أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - وكان لولادة الآلهة أنبياء صاغوا نيرا من اوهام















المزيد.....



وكان لولادة الآلهة أنبياء صاغوا نيرا من اوهام


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4496 - 2014 / 6 / 28 - 13:46
المحور: الادب والفن
    


عود لما سبق الولادة
لنعد لدولة الحاكم اذا بحثا بعض وجوه الحقيقة التائهة.
لم يكن استتباب الامر للحاكم هينا فقد قام ضده كثيرون مُعلنين رغبة في الاستقلال بالقرار او المشاركة في تقرير المصير واكتساب مساحة اكبر للفعل وطمعا في مناصب وامتيازات.
عندما اعتلى سدة الحكم اعتقد بربر كتامة ان الفرصة قد حانت لتطهير الجيش من اهل الشرق. فاقترحوا عليه تولية الحسن بن عمار المغربي "أمين الدولة" واستعادوا بذلك مكانتهم في سيادة الدولة التي اضعفها ابن كلس لكنهم استبدوا واعتدوا على الشعب.
لم يلبث الاتراك والمشارقة ان تحالفوا مع برجوان وثارت فتنة انتهت باقصاء بن عمار واحلال برجوان محله لكن برجوان استبد بالحكم بدوره كوصي على الحاكم الطفل وفرض عليه ان لا يتصرف في شيء الا برايه
ضاق الحاكم بذلك وقرر التخلص منه فأوعز لريدان الصقلبي بقتله وقتل في نفس الوقت ابن عمار ومنح ولاية تدبير شؤون الدولة للحسين بن جوهر القائد. اعقب ذلك اضطرابات بين طوائف الجند لكنه سارع الى اخمادها والتحكم بدولته بقبضة من حديد بمساندة تامة من اخته ست الملك وكانت وسيلته لذلك التخلص من كل من يرى في نفسه قدرة على السيطرة على دواليب الدولة. لم يسلم احد من معاوينيه او خواصه او المقربين اليه من القتل كما قتل جميع وسطائه وقضاته ورجال الدعوة وكل من ابلى حسنا كالحسن ابن القائد جوهر وعبد العزيز بن النعمان القاضي احد رموز الدعوة الاسماعلية.
ضج اتباعه الذين فقدوا منافع بسبب سياساته او خشوا القتل كغيرهم ممن طالتهم محرقته ففر بعضهم وساند اخرون ثورة ابي ركوة او ما حدث بعدها من صراعات داخل مصر وفي الشام.
وككل الحكام في كل العصور كانت له عيون وجواسيس مبثوثة في كل مكان وكان له عبيد يستثيرون النعرات ويفتعلون المشاجرات ليبرز هو في دور الحامي او المنتقم حسب ما تمليه ظروف التمثيلية المحبوكة.
وكان يدعي امام شعبه "انه يعلم علم الغيب فكان يقول لأمراءه ووزرائه : يا فلان انت فعلت في بيتك الليلة ما هو كيت وكيت. وكان ذلك باتفاق يعتمده مع العجائز اللاتي يدخلن الى بيوت الامراء والوزراء وغير ذلك من اعيان الناس" (بدائع الزهور لابن اياس.)
حتى صار من تضطره الظروف للقائه يسقط ارضا وجلا منه ويعجز عن مخاطبته. حينها فرض على المسلمين السنة اخذ بيعته والاعتراف بشرعية حكمه. أمام تعنت من تمسك من بينهم بمعتقده امر ان يكتب لعن الصحابة الذين يقدسونهم في المساجد وعلى الجدران وفي الشوارع وتشدد في ذلك برهة من الزمن.
مع اندلاع ثورة ابي ركوة اكتشف خيانة في صفوف اتباعه وعدم فاعلية الجيش ولم يجد تأييدا الا من سكان مصر المعادين لثورة يقودها البدو وكاعتراف بمؤازرتهم منع سب الصحابة مظهرا تسامحه ومنحهم الحق في الاعتقاد بما شاءوا وان يشهروا محبتهم لمن يقدسونهم من السلف وانشأ دار العلم (الحكمة) وولى عليها شيوخ السنة فاغتر جماعة واظهروا ما في ضمائرهم وبعد اربع سنوات عاد لملاحقتهم وقتلهم وقتل الشيوخ السنة مما اضطر عبد الغني بن سعيد الى التستر.
بعد فترة من الارهاب المنظم تراجع عن قراراه وسمح لهم بممارسة مذهبهم وإبراز نحلهم على حسب اثارهم وعندما عادوا لما ورثوه عن اباءهم من معتقدات عاد هو لإذلالهم من جديد.
في سياسته مع رعاياه من غير المسلمين خالف الحاكم سياسة التسامح الديني التي درج عليها سابقيه وتشدد معهم واضطهدهم فقد وافق قوما من المسلمين قاموا بهدم كنيسة قديمة مندرسة بظاهر مصر لما شرع اليعقوبيون القائلين بان المسيح ذو طبيعة ومشيئة واحدة في تجديدها وأمر بهدم الكنيستين التين كانتا لليعقوبية والنسطورية بالحمراء وأنشأ مسجد الراشدة الجامع بعد ان خربت مقابر اليهود ثم أخرج الملكيّة الروم من حارتهم بالقاهرة وهدم كنيستيهم وحول الحارة كلها للمسجد الازهر. في سابع محرم قرئ سجل في الجوامع يامر اليهود والنصارى بشد الزنار ولبس الغيار والسواد شعار الغاصبين العباسيين اهل الكفر والضلالة فلبسوا العمائم السود وجعلت في اعناقهم الصلبان ما يكون طوله ذراعا ووزنه خمس ارطال وجعل في اعناق اليهود خشبا على وزن صلبان النصارى وجلاجل كتلك التي تكون للأنعام ومنعهم من ركوب المراكب المحلاة فكانت ركبهم من خشب ومنعهم من استخدام المسلمين وركوب احمرة مكاريهم وسفنهم. لقي موقف الحاكم ضد النصارى قبولا لدى السنيين رغم انهم بقوا على كراهيتهم له فتعمقت الفرقة بين ابناء الوطن الواحد. مع طبق السياسة العمرية ازاء كل الذميين بكل قوانينها المجحفة مما اضطر الكثيرين منهم لاعتناق الاسلام كارهين او الهرب متخفين الى بلاد الروم وشاركوه المسلمون الاعتداء على كل المنفيين من حق المواطنة وأذلوهم واعتدوا على مالهم شرفهم واجبروهم على الدخول الى الاسلام وقاتلوهم واعتدوا عليهم وهدموا دور عبادتهم وسلبوها.

