أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكى - النداء الأخير















المزيد.....

النداء الأخير


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 4496 - 2014 / 6 / 28 - 03:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


النداء الأخير
(1)
الانتصار على الرأسمالية، من خلال مشروع حضارى لمستقبل آمن، إنما يبدأ من فهم قانون حركة الرأسمال وتكونه الاجتماعى عبر حركة تاريخ الإنسانية بأسرها، وليس تاريخ أحد أجزائها، رفضاً لوثنية الفكر؛ بقصد تجاوز الرأسمال، كظاهرة تاريخية، إلى عالم رحيم. رحيب. عالم لا يقود فيه المخبولون العميان... عالم يطلق النداء الذى يستنهض الإنسانية من سباتها السحيق... النداء الذى يرفض إبادة الإنسان بزعم بقاء الإنسان... النداء الذى يمنع الإنسانية من الانتحار والدفن فى مقبرة جماعية حفرتها طليعة الانحطاط.... إنه النداء الذى يعلن أن العالم وطننا وان حضارة الإنسان ملك الإنسانية بأسرها.

(2)
إنه النداء الذى يستمد قوته من علوم بابل وأشور وأساطير سومر وأكد... إنه النداء الذى يصدر عن إيمان المصريين القدماء وحكماء فارس... إنه النداء الذى ينبع من عالمية الفن الأفريقى الذى يعبر بدقة حين يكون نحتاً عن قوة سامية تكسبنا النشوة، وحين يكون رقصاً، كرقص شيفا على سفوح الهيمالايا، عن طقس شعائرى يمسك بمعنى الحياة ويوجد لها المعنى... إنه النداء الذى يطلق صرخته مدوية، دوي مدرسة تشان البوذية التى توحى للإنسانية بحتمية التأمل والتحرر من كل رغبة وكل مفهوم كى تتمكن من تجاوز اختلاط المجتمع التقليدى والاندماج فى الطبيعة كى تكتشف أن الكل واحد... حينما يسود صمت ضوء القمر...

(3)
إنه النداء الذى يبدأ الحكمة ابتداءً من حكمة الصين الجدلية بين اليانج والين المنطوى على تصور معقد وبسيط للمد والجزر للفعل ورد الفعل، داخل جملة وحيدة فريدة من الظواهر، إنها الحكمة الناهضة على رجحان الموجة على الجزيء... إنه النداء الذى يعلو شاهقاً، علو رب الثلوج فى هند الفيدا والأوبانيشادا:" إننا نتضرع إليك يا راهما كما ترفع الشمس إليك صلاتها كل صباح". ألا تلهب تلك الكلمات مشاعر الإنسان نحو الإيمان... نحو الخلاص. إنها أناشيد الفيدا. تلك الأنشودة الدينية المكتملة التى مجدت اتحاد الله مع الكل ما يقرب من ألف عام قبل أى روحانية أخرى:" تعددت أسماؤه الحسنى، ولكنه واحد أحد". كتب طاغور:"إن أسمى هدف وذروة اكتمال الإنسانية، هو تلك الحالة التى نحققها بتقربنا مع الكل، حينما نمتزج بكل شىء عبر الوحدة مع الله". وفى القرن الرابع قبل الميلاد كتب تشوانج تسو معرباً عن رسالة الطاوية:" كل الأحياء وأنا فى الأصل واحد... كل الكائنات واحد فى الكل الهائل. واحد مع الكل".

(4)
إنه النداء الذى يستمد ملحميته من تلك الملاحم الخالدة من منطق العطار، ومقدمة ابن خلدون، وإمتاع التوحيدى، ورسائل إخوان الصفا، وفتوحات ابن عربى، وملوك الفردوسى، وهياكل السهروردى، وقصبة الرومى، وياسمين الشيرازى الذى كتب:" إن الخير الأسمى الذى تشرئب نحوه كائنات هذا العالم يظهر للجميع فى إمارات المحب والمحبوب، ففى حب المحب والمحبوب القوة نفسها التى تجذب الإنسان إلى الحقيقة الإلهية، الحقيقة العليا. إن حب الجمال يتيح تأمل الوجود السرمدى".
إنه النداء الذى يستمد جلاله من جلال أحرف الكتاب. ويستمد أخلاقه من تعاليم روح الله وكلمته. يسوع المسيح. ذلك النبي الذي من ناصرة الجليل.

