أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - طيري ياطياره طيري ...!














المزيد.....

طيري ياطياره طيري ...!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 14:34
المحور: الادب والفن
    


(( حين يسأل المتصوفة بعد ألف عام من نهاية زمن التكيات وصلبها بالخازوق..
أين انتم من الموسيقى ؟
البسطامي والحشد المصطف بجبته من الحلاج وحتى السروجي
سيهتفون مثل فرقة كورال :
أودعناها بحنجرة فيروز …))
قصيدة كتبتها بمناسبة بلوغ فيروز عامها السبعين عام 2005

يقول أبي : نحنُ نصنع الطائرة الشعرية من الورق ، والروس يصنعون طائرة الميك الحربية من الحديد . قالها بعد أن ثقفتهُ المدينة عندما أرغمتنا حشرة البلهارزيا التي بنت أعشاشها في مثانتي وأخوتي بسبب عفونة ورداءة الماء الذي نشربهُ ونسبح فيه ، لنهاجر من قريتنا ونبيع جاموسنا ونلجأ الى المدينة هاربين من لعنة التجفيف والأمراض وتهديم المدرسة لتناقص اعداد التلاميذ.
لم نكنْ نعرف صناعة الطائرات الورقية في الريف ، وكان يفزعني جداً صوت طائرات الميك التي كانت تخترق براءة المكان وبكارته وتمزق الصمت الجميل ، ومرات تدفع الاسماك لتنفق وتطفو ميتة عندما تمر على الاهوار بأرتفاع منخفض جدا لتتحاشى المقاومات الارضية من الجانب الايراني وهي ذاهبة لتقصف اهدافاً في جبهة الاحواز.
لم اكن أعِ الحرب ، وكنت اشعر بسعادة غامضة عندما تمر الطائرات رغم زعيقها المخيف ، وكنت أرفع يدي ملوحا لها وفي قلبي امنية لتهبط وارى شكل هذا الطائر الحديدي الضخم الذي لم اره بعد في صحيفة مصورة أو تلفاز ، واتذكر عندما هاجرنا الى المدينة وعمري 10 سنوات ، والحرب لم تزلْ مشتعلة حين رأيت الجريدة لأول مرة ، عندما رافقتُ أبي في عمل له في السوق ، عندما استراح في واحدة من المقاهي ، وهناك رأيت ورقة عريضة يرفعها رجل يرتدي نظارات ويتطلع فيها ...
وعندما سألت ابي عنها .؟
قال :هذه ورقة تظهر فيها صورة الرئيس واخبار الحرب واشياء اخرى لا أعرفها.
لهذا ارتعبت مفزوعا عندما اراد الطفل ( الحَضري ) جارنا في بيئتنا الجديدة أن يعلمني صناعة الطائرة الورقية ، وقد ادهشني طيرانها مع نسائم الريح وبألوانها الزاهية ، وقارنتها مع الطائرات التي كانت تمر فوق قريتنا ، فوجدت طائرة الورق اكثر رقة وهي لاتملك صوتا مدويا يصُم الأذن ، ارتعبت لأن الطفل ( حكيم ) أراد أن يصنع لي طائرة من ورق الجرائد.
قلت مرتعباً :كيف تصنعها من هذا الورق وفيه صورة الرئيس؟
ضحكت وقال : لاتخف الجريدة فيها صفحات كثيرة ، نحن نصنع طائراتنا الورقية من الصفحات الرياضية..!
اكتشفت حينها عالم الجريدة وموضوعاتها ، وعشقت هذا العالم وتمنيت أن أكون احد الذين يساهمون في الكتابة في هذه المساحة المغرية من دهشة الحروب والكتابة والصور ، وكنت كلما اصنع طائرة ورقية من جريدة ، اتخيل اللاعبين الرياضيين طائرين وممثلات السينما ورؤوساء الجمهوريات والملوك والدبابات وابراج الحظ ، وكلما هو مكتوب ومصور في الجريدة ، عدا الصفحة الاولى التي تحمل صورة الرئيس حيث كنت اخاف أن تتمزق الطائرة او تسقط ، فيهوي الرئيس وتتمزق بدلته ، أو تنكسر رقبته ، فيأخذون ابي الى السجن بتهمة التآمر ، وربما لن نراه مرة اخرى.
أقترنت بهجة صناعة الطائرة الورقية بوجه الرئيس وبزته العسكرية ، وحتى اتخلص من هذا الرعب رحتُ أدخر مما يعطيني أياه أبي من مصروف يومي ، لاشتري ورقاً ملوناً صُنعَ خصيصا من اجل الطائرات الورقية ، فتغيرت سعادتي وصارت اكثر بهجة وانا اخلص ذاكرتي من رعب وجه الرئيس عندما تسقط الطائرة الورقية التي نصنعها من الصحف ومعها يسقط الرئيس في بركة طين أو فوق احدى السطوح فتكون الكارثة ، وايضا نسيت لحظات الرعب في تخيل طائرة الميك ، وأتسعت سعادتي لتصبح سعادة شعرية كما وصفها أبي عندما كنت فوق سطح بيتنا في واحد من صباحات الصيف المشمسة متمتعا مع طائرتي الجديدة الملونة وسمعت صوتا ملائكيا من مذياع جارنا يغني اغنية تقول :
(( طيري ياطيارة طيري
ياورق وخيطان ...
بدي ارجع طفلة ازغيره
على سطح الجيران ))
وهكذا منحتني الطائرة الورقية فتنة جديدة ،غيرت في عاطفتي الطفولية ودفعتها الى شباب مبكر .
لقد كان صوت فيروز بوابةً لاكتشاف الخواطر والأحاسيس الجيدة ، عندما صنعت لنا ألفة من الحب والسفر والكتابة ، وصارت كل أغنية من أغانيها طائرة ورقية نعتليها ونسافر فيها لمدن نحلم بالوصول اليها ، لندن ، روما ، باريس ، براغ ، أسطنبول ...
كنا نحلق مع الطائرة الورقية ونجوب قارات الارض كلها بفضل تلك الاغنية الفيروزية وهي تجمع شتات الذكريات في طرف الجفن وتصوغهُ لنا عقدا من قبلات الفم أجمعها بشجاعة محارب طروادي واطبعها في أول مشاعر غرام على فم بنت الجيران ..!


