أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الجنرال بوشعيب عروب منذ 2008 راجت إمكانية توليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية















المزيد.....



الجنرال بوشعيب عروب منذ 2008 راجت إمكانية توليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 02:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجنرال بوشعيب عروب
منذ 2008 راجت إمكانية توليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.

عد أن شغل منصب رئيس المكتب الثالث بالقيادة العامة للجيش منذ 26 عاما، عيّن الملك محمد السادس، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية، وقائدا للمنطقة الجنوبية، خلفا لعبد العزيز بناني، الذي يتواجد في باريس في حالة صحية حرجة منذ بدية يونيو الجاري، الجنرال صاحب أربعة نجوم والبالغ من عمر 75 سنة. وأشاد الملك بـ"المسار المتميز للجنرال بناني في خدمة ملكه ووطنه طوال عدة عقود والذي يشكل نموذجا في الإخلاص والاستقامة".
و تم اختيار الجنرال بوشعيب عروب في مهامه الجديدة، اعتبارا لما يتحلى به من خصال إنسانية ومهنية عالية، ولما أبان عنه من تفان و ولاء في النهوض بمختلف المسؤوليات العسكرية و التأطيرية التي أنيطت به. وهو لا يقل خبرة وتجربة عن عبد العزيز بناني، اشتغل في التوثيق والبحث العسكري، واحتل مكانة مهمة في لجنة التاريخ العسكري في حوض البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يعين رئيسا للمكتب الثالث في القيادة العامة للجيش، وبعدها تكلف بدراسة مشاريع الصفقات العسكرية ، بالإضافة إلى التنسيق مع المكتب الخامس في ما يتعلق بعمليات الاستخبارات العسكرية في الصحراء.
في انتظار تمحيص سيرورة التغيير الذي سارت على دربه المؤسسة العسكرية في عهد الملك محمد السادس بعمق وتروي ـ هذا الجيش الذي قال بخصوصه بيو بروخا : "على الجيش أن يكون ذراع الأمة وليس رأسها" ، علما أن المؤسسة العسكرية لم تعد ذلك الفضاء البكم الفاعل في الظل الذي يهاب المغاربة مجرد التفكير في الدنو من دائرته أو كقلعة يحرم الاقتراب منها وبالأحرى كشف أسراره وتقييم ثقله في منظومة السلطة بالمغرب.
نقدم للقارئ جولة سريعة عن مسار الجنرال بوشعيب عروب والمؤسسة التي أضحى يقودها حاليا .
جنرال دكور دارمي بوشعيب عروب
إنه من الرعيل الأول، في 1966 كانت رتبته نقيب وكان في القاعدة العسكرية بن جرير.
ويبلغ بوشعيب عروب من العمر 74 سنة، وهو ابن جماعة الگفاف، التابعة لإقليم خريبگة، حيث تعود أصوله ، ثالث ثلاثة يحملون رتبة جنرال دوكور دارمي، وهي أعلى رتبة عسكرية في الجيش المغربي، إلى جانب كل من عبد العزيز بناني وحسني بنسليمان.
ويعتبر الجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب، بين ثلاثة مختصين في التوثيق والبحث العسكري في القوات بالمغرب.
عين سنة 1988 رئيسا للمكتب الثالث في القيادة العامة للجيش، بحكم خبراته التي اكتسبها خلال دراسته في المدارس الحربية الفرنسية.
تربط الجنرال عروب علاقات متميزة بالجنرالات الفرنسيين والإسبان، ما أهله لشغل منصب مهم في لجنة التاريخ العسكري في حوض البحر الأبيض المتوسط.
بوشعيب عروب على رأس المكتب الثالث و لجنة التاريخ العسكري
عين سنة 1988 رئيسا للمكتب الثالث في القيادة العامة للجيش، ومن بين المهام التي أسندت إلى بوشعيب عروب دراسة مشاريع الصفقات العسكرية قبل إحالتها على القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، والتنسيق مع المكتب الخامس بقيادة الجيش في مختلف عمليات الاستخبار العسكري في الصحراء.
وتحال جميع التقارير المرفوعة من طرف قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية على
الجنرال بوشعيب عروب الذي يدرسها بمساعدة ضباط في المكتب الثالث مختصين في تحليل المعلومات العسكرية، قبل أن ينسق مع المكتب الخامس ومديرية الدراسات وحفظ
المستندات لمناقشة خلاصات التقارير ومآلها، قبل رفعها إلى الملك.
كما ترأس بوشعيب عروب لجنة التاريخ العسكري المغربي، وكانت له أدوارا أساسية في
إعداد المناورات العسكرية المشتركة مع القوات الإسبانية والفرنسية والأمريكية.
ومنذ سنة 2008 دعت تطورات ملف الصحراء والإرهاب إلى الاهتمام بالاستخبار العسكري و"تحليل المعلومات العسكرية"، الشيء الذي فرض إعادة ترتيب الأمن العسكري والمدني بالموازاة مع تسريع التنمية الاجتماعية.
واستدعت أهمية التنسيق بين أكبر المصالح التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بهدف رفع التقارير الخاصة بأمور الجيش، عودة الجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب إلى الواجهة. وكشفت مصادر أهمية التنسيق بين مصالح المكتب الثالث والمكتب الخامس والإدارة العامة للدراسات وحفظ المستندات "لادجيد". هذا تطلب عودة ضابط سامي من طينة الجنرال عروب إلى منصبه رئيسا للمكتب الثالث. و مما عجّل عودته الأهمية الإستراتيجية لـ"تحليل المعلومات العسكرية"، ذلك أن حساسية اختصاصات المكتب الثالث بالقيادة العامة للجيش لم تعد تتحمل ترك منصب رئاسة هذا المكتب شاغرا بعد أن راج على امتداد سنة 2007 إبعاد الجنرال عروب، تارة لأسباب صحية وأخرى في سياق إبعاد كبار الجنرالات عن الواجهة.
