أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها: مسائل ضدّ الدين والتدين [3]















المزيد.....

أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها: مسائل ضدّ الدين والتدين [3]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4491 - 2014 / 6 / 23 - 17:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


# أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
((الفصل الثالث من كتاب "مسائل ضدّ الدين والتديّن"))

يمكننا إرجاع أصل الاحتفالات والعادات والعطل والتقاليد الدينية عبر التاريخ البشري وعبر معتقداتنا الدينية وعاداتها وتقاليدنا الحالية، إلى أعراق وقبائل في مراحل مختلفة من التطور الحضاري والعقلي.
هناك الآن ميل عام عند العلماء من أدعياء العلم لنفسير الديانات البدائية على أساس ما يسمى بالحاجة إلى التطور الروحي المزعوم. إنهم يضعون الجزرة أمام الحصان. فما يسمى بالتطور الروحي هو نتاج سنوات عديدة وعصور من الممارسات والطقوس البدائية والخرافية والدينية القديمة. إنهم يسعون لتبرير إحدى خصائص وسمات البشر والتي تتضمّن الممارسات الخرافية التي تتعارض ليس فقط من العلم والمعرفة العلمية إنما مع المعرفة العامة والحس السليم، وذلك عن طريق أساليب مختلفة ومنحرفة ومن خلال حجج مختلقة وملفّقة بشكل وقح.
الأعياد والاحتفالات الدينية تحدث عادةً في أوقات الانتقالات بين الفصول. من هنا نرى أنّ عيد الميلاد، الكريسماس، الذي يفترض أنه يوم مولد يسوع المسيح، يحدث أثناء فترة الانتقال الفصلي وتغيّر فترة النهار، وعلى الأغلب كان هذا اليوم حسب التقويم القديم هو 21 ديسمبر/كانون الأول. عيد الفصح والعديد من الأعياد والمناسبات الدينية تحدث في فصل الربيع كما أنّ العديد من المناسبات تقع في منتصف فصل الصيف وفي فصل الخريف.
جميع هذه الاحتفالات والأعياد تعود لأسباب طبيعية. فالإنسان القديم كان يعتمد بشدة على الشمس. وأثناء الكسوف كان يخاف ألا تعود الشمس للظهور مرة أخرى. وحتى اليوم في الصين، نلاحظ استمرار العادات والممارسات البدائية القديمة التي تتمثل في القرع على الطبول، العزف على الصنوج، والنفخ في الأبواق لطرد التنين الذي يفترض أنه يبتلع الشمس. لابد أنّ الإنسان القديم كان يخاف الظلام، لأنه لم يكن قد اكتشف النار بعد، ولم يكن يمتلك وسيلة دفاع فعّالة ضدّ الحيوانات المفترسة. لذلك، كان من السهل فهم عبادة الإنسان القديم للشمس كما مارسها المزدكيون، وهم فرقة قديمة من بلاد فارس مازالت موجودة حتى الآن، وكما فقل الآزتك والإنكا في العالم الجديد، والعديد من الأديان والمعتقدات الدينية البدائية القديمة. ثم جرت شخصنة الشمس وعبادتها كإله. فالإغريق القدماء والرومان مارسوا هذه العبادة. كان إله الشمس مطلق القوة والقدرة، وكان يعني كل شيئ بالنسبة للإنسان البدائي. أمّا قوى الظلام التي تبعد الشمس أو تبتلعها فكانت عدواً مبيناً للبشر وبذلك تطورت لتتحوّل إلى شخصية الشيطان أو الشرير. أمّا الجحيم عند المذاهب والمعتقدات البدائية القديمة، وحتى عند المسيحيين الأوائل كان مكانها تحت الأرض، حيث كانت تتمركز قوى الظلام، والتي كانت لا تطيق أشعة الشمس وقوتها.