ادت سياسة الحاكم الداخلية مع مسيحي مصر وانتصاراته الخارجية في الشامات والمغرب الى قرار باسيل الثاني قطع جميع العلاقات التجارية مع الدولة الفاطمية (في سنة 406 هجرى – 1015 ميلادى) مما اضر بتجارة الفاطميين واستمرت هذه المقاطعة الاقتصادية حتى اختفائه واعتلاء ابنه عليّا سدة الحكم لتعيد ست الملك ربط اواصرها من جديد.
تقلبه في الاحكام وتقلب رعيته في القبول بأشدها تسامحا الى اشدها تطرفا جعله يجد ان الاكثرية سهلة الانقياد لما يمليه عليها مطيعة لتقلباته في احكامه متقبلة للوجهة التي يدفعها اليها. ايقن حينها بقرب تحقيق مراده فأعلن الزهد والورع ورفض اللذات الجسدية والملابس الفخمة والمراكب الملكية واختلط بالعامة واجتذب اليه الناس بالعدل وإسقاط المكوس الجائرة وأجزل الهدايا والأعطيات وفي سنة 1014 عين عبد الرحمان بن الياس ابن عمه واليا للعهد وأمر بالدعاء له وضرب اسمه على السكة والبنود والطراز مع اسمه ثم خلع والي دمشق وأرسله واليا عليها فتابعه الناس فيما اراد وبرروا كل قبح يأتيه وتأولوا فيها محتجين بأنها من الاسرار الربانية الخفية عن البشر والتي لا يقدر انسان على الوقوف على المراد منها فآمن منهم كثيرون حالما ظهرت دعوة الموحدين.

في سنة 408 هـ. ورد الى مصر دعاة من الباطنية القائلين بالتناسخ بقيادة حمزة اللباد الذي استقر في موضع معروف بمسجد تبر مما يلي الخندق قريبا من المطرية وكان يقوم بنشاطه في الدعوة بجامع ريدان الذي كان قائما قرب باب النصر خارج اسوار القاهرة وكان ظهوره بداية تقويم جديد هو تقويم سنوات حمزة ودعى الناس لتأليه الحاكم ولزم بيته واصطنع جماعة من الدعاة ورتبهم في مصر وأعمالها والشامات وما حولها فاستجاب لهم خلق كثير.
كان رفيقه الاساسي في دعوته الدرزي محمد بن اسماعيل انوشتكين وقد كان مراوحي بزقاق القناديل يجتمع به الحاكم فيتحادثان طويلا ثم يدعه ويتوجه الى المقطم فيغيب اليوم واليومين والأسبوع ولا يعلم احد اين يكون او ماذا يفعل. دعا الناس الى ان يعتقدوا ان الحاكم هو الله صانع العوالم ومبدع الخلائق وكاشف بمذهبه فلقي استحسانا من الحاكم وتشجيعا. ولعمري ان أسرة الحاكم منذ كانوا بالمغرب يؤمنون بمذهب غير بعيد عن هذه الدعوة اذ انهم يعتقدون انهم الهة حلوا على الارض في اشباح بشرية لهم نور لاهوتي حالُ فيهم في صور بشرية وان الدنيا وملوكها كلهم اعداءهم وان العالم لا يستحق تواجدهم فيه. وكان الحاكم يؤمن انه الموعود من بين سلالته بالقيام بالأمر وامتلاك كل الارض وانه سيخلد في حكمه الى ان يبعث الله من في القبور
فكان ان رأى ان يتدرج بالناس الى ما ينويه وكغيره من الحكام في سياسة شعوبهم بث في نفوسهم الرهبة والخوف بما سفك من الدماء وما قتل من الخلق وقد كان لا يبقي على من صغر ذنبه ولا من عظم جرمه.
بجل الحاكم هؤلاء الدعاة الى تأليهه ومنحهم مالا وصلاحيات وصارت حاجات الخاصة والعامة لا تقضى إلا على بابهم. ضج الناس من مقالتهم فأرسل الحاكم نزولا عند نصيحة حمزة الذي كان يسعى لتوسيع الدعوة وايجاد مساندين لها خارج مصر للدرزي "مالا وسيره الى الشام الى ان تهدا الامور في مصر بغرض نشر دعوته هناك لان اهلها سريعو الانقياد فنزل ببواديها وبذل المال واشترى الانفس واخذ مال من خالفه وأباح دمه." (النجوم الزاهرة) في حين بقى هادي المستجيبين ومساعده الاخرم في مصر.
عندما تطورت الاحداث وبلغ تاليه الحاكم بأمر ربه نقطة اللاعودة وصار كل رافض لهذا الامر يقتل امتعض المشارقة وكثير من المغاربة واعد بعض الغلمان الاتراك لقتل الاخرم فوثبوا اليه وهو في ركب الحاكم وقتله احدهم ثم نهبت داره وافتتنت القاهرة وأغلقت ابوابها 3 ايام وقتل جماعة من الدرزية. انتقم الحاكم لمقتله فقيض على القاتل التركي وخلق له ذنب قتل به. وقد كان لمقتله فائدة كبيرة للدعوة اذ تضاعف حقد الحاكم على المصريين.
يروي بعض الاخباريين ان الحاكم سلم قاتل الاخرم سيفا وامره ان يقتله ان كان لا يؤمن بانه الله المتجلي لكن القاتل لما التقت عيونه بعيون الحاكم المتقدتان كجمر أغمى عليه وخر صريعا فتتعالت في ارجاء المكان صيحات الحشد
- "يا احد يا محي يا مييت يا قائم الزمان ما اعظم برهانك واشد سلطانك واسطع بيانك واصدق اياتك"
وكان في تلك السنة ان فاض النيل ودخل المال الى السوق المعروف بصفين ووقعت دور كثيرة وهلكت الاشجار والنصوب ونال الناس شدة شديدة فنسبوا ذلك الى سخط الله عليهم لكفرهم.
اتسعت رقعة الدعوة وكان الناس المؤمنين بها يركعون بين يدي الحاكم كلما مر بهم وكان كل من لا يفعل ذلك يقتل. وتمادى دعاة تلك الحركة بان مدوا نطاق دعوتهم الى الفسطاط بل و الى جامع عمروبن العاص نفسه مركز المقاومة السنية فى مصر و لذا كان الصدام محتوما.
صار اصحاب حمزة اذ لقوا اصحاب جتكين داعي الدعاة يتلاعنون ويكفر بعضهم بعضا وكان الحاكم يعتني بحمزة ويسأله عدد من صار معهم الى ان بلغوا 16 الفا. كثرت المصادمات والاغتيالات والقتل وقامت حرب اعلامية بين دعاة تاليه الحاكم ومناهضيه.
عندما استوثق من امر جماعته ارسل حمزة سبعة من اتباعه برقعة الى قاض القضاة احمد بن محمد بن عبد الله وكان يعلم انهم سيقتلون فاستعاذ القاضي بالله من مضمونها واعلم بذلك من حظر مجلسه فوثبوا على السبعة وقتلوهم. انكر الحاكم على قاضي القضاة ما جرى وقتله ثم تتبع جماعة من المصرين وقتل منهم سبعين فتزايد امر الدرزية وصنعوا قرآنا سموه الدستور واعتدوا عمن خالفهم في المعتقد وصاروا يظلمون ولا يحاسبون.
في ذي القعدة سنة عشر واربعمائة دخل التميمي جريحا وعلى ثوبه ووجه دماء وطلب من الحاكم القصاص لما ناله من جور الكفار فبعث حمزة بموافقة الحاكم للجند لاستباحة مصر القرية الظالم اهلها وفرق على العبيد السودان من العسكرية سلاحا واوعز اليهم بالنزول الى مصر وان يتعمدوا حرقها وسبي حريم اهلها واولادهم ونهب اموالهم فبدوؤوا في طرح النار في مصر في الموضع المعروف بالتبانين واتوا على ما في القياسر والحوانيت والماسكن واسروا خلقا من النساء وافترسوهن وخاف المصريون فلم يتجاسروا على اطفاء النيران المشتعلة خوفا مما هو اشد واعظم. وكان الحاكم ياتي الى موضع قريب من المحرقة ويشاهد النيران تلتهم المدينة دون ان يمنع العبيد مما يصنعون. ليظهر حسن نواياه وعدم علمه بمن اصدر الامر طلب من غادي الخادم الصقلبي النزول الى مصر في جماعة من الجند ليسكن الفتنة. فقتل بعضا من العبيد وفرق شملهم ثم عاد للحاكم واعلمه بفظاعة ما رأى وشرح قبح ما يحصل وقال له "لو ان باسيل ملك الروم دخل مصر لما استجاز ان يفعل بها مثل هذا فنقم عليه الحاكم وقتله. وكان يقول لرجاله من المشارقة والمغاربة انه لا يرضى على ما يحجث في نصر ولم ياذن به وسمح له بنجدة اهل الفسطاط في محنتهم وراسل العبيد سرا وقواهم بالأسلحة. ابدى الانبهار بمنظر المدينة التي تحترق كما عمل على اشعال الفتنة بين العبيد وسائر الطوائف ل"طرح بعضهم على بعض ولينتقم من فريق بفريق"
لم يتوقف الامر الا لما احرق عبيد الحاكم ثلث مصر ونهبوا نصفها فهدد الاتراك والمشارقة بحرق القاهرة حينها "وقف بين الفريقين راكبا حماره واومأ الى العبيد بالانصراف وسكن الاخرين فشكروه وسكنت الفتنة. وتتبع المصريون زوجاتهم وبناتهم وابتاعوهن من العبيد بعد ان فضحوهن حتى قتل منهن انفسهن خوفا وخزيا".
رغم كل الاجحاف الذي نالهم صدق كثيرون دعوى الالوهية كما سيظلون يصدقون ويتوهون في الاكاذيب الكبرى على مدى التاريخ البشري.