وعلى امتداد صيف 2008 راجت بقوة إمكانية تولي الجنرال عروب منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.
من سيخلف الجنرالات العجزة ؟
في غضون سنة 2008 تناست السيناريوهات بخصوص من سيخلف الجنرالات العجزة ؟ ومن هم الذين سيعوضون عناصر المثلث الذهبي (حسني بنسليمان - عبد العزيز بناني - بوشعيب عروب) وكبار المسؤولين في الجيش؟
إنه سؤال شغل بال الكثيرين، و تناسلت فرضيات ، بعضها لم يقو على الصمود،عندما تم الاعتقاد أن صهر الجنرال "دوكور درامي" حسني بنسليمان، الكولونيل ماجور سمير التريكي سيكون خليفة له، غير أن مكر التاريخ أصر علي تكذيب هذه الفرضية مبكرا، إذ عزل بفعل تورطه في نازلة أوطيل الصخيرات. وقد ذهب جيل التأسيس، لم يبق من جيل حرب الرمال سوى قلة، على رأسها حسني بنسليمان وبوشعيب عروب، إذ أن أغلب الضباط السامين حاليا هم من جيل حرب الصحراء (بينهم بوطالب والتريكي والزياني وبناني...) إلى جانب جيل البعثات الدراسية والتكوين بالخارج (من أمثال برادة والوادي وغيرهما...
ركزت السيناريوهات على نواب القيادة الجنوبية (أكادير) والقيادة العليا (الرباط) والمفتشية العامة (الرباط) وقواد الحاميات العسكرية، سيما حامية طنجة والحسيمة والراشيدية والداخلة. ويتراوح سن هؤلاء بين 48 و53 سنة، حاصلون على رتب عسكرية بين جنرال "دوديفيزيون" وكولونيل ماجور، برهن الكثير منهم على كفاءة عالية في الاضطلاع بمختلف المهام التي أوكلت لهم، كما أبانوا عن دراية كبيرة في تسيير شؤون الجيش والجنود وقيادتهم. ضمنهم من ظل يسعى إلى الفوز بفرصة تعويض أحد "الشيوخ".
وقيل آنذاك،لن يخرج المرشحون المحتملون لتعويض "شيوخ" الجيش عن اللائحة التالية:
1- الجنرال آيت بلا (القيادة العامة - الرباط)2- الجنرال المنوزي (المفتش العام للنقل العسكري)3- الجنرال الوادي (أكاديمية مكناس)4- الجنرال برادة (قاعدة بنكرير)5- الجنرال "دوديفيزيون" المختار الزهري (نائب عبد العزيز بناني).6- الجنرال "دو بريكاد" مصطفى الرافعي (القيادة المتقدمة - أكادير).7- الجنرال أحمد بنياس (القيادة المتقدمة - أكادير).8- الجنرال سور الله (المظليون).9- الجنرال أنجار (المظليون)10- الجنرال بورعدة.11- الكولونيل ماجور الهراري عبد العالي.12- الجنرال امعيش (المخابرات العسكرية).13- الجنرال حسين مداح.14-الأميرال لمرابط (مدرسة تكوين الأطر).15- الجنرال إيبورك.16- الجنرال سيناصر (القيادة العليا).17- الكولونيل ماجور أحمد لعلج (البحرية).18-الكولونيل ماجور فاروق (البحرية).19- الكولونيل ماجور حمو اليابي (البحرية).20- الكولونيل ماجور محمد يوشو (القوات الجوية).21- الكولونيل ماجور خاموش (البحرية).22- الكولونيل ماجور الزوالي عبد الله (المشاة).23- الجنرال مالك الحسين (مسؤول سرية القيادة العامة للدرك).24- الجنرال علي عبروق (الصحة العسكرية).25- الجنرال كرباز (الهندسة).26- الجنرال العولة (الدرك الملكي).28- الكولونيل ماجور المراحي (قيادة الجنوب). 29- الجنرال باحمي (مكتب التفتيش والمراقبة).30- الجنرال حبيبي (القيادة - الجنوب).31- الجنرال بونتو (المدرعات). 32- الكولونيل ماجور الطناشري (الوحدات الخاصة).33- الكولونيل ماجور محمد بوستة (الصحة العسكرية).34- الكولونيل ماجور محمد باجدي (القوات الجوية).35- الجنرال معافا (قائد بالتفتيشية)36- الكولونيل ماجور غاموس (القيادة العامة - الرباط).37-الجنرال العلام (مكلف بمهمة).38- الجنرال الكوش (الكتابة العسكرية الملكية - المخابرات الخاصة بالملك).39- الكولونيل ماجور بنعكي (قائد حامية الدار البيضاء وهو من البحرية).
هؤلاء مجموعة من الضباط السامين ظلوا يشكلون المعين لاختيار من سيعوض "شيوخ" الجيش. إنهم خزان مشكل من فئتين، الأولى تكونت في المدرسة الفرانكوفونية، وهم الأكبر سنا عموما، وفئة ثانية مكونة في المدرسة الأنكلوساكسونية، سيما بالولايات المتحدة الأمريكية، وهم أصغر سنا من عناصر الفئة الأولى.
ومن السيناريوهات التي برزت في 2013 حلول أحمد بوطالب المفتش العام للقوات الجوية الملكية المغربية بدل الجنرال دكور دارمي عبد العزيز بناني المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، على أن يَحُلَّ مَحَل الجنرال أحمد بوطالب في القوات الجوية جنرال آخر هو عبد العالي الهواري نائب المفتش العام للقوات الملكية المسلحة
إحالة الجنرالات على التقاعد
في سنة 2011 ، برزت قضية إحالة عدد من الجنرالات على التقاعد، آنذاك تمت إحالة الجنرال بلبشير والجنرال باموس والجنرال القنابي والجنرال بنسعيد، ومدير المدرسة العسكرية، الجنرال علام، وأحد رؤساء المحكمة العسكرية الجنرال بليل ، والجنرال العزاوي الذي عمل منذ فترة الجنرال الدليمي ، على التقاعد. علما أن أغبلهم تجاوز سن الستين منذ مدة طويلة.