روما في صيف 2011



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المِعدان يعشقونَ أيطاليا وصوفيا لورين...........!
- ( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )
- داعش لاتشبه مراكش ..ولا تشبه العش ..
- فاجينتي مالا.. اللون الأحمر والعنبر ..!
- الناصرية.. شهيدٌ من دير متي والزقورة وبطن الحوت..!
- خوذة الله وخوذة العباس.وخوذة الجندي المنكسر ..!
- الناصرية تبكي من أجل نينوى ..!
- ملاكٌ على شكل قصيدةٍ ونهدْ.......!
- النشيد التأريخي لمعدان باريس
- الله وروح الشاعر والرسام والموسيقي والصائغ..!
- أحتمالات الغيب في شهوة الكأس
- وجه المونليزا قراءة جديدة في رؤى الجمال والعولمة
- الناصرية ... ألأطفال الفقراء شهداء شموع زكريا
- رسالة رثاء إلى ماركيز وأحمد المظفر وأنكيدو.............!
- أساطير الناصرية والسينمات الصيفية..!
- أسطورة غرام سومرية ( حكاية ، يوسف الناصري )
- الناصرية سطور ، وعطور ، وخبز التنور .........!
- السفرُ إلى الفضاء البعيد ............!
- فضاء العبادة ، ومساحة القلب..!
- المدينة وما تبقى من ذكرياتها.............!


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - طيري ياطياره طيري ...!