قال لي الحكيم :
- الحاكم بامر ربه ليس آخر الطغاة المؤلهين من طرف عبيدهم أو المنتهكين من بين شعوبهم أو المسحوقين من الشعوب الاخرى التي فقدت بوصلتها على وجه سواء. ككل الحكام غير المسئولين على ولاياته حسب مصالحه وأمّر المخلصين من الاتباع تحت رايات مختلفة وكوّن جيشا عرمرماً من عبيد مرتزقة وسبى وسلب وقتل وعذب وصلب وسلخ المُسالم والمُحارب والمُعتدي والمُعتدى عليه والآمن والمُستجير.
يروى الاخباريون ان الاعداد التي حشدتلتقتل اخمادا لكل صوت مناهض سواء في مصر او الشامات... لصناعة شعب على مقاس الحاكم... فاقت المئات وربما الآلاف واعتقد انها بلغت المليون نفس فدانت الرقاب تسليما لنصر من الله رأوه وشما على زند الحاكم ورعبا من السيف المُشهَر الذي ترائى مرسوماً عليه اسم الله.
ككل الحكام ايضا اوجد قناة مشتركة مع الشريعة منح بها عمله السياسي واجهة شرعية تعتمد على النص المقدس القابل لكل تفسير والضامن للهيمنة المطلقة على عقول وقلوب الرعية. طوع ما اراد من افكار من الشريعة لأغراضه السياسية.
لا تستغرب ما آل اليه الامر فكل المغامرين وأصحاب الطموح السياسي منذ نشوء اول مدينة وحتى تكون اكبر الدول قوة وسطوة سيظلون يبرعون في تغليف مطامحهم السياسية والقيادية بشعارات وواجهات دينية من اجل تحقيق التفاف جماهيري حولهم وبالتالي ضمان ملكهم متخذين من سلالات الانبياء المنسيين وأمجاد الاباء المؤسسين لأفكار ودول افتراضية واجهة عاطفية لشعاراتهم السياسية دون ان تدرك الشعوب مدى الانتهازية في جوهر كل كلماتهم ودعواتهم.
في كل مصر حاكم بأمر اربابه. كلهم ملوك وكلهم يوما ما سيصير الها. الحرب صناعتهم لخلق عبيد اشد اخلاصا وتدينا. اشد توقا لاسر القيد. عبيد اشد قدرة على صناعة محرمات جديدة. تختلف اساليبهم وتتعدد ويبقى المضمون واحدا السيطرة عبر القوة والإرهاب على الشعوب المنتهكة. التلاعب بمشاعرها الدينية وتحريك حساسياتها الاثنية والمتاجرة بالحقوق الانسانية الاشد بساطة. يتم التلاعب بها كورقة ضغط او استعباد او تدجين وان كانت في الحقيقة اخر ما يهم اي انسان ذي مصالح تصنعها الحروب. سياسة برع فيها اول شيخ عشيرة وقف هناك عند التل مراقبا عبيده في المزارع ونساءه في الخباء وعينه ترمق بشره قرى ارسل خلسة من اضرم الاحقاد فيها فتولدت حروب اهلية وتاهت قيمة الانتماء للوطن دون ان يدرك المواطن ان بعضهم قد بدأ تغيير خرائط موطنه والتدخل في شانه الداخلي لخلق استعمار مباشر او ارساء قالب عالمي واحد يخدم ثلة ويستعبد بقية الانسانية.
العالم لن يعدم ابدا اسيادا يتلاعبون بالبشر وبشرا يستمرؤون عبوديتهم ويتماهون فيها ولا يقبلون بغيرها قدرا. عبيد يركنون راكعين مكبرين مستسلمين لأقدار صنعت على مقاساتهم.
عبيد كالزيتيين بائعي الشرف والكرامة في سبيل حماية ابار الذهب
وكرجال الدين جيف الكلاب المتاجرين بملكوت الهة صنعوها على مقاسات بشاعتهم وجشعهم وخواءهم المعرفي والفكري
وكالظاهر بآمر ربه خليفة الدولة العباسية المجزئة الى دويلات صغيرة ضعيفة ممزقة متحاربة المتعلق بأهداب امجاد من غبر دون ان يدرك سبل الهروب من هوانه او ينافس باسيل في اسلمة بيت المقدس واضعا حد لنزاع لن ينتهي ستبقى فيه الاماكن سبيلا لاذكاء الحرب وتجييش النعرات لا غاية في حد ذاتها.
وكالحاكم الفاطمي الذي يروم التماهي مع اللاهوت والتخلص من ناسوته باثا الموت والرعب في كل صوب.
وكباسيل الثاني حاكم بيزنطة الذي يصول في كل صوب محاربا البلغر لحماية حدوده والشامات لفرض سلطانه دون ان يكترث يوما لاكثر الاماكن التي يدعي تقديسها لان بقاءها محل نزاع تخدم سلطانه ومخططاته.
- هل تغيرت اللعبة السياسية مع تغير الازمنة والظروف والثقافات ؟
لا تزال كل الشعوب وقودا توجه شعلاته حسب مراسم رسمية ووعود قدسية وهمية لخدمة صناع ثقافة الحرب وتامين مصالحهم.
الشعوب تحتاج اوهاما ورؤوس المؤامرات الكبرى يتقنون نسج خيوطها ومنحها مصداقية وكيانا.