وقتئذ كان قد أحيل على التقاعد مجموعة من الضباط السامين بفعل عامل السن والشيخوخة، وكذلك بفعل أخطاء أدت إلى الإقالة دون الإعلان عن ذلك، حالة الجنرال المتقاعد على إثر أحداث جزيرة ليلى.

وتناولت وسائل الإعلام عرض لائحة هؤلاء الجنرالات ، وهم :
1- الجنرال إدريس بنونة (الدرك)
2. الجنرال "دوكور دامي" عبد الحق القادري (المخابرات مفتش عام)
3. الجنرال أحمد الحرشي (المخابرات).
4.الأميرال محمد التريكي (البحرية).
5. الجنرال العمراني (القوات البحرية)).
6. الجنرال بلحسن (قائد حامية وقائم على مديرية التسليم والإيصال).
7. الجنرال محمد بلبشير (المخابرات).
8. الجنرال الطامدي (المكتب الرابع).
9. الجنرال باموس (مدارس التكوين).
10. الجنرال معطيش (الدرك).
11. الجنرال إدريس عرشان (الصحة العسكرية).
12. الجنرال كاميلي (الهندسة).
13. الجنرال بومهدي (المشاة).
14. الجنرال إدريس المنور (القيادة المتقدمة الصحراء).
15. الجنرال سربوت (الدرك).
16. الجنرال الصقلي (حامية الرباط.
17 . الجنرال كوريما (القوات المساعدة).
18. الجنرال بنعمر (الدرك).
19. الجنرال بنحموش (المكتب الثاني).
20. الجنرال زريات (الاتصالات).
آنذاك كان الجيش المغربي يضم تقريبا 60 جنرالا ، 40 بالمائة منهم حاصلون على رتبة جنرال "دو ديفزيون"، والباقي في رتبة جنرال "دوبر يكاد"، في حين لم يكن يحظ زمنئذ برتبة جنرال "دوكور دارمي" وهي أعلى رتبة عسكرية سوى ثلاثة جنرالات عاملين وهم، بوشعيب عروب وحسني بنسليمان وعبد العزيز بناني.
ما سمي بالمثلث الذهبي
تشكل "المثلث الذهبي" ، سنم الهرم العسكري، بعد القائد الأعلى للقوات المسلحة، من جنرالات "دوكور درامي" هم: بوشعيب عروب. - حسني بنسليمان. - عبد العزيز بناني.وكان في الأصل مربعا قبل إحالة الجنرال "دوكور دارمي" عبد الحق القادري على التقاعد. هؤلاء الأربعة من الحاصلين على أعلى رتبة عسكرية معتمدة، حتى الآن، بالمغرب، جنرال "دوكور دارمي".
ومن مصادر قوة العناصر المكونة لـ "المثلث الذهبي" عضويتهم "المستدامة" في اللجنة الخماسية للترقيات، والتي تعد المعبر الوحيد إلى المراتب العليا في صفوف الجيش، تلك البوابة المؤدية إلى المثلث الذهبي نفسه.
هل الجنرالات يحكمون بالمغرب؟
هل للجنرالات سلطة بالمغرب، وهل يساهمون في صناعة القرار وتوجيه الاختيارات الكبرى المعتمدة؟ وهل هذه القوة يستمدونها من قوة المؤسسة التي يقبضون على زمام أمورها بيد من حديد ؟
مما لا شك فيه أن هناك نخبة عسكرية مشكلة من الجنرالات والضباط السامين، لكن هناك أيضا نخبة النخبة العسكرية التي تساهم في حكم المغرب عن قرب وفي الخفاء، لكن الشعب المغربي، في عمومه، لا يعرف هؤلاء العسكريين ذوي القوة والنفوذ اللذان يمكنانهما من المساهمة في دواليب الحكم من وراء الستار.
نعرف الوزراء والمسؤولين السياسيين، لكن لا نعرف هؤلاء العسكريين الذين ظلوا محاطين بسرية، تكاد تكون مطلقة رغم ظهور بصماتهم في صناعة القرار وبلورة الاختيارات الكبرى المعتمدة.
فمن الأكيد أنهم يؤثرون في هذا المجال، إلا أن تأثيرهم غير مرئي وغالبا ما يكون بشكل غير مباشر وعبر استشارات في الخفاء.
فهم يوجهون القرارات ويؤثرون في التوجهات، لكنهم يتركون تصريف الأمور للسياسيين، وزراء منهم وبرلمانيين وموظفين سامين أو لهيئات موازية، علما أن المكلفين بهذا التصريف يتغيرون، أما هم فلا تستطيع أي جهة تحريكهم من مواقعهم، ما عدا القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. فنخبة النخبة العسكرية تظل في مناصبها لمدة طويلة، هذه هي القاعدة إلى حد الآن بالمغرب؛ وهذا البقاء، طويل الأمد، مكن عناصرها من تقوية مواقعهم التي تزداد قوة مع مرور الزمن.
وفي الأمس القريب، كان ثلاثي يشكل عصب نخبة النخبة العسكرية المُوجِهة لصناعة القرار والاختيارات العامة المعتمدة: الجنرالات حسني بنسليمان وعبد العزيز بناني وحميدو لعنيكري، لكن سقط الثالث، وظل الأول والثاني يعكسان ويجسدان قوة نفوذ المؤسسة العسكرية ودورها في صناعة القرار.
سار الملك محمد السادس على نهج أبيه واحتفظ بأغلب الضباط السامين، وجلهم لعبوا أدوارا كبيرة. وعموما تستمد مؤسسة الجيش قوتها العادية والطبيعية من القانون الخاص الذي تتميز به، والذي يكرس سيادة قواعد عمودية تقضي بصرامة انضباط الرتبة الأدنى إلى الرتبة الأعلى درجة؛ وطبيعة التنظيم العسكري للمؤسسة، يجعل بالضرورة احترام الأوامر والامتثال لها دون أي مناقشة أو اعتراض، وأحيانا كثيرة دون ضرورة فهم المقصد والغاية، وقد ساهم ذلك في تكريس قوة استثنائية علاوة على القوة الطبيعية العادية. وهذه القوة الاستثنائية هي التي عملت نخبة النخبة العسكرية على استثمارها إلى أقصى حد ممكن.