من السهل فهم كيف عبد البشر البدائيون القدماء القمر بوصفه إله ثانوي، لأنّ القمر منحهم نوراً وحوّل لياليهم الموحشة والمليئة بالرعب والخوف إلى ليالٍ مريحة وآمنة ومحمولة. لذلك كانت السنة مقسّمة على أساس حركة الأرض حول الشمس وكان الشهر مقسّماً على أساس تغيّر القمر. وكلمة شهر month بحدّ ذاتها جاءت من كلمة قمر moon. ما أن أصبح النهار يصبح أقصر، أكثر بدورة وظلاماً خلال فصلي الخريف والشتاء، ازداد خوف الإنسان وقلقه من قدوم كارثة ما، لكن عندما تمكّن رجال الدين والشامانات وكهنة القبيلة القدماء من تحديد وإعلان الفترة التي بدأ فيها النهار يصبح أطول وأدفأ كان ذلك الوقت هو وقت انقطاع الخوف والقلق وبداية الاحتفال وتقديم الأضاحي. وحتى عادة تقديم الهدايا وقصة بابا نويل أو السانتا كلوز جميعها نشأت من العادات الإسكندنافية القديمة ما قبل المسيحية. وربما قام بعض الزعماء الدينيون القدماء باستغلال جهل الإنسان القديم ومنحوها الفضل لهذه التغيرات الفصلية.
الديانة المسيحية، كغيرها من الديانات الأخرى، وجدت أنه من الأنسب لها استخدام أيام الاحتفالات والأعياد القديمة التي كان يحتفل فيها في الأزمان الطوطمية والوثنية، لذا أصبح من السهل تبديل إله الشمس بيسوع المسيح، الذي قيل أنه المخلّص وشمس المساكين تماماً ، كنا كانت الشمس المخلّص المشخصن للشعوب البدائية.
الفصح بدوره يأتي مع فصل آخر، وهو فصل الربيع، حين تعبر الشمس عن ذاتها بكامل قواها. تنفجر الغابات بالأزهار والشجر بالأوراق الخضراء اليانعة والثمار الناضجة، وتمتلئ بالطيور وجميع أنواع الحيوانات، وحتى الإنسان القديم، كالإسكيمو على سبيل المثال، جميعهم يحدّدون فصل الربيع وبشكل غريزي تقريباً بوصفه موسم التزاوج والتكاثر. هنا مرة ثانية مناسبة للاحتفال بانتصار قوى النور على قوى الظلام. وضمن تلك الدوائر التي يحدث فيها تغير فصلي، يكون الاحتفال شاملاً وعلى نطاق واسع.
بعد فصل الصيف والحصاد، عندما يكون الإنسان قد حصد ثمار فصل الصيف الطويل، من الطبيعي أن يحتفل، وينبغي عليه التعبير عن هذا الشعور بالتآلف والاتفاق في أعياد الشكر، التي كانت شائعة جداً في جميع البلدان. هنا مرةً أخرى يختطف رجال الدين والكهنة والزعماء الدينيون القدماء التعبير الديني عن الاحتفالات والأعياد.
وعلى غرار القبائل البدائية في إفريقيا، البحار الجنوبية، والهند اليوم، كان الإنسان البدائي القديم يعتبر كل شجرة أو حجر بداخله روحاً. فالأرواحية Animism هي سمة عامة ومشتركة بين جميع الشعوب البدائية. الأصوات الغريبة والغامضة للرعد، والوميض الساطع والغاضب للبرق، الأصوات الغريبة للأخشاب والغابات، صوت الريح، البحر، الأنهار، وتصدّع الجليد والصخور الناجم عن تمدّد الجليد وتغيّر الطقس، جميعها كانت ظواهر غير مفهومة، وأوحت له بأفكار عن الروح والشياطين التي قد تلحق به الأذى ما لم يقدّم لها أضاحي ليسترضيها.
هناك بعض الشكوك في أنّ القصص الفولكلورية عن الأشباح والأرواح والجنيات قد تطورت عن الأضواء الفوسفورية اللامعة ليعاسيب الليل، من الحشرات المضيئة، والفطريات المشعّة في الغابة. الأضواء الغريبة، أو أصل ما كان غير معروف للبشر على مدى قرون، قد ملأتهم بمشاعر الخوف والرهبة والترقّب. بعض القصص الأيرلندية والروايات الإسكندنافية عن الأرواح والجنيات يمكن إرجاعها إلى هذا الأصل. لذا، يصبح من المفهوم كيف أنّ الدين قد نشأ وتطور من هذه الظواهر الطبيعية البسيطة والغامضة في آنٍ معاً، كما أنّ هذه الخيالات والأفكار ، ما أن بدأت، حتى بات من الصعب كبحها وإيقافها. خاف الإنسان البدائي من الشك في قوة أيٍ من هذه الأرواح والآلهة أو الشياطين. وبما أنها خفية ومحجوبة عن الأنظار، فبإمكانها معرفة ما يجول بخاطره أو ما الذي يتحدث عنه، وقد تلحق به الأذى والضرر.