وكان لولادة الآلهة أنبياء صاغوا نيرا من اوهام
حدث قبيل ذاك اليوم المصيري ببضع سنوات. يوم سحق امل التغيير الذي بثته الثورة في النفوس... يوم ذوى الحلم المشرخ وولد الاله الكوني الجديد.. ذاك اليوم الذي القي بنا بعنف وتوحش خارج بوابات التاريخ الذي نعلم بكل حماقاته وخيباته وحشرنا في زاوية صنعها على مقاسنا المتحكمون بالخرائط العالمية والمالكون لمصائر البشرية... ذاك اليوم الفارق الذي صنع تاريخا مختلفا تحكم فيه ثلة محظوظة الكون بأسره والذي اظهرت فيها الحكومات المحلية والثورات والشهداء وورثتهم انهم غير جاهزين لتحقيق انتصارات ثنائية على الذات والمحيط الجغرافي بكل ما حوى... حدث ان ظهر في قصر الخليفة بالقاهرة نبي ذو اعمال خارقة يدعى حسبما بلغني حمزة بن علي بن احمد الزوزنى ويعرف باللباد... ( ربما تعرفه باسماء اخرى فالزمن لم يعدم ابدا في كل محطاته الكبرى ظهور"نبي" جديد ) ركع حمزة بين يدي الحاكم بخشوع يليق بمتعبد مؤمن مخلص وقال :
- باسمك أيا "قائم الزمان وناطق النطقاء" نفتتح عهدا جديدا : عهد التجلي الحق والعدل الذي لا تنقطع سبله.
كان الحاكم بامر الله راكعا في غرفة قد اسدلت ستائرها السود. بدى رجلا بسيطا بهي الطلعة قوي البنيان في الثلاثين من العمر تقريبا. يلبس ثوبا خشنا من الكتان. من يراه في وضعك ذاك لا يتبادر الى ذهنه انه حاكم الدولة الفاطمية القوية التي تصارع من اجل الاستمرار وسط عالم يموج دسائس وحروبا وفتنا.
سكن في خشوع المؤمن المخلص التائه في ملكوت ربه والعين دامعة. كانت تبدو على ملامحه ايات الصفاء والرضا. تواصلت صلاته ساعة ثم رفع يديه الى السماء وقال :
- أيا اللهم اني احبك وأعبدك واركع خشوعا امام جلالك وكمالك. اني لا انكرك ولكني اتمنى ان افنى فيك اذ اكونك.
ايقضه صدى صوت قادم من البعيد من نجواها اذ قال هامسا :
- مولاي غفرانك. سلام عليك أيا مالك الارض وما حملت. انت المحي والمميت والباقي ابدا.
- ويحك يا حمزة. انتهك حضورك طيف حبيبي. توارى بين الحجب وتركني وحيدا في هذا الجسد الانساني العفن.
- ويحي مولاي لما اتيت من خطيئة لا تغتفر. لكني مجبر ان حضرت. رأيت ما شاب له شعري ولم يكن لغيرك ان يكشف لي الغيب الذي وجدتني فيه اخوض.
- صه. ايها الانسان التعس.
اعتدل في وقفته على سجادته وتوجه الى القبلة ورفع يديه من جديد. تضرع :
-عد أيها النور البهي الذي غمر الكون وتسرب الى اعماق اعماقي. يا من جعلني روحا شفافة طافية تملصت من ادران البشر.
استغرق في تأمل طويل. بعد فترة صمت بدى للواقف المرتبك عند الباب دهرا ارتفع صوته منشدا :
- مُزِجَت روحُكَ في روحي كَما تُمزَجُ الخَمرَةُ بِالماءِ الزُلال
فَإِذا مَسَّكَ شَيءٌ مَسَّني فَإِذا أَنتَ أَنا في كُلِّ حالِ
- انت هو مولاي. تالله لهو انت. انت الملك الاله. الاله الملك المتجلي. تعلم نسكي وتعبدي. ألا فلتعلم اني رايت فيما يرى النائم نورا اهتزت له الجبار رهبة. بهرني فعجزت عن الرؤية. طفت ببصري جولي فلم ارى غير صورتك في كل مكان. رأيت الله ظاهرا فيك يا جواد يا كريم يا محي يا مميت يا مرشد الحائرين وهادي المظلين يا عالم الغيب وما تضمر الانفس والأكوان كلها وامرني ان اكون لك رسولا.
- لا اريد اوهاما ترسمها اضغاث الاحلام. اريد الحقيقة الجلية التي لا يخطئها مبصر. اريدها حقيقة تُرى بقلب المخلصين وأعينهم.
- ابنفسك شك يا مولاي ؟ اني اتوب اليك فاغفر ذنبي. اليك خنجري المسموم هذا فاقتلني به ان شككت بصدق كلماتي. اني عبدك وروحي بين يديك.
ادخل يده في جلبابه ثم مد خنجرا كان مخفيا بين طيات ثيابه. جثى على ركبتيه وقدمه للحاكم الذي نظر الي النصل اللامع طويلا جون ان ينبس بكلمة. تناوله في الاخير وقلبه. فكر حمزة :
- اذا ما قرر قتلي فسأتصدى له. سأغمد في صدره السكين المسموم الذي لا ازال اخفيه. يجب ان اكون في وضعية الاستعداد دوما. رجالي في كل اركان القصر وسأهرب ثم سأعود حتما لأنهي مهمتي المقدسة مع ظهور مخبول جديد.
جثى بحيث يكون بالبعد الذي يسمح له بقفزة الى الوراء ثم بالهجوم. تلمس صدره واطمئن لما شعر بالنصل قربيا من متناوله ان اراد اشهاره.
قلب الحاكم الخنجر بين يديه ثم ارجعه لحمزة باسما والرضا قد بدى على محياه.
- لا يزال بنفسي شك يا حمزة. لا اعلم ان كنت قد تخلصت بعد من كل عواطف البشر وضعفهم. لم اعد اجد بنفسي رغبة للمأكل ولا للملبس ولا للنساء. اغرقت حريمي في النيل ولم يرف لي جفن ولبست الصوف والخشن من الثياب وملابس الكتان فوجدته اخف من الحرير وانعم. صمت اياما ولم ارغب في ما قدم لي من لذيذ الطعام واكتفيت بكسرة تسد الرمق. ورفض جميع انواع المراكب وصار يصرف بسخاء على المنشآة الدينية وحبس ضياع على القراء والمؤذنين والجوامع والمورستانات وفي ثمن الاكفان. اشعر احيانا ان روحي تتملص من هذا الجسد الفاني وترتفع بي الى عوالم سحرية بديعة لكن هل آن الاوان بعد ؟
- لقد آن الاوان مولاي.
موعدنا الليلة مولاي في جبل المقطم.
انحنى حمزة حتى قبل الارض بين يدي الحاكم وخرج مسرعا. سار في الشارع بجلال الانبياء المصطفين . لم يكن يرى ما يدور حوله ولا يسمع الضجيج الذي يملأ عادة الاماكن المفتوحة في مثل هذا الوقت من النهار.
فكر فيما يمكن ان يرغب الحاكم في فعله ليثب لنفسه انه قد تخلص من ناسوته وما يمكن ان يجول في عقله المضطرب الذي بدأ الخبل يطوح به.
عندما بلغ بيته ارسل في طلب ابن الاخرم ودخل الى غرفته الخاصة وأغلق دونه الباب. لم يطل انتظاره طويلا. جاءه الخادم يعمله بوصول الضيف فإذن له بالدخول. جلسا حول النار المقدسة صامتين. بعد زمن من الاستغراق في التفكير سأله:
- ما وراءك يا جمزة ؟ يبدو ان امرا جللا حدث او سيحدث قريبا.
- هو كذلك يا ابن الاخرم. انها الورقة الاخيرة التي سنمتلك بها امر البلاد والعباد ونجتاح كل هذا المصر والأمصار المجاورة حتى لا يبقى إلا صوت الهتنا يملأ الكون ويسود الخليقة كلها وتحقق جماعتنا السيادة على كل الخلائق كما خطط مجمع سدنة المعبد منذ زمن بعيد.
- هل بلغتك اوامر اخرى ؟ هل وصل رسول منهم او كتاب فيه الخطة القاضية ؟
- رويدك أيها العجول. لي ان اتصرف كيفما اريد ولا انتظر أوامر من احد. انما افكر فيما يمكن ان يقنع الملك باني اعلم ما يجول بخلده واحقق له ما يتمناه دون ان تعبر عنه كلماته. واني لفكرت في شيء لا ارى انه يرجو اكثر منه.
- هل يمكن ان تطلعني عما اهتديت اليه وعما تنوي القيام به ؟ انا ساعدك الايمن وكاتم سر المجمع كما تعلم.
- لكل شيء اوانه صديقي. قم وامضي لبيت فتن. قل لها اني احتاج ابنيها حالا وزين لها جعل ولدها خليفة للحاكم فهي تعرف حظوتي عنده وتؤمن اني سأفي وعد الزواج منها لما يتحقق المراد. قل لها ان تدخل من الباب الخلفي للبيت الثاني واني ساكون بانتظارها هناك فلتستعد ولتكن اجمل مما كانت عليه يوما.
خرج ابن الاخرم سريعا في حين غادر حمزة نحو البيت الثاني عبر باب سري لا يعرفه سواه.
في الليل كان حمزة في انتظار الحاكم في المكان المتفق عليه. صرف الركابية ودخل عبر نفق طويل الى غرفة مظلمة. اشعل شمعة فأرسلت نارا باهتة رأى على نورها طفلا جميلا جدا جالسا عند الركن بقرب منضدة عليها كتاب مفتوح. في الحقيقة صعق الحاكم لمرآه لكنه تمالك نفسه واخفى انفعالاته سريعا. كان الطفل يشبه الى حد بعيد عليّا ابنه. اقترب منه وننظر اليه مليا ثم التفت الى حمزة. رأى وجها خال من اي تعبير وكان فيه شيء غريب يشبه الموت. للموت سمات صامتة في عمقها وألوانها - هذا صحيح - لكنها شديدة الحضور. عاد بنظره للصبي. كان يرتدي حلة ملكية وعلى وجهه امارات الاستسلام والطمأنينة وكان حمزة يراقب كل ردود فعل الحاكم ورأسه محني بالقدر الكافي ليبدو ككاهن متبتل في محرابه. دون كلمات ركع بين يديه على بعض خطوتين فقط ثم تناول الخنجر من فوق المنضده وقدمه اليه باسطا كفيه. قال بتوأدة وبنبرة عميقة هادئة:
