءة في نص -طقوس-لنجية نميلي /إنجاز :محسن حزيران لفقيهي


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 01:09
المحور: الادب والفن
    


طقوس
منذ صغري ومع كل "جذبة"، كانت تلقنني كيف أتوسل لأسيادها..
ذات طقس أحضرتُ صديقاتي وطردتُ صديقاتها، أشعلتُ شموعي وأطفأتُ شموعها، نثرتُ عطري وأتلفتُ بخورها، توسلتُ إلى أسيادي و نهرتُ أسيادها.
================
شأنها شأن باقي الأصناف الأدبية الأخرى، و بمعية روادها، وجدت القصة القصيرة جدا نفسها مطالبة بمساءلة واقع الأمة، انشغالاتها و همومها، تطلعاتها و انتصاراتها و انكساراتها، عاداتها وتقاليدها...
ولعل النص الماثل بين أيدينا لهو خير دليل على الانخراط الواسع و الثر لهذا الفن الفتي في ما سلف ذكره.
نجد أن كاتبة النص، الأستاذة "نجية نميلي" قد اختارت لنصها عنوان "طقوس" فجاء بصيغة الجمع ليفيد الكثرة و تنوع طقوس "الجذبة"، و غناها بالممارسات، وهو كذلك مجرد من أي تعريف لما في ذلك من شمول وشساعة مقصودة من لدن الكاتبة، حتى تدع للقارئ مجالا أفسح للقراءة، و التأويل، و الإبحار ايغالا في يم الخيال والتصور.
تعرف العرب كلمة "طقس" في معجمها بأنه يفيد حالة من الجو في منطقة من المناطق خلال مدة زمنية معينة، و قد عرفوه كذلك بأنه نظام وسيرورة لممارسات دينية ( كما في النصرانية مثلا)، روحانية، وجدانية، دأبت الإنسانية على ممارستها منذ القدم.
بمجرد قراءة هذا النص، يتضح أن الكاتبة تنهل من ثقافتنا وتراثنا الشعبي ما تنهله، تستجلي عالمه المظلم، و المستور تحت حجب المجمتع، بالرغم من أنه ممارسة تكاد تكون روتينية شعبوية، حميمية في بعض الأحيان، يزاولها البعض منا بوثيرة شبه يومية، بينما نلمح في البعض الآخر، و الأجيال الصاعدة بالتحديد عودا حميدا، و تمردا و ثورة للمستقبل على براثن الماضي، بحيث نجد في النص ما يزكي هذا، و يذكيه من خلال تمرد البطلة على "معلمتها"، ( أحضرتُ صديقاتي و طردتُ صديقاتها...).
تتوزع ظروف وأسباب كتابة هذا النص بين ما هو اجتماعي، و ثقافي، و آخر سوسيواقتصادي، فالأستاذة "نجية نميلي" نظرا إلى ظروف النشأة التي حصلت في حاضرة "فاس" حيث "جيلالة" و "عيساوة" و "الحمادشة" حيث هواء المدينة الذي يستمد روحانيته و يتنفسها في كل شيء... حيث موسم سيدي علي بن حمدوش غير بعيد عن فاس، نجدها تعايش الواقع و تشرحه عن كثب شرح المطلع الملم, لتبرز التفاوت والتناقض الذي تبديه الأجيال حيال هذا على مستوى الممارسة والاعتقاد...
فما هو إذن سبب هذا التمرد؟
_هل كانت ثورة على واقع الماضي لأجل الإصلاح؟
أم كانت ثورة نحو التطوير و التشدد والغلو في ممارسة "الطقوس"؟
_وإلى أي درجة كان هذا الانقلاب ناجحا؟
لعل الوعي الثقافي وانتشار التعليم وسط أبناء الأمة و توفره, زيادة على التطورات العلمية والتكنولوجية التي عرفها العالم تسببت في نقلة نوعية ذهبت بالعقل البشري أو لنقل بالأجيال الصاعدة على وجه التحديد من مرحلة الجنوح نحو إملاءات العقل الخرافي الذي لم تكن أدوات تفسير الظواهر الكونية متاحة إليه، فكان يلجأ إلي تفسيرها خرافيا على الأقل ليشبع سيكولوجياه التي غالبا ما يحركها الفضول و حب المعرفة، إلى مرحلة أخرى أكثر تقدما يستعمل فيها قدراته كعقل مسؤول, دوره التفكير والتمحيص والاستنباط والاستدلال منطقيا لفهم عالمه و ما يجري حوله، لذا نجد الأجيال الصاعدة تنقم على فكرة الخرافة بشكل عام و على فكرة "الأسياد" والأضرحة والأولياء الصالحين بشكل خاص.
قد يذهب المتلقي من خلال قراءته للنص أن البطلة حين تقول: (أشعلتُ شموعي و أطفأتُ شموعها)، أنها لم تكن لتقوم بثورة على ما كانت "معلمتها" تسعى إلى تلقينها إياه، بل على العكس من ذلك, كانت ترمي إلى التطوير و الايغال إمعانا في مسايرة تطور العصر، إلا أننا نجد في تتمة النص ما يدل على أن البطلة كانت فعلا تقود ثورتها وتعلنها حربا شعواء لا هوادة فيها على ما تلقنته و هي طفلة صغيرة، وعلى ما شاهدته وتشاهده لحد إعلانها ثورتها، فهي أشعلت شموعها و أطفأت شموع "معلمتها"، بمعنى أنها إنسانة متعلمة، واعية، تعي تماما ما تفعله، تطوي زمن الجهل والتخلف, تشعل شموع العلم و النور التي تضيء البصائر لتمشي فيه على هدى، وتطفئ الشموع الأخرى التي ما إن تشتعل حتى تغشي الأبصار، فترتد عمياء بعد أن كانت حديدة مبصرة.
وكذلك حين تقول:
(نثرتُ عطوري وأتلفتُ بخورها)، فمن الواضح أن ما بين البخور و العطور ما بينهما من الشساعة والبعد، فالأول يوحي بشريحة مجتمعية و زمن معنين،(زمن الحركوص, و الحناء المعشوشبة, الزيت البلدي...و...) والثاني كذلك يرمز إلى شريحة و زمن آخرين بحمولات ثقافية مختلفة و بظروف نشأة وتربية أخرى مختلفة جدا كذلك، لا ترى في البخور والطقوس و ما يدور في فلكها إلا تخلفا، و همجية، و تقهقرا نحو الوراء، فهنا أيضا تبرز رموز و مظاهر الحرب المعلنة سلفا. وكذلك نجدها تقول: توسلتُ إلى أسيادي و نهرتُ أسيادها) من المعروف و الشائع كثيرا أن الناس في الماضي كانوا يتوسلون إلى الأسياد من أضرحة وأولياء صالحين, للفوز بالبركة و نيل الرضى و الكسب والخصب و الولد, فيقدمون تلقاء ذلك الهدي والقرابين وسط جلبة من "الحيرة" أو "الحضرة" أو "الجذبة" كل منطقة بحسب تسميتها,أما الناس أو الشباب في الحاضر, فيتخذون من أشياء أخرى أسيادا لهم,يجدونها خالصة طيعة ذليلة, لا ترفض طلبا أبدا من العلوم العصرية و التكنولوجيا والطب والرقميات.
من خلال تحليل الخطاب الذي تتوجه به البطلة إلينا و هي تقول: أحضرتُ... أتلفتُ...نهرتُ... نجد أنها تتكلم لغة الواثق الرصين، المنتشي بانتصاره في ثورته على طقوس "المعلمة" التي كانت تزج بها ربما قسرا في طقوس "الجذبة" هذه، أو ما شابه، و كأنا بها الآن بعد هذا الخلاص من الماضي التعيس، تتبنى المقولة الشهيرة:
(" المنهزم دائما ظالم و مستبد إذا ما فكر المنتصر في كتابة التاريخ").
و هكذا انفرجت عقدة هذا النص التي لم يتسن للقارئ في بادئ النص أن يتوقع نهايتها، ولا كيف سيتم حلها, شأنها في ذلك شأن خاتمة النص، فهي لم تخبرنا بأحداث و وقائع ما بعد الثورة، وما مآل البطلة بعد تمردها، وما ستفضي إليه الأحداث...فنراها ترمي إلينا بالكرة فاتحة كل الأبواب ليذهب كل ذاهب مذهبه, و يعتنق كل معتنق معتنقه...
الأستاذة "نجية نميلي" كانت على مقياس عال من سلاسة وانسيابية السرد و هي تسوق إلينا هذا النص عذبا كالماء يقطر سلسبيلا،خفيفا كالهواء يهب نسيما.




















