أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم اليوسف - فنجان قهوة














المزيد.....

فنجان قهوة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 02:43
المحور: كتابات ساخرة
    


إليك
منذئذ لم أشرب القهوة…!
إبراهيم اليوسف
ثمّة مقولة ، يتناقلها أفراد أسرتي - دائماً – وهي أن هناك دعاءً "علينا"، من
قبل أحد جدودي كي نظلّ على الدوام لا نملك أكثر من ثمن الرغيف اليوميّ....!
ولعلي ، حاولت ذات مرة أن أبين زيف هذا الإدّعاء،حيث خضت إحدى مسابقات المدرسين
إلى بلد نفطي،بعد أن فوتّ عشرات الفرص الذهبية على نفسي قبلها،منطلقاً من قناعة
مفادها عدم العمل،أوالكتابة في صحافة" البترودولار" ،قائلاً :لو صفّوا لي
الريالات من هنا إلى الرياض أو دبي أو...، لن أغادر مدينتي ،وهو ما أقوله الآن ، أيضاً ،كلما عرض علي السفرالنهائي إلى بلد أوربي!
أجل ، خضت تلك المسابقة ، ونجحت فيها بتفوق ،حيث كنت قد حصلت على أعلى درجة
في الامتحان الكتابيّ،ونلت رضا وإعجاب اللّجنة في الامتحان الشفاهيّ،وأعلن عن اسمي بين
عداد المقبولين في ذلك البلد،وبدأت أتابع إجراءات الّسفر،من فحوص طبيّة ، وشؤون وشجون
جواز السفر،وسوى ذلك، ومن ثم وقّعت على عقد سفر،وطلب منّي المسؤول أن أزوره في
صباح اليوم التالي في أحد الشقق الفخمة،من" حي الفحّامة" في دمشق ،حيث كان
يقيم...!
صباحاً،تأخّرت – نصف ساعة – عن موعدي على عادتي،وأنا أفكّر بإعداد اعتذار أقدّمه
لهذا الرجل النفطي ، وحين وصولي وجدت صالون الانتظار مليئاً بالمدرّسين الذين
حظيوا معي بالقبول ، ومنهم بعض زملائي من قامشلي....
سألتهم عن الرجل النفطيّ،فقالوا لي : إنّه ، لا يزال غارقاً في سباته الكهفيّ ، وأنّ هناك
فلسطينيّاً وأردنيّاً يعاونانه، لمّا يزالا بدورهما نائمين.،وآثار سهرة عامرة ، خاضوها ليلة البارحة، تفضحها زجاجات و كؤوس الويسكي، المتروكة في الصالون الكبير والتي تكذّب مزاعم " الرجل" وهو يتركنا مع موعد كلّ صلاة، معتذرا ًمنّا لأداء الفريضة...!