- اني عبدك ايا ربي. افعل بي او به ما تشاء. لا مرد لقضائك يا محي ويا مييت.
اخذ الخنجر بتردد لم يخفى على الراكع بين يديه. قلبه بين اصابعه. قربه من نور الشمعة وتأمل الظلال المرسومة على النصل. علت اساريره ابتسامة لما رأى مرسوما بوضوح مثير طيفا مر بخياله. اقترب خطوة من حمزة ووضع يده اليمنى فوق رأسه. لما شعر حمزة بملمسها ضم يديه اكثر الى صدره وتحسس الخنجر الثاني وانتظر.
- لنقم بالأمر سريعا.
وقف حمزة حين سمع الامر الملكي واقترب من الطفل وربت على خده. لا اراديا ارتجف جسد الطفل. حاول التقهقر الى الوراء والاحتماء بالجدار لكن لم يقوى على الحركة.
مدده على الارض ورفع بصره الى الحاكم. كان هناك شرر ينبعث من عيونه التي قد احمرت الى اقصى حد.
قبل ان يرتفع صراخ الطفل كان الخنجر قد فصل الراس عن الجسد وراح يغزو الجسد الغض ويقطع كل اوردته وشرايينه.
فصل الاطراف ثم رماها بجانب الراس فجمعها حمزة ورمة بها في نار اشعلها قرب الباب. حين ملأت رائحتها المكان رفع الحاكم رأسه وتشممها كانسان بدائي يقدم قربانه لعناصر الطبيعة علها تحميه من عنفها وتقلباتها. انها سبب الخطايا كلها لذلك لها كل هذه الرائحة الحارقة. صنعت الانبياء والمجرمين وقتلت الابرياء والمعتدين في كل الشرائع البشرية مهما بلغت قوتها ومعارفها فلتتفحم اذا. جمع حمزة الرماد الساخن في كاس وقدمه الى الحاكم. اخذه من يده ونظر فيه. حركه بحركة دائرية فتعالت حبات الرماد على الاطراف وسقط بعضها على يد الحاكم. سكب البقية على الارض بين قدميه ثم رمى بالإناء بعيدا. تطايرت الحبات وانتثرت. انحنى وخلطها بالتراب فضاعت ولم تعد ترى. ما انت إلا حفنة من تراب منسي منحناك الروح فأنكرت منتنا عليك. ليرجع "التراب الى الارض كما كان وترجع الروح الى الله الذي أعطاها".
عاد الى المنضدة وتأمل طويلا ما بقي امامه. جذع بلا شكل ولا معنى. لم يكن في حين من الدهر شيئا مذكورا وها انه يعود الى عدمه. ثم ماذا بعد اياها الانسان. ما انت إلا مجرد جذع شجرة مقطوع ملقي بانتظار التفتت الحتمي. شق الصدر وانتزع القلب من بين الضلوع. امسكه في كفه. كم انت صغير. مضغة لا غير صنعت كل امجاد البشر ومآسيهم. انت الميل والحب الذي خلق التوق المتهافت والرغبة الجامحة والشهوة المحرمة. لم تكف عن التقلب دوما دون ان تستقر على حال. مِنْ فَضْلَتك يَتَكَلَّمُ الْفَمُ واَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِيك يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ التي ما انفكت تتحول دوما الى شُّرُورَ. لم تتعلم انه انما "لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" فغاب عنك ان تدرك في تماهيك في حبك وأنت مؤمن انك تبلي بلاء حسنا كم حبيبا خنت وقريبا غدرت ووطنا انتهكت. إليك عني يا رزية بلي بها الانسان.
القى به بعيدا ثم رجع الى ما تبقى امامه يتلمسه. مرر اصابعه فوقه. تحسسه. كم هو بارد كقطعة ثلج. وكقطعة الثلج سيذوب وينتهي. ما بقي منك ايها الانسان العاري ؟ ادار الخنجر في كفه ثم بضربة واحدة بطر البطن فانبثقت الامعاء. جال فيها بأصابعه. حركها. امسكها فانزلقت. عاد يجمعها من جديد. كم هي لزجة وطويلة ودقيقة بقدر الجشع والطمع والنهم الذي يخنق الانسان ويقيده الى اسباب انحطاطه. جمعها في اناء وضعه حمزة فوق المنضدة ثم قطع عضو الطفل وغرسه في اعلاها. ما الذي بقي منك ايها الانسان سوى كومة من القذارة.
كعائد من عوالم خفية خفت الرجفة التي كانت تهز كيان الحاكم تدريجيا وعاد اليه اتزانه. ابتعد عن الاشلاء المنتشرة حوله وجال بناظريه في الغرفة ثم استقر بصره على حمزة الذي لم يبدو عليه ان وقفته محني الراس قد تغيرت منذ بدأت الطقوس.
- لم يرجف لي جفن يا جمزة. لم اكن على الارض بل في سابح في ملكوت لا يحد. رأيت كيف خلق الانسان اول مرة وكيف مات وتحلل. رأيت كل الخير الذي بقلبه وكل الشرور التي تسكنه وتجهض الجمال في مهده. رايته يبني صروحا عالية ويهد البنيان دون وجل. رايته ينثر البذور ثم يدوس الحياة دون رحمة.
- صدقت أيا رب الكون وباعث الحياة ومحيي الموتى.
- كيف علمت ما اريد من دون ان اعبر لك عنه. أ هو الوحي يا حمزة ؟ أيثب ما قمت به الان الوهيتي ؟
- انت الله حقا يا مولاي. ماذا تتمنى الان. الا تريد ان يعود الطفل الى الحياة من جديد ؟ انك تريده فعلا. اشعر بهذا يتردد في اعماقي وحيا نورانيا يجتاح كياني.
- صدقت.
- اسمح لي ان اجمع الاشلاء اولا وارميها في هذا الغار وسيخرج الطفل حيا لو انت امرته بذلك.
سارع حمزة يجمع البقايا المتناثرة ويضعها في كيس صغير. اغلق الكيس بإحكام ثم رمى به عبر الكوة التي تقود الى نفق لا يعلم الحاكم بوجوده ووقف عند بابها منتظرا.
اغمض الحاكم عيونه وبدا صلاة صامتة في حين شد حمزة حبلا رقيقا خلف البوابة. مدت له يد ابن الاخرم ذراع طفل فجذبه اليه بسرعة. كان مغمى عليه. حمله بين ذراعيه وحين سكنت همهمة الحاكم وفتح عينيه قربه منه.
-أليس حيا يا مولاي كما تمنيت للتو ؟ انه لا يزال غائبا كجنين يوشك على الولادة لكن لما يحين الميعاد سيطلق صرخته الاولى. تحسس نبضه وحرارة جسده. بلى انه لحي يا محيي الموتى يا رب الاكوان.
- يا الله أَنتَ أَنا في كُلِّ حالِ. انا الله.
- هو كذلك يا قائم الزمان. انه ظاهرة الدلالة لكل ذي نظر. فيك تتحقق صفات الالوهية الحق في الخارج كما تحققت في الداخل فمن يقدر ان ينكر الوهيتك وسموك على النزعات البشرية والضعف الانساني وعزتك وجلالك لو كفرت بإلوهيتك لأظللن مؤمنا بها مخلصا لصدقها ولأموتن دونها.
انشرحت اسارير الحاكم وعلت وجهه ابتسامة رضى. بدى في حالة كالغياب لا يسمع ولا يشعر بما حوله. تعلقت عيون حمزة به. قلبه كان يرجف خوفا وفرحا. اقترب منه. ركع بين يديه وانهمرت دموعه. قال له الحاكم :
- قف يا هادي المستجيبين انك لرسول كريم مبجل.
- امننت عليّ باسم يجعلني في الصدر الاسمى للجنة الربانية الموعودة ؟ ثنائي عليك لا تسعه الكلمات كلها ربي المتجلي.
- اني خارج الى اعالي المقطم أيا هادي المستجيبين. اشعر ان قوة تجذبني الى السماء وترتفع بي عن الارض النجسة. اني اتخلص من الجسد. روحي تتملص وتحلق بعيدا في فضاءات لا محدودة. اني ارى الكواكب تتراقص والأكوان تعانقني وموسيقى الفضاء المذهلة تسحرني.
انحنى حمزة ثم فجأة اخذته رجفة وبدأ ينتفض. تلوى ممسكا رأسه بين يديه كأنه يكاد ينفصل عن جسده ثم همس بأنفاس متقطعة قبل ان يسقط ارضا غير بعيد عن الطفل الذي لم يستفيق بعد :
- انه الوحي الهي المتجلي تقدس اسمك على العالمين.
وكاله حقيقي نظر اليه بحنو بالغ. شاهده يتقلب وقد اربد وجهه ثم هيئ اليه انه يرى شيئا كالعرق يسيل على جبينه ويغمره كله. رآه يتمايل كسكران اعياه الاجهاد ثم يسقط ارضا وقد علت همهمته حتى غدت صياحا شبه مكتوم. بعد برهة سكن. بدى له انه قد اغمي عليه فالقى عليه رداءه وخرج. تناهى الى سمعه وهو يبتعد بخطى حثيثة صرخة الطفل الذي كان حمزة بعد ان اطمئن لابتعاد الحاكم وعدم عودته ثانية قد غرز السكين في زنده تهز الجبل فابتسم.
- انها الولادة الميمونة.