وقد سهل عليها الأمر في مرماها هذا، فعل عدم ارتباط المؤسسة العسكرية بالمغرب بأي مؤسسة أخرى ما عدا الملك، قائدها الأعلى مباشرة وبدون أي وسيط بقوة القانون.
فالقرار في المؤسسة العسكرية لا يحسمه سوى القائد، وينضبط له وينفذه الجيش. وهذا القرار لا يخضع للتداول أو النقاش. ومن المصالح التي ساهمت في استمرار توسع مدى تلك القوة الاستثنائية، المكتب الخامس، المصلحة المكلفة بالأمن والاستخبارات العسكرية. و منذ سنة 1972 أضحى المكتب الخامس يتوفر على مركز خاص به لتكوين وإعداد ضباطه، وهو الكائن بالصخيرات.
الرعيل الأول
على امتداد أكثر من ثلاثة عقود بنى الملك الراحل الحسن الثاني مؤسسة الجيش، أرادها أن تشكل قوة خاصة فوق كل القوات، وزادت قوتها أكثر بفعل مساهمة نخبة من الجنرالات في التأثير المباشر والقوي على دواليب وسيرورة صناعة القرارات وتوجيه الاختيارات المعتمدة، هذا بالرغم من أن الجيش ظل يبدو كأنه بعيد عن الصراعات المجتمعية المختلفة.
ولعل أهم منعطف في تاريخ المؤسسة العسكرية تمثل في قرار الملك الراحل الحسن الثاني الإشراف بنفسه على القوات المسلحة الملكية وإلحاقها مباشرة بالمؤسسة الملكية، وألغى وزارة الدفاع ومنصب وزير الدفاع بعد خيانة الجنرال محمد أفقير له، وهو آخر وزير دفاع عرفه المغرب، ومنذئذ ظل الجيش حاضرا بقوة وفاعلا بامتياز، سواء كمؤسسة أو كنخبة من الجنرالات ظلوا يساهمون في الكواليس ومن وراء الستار، في صناعة القرار السياسي وتوجيه الاختيارات المعتمدة.
فنخبة النخبة العسكرية تشكلت من الجنرالات منذ مرحلة تأسيس القوات المسلحة الملكية، فخلال هذه المرحلة برز الجنرالات عبد الحفيظ العلوي وحمو الكتاني وإدريس بن عمر ومحمد بنعيسى، وكلهم كانوا يساهمون في صناعة القرار، وأغلبهم اضطلع بمسؤوليات سياسية علاوة على موقعهم العسكري فازدادوا قوة على قوة، وبالتالي تضاعف تأثيرهم في توجيه القرار والاختيارات المعتمدة، وفي الستينيات برز الجنرالات لوباريس وأشهبار وعبد الحق القادري وبوشعيب عروب وأوفقير والمذبوح وحسني بنسليمان وجملة من الجنرالات الذين أُعدِموا بعد المحاولة الانقلابية الأولى الفاشلة. وخلال حرب الصحراء، جاء دور الجنرالات أحمد الدليمي وبوطالب والتريكي والزياني وعبد العزيز بناني.
كل هؤلاء إما توفوا أو أحيلوا على التقاعد ولم يعد لهم أي تأثير واضح، ما عدا اثنين وهما حسني بنسليمان وبوشعيب عروب.
وكان قد لحق بهم، في فجر العهد الجديد، الجنرال حميدو لعنيكري الذي آل مشواره إلى الانحدار غير المنتظر، بعد أن كان من المساهمين في صناعة القرار وتوجيه الاختيارات الكبرى، منذ أن بدأ على رأس الديسطي ثم الأمن الوطني، وكذلك الأمر بالنسبة للجنرال الحريشي عندما كان على رأس المخابرات العسكرية، وقبله الجنرال بلبشير.
وفي عهد الملك محمد السادس برز جيل الضباط السامين الشباب، بفضل احتكاكهم بالرعيل الأول من الجنرالات واستفادتهم من البعثات إلى الخارج والتكوين، وتمكنوا من تجذير مواقعهم في دوائر صناعة القرار رغم العراقيل والصعوبات التي اعترضت طريقهم، وأبرز عناصر هذا الجيل الكولونيل ماجور برادة والكولونيل ماجور الوادي.
أما بخصوص علاقة الحكومات المغربية بالمؤسسة العسكرية، فقد ظلت بعيدة كل البعد عن أمور الدفاع وعن كل ما يرتبط بالجيش، وذلك بالرغم من أن الكتلة الوطنية، التي كانت تضم حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، سبق لها أن طالبت بإحداث مجلس أعلى للدفاع، كما أن اليازغي، في مجلس الوزراء، غداة حدوث مشكل جزيرة ليلى، استشاط غضبا بسبب عدم إخبار حكومة اليوسفي آنذاك بخبايا النازلة.
ومن المعلوم أن الرعيل الأول من الضباط السامين شاركوا في مجموعة من الحروب الميدانية الضارية، سواء في صفوف الجيش الإسباني (باسبانيا أو بالريف)، أو تحت الراية الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، وحرب الصين الهندية والفيتنام، أما الأجيال اللاحقة فقد شاركت في حرب الرمال الخاطفة وحرب الصحراء فيما بين 1975 و 1991، لكن منذ وقف إطلاق النار بالصحراء، لم تعد تتوفر فضاءات للتجربة الميدانية على أرض المعركة.