بعد مرور حوالي ساعة ، من الزّمان،فتحت ثلاثة أبواب من غرف الشقة، أمام أعيننا-دفعةً واحدةً تقريبا ً- لتخرج منها ثلاث حسناوات ،كلّ منهن من غرفة ، كي أتفاجأ بصاحبي ، يناديني باسمي ، أدخل غرفته،وهو يطرد
النوم العالق بعينيه ، تدخل خادمة فائقة الجمال ، تبادر بالتحية وهي تقول :
ماذا تأمر أستاذ؟
-قهوة –!
قالها دون أن ينظر في وجهها،كي تخرج ، ، بينما- المعلّم وهو من جيل أحد أولادي – يدقّق باستعلاء أوراقي، لتعود هذه الخادمة بعد قليل- تسبقها رائحة القهوة الممتعة التي أدمنت احتساءها مع أغاني شفان ومرسيل وقصائد النواب ،والكتب السرية التي كنا نتبادل قراءتها- وهي تحمل طبقاً فيه فنجانان من القهوة ،تضعهما أمامنا بكلّ أدب ولطف دمشقيين، كي يطلب مضيفي منها أن تعيد أحد الفنجانين إلى حيث كان، فتتلقّفه على الفور، ثم تضعه على الطّبق ،مرتبكة، و هي تنصرف مرّة أخرى ،،وأنا أقول: كم الرّجل لبق !،
لقد طلب لي القهوة دون أن يشتهيها، ودون أن يكون من هواة شربها، مخمّنا ًحبّي الجنوني لها ...
فجأةً ، تمتدّ أصابع الأستاذ عادل إلى فنجان القهوة، يهمّ بارتشافها، فأحسّ في
أعماقي ، بغضب هائل، بل ،لأسأله: ترى لمن أبقيت الفنجان يا أستاذ؟!
- لي..
يقولها دون أدنى إحساس متوخّى بالخجل في مثل هذا الموقف اللاحاتمي الرّهيب..
- وأنا?
- أستاذ إبراهيم ، لا أريدك تكسر الحاجز بيننا منذ الآن...!
يتحوّل هذا الغضب في أعماقي إلى بركان ينفجّر، بغتةً ،فأقول له: أتهينني وأنا في بلدي ؟،
ولم أترك شتيمةً سوقية ً – من خارج معجمي الشّخصي، إلاوأوجههاإليه بدءاً من"ه "وانتهاء بمن أخاف
من الإقرار بذكر اسمه،هنا ، ثم- سرعان - مامزّقت عقدي الموقّع
ورميته مزقه في وجهه مشفوعاً بالبصاق ، كي أحسّ أنني – فعلاً –ثأرت لكرامتي...
ثم انتزعت جواز سفري ، وشهادتي الجامعيّة من بين يديه، وهو يرتبك كفأر مذعور،
كي يؤنّبني أصدقائي : فهد وح - ممّن أتذكرهم الآن ، قائلين لي : كان عليك أن
تتحمل الموقف المتوقعمن هكذا كائن ، غير أنني انصرفت خارج الشقة ، رافعاً رأسي، سائرا ًبزهو وكبرياء كبيرين، أحسّ بأنني أمتلك العالم كل العالم
الآن ، وبعد مرور عدة سنوات على تلك المعركة الكبرى التي انتصرت فيها ، لا يزال
أقراني الذين قبلوا معي قائمين على رأس عملهم هناك،وهم يأتون - صيفاً – إلى مسقط
رأسهم ، بسياراتهم الفارهة ، والجميلة ،يمرّون من قربي ، في عزّ حرّ الظهيرة ،
دون أن يتكرموا حتّى بإلقاء التحية عليّ ، بعد أن اشترى كل منهم بيوتاً فخمة ،في
أكثر من مدينة ، وأمّنوا أرصدةً ماليةً لأحفاد أحفادهم ،مفوتين على أنفسهم شرب فناجين قهوة كثيرة، ليموت في صدري حلم قديم، في أن أشتري" استراحة" على طريق حسكة – قامشلي – متأكّداً من (لعنة ) جدّي
على سلالته لئلا تبطر ونكون أوفياء لقناعاتنا....!0
......................................



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاجل جدا ً إلى الحركة الكردية في سوريا :نحو مجلس وطني كردي!
- حفلة سمر كردية...من أجل 5 حزيران 2/2
- الشيخ الشهيد بين مؤامرة السلطة وطعنات الاهلين
- خطوة متأخرة جدا ً وناقصةإعادة الجنسية إلى الكرد السوريين الذ ...
- في اغتيال كوكب كردي
- الطفل الكردي في شوارع المدن الكردية:Biji sehid
- خيمة الشيخ الشهيد
- خطبة الثلاثاء
- أوبة الدكتاتور3-3
- لاتهدروا دم الخزنوي....!
- محمد معشوق الخزنوي
- الجبهة الوطنية التقدمية ...والحشرجة الأخيرة...!2/2
- الجبهة الوطنية التقدميّةو الحشرجة الأخيرة ....1
- جبهة أفلاطون....!
- مؤتمر عائلي في انتظار المؤتمر القطري
- ثنائية الوطن و الانسان
- أوبة الدكتاتور2 -3
- أوبة الدكتاتور
- في انتظار- ختان -ابن الزعيم العربي
- الكرد وسوريا


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم اليوسف - فنجان قهوة