تحكي بعض الروايات انه في زمن مضى عندما كان حمزة في دكان متداع بضاحية احدى المدن الفقيرة في فارس يصنع الاغطية والمفروشات الصوفية ويتذمر من العوز وتقلبات الزمان قال له صاحب المحل ولي نعمته :
- لا اقدر ان ازيد في راتبك فالعالم بأسره يمر بأزمات متتالية تهز اركانه. الموارد صارت شحيحة والحاجة تخنقنا وتهددنا بالموت جوعا.
- لا عليك سيدي. اني درست احوال الناس وتقلبات البلدان وعرفت بعض سبل الاثراء وسأتبع اكثرها آمانا.
- سأكون حينها خادمك المطيع يا حمزة. قال صاحب الدكان ساخرا. لكن هل من الممكن ان تطلعني عن بعض ما يدور بخلدك ؟
- افكر بصناعة دين جديد.
- صه. تالله انك لمجنون. لو سمعك الناس لثاروا ضدك ولجروك في الشوارع ككلب اجرب ولرجموك في اكبر ساحات المدينة وأطعموا لحمك امام ناظريك للسباع.
- ان غدا لناظره لقريب سيدي.
صمت واغرق في تأملاته وأفكاره. انصرف صاحب المحل لشأنه وتركه عند المنسج ينضم الخيوط المتشابكة. علت وجه حمزة ابتسامة مريبة حالما اتضحت الفكرة في عقله أكثر. رمى بكرات الصوف جانبا وأسرع نحو مقصورة واخذ قلما وأوراقا وبدأ خط اول سطر. سيثبت لمجمع سدنة معبد الرب انه الاقدر على تحقيق ما عجزوا عن بلوغه. التحكم بالحاكم وامتلاك افئدة المصريين والسيطرة على البلاد.
بعد فترة لم تطل كثيرا كانت كل ادوات العمل جاهزة. كتب وشروح تؤكد ولادة الاله الذي لا مثيل له. الاله القادر على تحقيق حلم البسطاء. الاله صاحب أشرف دين. دين طيع طبيعي على مقاس كل طالب معتقد يبغي تحقيق اناه. تسأل ان كان من العسير توفير بطانة من الدعاة والرسل وامتلاك السلاح والمجاهر بالدعوة. فلتعلم ان أهل هذا الشرق السعيد لم يبرعوا طيلة تاريخهم المُشرِق البهي إلا في هذا المجال : صناعة الأوهام الكبرى ثم تصديقها والتماهي فيها فالإيمان بها ثم الموت دونها.
لذا لا تستغرب لما تسمع حمزة واقفا هناك في ركب الحاكم يراقب الحرائق ويطمئن اتباعه اتباعه ممن خشوا ما سيؤول اليه الامر قائلا :
- الحرب ين عبيد الحاكم والمغاربة والاتراك يخدم مصلحة ما جئنا لأجله. يقتل بعضهم بعضا الى ان يخلو الجو لأنصارنا ورجالنا. ان تغلب الاتراك والمغاربة على جند الحاكم فلنا رجال مندسون في كلا الطائفتين لا يعرفهم اشد الناس فطنة في زي الفرقة التي انظموا اليها اشد ولاء لقادتها من القادة انفسهم سيؤلبون احدهما على الاخر وتقوم حرب ثانية تفني البقية حينها فقط نمتلك الارض وما عليها.
سنوات مريرة من القتل الذريع الذي اخمد كل صوت او راس ارتفع والاضطهاد المنظم الذي حطم الطوائف والأقليات والقوانين الصارمة التي تقلبت فيها الاوضاع الاجتماعية مرارا وأخمدت الرغبات والأهواء كانت كفيلة بتهيئة الارضية الملائمة.