#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآيات الجمالية في سرادات القصة القصيرة جدا -أنظمة التكثيف ا ...
- كل القوافل عادت
- أنا ...كنتُ...أنتَ..
- ق.ق.ج
- مفاتيح نص - زمن طائر - للمصطفى سكم بقلم :نجية نميلي
- مقاربة نص للمصطفى سكم تحت عنوان :زمن طائر من إنجاز :نجية نمي ...
- بدون عنوان
- حب وإملاق لأميمة خايف الله
- حوار مفتوح على صفحة رابطة القصة القصيرة جدا في المغرب الالكت ...
- مقاربة قصة قصيرة جدا للكاتب المغربي:حسن برطال من إنجاز :نجية ...
- طقوس
- لغة نحن
- قراءة في نص _نبضة_ لنزهة بنادي / إنجاز نجية نميلي
- عويشة
- بعض من قصصي القصيرة جدا
- احتضنّي
- تعليقات و آراء حول -نمر-
- قراءة في القصة القصيرة جدا :-حلاوة- لنزهة بلخير /إنجاز: عبدا ...
- وظائف الخطاب السردي والوصفي في القصة القصيرة جدا (اختيار ) ل ...
- لقاء مفتوح مع القاص المغربي : حسن البقالي على صفحة رابطة الق ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص -طقوس-لنجية نميلي /إنجاز :محسن حزيران لفقيهي