غير أن هناك واجهات خارجية شكلت محكا لمجموعة من الضباط، سيما الشباب منهم، لتأكيد كفاءاتهم وقدراتهم على القيادة والتسيير والتدبير. ومن هذه الواجهات الجولان ولبنان والواجهة الإفريقية (الكونغو، مالي، السنيغال وغيرها) وكوسوفو وهايتي، مما مكن بعض الضباط من مراكمة تجارب في مجال أصعب من الحروب النظامية، حرب العصابات وحرب المدن. كما توفرت لعناصر الجيش المغربي أكثر من فرصة في مجال التدخلات الإنسانية والاجتماعية، إذ حظي المغاربة بإعجاب دولي بفعل تدخلهم في هذا المضمار.
كما أن هناك مجال المناورات العسكرية المشتركة (اسبانيا، الولايات المتحدة – البحر الأبيض المتوسط ـ حلف الناتو) التي تشكل مناسبات خبرة في أمور الدفاع والحرب بطرق حديثة. ويبقى الأساس في التكوين مستندا إلى الأكاديميات المغربية وبعض التداريب خارج الوطن بأوروبا وأمريكا.
وإذا كان الضباط المكونون حسب النهج الفرنسي (وإلى حد ما النهج الإسباني)، يشكلون الأغلبية من الناحية العددية، فإن ضباط الجيل الحالي قد تطبعوا أكثر من السابق بنهج
التكوين الأنكلوساكسوني. علما أن هناك قلّة من الضباط من ا لأجيال السابقة تلقوا تكوينهم في المشرق العربي (العراق، سوريا) غير أن تأثيرهم لم يكد يبين في صفوف الجيش.
وقد تكوّن الرعيل الأول من الضباط في الأكاديمية الملكية بمكناس ("الدارالبيضاء" قديما) وبـ "سان سير" بفرنسا وأكاديمية طليطلة بالديار الإسبانية، ومنذ السبعينات اعتمدت القوات الجوية على التكوين بالديار الأمريكية.
قادة الجيش

عرفت قيادة الجيش المغربي عدة تغيرات منذ نشأته سنة 1956 خصوصا بعد الانقلابين الفاشلين ، إذ تم إلغاء هذه حقيبة وزارة الدفاع وأصبح الملك هو القائد الأعلى ورئيس أركان الجيش. أما هيئة الأركان فتتشعب إلى عدة مكاتب أهمها:

المكتب الثالث : من مهامه دراسة مشاريع الصفقات العسكرية قبل إحالتها على القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، والتنسيق مع الدول الصديقة لإقامة مناورات عسكرية ... وقد ترأسه الجنرال بوشعيب عروب.

المكتب الخامس : مهمته ضبط تحركات الجيش و الحيلولة دون حصول اختراقات للجيش من طرف جماعات معادية
وتتكون قيادة الجيش من مجموعة من الجنرالات تنقسم رتبها إلى:
- جنرال دوبريكاد
- جنرال دو ديفيزيون
- جنرال دكور دارمي
و يبدو، حسب أغلب الخبراء العسكريين أن عدد الجنرالات بالجيش المغربي، وافر مقارنة بالعدد الإجمالي للجنود ( جنرال واحد لكل 4000 عسكري تقريبا) و كذلك بعدد الجنرالات في جيوش الدول الأخرى.
القضية الأمنية مجال العسكريين
لجنرالات المغرب الكلمة الأولى والأخيرة في المجال الأمني بدون منازع، وصناعة القرار بهذا الخصوص تظل عسكرية مائة في المائة، وقد تأكد هذا بجلاء بعد أحداث الدار البيضاء يوم 16 مايو 2003، إذ في يوم الغد اجتمع بالديوان الملكي كل المسؤولين الأمنيين بالمملكة، حضر هذا الاجتماع 6 جنرالات كان على رأسهم الجنرال حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، وهم: الجنرال حميدو لعنيكري رئيس الديسطي آنذاك، والجنرال العربي بلبشير رئيس المكتب الخامس آنذاك، والجنرال حرشي رئيس لادجيد آنذاك، والجنرال بناني قائد المنطقة الجنوبية والجنرال القادري المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقتئذ.
وكان الهدف من هذا الاجتماع الطارئ الاقتراح على الملك خطة ومنظورا جديدين لإعادة هيكلة مختلف المصالح الأمنية والمخابراتية، المدنية منها والعسكرية، وخلال هذا الاجتماع برزت فكرة إحداث وزارة الأمن الداخلي التي ستضطلع بمسؤولية كل المصالح الأمنية والمخابراتية المدنية، وذلك انطلاقا من تجميع مديرية الشؤون العامة التابعة لوزارة الداخلية ومديرية مراقبة الترب الوطني (الديسطي) والاستعلامات العامة (ليرجي).
أما فيما يتعلق بالمجال العسكري، فقد كان من المفروض أن الجنرال القاديري سيتكلف بإعداد إحالة مجموعة من الجنرالات على التقاعد وتعويضهم بضباط سامين شباب في المواقع الحساسة الحيوية، لكن المرض لم يسعفه على ذلك، فالتمس من الملك إعفاءه واقتراح تعويضه بالجنرال عبد العزيز بناني.
من النشأة إلى إعادة الهيكلة
كان ميلاد القوات المسلحة الملكية يوم 14 مايو 1956 تحت إمرة قائدها الملك الراحل الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك).
وتكونت الأفواج الأولى من الضباط بأكاديمية مكناس (الدار البيضاء) أو بـ "سان سير" بفرنسا أو بالأكاديمية العسكرية بطليطلة بالديار الإسبانية أو في الأكاديميات العراقية وغيرها. وكانت مدة التكوين آنذاك قصيرة لا تتعدى سنة واحدة، اعتبارا للحالة الاستعجالية مادام الجيش المغربي لم يكن ليكتفي ببعض الضباط الكبار المغاربة الآتين من الجيش الفرنسي، من أمثال محمد الكتاني وإدريس بنعيسى وإدريس بنعمر ومحمد أفقير ومحمد مزيان وآخرين، ممن التحقوا بالجيش المغربي مباشرة بعد الاستقلال.