قبل ان نواصل سرد التفاصيل الصغيرة التي اهملتها كل كتب التاريخ نترك لحين دولة الحاكم بأمر الله لاستطرادين اراهما ضروريين وان كنت انوي تأليف كتاب مستقل للتوسع في هذا الموضوع لو منحني الله ما يكفي من العمر.
النقطة الاولى التي اراها مهمة للغاية هي اننا ان كنا سنحصر اخبارنا في ذكر تقلبات دولة الحاكم بأمر الله ومن تسبب في بذر حبوب اللقاح في ازهارها الوارفة وتداعيات فوضاها الخلّاقة التي اثمرت قداسة ربانية تضاف الى الرصيد البشري _ الذي والله لهوَ في غاية الابداع في هذا الميدان بالخصوص - فيجب ان نتوقف قليلا في البدء عند اسباب اكتساب كل ملوك المنطقة وزعمائها لشرعية الحكم واستدامته وتعاظم قوته.
لم يكن الحاكم بأمر الله اول من تولى الحكم بعد موت ابيه او أول من ورث امجاد بعض الشهداء المنسيين غَراً لا يعقل من امور الحكم شيئا تحركه الاطماع وتدعمه القبليات والمصالح فدانت له الرقاب وتكالبت عليه الاعداء.
قال البعض انه تولاها ابن احد عشر عاما ونيف وقيل انها لم تتجاوز بعض السنوات التي تعد على اصابع اليد الواحدة وأكد آخرون انها تفوق ذلك بكثير حتى بلغ الامر بالبعض للقول انها ربما اربعة عشر قرنا او تزيد. ما هو معلوم ان نسخه المتناثرة هنا وهناك وان شاخوا لم يختلفوا عنه في كونهم بدورهم لم يكونوا قد فقهوا بعد معنى الانتماء للكل دون الفصائل الصغيرة المكونة لشيء يمكن ان يطلق عليه مجازاً اسم وطن.
ان كان الحاكم لم ينهي تعليما ولم تهترأ لعبه ولم تهدم قصور الرمل التي بناها على الشطآن التي أُجبِرَ على نسيانها عنوةً وظلماً وعدواناً فغيره أيضا لم يكونوا اكثر رشداً و أعمق حكمة وتبصراً. ككل من سبقه ومن سيليه من الحكام "بأمر ربهم" ركع بين يديه خاشعا وقبَّل التراب تحت نعله مادحاً الأَشراف والأَعيان والمثقفون والأميون والخاصة والعامة وقادة الجيوش العائدين من ميادين الحرب الأشد شراسة. باركوه حين لعنهم وابتسموا إعجاباً لبساطة وبراءة أبجديات الطفولة المشاكسة التي تقيأها في حضرتهم كما طربوا في مجالس مماثلة لتهتك الفاظ ماسكي صولجانات الحكم وان بلغوا من العمر عتيا. ككل الحكّام باسم ربهم قدموا له وطعم حليب أمه لا يزال عابقا في فمه صباياهم العذروات ليبدأ البطولات الذكورية والغزوات المباركة الاولى. انتهكوه تقديسا وتبجيلا وتكريما متناسين ان التقويم فقط من يصنع الممالك الخالدة وان السوط يجب ان يجلد ظهر الحاكم قبل المحكومين. جعلوا من الطفل اللاهي في داخله والذي لم يتعلم بعد الاسماء رجلا إلا قليلا. رجلا مشوها - هذا صحيح - لكنه حاكم باسم ربه وان كره الكافرون.