اليوم نرى القبائل الأكثر بدائية في البحار الجنوبية، أفريقيا، أمريكا الجنوبية والشمالية، والهند، يحملون العديد من التمائم الكبيرة الرموز، الحجارة، والسلاسل المخرّزة، وجميع الأشياء لحماية أنفسهم من التأثيرات الشيطانية المفترضة لأرواح الأشجار والحجارة والحيوانات، والبشر الآخرين. أغلب الجنود، الطيارين، وغيرهم من الناس يحملون مثل هذه الرموز والتمائم لجلب الحظ الجيد وكحماية ضد الشرور المحتملة. والعديد منهم يؤمنون بها. إحدى الشركات الصناعية مضت في احتيالها إلى أبعد حد في الترويج عن كتاب مقدّس مغطّى بالفولاذ يوضع في الجهة اليسرى من الصدر أمام القلب، وربما أدركت هذه الشركة أنّ المعدن المضاد للرصاص سيؤمّن الحماية أكثر من الكلمة المقدّسة.
الرجل النمطي والعادي لم يسبق له أن أجرى دراسة مقارنة ما بين الأشخاص الذين ارتدوا تمائم ورموز دينية وبين أولئك الذين لم يرتدوا شيئاً.
في واقع الأمر، وخلال القسم الأكبر من التاريخ البشري، كانت الأشياء الطبيعية في العالم، كالأشجار والحجارة والأنهار والأضواء الغريبة التي يراها الإنسان البدائي في الليل جميعها أشياء مسالمة وغير مؤذية بالنسبة له لذا كان من السهل أن يعتقد _وخصوصاً أنّه كان لديه أهل يخبرونه بذلك_ أنّ هذه الأشياء الرائعة تحميه. حتى الرعد كان يضرب في مناسبات معيّنة، وكان من النادر جداً أن يصيب شخصاً ما، لكن في مثل هذه الحالات النادرة كان من المعقول بالنسبة له أن يعتقد أنّ ذلك الشخص قد أذنب أو فعل أمراً خاطئاً. جميع الناس كانوا مذنبين وارتكبوا أنواعاً معينة من الأخطاء والذنوب، لذلك كانت الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية تفسّر من قبل الشامان أو كاهن القرية أو حكيم القبيلة بوصفها انتهاكات وتجاوزات ارتكبها الأفراد بحق الآلهة.
لذلك ومن خلال هذه الخطوات البسيطة، الواضحة والجلية بالنسبة للعقول البسيطة والساذجة للإنسان البدائي والجاهل وغير المتعلّم، تمّ ابتكار عادات وتقاليد وأعراف ومنظومات دينية معقّدة، حيث أنّها نشأت وتنامت وازدهرت على مرّ العصور وصولاً إلى يومنا هذا.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد نشأت الأديان وتطوّرت في الأزمنة القديمة: مسائل ضدّ الدين ...
- الدين متوارث: مسائل ضدّ الدين والتدين [1]
- حالات صرع الفص الصدغي عبر التاريخ/ محمد: سيرة سيكولوجية[21]
- حالة فيل ديك/ محمد: سيرة سيكولوجية [20]
- الوحي الذي أوقع الجمل على ركبتيه/ محمد: سيرة سيكولوجية [19]
- أصل ومصدر تجارب محمد الدينية/ محمد: سيرة سيكولوجية [18]
- محمد وليلة الإسراء والمعراج/ محمد: سيرة سيكولوجية [17]
- صَرَع الفص الصدغي/ محمد: سيرة سيكولوجية [16]
- أفكار انتحارية/ محمد: سيرة سيكولوجية [15]
- محمد يشعر بالنشوة/ محمد: سيرة سيكولوجية [14]
- مقارنة بين الإسلام وطائفة النرجسي/ محمد: سيرة سيكولوجية [13]
- ۞-;- فضلات محمّد المقدّسة/ محمد: سيرة سيكولوجية [12]
- إيمان محمد بقضيّته/ محمد: سيرة سيكولوجية [11]
- أثر خديجة على محمد/ محمد: السيرة السيكولوجية [10]
- محمد: سيرة سيكولوجية [9]
- مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [8]
- الأصول البدائية للدين والأخلاق
- محمد كان هو أول من خالف القرآن [تعقيب على قارئين]
- مصادر القرآن: بحث في مصادر الإسلام، وليم غولدساك، الجزء [4]
- مصادر القرآن: بحث في مصادر الإسلام، وليم غولدساك، الجزء [3]


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها: مسائل ضدّ الدين والتدين [3]