وقد تكونت النواة الأولى من هؤلاء، من مجموعات " ڭ-;-وم" الجيش الفرنسي و"محالة" الجيش الإسباني قبل أن تلتحق بهم سنة 1958 عناصر جيش التحرير؛ آنذاك كان الجنرالان الكتاني ومزيان هما الماسكين بجميع خيوط دواليب التسيير العسكري بدعم من فرنسا وتحت عيونها.
في مرحلة النشأة، تكلف الجنرال المذبوح بخلق الحرس الملكي الذي احتل موقعا خاصا ضمن المؤسسة العسكرية بالمغرب. إذ ضم منذ البداية أحسن العناصر وأبرزها، ومن ضمنهم عبد الحق القادري (الذي سيحتل لاحقا موقع رئيس "لادجيد") وكان قبطانا آنذاك نودي عليه من باريس، ومن بينهم كذلك عبد الرحمان لحريزي المفتش العام لاحقا للقوات المساعدة، وبوبكر سكيرج الذي سيحتل موقع مرافق للملك الراحل الحسن الثاني، وآخرون شكلوا الواجهة السياسية والعسكرية للبلاد على امتداد فترة من الزمن، آنذاك كانت الرغبة حاضرة في عدم الفصل بين الجيش والسياسة رسميا، وتأكد ذلك أكثر في الوقت الذي أصبح فيه محمد أفقير وزيرا للداخلية (منذ 1964) ومحمد المذبوح الشخصان الأقرب للملك.
وبعد سنة 1971، راكم أفقير مسؤولية وزير الداخلية ووزير الدفاع، وأمر آنذاك بمضاعفة أجر جنوده، وأرغم وزير المالية على توفير أغلفة مالية مهمة لإنجاز مساكن للعسكريين.
فأغلبية الرتب الهامة في الجيش خلال فجر الاستقلال كانت من حظ من خدموا الجيش الفرنسي وقلائل ممن خدموا الجيش الإسباني، انضمت إليهم عناصر جيش التحرير الذين كانوا يرغبون في أن يلعب الجيش دورا في الحياة السياسية.
بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين، خضعت المؤسسة العسكرية لإعادة الهيكلة بدءا من سنة 1972، واهتمت بالبنية التنظيمية، لاسيما على مستوى الهياكل القيادية التي أضحت كلها تحت الإمرة المباشرة للملك بدون أي وسيط. آنذاك تم إلغاء وزارة الدفاع ومنصب وزير الدفاع، وتم الحد من عدد العسكريين وحصره في الضروري اللازم بما يتطلبه حفظ الأمن، وتم التخلي عن فكرة التوفر على قوة هجومية. وتزامنت هذه القرارات مع تقوية القوات العسكرية الموازية: الدرك الملكي والمصالح المخابراتية والقوات المساعدة. في هذه الفترة سطع نجم الكولونيل أحمد الدليمي، وتقوى موقع الجنرال عبد الحفيظ العلوي الذي مكنه قربه من الملك الراحل الحسن الثاني، ضمنيا وليس رسميا، من احتكار سلطات واسعة داخل الجيش.
لكن في سنة 1974، دفعت قضية الصحراء إلى إعادة النظر في القرارات السابقة التي أملتها إعادة الهيكلة المعتمدة، وكان من الضروري تعزيز صفوف الجيش بدماء جديدة للتصدي لتحرشات الجزائر والبوليساريو آنذاك.
العسكر والنشاط المدني السامي
منذ نشأة القوات المسلحة الملكية ظل الخطاب الرسمي يقر أن الجيش لا سلطة سياسية له، وذهب العارفين بخبايا الأمور، إلى اعتبار أن إشكالية السلطة بخصوص الجيش لا يجب النظر إليها انطلاقا من المؤسسة العسكرية ككل، وإنما انطلاقا من بعض عناصرها؛ ففي البداية اضطلع جملة من الضباط السامين بمهام مدنية كبرى، فمثلا الجنرال بلعربي كان عاملا على إقليم الرباط والجنرال بوكرين عاملا على إقليم فاس والكولونيل هدة عاملا على وارزازات وأكوداد على إقليم كلميم وحسني بنسليمان عاملا على إقليم الغرب (القنيطرة).
وبعض الجنرالات اضطلعوا بمهام وزير ومهام مدنية سامية، إلا أن هذا الوضع لم يؤد إلى "عسكرة" دواليب السلطة وصناعة القرار بالمغرب، دون نفي أن نخبة النخبة العسكرية ظلت دائما تشكل ضغطا من خلال قوتها لتكون مشاركة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، في السلطة وصناعة القرار وتوجيه الاختيارات المعتمدة.
في السابق كان الجنرال محمد أفقير والجنرال المذبوح، بحكم مهامهما الثقيلة، يساهمان في الظل في صنع القرار وفي تدبير الشأن السياسي بالبلاد، إلى جانب الجنرال عبد الحفيظ العلوي وبعض الجنرالات الآخرين الذين كانوا يشكلون نخبة النخبة العسكرية آنذاك.
وابتداء من سنة 1972، بعد إعادة هيكلة قيادة الجيش، غادر الضباط السامون ثكناتهم للاضطلاع بمهام مدنية وتدبير الشأن العام الوطني والمحلي، وقد هندس الجنرال عبد الحفيظ العلوي لجملة من تعيينات العسكريين في مناصب مدنية هامة جدا، وأغلب الضباط السامين الذين ظلوا يحتلون مواقعهم، مع حلول عهد الملك محمد السادس هم من هذا الرعيل.
وبالنسبة للمحجوب طوبجي، فإنه يعتمد أطروحة بسيطة للغاية مفادها أن المغرب، منذ حصوله على الاستقلال، لم يسيره الملك وإنما نخبة من الجنرالات، على رأسهم الجنرال محمد أفقير، رجل الستينيات القوي، ثم أحمد الدليمي وصولا إلى الجنرال حسني بنسليمان قائد الدرك الملكي.
ومهما يكن من أمر فولاء نخبة النخبة العسكرية هو ولاء خاص تكرست قواعده ومسلكياته في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بل منذ تأسيس القوات المسلحة الملكية العسكرية سنة 1956 حين كان الملك وليا للعهد.