(5)
إنه النداء المتواصل مع رسل الله كى يقولوا بالفناء فى الواحد... إنه النداء الذى ينفتح لتقبل كل شىء.
لقد صار قلبى قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب دينى وإيمانى
لقد حان الوقت أن ندرك وأن نعيش رؤية توحيدية للتاريخ الذى كان إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد فيه لحظات تنبيه واستيقاظ. بين المسيحية الأصلية، المسيحية التي كانت قبل إضفاء الهيلينستية عليها ورومنتها فى مجمع نيقيا، وبين عصرنا لم يكن سوى الكفاح ضد الهرطقات ومنافسات الأكليروس، والحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، والتفسير من داخل النص؛ إحكاماً لقبضة لاهوت السيطرة. وكان هناك أيضاً القرآن والثقافة الإسلامية العظيمة التى أنارت الدنيا طيلة عصور أوروبا المظلمة، ولم تزل تنيره بنور نبوى أدركه ونقله إلينا يواكيم دى فلورى، والقديس فرنسوا الأسوزى، والمعلم إيكارت، والقديس يوحنا الصليبى، ويوحنا السلمى، والراهب بيير. هكذا كتب أسقف كوز:" إن ما ستجدونه ليس إيماناً آخر بل إيماناً واحداً وحيداً مفترضاً فى كل مكان... فليس ثمة سوى دين واحد وعبادة واحدة. إنهما مفترضان فى تنوع الطقوس... لقد أرسلت يا رب أنبياء لكل الشعوب؛ ذلك أنه ما من مخلوق يستطيع أن يفهم معنى لنهائيتك...". وهكذا كتب الشاعر ألكسندر بوب:
ولو أن الأرض فقدت توازنها وطاشت بعيداً عن مدارها
ولو أن الملائكة الحاكمة قذفت بها بعيداً عن أفلاكها
ولو أن كل وجود إنهار وتحطم على كل وجود
وكل عالم إنهار وتحطم على كل عالم
فسوف نرى أركان السماء توميء إلى مركزها
والطبيعة ترتجف أمام عرش الله

(6)
إنه النداء الذى يعيد التواصل مع بغداد والكوفة وقرطبة. الإسكندرية وطيبة وعيلام. بخارى وسمرقند وخراسان... إنه النداء الذى يتواصل مع جابر، وابن رشد، وابن سينا، وابن طفيل، والخوارزمى، وابن مسكويه، وابن الفارض، وابن حزم... إنه النداء الذى يستمد إنسانيته من عبقرية كانتيون ووليم بتى، ومنهجية ماركس، وموسوعية سميث... إنه النداء الذى يقول بخلق الفكرة... إنه النداء الطامح لمعرفة سر وجوده من خلال عجزه أمام معنى محدودية الألوان والألحان والأفكار ومفردات اللغة...

(7)
إنه النداء الذى يعلمنا معنى كوننا نصنع الحياة من حولنا ولا نملكها، ومن ثم يجنبنا اللهث خلف السراب... إنه النداء الذى يذكرنا دوماً بأننا ننتفع بقدرة لا نملكها. ولذا فإنه يرفض وثنية الفكر نقشاً مقدساً على قبر الإنسان... إنه النداء الذى ينبهنا بأننا نحاصر بأشياء هى نتاج عملنا، لكنها تخرج عن حدود سيطرتنا؛ من أجل ذلك فهو النداء الذى يراجع لنا موقفنا من قضية وجودنا. فلنطمح إلى أكثر من الوجود.









#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد المركزية الأوروبية فى الاقتصاد السياسى
- نقد ديالكتيك ماركس فى رأس المال
- هيكل اقتصاد مصر
- خلاصة الرأسمالية
- محاضرات دورة كتاب رأس المال
- موضوع الاقتصاد السياسى
- مسخ الاقتصاد السياسى
- نظرية القيمة عند الكلاسيك وماركس
- من ماركس إلى قانون فى القيمة
- الاقتصاد المصرى
- التبعية مقياس التخلف
- مبادىء الاقتصاد السياسى
- للحق، لا للقضاء، للمحامى المصرى رامى الحدينى
- ما قبل هيمنة ظاهرة الرأسمال
- ما قبل هيمنة الرأسمال
- نقد قانون القيمة عند ماركس
- تاريخ الرأسمال
- كل شىء متوقف على كل شىء
- السلفيون ووهم تطبيق الشريعة
- المنهج والتجريد والعلم والاقتصاد السياسى


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكى - النداء الأخير