أما النقطة الثانية فتتمثل في ان التاريخ البشري اثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الحاكم الظالم يتفق مع اعداءه في نقطة محورية. كلامهما في نفس الوقت وبذات القدر رمز للشر المطلق والطهر اللامحدود. ما صنع الفارق دوما كان زاوية النظر فقط.
سيطر الحكام مهما كان لبوسهم على الاقدار وقبضوا بيد من حديد على كل صغيرة وكبيرة في حياة شعوبهم الداخلية والخارجية بدعوى حماية الشعوب من انفسها ونزقها ومن العدو المتربص على حدودها وتدخل الاعداء في خصوصياتها المحلية عبر كل المنظمات المرخص بها وتلك المفروضة فرضا وعبر المفوضيات الدولية والغذاء والماء والطاقة وسيطروا على القلوب وتحكموا بالعقول بدعوى تحقيق عالم حر اجمل وتوفير احترام انسانية الانسان المهدورة وتاه الانسانية بين اغبرة هذا الصراع المتصاعدة طردا في غربتها واغترابها اكثر.

ولادة الاله الجديد في نصنا هذا وان كانت ستنحصر في الحركة التي قامت تحت نظره وبمباركته بتأليه الحاكم بأمر الله وعبره كل الحكام الذين حكموا المنطقة او سيحكمونها ويستنزفونها حتى الموت فهي تشمل ايضا النظم التي تغزوا الشعوب دونما سلاح ولا قتل عبر بث أحلام وردية فتقوض اركان الخصوصيات المحلية وتفرض قوالب عالمية غايتها تدجين رءوف للشعوب واستنزاف عطوف للأرض وإبادات رحيمة لكل الزائدين عن الحاجة أفرادا او جماعات. همهم الاساسي ، سواء المتلاعبون بالإنسان وذاته ومعتقداته وحاجته الاشد طبيعية في الداخل او المحتالون عليه من خارج حدود وطنه ، كرسي لا تتصدع اركانه او سيطرة دائمة لا تنقطع على مصادر الغذاء والماء والطاقة المكتشفة والتي لم يصل بعد احد الى منابعها.
الفكرة الجوهرية للصراع الانساني على مدى تاريخه بنيت على رغبة متوحشة فى التسلط والاستبداد والتمايز والتمتع بوجود المحرومين واستغلال دين الانسان البسيط ابشع استغلال ليتحول الى منتج يشرع لبشاعة كامنة فينا صنعتها اسواق المال والمضاربة تمد انيابها حالما تجد ارضية حاضنة.
الحاكم بأمر الله والدخيل الاجنبي الغازي وكل من ورث الكراسي او اغتصبها عبر الرقص على جماجم الشهداء ، هم ثلة أنقنت التلون كحرباء. يقضون على الحياة تحت رايات انسانية وهمية. يشكر كل العالم صنيعهم لأنهم اشبعوا جوعى ولا يكتشف احدا السم المدسوس في الطعام او الفيروسات القاتلة المسربة في خزانات المياه. يحتفظون بأشد الجراثيم فتكا ويفتحون تحت التهليل والأضواء مورستانات لا تحصى لتسكين الاوجاع الى حين. لوبيات قوية حركت وستحرك على مدى التاريخ كل زعماء العالم وقادته والحاكمين بأوامر الالهة كبيادق. لوبيات صنعت وستتفنن في خلق اكاذيب وترويجها عبر اعلامها الرسمي وسيبتلع دوما الكل بغباء الطعم.
لن يندثروا لأنهم توارثوا فنون التلاعب والسيطرة على اقتصاديات الشعوب وأفكارها الاشد خصوصية وسيواصلون احتلال أجسادنا وعقولنا وقولبتها وستتمدد ممالكهم وتتوغل بتوحش اكبر.
غايتها الاساسية بعيدا عن الشرعيات الوهمية والشعارات المغرية والوعود المنافقة توسيع ثراءها وامتلاك موارد البلدان الاقتصادية التي تجعل الجماهير عبيدا وان اختلفت الاشكال والأسماء.
عبيد يرثهم الجوع حال اقصائهم من المملكة. عبيد يبتلعهم السيف حال ارسالهم لحماية حدود اصحاب السلطان أو مصالح الشركات العظمى. عبيد يداسون على عتبات القصور ما ان يتكاثر الوحل ويحتاج الاسياد الى جسور بشرية للعبور. عبيد يباعون في اسواق النخاسة اذ نادى الفكر الذكوري في ثقافة الحرب هل من ساحات وغى لفتح مبين.
تسأل ماذا ينفع الانسان لو ربح كل الدنيا وخسر نفسه.

ألف الناس خسارة انفسهم الى ان صار امتلاكها خطيئة وعيبا.



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وكانت الحكمة تاجا من اشعة شمس داستها نعال الجهلة
- الحاكم بامر ربه : صنعت فوضى اللعبة السياسية الها كونيا جديدا
- الحاكم بامر ربه (فصل ثان من رواية)
- الحاكم بامر ربه - بشار الاسد (فصل من رواية)
- نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج. الاخير
- نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج 4
- نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج 3
- نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج2
- نبش في تاريخ منسي ديهيا - رواية
- صلوات في هيكل حب - السجدة الثانية
- اسلاميون الافاضل تعالوا نتقصى ملابسات مقتل عثمان بن عفان بين ...
- صلوات في هيكل حب .. السجدة الاولى
- عثمان بن عفان حاكم ظالم ام سلف صالح
- حضور الغياب .. وقفة سياسية
- بحث في سيرة عثمان من منظور اسلامي
- الخلافة الراشدة عثمان وعلي والفتنة الكبرى - سياسة بلوس ديني
- صفحات من تونس- دخول الاسلام الى افريقية جزء 2
- صفحات من تونس- دخول الاسلام لافريقية
- صفحات من تونس- تاريخ شعب
- الخلافة الراشدة -- عمر بن الخطاب 2


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - وكان لولادة الآلهة أنبياء صاغوا نيرا من اوهام