على سبيل الخلاصة
إن الجيش لم يكتف بدوره الطبيعي في حماية السيادة وإنما انتقل، من وراء الستار، من حدود الوطن إلى حدود السلطة والسياسة، وذلك عبر جملة من الجنرالات شكلوا نخبة النخبة العسكرية المؤثرة في صناعة القرار والمساهمة في بلورة الاختيارات الكبرى وتوجيههما.
فالجيش المغربي ظل أداة السلطة، وتكرَّس هذا الوضع بفعل التماهي بين السياسة والسيادة وبين الوطن والنظام السياسي. وظل الجيش المؤسسة التي تمتلك قوة لا تمتلكها أي مؤسسة في المجتمع.

عبد الرحيم العطري * باحث في مجال السوسيولوجيا
الجنرالات يشكلون "نخبة النخبة العسكرية"
بالنسبة لعبد الرحيم العطري، ظل الجنرالات يشكلون "نخبة النخبة العسكرية" وراء الستار، وهي نخبة تحوز سلطة فائقة تمكنها من التأثير المباشر في مختلف القرارات والاختيارات المعتمدة، وهذا الموقع ساهم إلى حد كبير في تقزيم دور الأحزاب السياسية من خلال المساهمة في صناعة القرار بالمغرب.
وإبان فترة من تاريخ البلاد عمدت بعض الفعاليات السياسية المحسوبة على المعارضة آنذاك إلى المرور، مضطرة من بوابة المؤسسة العسكرية، فاتجهت إلى الاتصال ببعض الضباط السامين ذوي النفوذ والمواقع الحساسة بنية تفعيل تغيير بالبلاد، وهذا ما كشفته جملة من الكتابات منذ منتصف التسعينيات، لاسيما بخصوص البحث عن تنسيق مجدي لقلب النظام الملكي.
ولرسم صورة عن النخبة العسكرية للقارئ، أحصى عبد الرحيم العطري عناصرها منذ حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956. وقسم الباحث النخبة العسكرية إلى خمسة أجيال رئيسية:
1- جيل التأسيس، من عناصره البارزة الجنرالات حمو الكتاني وعبد الحفيظ العلوي وإدريس بن عمر ومحمد بنعيسى.
2- جيل حرب الرمال ضد الجزائر، ومن عناصر البارزة الجنرالات لوباريس والقادري وعروب وأوفقير والمذبوح وحسني بنسليمان.
3- جيل حرب الصحراء ومن أبرز عناصره، الدليمي وبوطالب والتريكي والزياني وعبد العزيز بناني.
4- جيل البروز في المشهد السوسيوسياسي، ومن أبرز عناصره الجنرال حميدو العنيكري قبل تقهقره والجنرال الحرشي.
5- جيل البعثات الدراسية، من أبرز عناصره الكولونيل ماجور برادة والكولونيل ماجور الوادي.

ويخلص عبد الرحيم العطري إلى القول بأن الجيش بالمغرب لم يكتف بدوره الطبيعي في حماية السيادة الترابية، بل انتقل بكل ثقله المادي والرمزي من حدود الوطن إلى حدود السلطة والسياسة، بل إلى كثير من المجالات والفعاليات المجتمعية المدنية كالرياضة والثقافة والميدان الاجتماعي.
ولعل أحسن وصف اعتمده الكاتب هو قوله إن العلبة البكماء داخل النسق المغربي (الجيش) تشكل سلطة فوق السلط.
* عبد الرحيم العطري من الكتاب المغاربة القلائل الذين اهتموا بإشكالية علاقة المؤسسة العسكرية بالسلطة والسياسة وصناعة القرار بالمغرب، وهو صاحب مؤلف "صناعة النخب بالمغرب"،


محمد الغماري*
الثالوت الذهبي
منذ سنوات أقرّ محمد الغماري أن فكرة نعت الثالوث، بنسليمان وبناني وعروب، بـ "المثلث الذهبي" جاءت نظرا للنفوذ الكبير الذي يحظون به وسط الجيش، واستمرار قربهم من الملك، وهم الذين على اضطلاع دائم بمختلف الأسرار، إنهم رجال ثقة الملك، إذ لا يوجد من ينافسهم بهذا الخصوص.
ظل يعتقد أن مشكل الخلف مطروح بالمغرب في مختلف الميادين، وهل هو قادر على تعويض من هم أكثر تجربة ومراسا منه، علما أنه لا وجود لأجهزة تنسيقية فكرت مسبقا في إعداد هذا الخلف كما هو الحال في بلدان أخرى. علما أيضا أن المؤسسة العسكرية تتوفر على أطر مكونة تكوينا جيدا في الداخل والخارج، كما تطرح إشكالية تنافر العقليات بين الجيل القديم الذي لا يعترف إلا بالرتبة العسكرية والجيل الجديد الذي يولي أهمية أكثر للتكوين العلمي. هذا في ظل سيادة سلوك الانضباط الحديدي ، غير أن هؤلاء لا تأثير لهم ولا يمكن أن يساهموا في أي تغيير باعتبار أن كل تغيير داخل المؤسسة يجب أن يقرر من طرف الملك وحده دون سواه.
وبخصوص كثرة الضباط السامين رأى محمد الغماري أن المجموعة التي كوّنت من الضباط السامين (جنرال، كولونيل ماجور، كولونيل) كثيرة العناصر بالمغرب بالنسبة لحجم بلادنا وكذلك بالنسبة لدور المؤسسة العسكرية. ففي الدول التي عرفت حروبا كبيرة، كان عدد هؤلاء الضباط مهما آنذاك، نظرا للدور الذي كان يلعبه هؤلاء، كانت الترقية تسير بوتيرة سريعة، أما في وقت السلم، فإن الدول العظمى قلصت هذا العدد من الجنرالات، رغم أنها تتوفر على عدّة مدارس ومعاهد عليا للتكوين العسكري، حيث إن أغلب الضباط يحالون على التقاعد قبل الوصول إلى رتبة جنرال، علما أن الذين حظوا بها وصلوا إليها في آخر مشوارهم وليس في سنّ مبكّر. وكثرة هؤلاء الضباط تؤدي إلى بروز صراعات ومجموعات متناقضة فيما بينها، رغم ظهور نوع من الانسجام في المؤسسة العسكرية عند الطوارئ أو الأزمات السياسية والاجتماعية، كما هو معروف لدى مختلف الجيوش بصفة عامة، ولكن مع كثرة الضباط السامين تبرز خلافات ونزاعات.

*محمد الغماري، من المغاربة الأوائل الذين اهتموا بالدارسات الاستراتيجية، حاصل على الدكتوراه من جامعة باريس 2 في بداية السبعينات، صادف صعوبات جمة، رغم أنه لا انتماء سياسي له، في أبحاثه ومحاولاته لتنشيط خلية تهتم بالدراسات الاستراتيجية بالمغرب
بيير فرمرن*:
مؤسسة الجيش حاضرة في صناعة القرار وستظل تلعب هذا الدور

يعتبر بيير فرمرن أن الجيش بالمغرب ظل يلعب دورا كبيرا منذ أن وقع الجنرال ليوطي معاهدة فاس، وعلى امتداد مرحلة الحماية عوض الجيش الفرنسي باريس في تدبير "القضية المغربية".
وبعد الاستقلال، كانت مجموعة الضباط السامين المغاربة هم الذين شكلوا آنذاك المؤسسة الوحيدة المهيكلة هيكلة جيدة، التي تركتها فرنسا وراءها بعين المكان، وعلى امتداد الستينيات ساهم الجيش بدرجة كبيرة جدا في إرساء مغرب المستقبل من خلال أقوى شخصيتين آنذاك، الراحل الحسن الثاني ومحمد أفقير، اعتبارا للخصاص الحاصل في الأطر المغربية ذات الكفاءة آنذاك من جهاز الدولة. علما أن الملك الراحل الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك)، كان أول ما بدأ به مباشرة بعد الإعلان عن الاستقلال، الشروع في تحديث وهيكلة القوات المسلحة الملكية تحت قيادته وإمرته المباشرة؛ وعلى امتداد فترة 1956 – 1972، كانت المؤسسة العسكرية حاضرة بقوة في مختلف دوائر صناعة القرار سواء المركزية منها أو المحلية.
لكن بعد موت الجنرال أفقير، تغير موقع المؤسسة العسكرية وفقدت مساحة شاسعة من هامش حريتها، إذ أضحت تحت الوصاية السياسية وأحيانا تحت رحمة وصاية الداخلية.
ولكن المغرب منذ منتصف السبعينيات إلى بداية الثمانينيات كان في حرب؛ وفي ظروف الحرب، كما هو الحال في جميع بلدان العالم، تلعب مؤسسة الجيش دورا أساسيا.
وبالنسبة لحالة المغرب، ظل القصر الملكي ووزارة الداخلية يدبران الركح السياسي والإداري، في حين لعب الجيش الدور الأهم بخصوص العلاقات الدولية (لاسيما على امتداد مرحلة الحرب الباردة) وكذلك على مستوى العلاقات مع الجزائر، هذا علاوة على تحكم جنرالاته في مجال التعاون العسكري مع إفريقيا، وقد تأكد هذا المنحى من خلال حصة الأسد التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية من ميزانية الدولة.
ولازالت المؤسسة العسكرية إلى حد الآن تلعب دورا أساسيا، إنها من المؤسسات القليلة التي تشتغل جيدا وتضمن أمن البلاد، وقوتها تكمن بالأساس في كونها تجعل المغرب في مكان التفاوض مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي وإسبانيا، وتجعل الجزائر لا تتجاوز الحدود.
كما أن دورها حيوي في مجال التعاون مع فرنسا وإفريقيا السوداء.
إن بيير فرمرن يرى أن مؤسسة الجيش بالمغرب مؤسسة قوية، ربما أقوى مؤسسة، واعتبارا لقوتها هذه، فإنها ظلت حاضرة في آليات صناعة القرار وتوابعه، وستظل تلعب هذا الدور.
* بيير فرمرن PIERRE VERMEREN، فرنسي متخصص في التاريخ، عاش 8 سنوات بإفريقيا الشمالية، وخصوصا بالمغرب، حيث درّس التاريخ بثانوية ديكارت بالرباط لمدة 6 سنوات، وهو صاحب كتاب "المغرب في تحول" الصادر سنة 2001.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطالة تزداد استفحالا ... والغالب الله
- من ينصف الشعب في زمن التناقضات
- نريد دولة القانون بلا -صقور- فوق القوانين
- 20 فبراير شرارة ربيع سرعان ما تحوّل إلى خريف
- إلى متى سيظل السياسيون يضحكون علينا؟
- المغرب: وجب انتظار ولوج الجمل في سمّ الخياط
- تزييف الوعي التاريخي
- المجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان الاستبش ...
- في الضبابية نحيا
- كيف تقعّد الريع عندنا؟
- متى سنقطف ثمرة ديمقراطية العيش؟
- مصيبتنا عويصة حقا
- اللاجؤون بالمغرب قضية ظل يحوم حولها الضباب الكثيف
- فاضل بنعيش السفير الملكي بالمملكة الإسبانية
- هل تصبح الجزائر قوة الفضائية في عام 2014؟ هل قمرها الصناعي ا ...
- المغرب و-الناتو- أوّل -شريك- إفريقي ومغاربي
- لا نكذب على أنفسنا الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ليست على ما ...
- بنكيران يستعين بأربعة حراس شخصيين هل أضحى الوزير الأول يخشى ...
- نحصد ما زرعناه
- تحريف التاريخ طريق مسدود الشباب الجزائري يتفاءلون بقرب سقوط ...


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الجنرال بوشعيب عروب منذ 2008 راجت إمكانية توليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية